دراسة أمريكية تدعو الى تشكيل نظام أقليمي جديد يجمع العراق وايران ودول الخليج

 

 

لا شك بأن الملف الإيراني يحتل أهمية كبيرة لدى صناع القرار قي واشنطن. فالنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط آخذ في التزايد و تأثير هذه الدولة الإسلامية في الصراع العربي - الإسرائيلي يكبر شيئا فشيئا حيث تواصل دعم قوى إسلامية ك(حزب الله ) و (حماس) و غيرها و هو الأمر الذي يقلق الكثيرين في واشنطن ، هذا فضلا عن النفوذ الإيراني في العراق حيث يتهم القادة العسكريون و السياسيون الأمريكيون طهران بدعم بعض الميليشيات و تزويدها بالمال و السلاح كالمتفجرات المضادة للدروع و غيرها. و مما يزيد الأمر تعقيدا هو الطموحات الإيرانية بالحصول على التكنلوجيا النووية و مضي طهران قدما بمشروعها النووي و الذي تؤكد على أنه (سلمي) و أن إيران لا تسعى للحصول على السلاح النووي.

واشنطن لا تريد كما يبدو أن تخوض مغامرة عسكرية واسعة ضد إيران في الوقت الراهن على الأقل و يراهن كثيرون على أن سياسة الإحتواء لإيران لا زالت هي  الخيار الأكثر ترجيحا في البيت الأبيض , و من هنا تحاول الولايات المتحدة إيجاد تحالف عربي - إسرائيلي بمواجهة إيران ، بيد أن القضية الفلسطينية لا زالت تشكل عقبة كبيرة في هذا المجال خصوصا و أن أطرافا عربية كثيرة ترى أن عقد صفقة سلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين  ستصطدم بالنهاية بتعنت إسرائيلي نحو إتمام صفقة (عادلة) تضمن الاستقرار في المنطقة.

إذن هل ستستمر واشنطن بسياسة إحتواء إيران؟

و ما هي النتائج المحتملة لهكذا إحتواء؟ و ما هو الثمن الذي سيدفعه العراق باستمرار هذه السياسة الأمريكية ؟

كيف ستتعامل واشنطن مع الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية بينما يواصل حلفاؤها العرب في المنطقة بالترويج لما أسموه بالخطر الشيعي  في المنطقة ؟

مجلة الشؤون الخارجية و التي تصدر في الولايات المتحدة قامت نشر تقرير حول ( ثمن إحتواء إيران )  في عددها الأخير (يناير- فبراير) . كتب التقرير فالي نصر و ري تاكي و هما من الأكادميين المتخصصين بالشرق الأوسط و تلقى كتاباتهم و أرائهم صدى واسعا في واشنطن. المرصد العراقي قام بترجمة التقرير إياه لأهميته الكبيرة راجين أن تعم الفائدة.

الثمن لاحتواء ايران

طوال العام المنصرم كانت الولايات المتحدة ترى ان احتواء ايران هو جوهر سياستها الاساسية في الشرق الاوسط . فهي تحملها مسؤولية تصاعد العنف في العراق وافغانستان ومحنة لبنان وتشدد حماس .. كما انها تستشعر بان ميزان القوى في المنطقة بدأ يميل لصالح ايران وحلفائها الاسلاميين في حماس وحزب الله مما يشكل خطرا على مصالحها . لذلك فهي ترى أن كبح جماح طهران ونفوذها المتعاظم ضروري جدا لاستقرار المنطقة.

لقد اعلن دك شيني بان امريكا مع اصدقائها ستتصدى للتطرف الايراني والتهديدات الستراتيجية وستساعد الذين يعانون من ذلك وستقدم اعداء الحرية للعدالة وستمنع ايران من امتلاك السلاح النووي والسيطرة على المنطقة. وهذا ايضا هو نفس رأي كوندليزا رايز حينما قالت ان ايران هي البلد الوحيد الذي يمثل تحديا ستراتيجيا للولايات المتحدة ولشكل الشرق الاوسط الذي نريده. فايران تسارع الخطى لتطوير برنامجها النووي و تتحدى واشنطن والمجتمع الدولي, مما يزيد الشعور بخطورة الوضع وضرورة التحرك ضدها.

وعملا باحدى الدروس المستقاة من حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق , تامل واشنطن ان تقلل من التاثير المتعاظم لايران, على نفس النحوالذي استطاعت فيه ان تحبط المخططات التوسعية للاتحاد السوفيتي سابقا, وذلك ببناء وتطوير قدراتها الذاتية وبممارسة ضغطا مباشرا في ذات الوقت على عدوها وبناء قاعدة عريضة من الحلفاء ضده. مؤخرا رصدت واشنطن 75 مليون دولار لتغيير النظام في طهران. كما استطاعت ان تحشد الدعم لسلسلة قرارات من الامم المتحدة لفرض عقوبات مالية واقتصادية على ايران وبرنامجها النووي, ونجحت في ذلك. كما انها نجحت في تصنيف الحرس الثوري الايراني على انه اداة  لنشر اسلحة الدمار الشامل ووصمت جيش القدس بالارهاب وجمدت الاصول المالية لهذه الجماعات , وامرت جيشها في العراق بمضايقة الدبلوماسيين الايرانيين واعتقالهم.. وتعمل على حشد التاييد من الحكومات ( المعتدلة ) في الشرق الاوسط لعزل ايران ومقاومة سياساتها في العراق ولبنان والمناطق الفلسطينية وتحاول اسناد وتقوية دول الخليج ومدها بالسلاح وخصوصا السعودية والامارات لمقاومة التوسع او العدوان الايراني. وفي نفس الوقت تحاول ادارة بوش احياء عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية دون تدخل من دول المنطقة بهدف تحويل  جهود هذه الدول وتركيزها ضد التهديد الايراني .

فكرة احتواء ايران ليست جديدة, ولكن توقعات واشنطن أن تستفيد منها الان هي الجديدة . فهي ترى فيها حلا لمشاكل الشرق الاوسط. وهي تعمل جادة على كسب دعم الدول العربية السنية لمساندة الحكومة العراقية خوفا من انهيارها مما سيجعل العراق لقمة سائغة لايران. كما ان الخوف من الشبح الشيعي في المنطقة سيدفع مصر والسعودية لتقليم اظافر حزب الله وسيجعل من اسرائيل عدو العرب الرهيب صديقا فجائي يشاطرهم نفس المصالح في تحجيم قوة ايران واضعاف هيمنة حماس المدعومة من طهران وسيمكنهم من التوصل الى اتفاق سلام اسرائيلي فلسطيني. وهذا بدوره سينقل التركيز في الشرق الاوسط مباشرة بعيدا عن القضية الفلسطينية المتآكلة الى الخطر الفارسي الضاغط ... وهي تامل ان يرسم الصراع الاسلامي الاسلامي شكل المنطقة مستقبلا ... و يبدوا ان ادارة بوش ترى في خضم هذه الفوضى والاضطرابات فرصة غير مسبوقة لاعادة تشكيل المنطقة نهائيا بما يسهل السيطرة الامريكية والتفوق الاسرائيلي  ..

ولكن المشكلة هي ان سياسة الاحتواء الامريكية هذه غير سليمة وغير حيادية ولايمكن تطبيقها بشكل فعال, وربما تؤدي ان لم تكن قد ادت بالفعل الى جعل الامور اكثر سوءا وتعقيدا. ذلك لان العوامل المطلوبة لاحتواء ناجح غير متوفرة. وتحت هذه الظروف فان اصرار واشنطن على تجييش الدول العربية ضد ايران سيجعل المنطقة المتفجرة اصلا اكثر تاجيجا واضطرابا.

الجديد والمستهجن

تمثل ايران مشاكل جدية للولايات المتحدة . فسعيها للحصول على القدرات النووية وتدخلاتها المشاكسة في العراق ومعارضتها الشديدة لعملية السلام الاسرائيلية - الفسطينية, تشكل قائمة طويلة من الشكاوى ضدها . وادارة بوش تؤمن ان ايران لا يمكن ان تكون عامل استقرار في الشرق الاوسط وان تصرفها السيء لا يمكن ان يتغير بالجهود الدبلوماسية.. ولكن الحقيقة ان ايران لا تسعى الى نشر الفوضى للقيام ببعض التبشير الديني, وليست قوة توسعية لها طموح غير محدود, ولكنها كقوة صاعدة تريد ان تصبح دولة محورية في المنطقة .

خطأ واشنطن هو اعتقادها بانها يمكن ان تعامل ايران كما عاملت الاتحاد السوفيتي السابق, وان نموذج الحرب الباردة يمكن تطبيقه في الشرق الاوسط. الحكومة الاسرائيلية و الحكومات العربية تضغط على واشنطن لكبح جماح الطموح النووي الايراني. اذ أنه منذ الحرب اللبنانية في 2006 وهذه الحكومات قلقة من الاواصر التي تقوى يوما بعد يوم بين طهران وحزب الله. كانت الاستجابة بانهم وقفوا جميعا وراء حكومة فؤاد السنيورة في بيروت وهم يحاولون كسر الاواصر بين حكومتي سوريا وطهران. وقد دعمت واشنطن هذه الجهود بالتواجد العسكري الكبير في الخليج, واستخدمت جيشها في العراق, لاضعاف المكاسب الايرانية هناك .. والمفارقة هي ان نفس الحكومات العربية المتذمرة من التاثير الايراني والمحتمية بامريكا تعارض الحكومة العراقية التي تؤيد امريكا من جهة وايران من جهة اخرى. فهذه الحكومات تؤيد الخصم السني تاركة امريكا لتجد طريقة تتعامل بها مع الحكومة العراقية,  في الوقت الذي تتحالف فيه اقليميا مع الدول العربية السنية. . ان جدار الاحتواء الامريكي يبدأ بناؤه من العراق مما سيجعل هذا البلد في فوضى عارمة كونه خط المواجهة الاول بين امريكا وايران.

كذلك فشلت ستراتيجية بوش في تقييم التصورات المختلفة للدول العربية . فهذه الدول تقلقها ايران ولكن الاسباب تختلف. فالسعودية والبحرين تخشيان من التوسع الايراني والتدخل في شؤونهما الداخلية, بينما مصر والاردن تخشيان من التدخل الايراني في القضية افلسطينية. وفي الحقيقة لا يوجد اجماع في منطقة الخليج على معاداة ايران. فقطر والامارات على سبيل المثال لاتعانيان من مشكلة الاقلية الشيعية كما في الكويت والسعودية والبحرين . فهما تتمتعان بعلاقات تجارية واسعة مع طهران ولا تسعيان الى مواجهة معها ولكنهما تخشيان من تصاعد التوتر بين ايران و امريكا. وحتى حلفاء امريكا في الشرق الاوسط يقيمون قدراتهم ونقاط ضعفهم ويعيدون حساباتهم بشان هذا الصراع. وان تحالفاتهم خاضعة لمصالحهم, فهم متفهمون بانهم عرضة للنفوذ الايراني ولكنهم لايريدون معاداة ايران, ولذا فان سياسة الاحتواء التي تفترض تضاما عربيا عريضا اثبتت فشلها نظريا وعمليا.

كان العرب ينظرون الى الجيش العراقي لمدة نصف قرن على انه حصنهم الحصين في الخليج . وبعد ان تحطم في 2003 اصبحت امريكا القوة الوحيدة في المنطقة التي بامكانها احتواء ايران عسكريا .. وهذا يعني تواجد اعداد كبيرة من الجيوش الامريكية في المنطقة مما سيهيج المشاعر المعادية لامريكا. فكل دول المنطقة عدا الكويت لا ترغب في جلب اعداد كبيرة من القطعات الامريكية الى اراضيها... لذلك فان على واشنطن ان تعول على عوامل اخرى غير عسكرية لاحتواء ايران الناهضة وهي الدولة الاكبر والاكثر سكانا والاقوى اقتصادا في الخليج. وحتى مبيعات الاسلحة الكبرى للخليج لن تغير من هذه الحقائق.

رهان امريكا على انعاش عملية السلام في الشرق الاوسط كمحور ستراتيجيتها لاحتواء ايران رهان صعب . فهي تفترض بان اسئناف الدبلوماسية بين اسرائيل والدول المجاورة لها سيهديء الشارع العربي ويحشده مع انظمته خلف الولايات المتحدة ليشكل اتحادا عربيا اسرائيليا لمواجهة ايران. ولكن هذا الافتراض لم ياخذ بنظر الاعتبار انه لا الفلسطينون ولا الاسرائيليون مستعدون لتسوية جادة لأحداث تغيير حقيقي, وان اولمرت وعباس اضعف من ان يجبرا شعبيهما على قبول تنازلات مؤلمة لصنع سلام دائم.. وحتى لو نجح الامر فان فكرة ان يرى العرب بروز ايران كمشكلة اكبر من الصراع العربي الاسرائيلي هي فكرة خاطئة. فالجماهير والمفكرون العرب مازالوا يعتبرون اسرائيل التهديد الاكبر . الرئيس احمدي نجاد يدرك ذلك جيدا وهو يسعى ليشق طريقه بين الشعب العربي, كما يدرك بان هذا الشعب لا يشترك مع حكوماته في المشاعر المعادية لايران. فهو رغم شجبه الشديد لاسرائيل ودعمه لحزب الله وحماس واحتضانه للقضية الفلسطينية, فان احمدي نجاد يحظى بتاييد كبير من القوات المسلحة .. وفي الحقيقة فان ايران تتمتع بقوة عسكرية تضعها في موقع مريح في الشرق الاوسط اليوم.

تفترض واشنطن ان مقترحها فيما يخص عملية السلام العربية - الاسرائيلية سيوجه مشاعر الخوف والقلق في المنطقة نحو ايران .. ولكن طهران تؤمن بان الجهود المبذولة بهذا الصدد لن تنجح . وبقراءة متانية لمزاج المنطقة نكتشف ان ايران تقف على ارض اصلب من تلك التي تقف عليها الولايات المتحدة.

في الحقيقة ليست القضية الفلسطينية هي التي تقرر التوازن في الشرق الاوسط بل الاوضاع المتدهورة في افغانستان والعراق ولبنان والتي وجدت فيها الطموحات الايرانية ارضا خصبة للتوسع هي التي تقرر ذلك..نعم هي مهمة لامن اسرائيل والاستقرار في المنطقة ولهيبة الولايات المتحدة وصورتها وهي حافز للتنافس ولكنها ليست السبب الجوهري لصراعات المنطقة ولن تقرر نتيجتها .. وبسبب مخاوفها من تعاظم القوة الايرانية فقد فشلت واشنطن في ان تدرك ان مركز الثقل في الشرق الاوسط قد انتقل الى الخليج وان السلام فيه سيجلب الاستقرار للشرق اكثر من اي وسيلة اخرى.

ادارة بوش التي تستحضر تجاربها السابقة لتدعم سياساتها الحالية لم تفهم بشكل جيد تاريخ الشرق الاوسط الحديث .. ففي عام 80 عندما حشدت الدول العربية لاحتواء ايران انتهت الولايات المتحدة الى خلق ثقافة سنية سياسة متطرفة انتجت القاعدة .. وقد تكون النتائج هذه المرة اسوأ لان سياسة الاحتواء سوف لن تساعد الا في خلق المزيد من المتطرفين السنة واستعمالهم كحاجز ايديولوجي ضد ايران الشيعية سيغرق المنطقة في المزيد من الفوضى ... فالامر يشبه كثيراالدور الذي لعبته السعودية الغريم التقليدي لايران في الثمانينات في جنوب اسيا ويشبه تحريك السلفيين لتقويض شعبية حزب الله التي بلغت الافاق بعد حرب اسرائيل لبنان في 2006 ...

اثناء الحرب الباردة كانت المواجهة تعني دعم الراسمالية والديمقراطية,, واحتواء ايران اليوم يعني دعم المتطرفين السنة والاندحار الذاتي لواشنطن ومخططاتها. 

ان الحقائق في الشرق الاوسط ستهزم اوهام واشنطن في حرب باردة مع ايران.. وهذا لايعني ان ايران لاتشكل تحديا جديا لمصالح امريكا والعرب واسرائيل ولكن يعني ان تحالف هؤلاء لاحتواء ايران سيغرق افغانستان والعراق ولبنان بفوضى اعظم ويؤدي الى تاجيج الفكر الاسلامي المتطرف وتواجد امريكي طويل المدى ومكلف في الشرق الاوسط.

النظام الجديد

لطالما كانت المنطقة منقسمة على نفسها ففي الستينات من القرن الماضي صارع العرب الراديكاليون الشرعية والسلطة المتمثلة بالانظمة الملكية انذاك.. وفي السبعينات رفض المتشددون ان تسود العلمانية وسعوا الى ان تسير المنطقة في طريق الدين .. وفي الثمانينات ساند الكثير من العرب صدام رغم اباداته الجماعية لانه كان يسعى الى تغيير النظام العقائدي في ايران..

اليوم تتصدع المنطقة اكثر لاسباب اولها التوجهات الطائفية والعرقية والمذهبية مع تعالي ضجيج السنة لكبح الهيمنة الشيعية,  وثانيهما انه باسم الحفاظ على توازن القوى تدخلت امريكا في المنطقة مما اثار التوترات ووسع الانتقسامات فيها. فقد ابدت واشنطن رغبة محدودة للتوسط في حل المشكلة الفلسطينية وكانت فقط تدعو للتهدئة وتجميع الخصوم مع بعضهم, واصطفت مع الحكومات الملكية ضد الجمهوريات الشعبية واذعنت للقمع الوحشي للمعارضة الاصولية من قبل الحكومات العلمانية ودعمت السلطة السعودية وماكنة الحرب العراقية لتقلم اظفار الثورة الخمينية .. انها الان تقوم باغراء الدول السنية للاصطفاف مع بعضها ضد ايران وحلفائها الشيعة.. وفي كل مرة تغرق واشنطن في وحل المنافسات في الشرق الاوسط يصبح تحقيق هدفها في استقرار المنطقة اكثر صعوبة. فبدلا من التركيز على اعادة التوازن للقوى كان على واشنطن ان تسعى  للتكامل في المنطقة وتشجيع كل القوى لتكون لها يد في فرض حالة الاستقرار.

ان ادارة بوش على حق بان ايران المعادية تشكل تحديا خطيرا للمصالح الامريكية ولكن احتواء ايران من خلال نشر قوات عسكرية وتشكيل تحالف ضدها ستراتيجية غير قابلة للبقاء. فان ايران ليست كما تبدو دولة كهنوتية تبغي قلب نظام المنطقة باسم الجهادية الاسلامية , بل هي دولة نفعية بشكل استثنائي تسعى لفرض هيمتها على جيرانها المباشرين.. لذا فان مهمة واشنطن اليوم هي خلق وضع جديد تجد فيه ايران مصالحها في كبح طموحاتها والتزامها بالمعايير الدولية.

الحوار والتسوية والتجارة وسائل مقنعة واعتراف واشنطن بان لطهران مصالح ومخاوف مشروعة في العراق يمكن ان يجعل كلا الحكومتين تدركان بان لهما اهداف متشابهة.. فكلاهما يريد الحفاظ على الوحدة الاقليمية للعراق ومنع الحرب الاهلية من ان تجتاح الشرق الاوسط كما ان استئناف العلاقات الدبلوماسية اضافة الى التعاون بشان العراق قد يكون البشير لترتيبات نهائية تخضع برنامج طهران الى الالتزام بمعاهدة حظر الانتشار النووي .. كذلك فان تمتع ايران بروابط امنية وتجارية ايجابية مع امريكا وشعورها بالطمأنينة في منطقة قد يقودها الى تقييد طموحاتها النووية.

اشراك طهران يجب ان لايكون على حساب علاقات امريكا مع حلفائها العرب .. فبدلا من عسكرة الخليج وعمل حلف متزعزع على حدود ايران يجب ان تتحرك واشنطن نحو نظام امني جديد في المنطقة ياخذ بنظر الاعتبار كل العومل المحلية ويعتمد على سبيل المثال لاالحصر على عدم انتهاك الحدود وتعهدات بالسيطرة على الاسلحة وتحريم انواع محددة منها .. كما يقوم هذا النظام الجديد على انشاء اسواق مشتركة ومناطق تجارة حرة وآلية لحسم النزاعات لدول منطقة الخليج. وهذا سيمكن الدول الشيعية مثل ايران والحكومة العراقية من اقامة شراكة بناءة ويقلل خطر الصراع الطائفي.

هذه فرصة لايران لان تجعل قوتها مشروعة ولتحقق اهدافها بالتعاون وليس بالمواجهة كما انها ستمكن الحكومة العراقية والتي يستخف بها جيرانها العرب من النهوض وممارسة دورها ودحض الاشاعة بانها مجرد تابع لايران. وقد يدفع السعودية وايران لتجاوز منافستهما غير المجدية في العراق ويضغطان على حلفائهما هناك لتبني ميثاق وطني جديد يعترف بمصالح الكرد والسنة في العراق.

ولكن هذا لن يتحقق دون مشاركة وتشجيع الولايات المتحدة .. فدول الخليج تحتاج الى تطمينات اذا ماقررت ان تستبدل انظمتها الدفاعية الحالية بالنظام الاقليمي الجديد ..  وبالنسبة لايران والتي ترى في الولايات المتحدة المنافس الوحيد لتفوقها في المنطقة لايمكنها المشاركة دون مشاركة واشنطن .. كان على الولايات المتحدة ان تبدي انها لاتبحث عن فرض توازن للقوى في المنطقة بل انها تسعى الى ترتيبات تتوافق عليها جميع دول المنطقة. وفي النهاية فانه على اساس المصالح  والتوافق على استمرار تواجد الولايات المتحدة في المنطقة ستعاون دول الخليج وهذه الستراتيجية هي التي ستلبي رغبات حلفاء واشنطن وكذلك الصين وروسيا التي تريد الاستقرار في الشرق الاوسط وضمان تدفق الطاقة منه .

اشراك ايران, بشرط تحديد قدراتها الصاعدة, في تنظيم امن المنطقة هي الطريقة المثلى للاستقرار في العراق وتهدئة حلفاء امريكا العرب وتنشيط عملية السلام العربي الاسرائيلي واعطاء شكل جديد للتباحث بشان البرنامج النووي الايراني .. ذلك لان هذا النهج يشمل كل اللاعبين وهذه الستراتيجية هي الاكثر قابلية للطبيق والاقل تكاليف للولايات المتحدة.

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:almarsed