على هامـش إسـتِشـهاد الإمام زين العابدين : قبسـات من نور في حياة
الإمام علي بن الحسين السجاد عليهما السلام
المهندس فـؤاد الصادق
القسـم الأول
الإمام السـجاد
هو : زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ،
وهو الرابع من أئمة أهل البيت عليهم السلام وخلفاء النبي في إمامة
المسلمين .
كانت
ولادته المباركة بالمدينة المنورة سنة ثمان وثلاثين من الهجرة ، أي قبل
إستشهاد الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام بسنتين ، وكنيته :
أبو
محمد ، وكان يكنى أيضا أبا الحسن .
فبقي
مع جده الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام سنتين ، ومع عمه الإمام
الحسن المجتبى عليه السلام اثنتي عشرة سنة ، ومع أبيه الإمام الحسين
عليه السلام ثلاث عشرة سنة . وأقام بعد أبيه خمساً وثلاثين سنة .
وتوفي
بالمدينة سنة خمس وتسعين من الهجرة . وله يومئذ سبع وخمسون سنة .
حكم
في سني إمامته يزيد ، ومعاوية بن يزيد ، ومروان ، وعبد الملك ، وتوفي
في أيام حكم الوليد . ودفن مع عمه الإمام الحسن عليه السلام ، وذلك في
البقيع المسوى بالأرض ، ومنذ الثامن من شوال عام 1344هـ الموافق لـ 21
نيسان - إبريل- 1925م ( 1 ) .
لـمـاذا زين العابدين ؟
قيل :
كان علي بن الحسين ( عليه السلام ) إذا توضأ اصفر لونه ، فيقول اهله :
ما
هذا الذي يغشاك ؟
فيقول
: أتدرون لمن أتأهب للقيام بين يديه ( 2 ) ؟ !
وقيل
:
دخل
أبو جعفر ولده فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد ، فرآه قد
اصفر لونه من السهر ، ورمضت عيناه من البكاء ، ودبرت جبهته ، وانخرم
أنفه من السجود ، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة . فقال أبو
جعفر ( عليه السلام ) :
فلم
أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء ، فبكيت رحمة له ، فإذا هو يفكر ،
فالتفت إلي بعد هنيهة من دخولي فقال :
يا
بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب ( عليه
السلام ) . فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا ثم تركها من يده ضجرا وقال :
منْ يقوى على عبادة علي بن أبي طالب ( 3 ) .
بعض أقوال معاصري الإمام السجاد عليه السلام :
وذلك
مثل ابن عيينة ، ومصعب الزبيري ، والزهري ، وموسى بن طريف ، وهشام بن
عروة ، والأعرج ، وابن المسيب ، ويحيى بن سعيد ، ملخصا :
" ما
رأيت أحدا كان أفقه من علي بن الحسين ، وكان من أفضل أهل بيته ،
وأحسنهم طاعة " ( 4 ) .
" ما
رأيت هاشميا أفضل منه " ( 5 ) .
" ما
رأيت أورع منه " ( 6 ) .
" كان
أفضل هاشمي أدركته " ( 7 ) .
" كان
أقصد أهل بيته ، وأحسنهم طاعة " ( 8 ) .
" كان
من أورع الناس وأعبدهم ، وأتقاهم لله عز وجل " ( 9 ) .
وأما
ما ينقل من مكارم سيرته فلا يحصى ، وإليك منها نماذج :
يقول ابن عيينة :
" حج
علي بن الحسين ، فلما أحرم واستوت به راحلته ، اصفر لونه ، وانتفض ،
ووقع عليه الرعدة ، ولم يستطع أن يلبي .
فقيل
له : ما لك لا تلبي ؟ !
فقال
: ( أخشى أن أقول : لبيك ، فيقال لي : لا لبيك ! ! ) .
فقيل
له : لا بد من هذا . فلما لبى غشي عليه ، وسقط عن راحلته ، فلم يزل
يعتريه ذلك حتى قضى حجه " ( 10 ) .
موسى بن طريف يحكي في إستمرار الإغضاء عن المسيء :
"
استطال رجل على علي بن الحسين ، فأغضى عنه ، فقال له :
إياك
أعني .
فقال
: ( وعنك أغضي ) " ( 11 ) .
وهذا
هشام بن عروة ينقل :
" كان
علي بن الحسين يخرج على راحلته إلى مكة ، ويرجع ، لا يقرعها " ( 12) .
وأما
عبادته : فيحكي الحنبلي ما لفظه :
سمي
زين العابدين لفرط عبادته ( 13 ) .
ويصف
مالك عبادته بقوله : " بلغني أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة
إلى أن مات ، وكان يسمى زين العابدين " ( 14) .
وهذا
عبد الله بن أبي سليمان يقول :
" كان
علي بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يده فخذه ، ولا يخط بيده ، قال : وكان
إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة ، فقيل له :
ما لك
؟
فقال
: ( ما تدرون بين يدي من أقوم ، ومن أناجي ! ! ) " ( 15 ) .
وروى
ابن العماد الحنبلي عن الإمام السجاد هذه الرواية ، التي تدل على عظمة
عبادته ورفعتها وهي :
( إن
لله عبادا عبدوه رهبة ، فتلك عبادة العبيد ; وآخرين عبدوه رغبة ، فتلك
عبادة التجار ; وآخرين عبدوه شكرا ، فتلك عبادة الأحرار ) ( 16 )
هذا
أبو نعيم صاحب الحلية يصف الإمام بقوله :
" . .
. زين العابدين ، ومنار المتقين ، كان عابدا وفيا ، وجوادا حفيا ، . .
. كان إذا فرغ من وضوئه للصلاة ، وصار بين وضوئه وصلاته ، أخذته رعدة ،
ونفضته ، فقيل له في ذلك .
فقال
: ( ويحكم ، أتدرون إلى منْ أقوم ؟ ومنْ أريد أناجي ؟ ! ! " ( 17 )
وهذا
قول ابن الجوزي في كتابه :
" كان
- علي بن الحسين - لا يحب أن يعينه أحد على طهوره ، وكان يستقي الماء
لطهوره ، ويخمره قبل أن ينام ، فإذا قام من الليل بدأ بالسواك ، ثم
يتوضأ ، ثم يأخذ في صلاته . . . " ( 18 ) .
وكان
الزهري إذا ذكر الإمام يبكي ويقول : " زين العابدين ! ! " ( 19 ) .
درر من أقوال وتوجيهات الإمام السجاد عليه السلام السلوكية :
الصيحفة السجادية مدرسـة للتوحيد والتوسل والتربية وصناعة الأجيال
المؤمنة الرسالية ... وكيفْ لاتكون كذلك ، وهو القائل عليه السلام في
مناجاته :
(
اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوامع العيون علانيتي ، وتقبح في خفيات
العيون سريرتي . اللهم كما أسأت وأحسنت إلي ، فإذا عدت فعد علي ) ( 20
) .
الطريق الى الخير المستدام :
قال (
عليه السلام ) :
ابن
آدم لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسنة ( 21 )
من همك ، وما كان الخوف لك شعارا ، والحزن لك دثارا . ابن آدم إنك ميت
ومبعوث وموقوف بين يدي الله عز وجل ومسؤول فأعد جوابا ( 22 ) .
ولاية أهل البيت الذين أذهب اللهُ عنهم الرجسَ وطهرهم تطهيراً :
قال (
عليه السلام ) لأبي حمزة الثمالي :
أي
البقاع أفضل ؟
فقلنا
:
الله
ورسوله وابن رسوله أعلم ؟
فقال
:
إن
أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ، ولو أن رجلاً عمّرَ ما عمّرَ نوح
في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك
الموضع ثم لقي الله بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئاً ( 23 ) .
على طريق الكمال :
قال (
عليه السلام ) :
أربع
من كن فيه كمل إيمانه ومحصت ذنوبه ولقي ربه وهو عنه راض : من وفى الله
بما جعل على نفسه للناس ، وصدق لسانه مع الناس ، واستحيى من كل قبيح
عند الله وعند الناس ، وحسن خلقه مع أهله ( 24 )
التصحيح ... الإصلاح ... العودة الى الصواب على كل حال :
قال (
عليه السلام ) :
لا
تمتنع من ترك القبيح وإن كنت قد عرفت به ، ولا تزهد في مراجعة الجميل
وإن كنت قد شهرت بتركه ، وإياك والابتهاج بالذنب فإن الابتهاج بالذنب
أعظم من ركوبه ( 25 ) .
نهاية الإحتياط في منزلة الأم :
يروى
أنه قيل له ( عليه السلام ) :
إنك
من أبر الناس ولست تأكل مع أمك في صفحة ؟ !
فقال
:
أكره
أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها ، فأكون قد عققتها ( 26 ) .
إصغاء الإمام الى نصائح المسيء فالكظم والعفو والإحسان بالعتق :
حدث
عبد الله بن محمد ، قال : سمعت عبد الرزاق يقول :
جعلت
جارية لعلي ابن الحسين ( عليهما السلام ) تسكب عليه الماء ليتهيأ
للصلاة ، فنعست فسقط الإبريق من يد الجارية فشجه ، فرفع ( عليه السلام
) رأسه إليها ، فقالت الجارية : إن الله يقول :
(
والكاظمين الغيظ ) ( 27 )
قال :
كظمت غيظي .
قالت
: ( والعافين عن الناس ) ( 28 )
قال
لها : عفا الله عنك .
قالت
: ( والله يحب المحسنين ) ( 29 )
قال :
اذهبي أنت حرة لوجه الله ( 30 )
منْ نجالس ؟... فيم نتكلم ؟ ... لمنْ نسـتمع ؟
قال
علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ( 31 )
:
ليس
لك أن تقعد مع منْ شئت لأن الله تبارك وتعالى يقول :
(
وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره
وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين . )
( 32 )
وليس
لك أن تتكلم بما شئت لأن الله عز وجل قال :
( ولا
تقف ما ليس لك به علم . ) ( 33 )
، ولأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : رحِمَ الله عبدا قال
خيرا فغنم ، أو صمت فسلم ( 34 ).
وليس
لك أن تسمع ما شئت لأن الله عز وجل يقول :
( إن
السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا . )
( 35 )
أشـــد ثلاث ساعات على الإنســان :
عن
الزهري قال : قال علي بن الحسين ( عليهما السلام )
( 36 ) :
أشد
ساعات ابن آدم ثلاث ساعات :
الساعة التي يعاين فيها ملك الموت ، والساعة التي يقوم فيها من قبره ،
والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالى فإما إلى الجنة وإما
إلى النار . ثم قال :
إنْ
نجوت يا بن آدم عند الموت فأنت أنت وإلا هلكت ، وإنْ نجوت يا بن آدم
حين توضع في قبرك فأنت أنت وإلا هلكت ، وإنْ نجوت حين يحمل الناس على
الصراط فأنت أنت وإلا هلكت ، وإنْ نجوت حين يقوم الناس لرب العالمين
فأنت أنت وإلا هلكت .
ثم
تلا : ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) ( 37 ) قال :
هو
القبر ، وإن لهم فيه لمعيشة ضنكا ، والله إن القبر لروضة من رياض الجنة
، أو حفرة من حفر النار . ثم أقبل على رجل من جلسائه فقال له : قد علم
ساكن السماء ساكن الجنة من ساكن النار فأي الرجلين أنت ؟ وأي الدارين
دارك .
من مستحقات الحب ونتائجه :
قال
علي بن الحسين ، عن الحسن والحسين ، عن علي بن أبي طالب صلوات الله
عليهم قال :
جاء
رجل من الأنصار إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال :
يا
رسول الله ما أستطيع فراقك ، وإني لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي
وأقبل حتى أنظر إليك حبا لك ، فذكرت إذا كان يوم القيامة وأدخلت الجنة
فرفعت في أعلى عليين فكيف لي بك يا نبي الله ؟
فنزل
:
(
ومنْ يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) ( 38 )
( 38 ) : سورة النساء - الأية - 69 .
فدعا
النبي ( صلى الله عليه وآله ) الرجل فقرأها عليه ، وبشره بذلك ( 39 ) .
بعـض الحيوانات خير من بعـض ... !
عن
زرارة قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول :
كانت
لعلي بن الحسين ( عليه السلام ) ناقة قد حج عليها اثنتين وعشرين حجة ما
قرعها قرعة قط ، فما فجأتني بعد موته إلا وقد جاءني بعض الموالي فقالوا
:
إن
الناقة قد خرجت فأتت قبر علي بن الحسين ( عليه السلام ) فانبركت عليه
فدلكت بجرانها وهي ترغو ، فقلت :
أدركوها فجيئوني بها قبل أن يعلموا بها أو يروها ،
ثم
قال أبو جعفر ( عليه السلام ) :
وما
كانت رأت القبر قط ( 40 ) .
لـمـاذا ؟ ... وكيف ؟ قالها الخليفة عمر بن عبد العزيز :
قال
عمر بن عبد العزيز يوما ، وقد قام من عنده علي بن الحسين ( عليه السلام
) :
منْ
أشرف الناس ؟
فقالوا : أنتم
فقال
: كلا ، فإن أشرف الناس هذا القائم من عندي آنفاً ، من أحب الناس أن
يكونوا منه ، ولم يحب أن يكون من أحد ( 41 ).
لم يجبه مملوكه مرتين فشكرَ الإمام ُ اللهَ ! ... لـمـاذا ؟ :
روى
أن علي بن الحسين ( عليه السلام ) دعا مملوكه مرتين فلم يجبه ، فلما
أجابه في الثالثة فقال له :
يا
بني أما سمعت صوتي ؟
قال :
بلى
:قال
: فما لك لم تجبني ؟
قال :
أمنتك
قال
عليه السلام : الحمد لله الذي جعل مملوكي يأمنني ( 42 ).
صيام وصلاة الإمام عليه السلام :
سـُئـِلت عنه مولاة له فقالت :
اطنب
أو اختصر ؟
فقيل
لها :
بل
اختصري
قالت
: ما أتيته بطعام نهارا قط ، وما فرشت له فراشا بليل قط ( 43 ) .
حبه عليه السلام لتلبية متطلبات الأسرة :
عن
أبي حمزة ، قال :
قال
علي بن الحسين ( عليه السلام ) :
لأن
أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع به لعيالي لحماً وقد قرموا إليه ، أحب إلي
من أن أعتق نسمة ( 44 ) .
توضيح
: قال الجوهري : ( القرم - بالتحريك - شدة شهوة اللحم : وقد قرمت -
بالكسر - إلى اللحم إذا اشتهيته ) .
الرفق بالحيوان ... الإمام لم يهمل في الوصية حتى ناقته فكيف... ؟ !
يونس
بن يعقوب عن الصادق ( عليه السلام ) قال :
قال
علي بن الحسين ( عليه السلام ) لابنه محمد ( عليه السلام ) حين حضرته
الوفاة :
إنني
قد حججت على ناقتي هذه عشرين حجة ، فلم أقرعها بسوط قرعة فإذا نفقت
فادفنها لا تأكل لحمها السباع ، فان رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
قال :
( ما
من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله الله من نعم الجنة ،
وبارك في نسله )
فلما
نفقت حفر لها أبو جعفر ( عليه السلام ) ودفنها .
نهاية الرفق بالحيوان :
إبراهيم الرافعي قال :
التاثت عليه ناقته ، فرفع القضيب ، وأشار إليها وقال :
لولا
خوف القصاص لفعلت ، وفي رواية :
آه من
القصاص ، ورد يده عنها ( 46 ) .
توضيح
: التاثت : أبطأت .
حقيقة الشفاعة ... من دعاء للإمام السجاد عليه السلام في ختمة القرأن
اللهم
صل على محمد عبدك ورسولك كما بلغ رسالاتك ، وصدع بأمرك ونصح لعبادك ،
اللهم اجعل نبينا صلواتك عليه وآله يوم القيامة أقرب النبيين منك مجلسا
، وأمكنهم منك شفاعة ، وأجلهم لديك قدرا ، وأوجههم عندك جاها اللهم صل
على محمد وآل محمد وشرف بنيانه وعظم برهانه وثقل ميزانه وتقبل شفاعته
وقرب وسيلته وبيض وجهه وأتم نوره وارفع درجته وأحينا على سنته وتوفنا
على ملته وخذ بنا منهاجه واسلك بنا سبيله واجعلنا من أهل طاعته
واحشرنا في زمرته وأوردنا حوضه واسقنا بكأسه ، وصل على محمد وآله صلاة
تبلغه بها أفضل ما يأمل من خيرك وفضلك وكرامتك إنك ذو رحمة واسعة وفضل
كريم ، اللهم اجزه بما بلغ من رسالاتك وأدي من آياتك ونصح لعبادك وجاهد
في سبيلك أفضل ما جزيت أحدا من الملائكة المقربين وأنبيائك المرسلين
المصطفين ، والسلام عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ورحمة الله وبركاته
، وحسبنا الله ونعم الوكيل ( 47 ) .
كيفْ وعظ َ ولده الإمام الباقر عليه السلام أبن المنكدر :
عبد
الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :
إن
محمد بن المنكدر كان يقول :
ما
كنت أرى أن مثل علي بن الحسين يدع خلفا لفضل علي بن الحسين حتى رأيت
ابنه محمد بن علي ، فأردت أن أعظه فوعظني ، فقال له أصحابه :
بأي
شئ وعظك ؟
قال :
خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي وكان رجلا
بدينا وهو متك على غلامين له أسودين أو موليين ، فقلت في نفسي شيخ من
شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ، اشهد لأعظنه
فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي ببهر وقد تصبب عرقا .
فقلت
: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب
الدنيا لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال ، قال فخلى عن الغلامين من
يده ، ثم تساند وقال :
لو
جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله
تعالى أكف بها نفسي عنك وعن الناس ، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني
وأنا على معصية من معاصي الله ، فقلت :
يرحمك الله أردت أن أعظك
فوعظتني ( 48 )..
الإمام عليه السلام يعلمنا كيفية الدعاء إلى الإسلام :
عن
الزهري قال :
دخل
رجال من قريش على علي بن الحسين ( عليهما السلام ) فسألوه كيف الدعوة
إلى الدين ؟
فقال
:
تقول
:
بسم
الله الرحمن الرحيم أدعوك إلى الله عز وجل وإلى دينه ، وجماعه أمران :
أحدهما معرفة الله عز وجل ، والآخر العمل برضوانه ، وان معرفة الله عز
وجل أن يعرف بالوحدانية والرأفة والرحمة والعزة والعلم والقدرة والعلو
على كل شئ وأنه النافع الضار القاهر لكل شئ ، الذي لا تدركه الابصار
وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير ، وان محمدا عبده ورسوله ، وأن ما
جاء به هو الحق من عند الله عز وجل ، وما سواه هو الباطل فإذا أجابوا
إلى ذلك فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ( 49 ).
الإمام يبكي بكاءً شديداً لأنه رأى بمؤمن خلة ولم يتمكن من سدها ،
وشاهده على فاقة فلم يطق دفعها :
عن
الزهري : جاء رجل إلى علي بن الحسين فقال :
ما
خبرك ؟
فقال
: خبري يا ابن رسول الله انى أصبحت وعلي أربعمائة دينار لا قضاء عندي
لها ، ولي عيال ليس لي ما أعود به إليهم ، فبكى علي بن الحسين بكاء
شديدا ، فقيل :
ما
يبكيك يا ابن رسول الله ؟
فقال
: وهل يعد البكاء إلا للمصائب والمحن الكبار ؟
فقالوا : كذلك
قال :
فأية محنة ومصيبة أعظم على حر مؤمن ان يرى بأخيه المؤمن خلة ولا يمكنه
سدها ، ويشاهده على فاقة فلا يطيق دفعها .
فلما
تفرقوا اتاه الشاكي وقال : يا ابن رسول الله بلغني عن فلان أنه قال :
عجبا
لهؤلاء يدعون ان السماء والأرض وكل شئ يطيعهم وان الله لا يردهم عن شئ
من طلباتهم ثم يعترفون بالعجز عن صلاح خواص اخوانهم يا ابن رسول الله
ذلك أغلظ
علي
من محنتي ، فقال ( ع ) :
فقد
أذن الله في فرج يا فلان احمل له فطوري وسحوري فحمل قرصين فقال :
خذهما
فليس عندنا غيرهما فان الله يكشف عنك بهما وينيلك خيرا واسعا بهما فدخل
الرجل السوق مع الوسوسة ، فمر بسماك قد بارت عليه سمكته وقد أراحت فقال
:
خذ
سمكة بائرة بقرصة يابسة ثم مر برجل معه ملح قليل مزهود فيه فناداه :
اعطني
قرصتك المزهودة ، وخذ ملحي المزهود ، ففعل فجاء الرجل بالسمكة والملح
فقال :
أصلح
هذه بهذا ، فلما شق بطن السمكة وجد فيه لؤلؤين فاخرتين فحمد الله
عليهما فبينا هو في سروره وذلك إذ قرع بابه فنظر من على الباب فإذا هو
صاحب السمكة والملح يقولان :
جهدنا
ان نأكل القرص فلم تعمل فيه أسناننا ، فأخذ القرصين منهما ، فلما استقر
بعد انصرافهما عنه قرع بابه فإذا هو رسول علي بن الحسين ( ع ) قد دخل
فقال :
انه
يقول لك :
ان
الله قد اتاك بالفرج ، فاردد طعامنا فإنه لا يأكله غيرنا ، وباع الرجل
اللؤلؤتين بمال عظيم وحسنت حاله ، فقال بعض المخالفين :
ما
أشد هذا التفاوت ! بينا هو لا يقدر أن يسد منه فاقة إذ أغناه هذا الغنى
العظيم ، فقال ( ع ) :
هكذا
قالت قريش للنبي :
كيف
يمضي إلى بيت المقدس ، ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة ويرجع
إليها في ليلة واحدة ، وهو لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في
اثنى عشر يوما ، وذلك حين هاجر منها ، ثم قال :
جهلوا
والله أمر الله وأمر أوليائه مع أن المراتب الرفيعة لا تنال إلا
بالتسليم لله وترك الاقتراح عليه والرضى بما يريده بهم ، الخبر ( 50 ).
هكذا هو السـجود لله :
وقع
حريق في بيت هو فيه ساجد فجعلوا يقولون :
يا
ابن رسول الله النار النار ، فما رفع رأسه حتى أطفيت ، فقيل له بعد
قعوده :
ما
الذي ألهاك عنها ؟
قال :
ألهتني عنها النار الكبرى ( 51 ) .
من مناجاته وهو متعلق بأستار الكعبة ليلاً :
عن
الأصمعي :
كنت
أطوف حول الكعبة ليلة فإذا شاب ظريف الشمائل ، وعليه ذؤابتان ، وهو
متعلق بأستار الكعبة ويقول :
نامت
العيون ، وعلت النجوم ، وأنت الملك الحي القيوم ، غلقت الملوك أبوابها
، وأقامت عليها حراسها ، وبابك مفتوح للسائلين ، جئتك لتنظر إلي برحمتك
يا أرحم الراحمين . ثم أنشأ يقول :
يا
منْ يجيب دعا المضطر في الظلم * يا كاشف الضر والبلوى مع السقم قد نام
وفدك حول البيت قاطبة * وأنت وحدك يا قيوم لم تنم أدعوك رب دعاء قد
أمرت به * فارحم بكائي بحق البيت والحرم إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف *
فمنْ يجود على العاصين بالنعم قال :
فاقتفيته فإذا هو زين العابدين ( ع ) ( 52 ) .
لنتعلم قيمة الصدقة ؟
في
الحلية ، قال الطائي :
ان
علي بن الحسين كان إذا ناولَ الصدقة َ قبلـّها ثم ناولها ( 53 ).
الخليفة عليه السلام
يحمل الخبز الى الفقراء ليلاً وسراً وبنفسـه :
مما
جاء في صدقته ( ع ) : ما روي في الحلية ، وشرف النبي ، والأغاني ، عن
محمد بن إسحاق بالاسناد عن الثمالي ، وعن الباقر ( ع ) :
انه
كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ( 54 ) .
قيمة صدقة السر عند الإمام عليه السلام :
قال
أبو حمزة الثمالي ، وسفيان الثوري : كان ( ع ) يقول :
ان
صدقة السر تطفي غضب الرب ( 55 ) .
الإمام عليه السلام يأبى إلا حمل المساعدات وسراً وبنفسـه في ليلة
باردة مطيرة إسـتعداداً للسـفر :
في
علل الشرايع ، سفيان بن عيينة :
رأى
الزهري علي بن الحسين في ليلة باردة مطيرة وعلى ظهره دقيق وحطب وهو
يمشي فقال له :
يا
ابن رسول الله ما هذا ؟
قال :
أريد سفرا أعد له زادا أحمله إلى موضع حريز
فقال
الزهري :
فهذا
غلامي يحمله عنك ، فأبى .
فقال
:
فأحمله عنك فاني أرفعك عن حمله .
فقال
علي بن الحسين :
لكني
لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري ، ويحسن ورودي على ما أرد عليه سألتك
بالله لما مضيت في حاجتك وتركتني ، فانصرفت عنه ، فلما كان بعد أيام
قال له :
يا
ابن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته اثرا ؟
قال :
بلى
يا زهري ليس ما ظننت ولكنه الموت وله كنت استعد ( 56 ) .
وهم لا يدرون من أينْ معاشهم ؟
في
الحلية ، والأغاني ، عن محمد بن إسحاق :
انه
كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون أين معاشهم ، فلما مات علي بن
الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل .
وفي
رواية أحمد بن حنبل عن معمر عن شيبة بن نعامة : انه كان يقوت مائة أهل
بيت .
بعد وفاته عليه السلام عرفوا من أينْ معاشهم ؟
في
رواية محمد بن إسحاق :
انه
كان في المدينة كذا وكذا بيتاً يأتيهم رزقهم وما يحتاجون إليه لا يدرون
من أين يأتيهم ، فلما مات زين العابدين فقدوا ذلك ، فصرخوا صرخة واحدة
.
لأن خليفة المسلمين كان كان يغطي وجهه إذا ناول فقيرا لئلا يعرفه :
وفي
خبر عن أبي جعفر ( ع ) :
انه
كان يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب على ظهره حتى يأتي بابا
فيقرعه ثم يناول من كان يخرج إليه ، وكان يغطي وجهه إذا ناول فقيرا
لئلا يعرفه ، الخبر ( 57 ) .
الإمام عليه السلام يقاسم اللهَ ماله :
الحلية ، قال أبو جعفر ( ع ) :
ان
أباه علي بن الحسين قاسم الله ماله مرتين ( 58 ).
الإمام عليه السلام يسـتقي الماء بنفسـه أيضاً لضعفة جيرانـه ولأعوام
طويلة :
الزهري :
لما
مات زين العابدين فغسلوه وجـِد على ظهره محل فبلغني انه كان يستقي
لضعفة جيرانه بالليل .
الحلية ، قال عمرو بن ثابت :
لما
مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سواد في ظهره وقالوا :
ما
هذا ؟
فقيل
:
كان
يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطى فقراء أهل المدينة .
وفي
روايات أصحابنا :
انه
لما وضع على المغتسل نظروا إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل مما كان يحمل
على ظهره إلى منازل الفقراء ( 59 ) .
ضيوف مائدة خليفة المسلمين عليه السلام :
عن
حمران بن أعين عن أبي جعفر ( ع ) :
انه
كان يعول مائة بيت من فقراء المدينة ، وكان يعجبه أن يحضر طعامه
اليتامى والاضراء والزمنى والمساكين الذين لا حيلة لهم ، وكان يناولهم
بيده ، ومنْ كان منهم له عيال حمله إلى عياله من طعامه ، وكان لا يأكل
طعاما حتى يبدأ فيتصدق به ( 60 ) .
هل العفو ولوحده عن المخطئ يكفي ؟
كسرت
جارية له قصعة فيها طعام فاصفرَّ وجهها ، فقال :
اذهبي
فأنت حرة لوجه الله ( 61 ) .
ماذا أقول لمنْ يغتابني ؟
انتهى
( ع ) إلى قوم يغتابونه ، فوقف عليهم فقال لهم :
انْ
كنتم صادقين فغفر الله لي ، وإنْ كنتم كاذبين فغفر الله لكم ( 62 ) .
تواضعْ وجالسْ منْ تنتفع به وأسـتـقـمْ :
النسوي في التاريخ ، قال نافع بن جبير لعلي ابن الحسين :
انك
تجالس أقواما دونا .
فقال
له :
اني
أجالس منْ أنتفع بمجالسته في ديني ( 63 ) .
خليفة المسلمين يعود المريض ويكفل كل دينه الضخم :
في
الحلية : عاد علي بن الحسين محمد بن أسامة بن زيد في مرضه فجعل يبكي
فقال علي :
ما
شأنك ؟
قال :
عليّ
دين .
قال
: كم هو ؟
قال :
خمسة عشر ألف دينار .
قال
: فهو عليّ ( 64 ) .
الصمود على ستراتيجية المرحلة ومعالجة القراءة الإنتقائية للقرأن
بالقرأن الكريم نفسـه :
لقيه
عليه السلام عباد البصري في طريق مكة فقال :
تركت
الجهادَ وصعوبته ، وأقبلت على الحاج ولينه ، وإنَ ( الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم ) الآية ، فقال ( ع ) :
اقرأ
ما بعدها التائبون العابدون ، إلى آخرها .
ثم
قال : إذا ظهرَ هؤلاء لمْ نؤثر على الجهاد شيئاَ ( 65 ) .
توضيح
: النص الكامل للأيتين المباركتين هو :
((
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في
سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن
ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز
العظيم * التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون
الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر
المؤمنين . )) ( 66 ) .
خليفة المسلمين عليه السلام لايحتفظ بملابسـه للعام القادم ويثمن
لباساً صلى فيه :
وكان
( ع ) إذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته ، وإذا انقضى الصيف تصدق بكسوته ،
وكان يلبس من خز اللباس ، فقيل له :
تعطيها منْ لا يعرف قيمتها ، ولا يليق به لباسها فلو بعتها فتصدقت
بثمنها ، فقال :
اني
اكره ان أبيع ثوباً صليت فيه ( 67 ) .
كيف كان عليه السلام يصوم وبم يفطر ؟
كان
علي ابن الحسين إذا كان اليوم الذي يصوم فيه يأمر بشاة فتذبح وتقطع
أعضاؤها وتطبخ ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح
المرقة وهو صائم ثم يقول: هاتوا القصاع
اغرفوا لآل فلان ، حتى يأتي إلى آخر القدور ، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون
بذلك عشاؤه ( 68 ) .
الإجتهاد في العبادة :
معتب
عن الصادق ( ع ) قال :
كان
علي بن الحسين شديد الاجتهاد في العبادة نهاره صائم ، وليله قائم فأضر
ذلك بجسمه فقلت له :
يا
أبه كم هذا الدؤب ؟
فقال
:
أتحبب
إلى ربي لعله يزلفني ( 69 ) .
الإمام عليه السلام يعلمنا الطريق العملي لإدارة الذات وإدارة الأخرين
ومعاً :
كان
إذا دخل عليه شهر رمضان يكتب على غلمانه ذنوبهم ، حتى إذا كان آخره ثم
أظهر الكتاب وقال :
يا
فلان فعلت كذا ولم أوذيك ، فيقرون أجمع فيقوم وسطهم ، ويقول لهم :
ارفعوا أصواتكم وقولوا :
يا
علي بن الحسين ربك قد أحصى عليك ما عملت كما أحصيت علينا ، ولديه كتاب
ينطق بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، فاذكرْ ذل مقامك بين يدي ربك
الذي لا يظلم مثقال ذرة ، وكفى بالله شهيدا فاعفْ واصفحْ يعف عنك
المليك لقوله تعالى :
(
وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) ( 70 )
ويبكي ، وينوح ( 71 ) .
نتيجة محاولته لإصلاح الزهري :
كان
الزهري عاملا لبني أمية فعاقب رجلا فمات الرجل في العقوبة فخرج هائما
وتوحش ودخل إلى غار فطال مقامه تسع سنين .
قال :
وحج علي بن الحسن فأتاه الزهري فقال له علي بن الحسين :
اني
أخاف عليك من ذنبك ، فابعث بدية مسلمة إلى أهله ، وأخرجْ إلى أهلك
ومعالم دينك ، فقال له :
فرجت
عني يا سيدي اللهُ اعلم حيث يجعل رسالاته ، ورجعَ إلى بيته ولزمَ علي
بن الحسين ، وكان يعد من أصحابه ، ولذلك قال له بعض بني مروان يا زهري
:
ما
فعل نبيك يعني علي بن الحسين ! ( 72) .
يتصدق عليه السلام بكل ما يعجبه في الإفطار وقبل أن يذوقه :
عن
الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
انه
كان علي بن الحسين يعجب بالعنب فدخل منه إلى المدينة شئ حسن فاشترت منه
أم ولده شيئا وأتت به عند افطاره فأعجبه فقبل ان يمد يده وقف بالباب
سائل فقال لها :
احمليه إليه .
قالت
: يا مولاي بعضه يكفيه .
قال :
لا والله ، وأرسله إليه كله .
فاشترت له من غد وأتت به فوقف السائل ، ففعل مثل ذلك ، فأرسلت فاشترت
له واتت به في الليلة الثالثة ولم يأت سائل فأكل ، وقال :
ما
فاتنا منه شئ ، والحمد لله ( 73 ) .
للإمام عليه السلام لقاء شهري مستمر مع خدمه ... لـمـاذا ؟
عبد
الله بن مسكان عن علي بن الحسين انه :
كان
يدعو خدمه كل شهر ويقول :
اني
قد كبرت ولا أقدر على النساء فمنْ أراد منكن التزويج زوجتها أو البيع
بعتها أوالعتق أعتقتها ، فإذا قالت إحداهن :
لا .
قال
: اللهم اشهد ، حتى يقول ثلاثا ، وإنْ سكتت واحدة منهن قال لنسائه :
سلوها ما تريد ، وعمل على مرادها ( 74 ) .
من حديثه الطويل عن واقعة كربلاء :
الثمالي قال : قال علي بن الحسين ( عليه السلام ) :
كنت
مع أبي في الليلة التي قتل في صبيحتها ، فقال لأصحابه :
هذا
الليل فاتخذوه جنة فان القوم إنما يريدونني ، ولو قتلوني لم يلتفتوا
إليكم وأنتم في حل وسعة ، فقالوا :
والله
لا يكون هذا أبدا فقال :
إنكم
تقتلون غداً كلكم ولا يفلت منكم رجل ، قالوا : الحمد لله الذي شرفنا
بالقتل معك . ثم دعا فقال لهم :
ارفعوا رؤسكم وانظروا ، فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة ،
وهو يقول لهم :
هذا
منزلك يا فلان ، فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه ليصل
إلى منزلته من الجنة ( 75 ) .
الصمود والصبر المدهش للإمام السجاد مع البكاء المتواصل على أبيه
الإمام الحسين عليهما السلام إطاعة لله ورسوله وتأسياً به صلى الله
عليه وأله ... كيف ؟ :
في
الحلية ، قال إبراهيم بن سعد :
سمع
علي بن الحسين واعية في بيته وعنده جماعة فنهض إلى منزله ثم رجع إلى
مجلسه ، فقيل له :
أمن
حدث كانت الواعية ؟
قال :
نعم .
فغروا
وتعجبوا من صبره .
فقال
: إنا أهل بيت نطيع الله عز وجل فيما يحب ، و نحمده فيما نكره ( 76 ) .
من بكائـه على الإمام الحسـين عليهما السلام :
عن
أبي داود المسترق ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام )
، قال :
بكى
علي بن الحسين على أبيه حسين بن علي ( عليهما السلام ) عشرين سنة أو
أربعين سنة ، وما وضع بين يديه طعاما الا بكى على الحسين ، حتى قال له
مولى له :
جعلت
فداك يا بن رسول الله اني أخاف عليك أن تكون من الهالكين ، قال :
إنما
أشكو بثي وحزني إلى الله ، وأعلم من الله ما لا تعلمون ، اني لم أذكر
مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة لذلك ( 77 ) .
الإمام السجاد يواصل مسيرة أبيه عليهما السلام :
في
كتاب الأحمر قال الأوزاعي :
لما
اتي بعلي بن الحسين ورأس أبيه إلى يزيد بالشام قال لخطيب بليغ :
خذ ْ
بيد هذا الغلام فائت به إلى المنبر ، وأخبر الناس بسوء رأي أبيه وجده
وفراقهم الحق وبغيهم علينا .
قال :
فلم يدع شيئا من المساوئ إلا ذكره فيهم ، فلما نزل قام علي بن الحسين :
فحمد الله بمحامد شريفة ، وصلى على النبي صلاة بليغة موجزة ثم قال : يا
معشر الناس فمنْ عرفني فقد عرفني ، ومنْ لم يعرفني فأنا اعرفه نفسي ،
أنا ابن مكة ومنى ، أنا ابن مروة والصفا ، أنا ابن محمد المصطفى ، أنا
ابن منْ لا يخفى ، أنا ابن من علا فاستعلى فجاز سدرة المنتهى ، وكان من
ربه كقاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن منْ صلى بملائكة السماء مثنى مثنى ،
أنا ابن منْ أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، انا ابن علي
المرتضى ، انا ابن فاطمة الزهرا ، انا ابن خديجة الكبرى ، انا ابن
المقتول ظلما ، أنا ابن المحزوز الرأس من القفا ، أنا ابن العطشان حتى
قضى ، أنا ابن طريح كربلاء ، أنا ابن مسلوب العمامة والرداء ، أنا ابن
منْ بكت عليه ملائكة السماء ، أنا ابن منْ ناحت عليه الجن في الأرض
والطير في الهواء ، أنا ابن منْ رأسه على السنان يهدى ، أنا ابن منْ
حرمه من العراق إلى الشام تسبى ، أيها الناس إن الله تعالى ، وله الحمد
ابتلانا أهل البيت ببلاء حسن ، حيث جعل راية الهدى والعدل والتقى فينا
، وجعل راية الضلالة والردى في غيرنا ، فضلنا أهل البيت بست خصال :
فضلنا بالعلم والحلم والشجاعة والسماحة والمحبة والمحلة في قلوب
المؤمنين ، وآتانا ما لم يؤت أحداً من العالمين من قبلنا ، فينا مختلف
الملائكة وتنزيل الكتب .
قال :
فلم يفرغ حتى قال المؤذن :
الله
أكبر .
فقال
علي : الله أكبر كبيرا .
فقال
المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله .
فقال
علي بن الحسين : أشهد بما تشهد به .
فلما
قال المؤذن : أشهد أن محمدا رسول الله .
قال
علي : يا يزيد هذا جدي أو جدك ؟
فانْ
قلت جدك فقد كذبت ، وإنْ قلت جدي ، فـلـِم َ قتلت أبي وسبيت حرمه
وسبيتني ؟
ثم
قال :
معاشر
الناس هل فيكم منْ أبوه وجده رسول الله ؟
فعلت
الأصوات بالبكاء . فقام إليه رجل من شيعته يقال له المنهال بن عمرو
الطائي . وفي رواية : مكحول صاحب رسول الله فقال له :
كيف
أمسيت يا بن رسول الله ؟
فقال
: ويحك كيف أمسيت ؟
أمسينا فيكم كهيئة بني إسرائيل في آل فرعون يذبحون أبناءهم ويستحيون
نساءهم ، وأمست العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منها ، وأمسى آل محمد
مقهورين مخذولين فإلى الله نشكو كثرة عدونا ، وتفرق ذات بيننا ، وتظاهر
الأعداء علينا ( 78 ) .
نعم الإمام السجاد واصل المسيرة لذلك حـُكـِمَ بالإعدام :
قال المدائني :
لما
انتسب السجاد إلى النبي قال يزيد لجلوازه :
ادخله
في هذا البستان واقتله وادفنه فيه ، فدخل به إلى البستان وجعل يحفر
والسجاد يصلي فلما هم بقتله ضربته يد من الهواء فخر لوجهه وشهق ودهش
فرآه خالد بن يزيد ، وليس لوجهه بقية ، فانقلب إلى أبيه ،وقص عليه فأمر
بدفن الجلواز في الحفرة ، واطلاقه . وموضع حبس زين العابدين هو اليوم
مسجد ( 79 ) .
عن
إسماعيل بن منصور ، عن بعض أصحابنا ، قال :
أشرف
مولى لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) وهو في سقيفة له ساجد يبكي ،
فقال له :
يا
مولاي يا علي بن الحسين اما آن لحزنك ان ينقضي ، فرفع رأسه إليه وقال :
ويلك
- أو ثكلتك أمك - والله شكى يعقوب إلى ربه في أقل مما رأيت حتى قال : (
يا أسفي على يوسف ) ( 80 ) ، انه فقد ابناً واحداً وانا رأيت أبي
وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي ( 81) .
بكاء الإمام السجاد على أبيه الحسين عليهما السلام :
في
رواية عن حمران بن أعين عن الإمام الباقر قال عن الإمام علي بن الحسين
عليهم السلام :
ولقد
كان بكى على أبيه الحسين عليه السلام عشرين سنة ، وما وضع بين يديه
طعام إلا بكى حتى قال له مولى له :
يا
ابن رسول الله أما آن لحزنك أن تنقضي ؟ !
فقال
له :
ويحك
إن يعقوب النبي عليه السلام كان له اثنا عشر ابناً ، فغيب الله عنه
واحدا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه ، وشاب رأسه من الحزن ،
واحدودب ظهره من الغم ، وكان ابنه حياً في الدنيا ، وأنا نظرت إلى أبي
وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي ، فكيف ينقضي حزني ؟ (
82 ).
ومما
وردَ أيضاً في حزنه وبكائه ( عليه السلام ) : عن الإمام الصادق ( عليه
السلام ) :
بكى
علي بن الحسين عشرين سنة ، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال مولى
له :
جـُعلت فداك يا بن رسول الله اني أخاف أن تكون من الهالكين ، قال :
(
إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ) ( 83 ) ،
اني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة .
وفي
رواية : أما آن لحزنك أن ينقضي ؟
فقال
له :
ويحك
ان يعقوب النبي كان له اثنا عشر ابنا فغيب الله واحدا منهم فابيضت
عيناه من كثرة بكائه عليه ، واحدودب ظهره من الغم ، وكان ابنه حياً في
الدنيا ، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي ، وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين
حولي فكيف ينقضي حزني .
وقد
ذكر في الحلية نحوه ، وقيل :
إنه
بكى حتى خيف على عينيه . وكان إذا أخذ اناءاً يشرب ماء بكى حتى يملأها
دمعاً ، فقيل له في ذلك فقال :
وكيف
لا أبكي وقد منع أبي من الماء الذي كان مطلقا للسباع والوحوش ( 84 ).
مما قيل في بكاء يعقوب لفراق ابنه يوسف :
في
تفسير أبي حيان الأندلسي :
روي :
أنه ما جفت عيناه من فراق يوسف إلى لقائه ثمانين عاماً ، وأن وجده عليه
وجد سبعين ثكلى ، وأجره أجر مائة شهيد ( 85 ) .
وفي
تفسير الرازي ( 86 ) لقوله تعالى : ( وابيضت عيناه من الحزن ) ( 87 )
ما ملخصه :
وابيضت : كناية عن غلبة البكاء .
قيل :
ما جفت عينا يعقوب من وقت فراق يوسف عليه السلام إلى حين لقائه ، وتلك
المدة ثمانون عاماً ، وما كان على وجه الأرض عبداً أكرم على الله تعالى
من يعقوب عليه السلام ، واعلم أن أشرف أعضاء الإنسان هذه الثلاثة ،
فبين تعالى أنها كانت غريقة في الغم : فاللسان كان مشغولاً بقوله : (
يا أسفى ) ( 88 )، والعين بالبكاء ، والبياض ، والقلب بالغم الشديد
الذي يشبه الوعاء المملوء الذي شد ولا يمكن خروج الماء منه وهذه مبالغة
في وصف ذلك الغم ... وقال مقاتل : لم يبصر يعقوب بهما ست سنين حتى كشف
الله تعالى عنه بقميص يوسف عليه السلام وهو قوله :
(
فألقوه على وجه أبى يأت بصيرا ) ( 89 ) .
وفي
تفسير النسفي : ( وابيضت عيناه ) :
قيل
ما جفت عينا يعقوب من وقت فراق يوسف إلى حين لقائه ثمانين عاما وما على
وجه الأرض أكرم على الله من يعقوب ويجوز للنبي عليه السلام أن يبلغ به
الجزع ذلك المبلغ لأن الإنسان مجبول على أن لا يملك نفسه عند الحزن
فلذلك حمد صبره ولقد بكى رسول الله ( ص ) على ولده إبراهيم وقال :
القلب
يجزع ، والعين تدمع ، ولا نقول ما يسخط الرب ، وإنا عليك يا إبراهيم
لمحزونون ( 90) .
البكاء رحمة ... رحمة ... المسلمون تعلموا البكاء من الرسـول الأكرم
صلى الله عليه وأله :
لقد
بكى الرسول صلى الله عليه وآله على ابنه إبراهيم : كما في صحيح البخاري
: قال أنس :
دخلنا
مع رسول الله ( ص ) . . . وإبراهيم يجود بنفسه . فجعلت عينا رسول الله
تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف:
وأنت
يا رسول الله ! ؟
فقال
: يا ابن عوف إنها رحمة .
ثم
أتبعها بأخرى فقال :
إن
العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا
إبراهيم لمحزونون .
وفي
سنن ابن ماجة : فانكب عليه وبكى ( صحيح البخاري ، كتاب الجنائز ، باب
قول النبي ( ص ) : إنا بك لمحزونون 1 / 158 ، واللفظ له . وصحيح مسلم ،
كتاب الفضائل ، باب رحمته بالصبيان والعيال ، ح 62 . وسنن ابن ماجة ،
كتاب الجنائز ، باب ما جاء في النظر إلى الميت ، ح 1475 ، 1 / 473( 91
) .
وروى
البخاري في صحيحه :
أن
النبي نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم وقال :
أخذ الراية زيد ، فأصيب . ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها ابن رواحة
فأصيب ، وعيناه تذرفان .
(
صحيح البخاري ، كتاب فضائل أصحاب النبي ، باب مناقب خالد بن الوليد 2 /
204 ، ط . الحلبي بمصر . ) ( 91 ) .
وفي
ترجمة جعفر من الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة وخبر غزوة مؤتة من تأريخ
الطبري وغيره ما ملخصه :
لما
أصيب جعفر وأصحابه دخل رسول الله ( ص ) بيته وطلب بني جعفر ، فشمهم
ودمعت عيناه ، فقالت زوجته أسماء بأبي وامي ما يبكيك ؟ أبلغك عن جعفر
وأصحابه شئ ؟ قال : نعم ، أصيبوا هذا اليوم . فقالت أسماء : فقمت أصيح
وأجمع النساء ، ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول وا عماه . فقال رسول الله (
ص ) : على مثل جعفر فلتبك البواكي ! ( 92) .
الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله يبكي ، ويقول : هذه رحمة جعلها الله
في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء :
بكاءه
على حفيده : ففي صحيح البخاري :
أن
ابنة النبي ( ص ) أرسلت إليه : أن ابنا لي قبض فأتنا . فقام ومعه سعد
ابن عبادة ورجال من أصحابه فرفع إلى رسول الله ( ص ) ونفسه تتقعقع
ففاضت عيناه ، فقال سعد :
يا
رسول الله ما هذا ؟
فقال
:
هذه
رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .
صحيح
البخاري ، كتاب الجنائز ، باب قول النبي ( ص ) : ( يعذب الميت ببعض
بكاء أهله عليه ) واللفظ له . وكتاب المرضى ، باب عيادة الصبيان 4 / 3
.
وصحيح
مسلم ، كتاب الجنائز ، باب البكاء على الميت ، ح 11 ، ص 636 . وسنن أبي
داود ، كتاب الجنائز ، باب البكاء على الميت ، ح 3125 ، 3 / 193 . وسنن
النسائي ، كتاب الجنائز ، باب الامر بالاحتساب والصبر 1 / 264 . ومسند
أحمد 2 / 306 ، و 3 / 83 ، 88 و 89 . ) ( 95 ) .
ندب
الرسول ( ص ) إلى البكاء على عمه حمزة : في مغازي الواقدي وطبقات ابن
سعد ما موجزه :
لما
سمع رسول الله ( ص ) بعد غزوة أحد البكاء من دور الأنصار على قتلاهم
ذرفت عينا رسول الله ( ص ) وبكى وقال :
لكن
حمزة لا بواكي له ! فسمع ذلك سعد بن معاذ ، فرجع إلى نساء بني عبد
الأشهل فساقهن إلى باب رسول الله ( ص ) فبكين على حمزة . فسمع ذلك رسول
الله ( ص ) فدعا لهن وردهن . فلم تبك امرأة من الأنصار بعد ذلك إلى
اليوم على ميت إلا بدأت بالبكاء على حمزة ثم بكت على ميتها .
( من ترجمة حمزة في طبقات ابن سعد ، ط . دار صادر بيروت 1377 ه ، 3 /
11 . وأكثر تفصيلا منه في مغازي الواقدي 1 / 315 - 317 . وبعده إمتاع
الاسماع 1 / 163 . ومسند أحمد 2 / 40 ، وتأريخ الطبري . وأورده ابن عبد
البر بإيجاز بترجمة حمزة من الاستيعاب ، وباختصار أيضا ، ابن الأثير
بترجمته من أسد الغابة . )
( 95 ) .
يظهر
لنا من الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وآله بكى ولم ينهه . . أما
مبدأ نهي البكاء فعائشة اصطدمت بالخليفة عمر حول هذه النقطة :
عائشـة تنكر رواية الخليفة عمر في البكاء :
1 -
في صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس :
لما
أن أصيب عمر دخل صهيب يبكي ويقول وا أخاه وا صاحباه ! فقال عمر :
يا
صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله :
( إن
الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ) ؟
فقال
ابن عباس : فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت :
والله
ما حدث رسول الله ( ص ) :
إن
الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ، ولكن رسول الله ( ص ) قال : ( إن
الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه ) ، وقالت : حسبكم القرآن : (
ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
قال
ابن عباس ( رض ) عند ذلك : والله هو أضحك وأبكى . ( صحيح البخاري ،
كتاب الجنائز ، باب قول النبي ( ص ) : يعذب الميت ببكاء أهله عليه 1 /
155 و 156 . ومسلم ، كتاب الجنائز ، باب الميت يعذب ببكاء أهله ح 22 ،
ص 641 . ) ( 96 ) .
2 -
وفي صحيح مسلم : ذكر عند عائشة أن ابن عمر يرفع إلى النبي ( ص ) : ( إن
الميت يعذب في قبره ببكاء أهله عليه ) فقالت : وهل ( وهل بفتح الواو
وفتح الهاء وكسرها أي غلط ونسي ) ، إنما قال رسول الله ( ص ) : ( إنه
ليعذب بخطيئته أو بذنبه وإن أهله ليبكون عليه ) . وفي رواية قبله : ذكر
عند عائشة قول ابن عمر : الميت يعذب ببكاء أهله عليه ، فقالت رحم الله
أبا عبد الرحمن سمع شيئا فلم يحفظه ، إنما مرت جنازة ليهودي على رسول
الله وهم يبكون عليه ، فقال : ( أنتم تبكون وإنه ليعذب ) ( صحيح مسلم ،
كتاب الجنائز ، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه ، ح 25 و 2 ، ص 642 و
643 ، و ح 27 ، ص 643 . وقريب منه لفظ ‹ صفحة 189 › الترمذي في كتاب
الجنائز ، الرخصة في البكاء على الميت 4 / 225 . وسنن أبي داود ، كتاب
الجنائز ، ح 3129 ، 3 / 19.) ( 97 ) .
3 -
قال الإمام النووي ( ت : 676 ه ) في شرح صحيح مسلم عن روايات النهي عن
البكاء المروية عن رسول الله ( ص ) :
وهذه
الروايات من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأنكرت عائشة ونسبتها
إلى النسيان والاشتباه عليهما ، وأنكرت أن يكون النبي ( ص ) قال ذلك .
( شرح النووي بهامش صحيح مسلم ، المطبعة المصرية 1349 ه ، 6 / 228 ،
كتاب الجنائز ، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه . )
4-
ويظهر من الحديث الآتي أن منشأ الخلاف كان في إجتهاد الخليفة عمر
فبالنهي عن البكاء في مقابل سنة الرسول ( ص ) بالبكاء ، فقد ورد في
الحديث أنه :
مات
ميت من آل الرسول ( ص ) فاجتمع النساء يبكين عليه ، فقام عمر ينهاهن
ويطردهن فقال رسول الله ( ص ) :
دعهن
يا عمر ، فإن العين دامعة ، والقلب مصاب ، والعهد قريب .
( سنن
النسائي ، كتاب الجنائز ، باب الرخصة في البكاء على الميت . وسنن ابن
ماجة ، كتاب الجنائز ، باب ما جاء في البكاء على الميت ، ح 1587 ، ص
505 . ومسند أحمد 2 / 110 ، 273 ، 333 ، 408 و 444 . ) ( 98 ) .
وبحسب
الروايات الموثقة بمصادرها قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله :
1-
البكاء رحمة ... رحمة ... إن العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما
يرضي ربنا ، البكاء رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله
من عباده الرحماء .
2-
بعد شهادة حمزة عليه السلام ذرفت عينا الرسول الأكرم صلى الله عليه
وأله ، وقال :
لكن
حمزة لا بواكي له !
فسمع
ذلك سعد بن معاذ ، فرجع إلى نساء بني عبد الأشهل فساقهن إلى باب رسول
الله ( ص ) فبكين على حمزة . فسمع ذلك رسول الله ( ص ) فدعا لهن وردهن
. فلم تبك امرأة من الأنصار بعد ذلك إلى اليوم على ميت إلا بدأت
بالبكاء على حمزة ثم بكت على ميتها .
3- ان
عائشـة ردت رواية الخليفة عمر ( إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه
) في البكاء مستشهدة بالقرأن الكريم في قولها :
ولكن
رسول الله صلى الله عليه وأله ، قال : ( إن الله ليزيد الكافر عذاباً
ببكاء أهله عليه ) ، وقالت : حسبكم القرآن : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى
) .
والمسألة فطرية ، وفي غاية الوضوح ، وكل ذلك لاينظر الى خصوص البكاء
على الإمام الحسين عليه السلام لأسباب كثيرة وعديدة ومتفق عليها بين
المسلمين قاطبة منها قول رسول الله صلى الله عليه وأله المتواتر :
((
حسين مني ، وأنا من حسين ، أحبَ اللهَ منْ أحبَ حسيناَ ، حسين سبط من
الأسباط . ))
الحديث متواتر روي مسنداً ، وبطرق مختلفة ، في مصادر كثيرة من مصادر
العامة منها وعلى سبيل المثال لا الحصر :
1-
مسند احمد - احمد بن حنبل - ج 4 - ص 172، وهو حديث صحيح حسب إلتزام
أحمد ( إمام الحنابلة ) بإيراد الصحيح دون غيره في مسنده .
2-
المستدرك - الحاكم النيسابوري - ج 3 - ص 177 مضيفاَ : هذا حديث صحيح
الاسناد ولم يخرجاه .
3-
صحيح ابن حبان - ابن حبان - ج 15 - ص 428.
4-
سنن ابن ماجة - محمد بن يزيد القزويني - ج 1 - ص 51
5-
مجمع الزوائد - الهيثمي - ج 9 - ص 181 وبالنص التالي :
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((
حسين مني وأنا منه ، أحب الله من أحبه ، الحسن والحسين سبطان من
الأسباط ))
- للحديث صلة بإذنه تعالى -
.....................................
المصـادر :
( 1 ) : راجع ْ : الكافي - الشيخ
الكليني - ج 1 - ص 466 ، هذا وأورد إحتمالات أخرى ابن شهر آشوب راجعْ :
مناقب آل أبي طالب - ج 3 - ص 310 - 311
( 2 ) الدر النظيم - إبن حاتم العاملي
- ص 583 – 584 عن : المناقب لابن شهرآشوب : ج 4 ص 148 .
( 3 ) الدر النظيم - إبن حاتم العاملي
- ص 583 – 584 عن : المناقب لابن شهرآشوب : ج 4 ص 149 .
( 4 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : تذكرة الحفاظ 1 : 75 .
( 5 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : تذكرة الحفاظ : 1 : 75 .
( 6 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : تذكرة الحفاظ 1 : 76 .
( 7 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : الطبقات الكبرى 5 : 214 .
( 8 ) : الحديقة الهلالية
- الشيخ البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 -
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث : الطبقات الكبرى 5 : 215 .
( 9 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : البداية والنهاية 5 : 104 .
( 10 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : تهذيب التهذيب 7 : 268 .
( 11 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : تهذيب التهذيب 7 : 268 .
( 12 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : سير أعلام النبلاء 4 : 388 .
( 13 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : شذرات الذهب 1 : 104 .
( 14 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : تذكرة الحفاظ 1 : 75 .
( 15 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : الطبقات الكبرى 5 : 216 .
( 16 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : شذرات الذهب 1 : 104 .
( 17 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : حلية الأولياء 3 : 133 / 229 .
( 18 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : صفوة الصفوة 2 : 95 .
( 19 ) : الحديقة الهلالية - الشيخ
البهائي – تحقيق السيد علي الموسوي الخراساني - ص 1 – 17 - مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث : حلية الأولياء 3 : 133 .
( 20 ) فريدة الدر النظيم - إبن حاتم
العاملي - ص 587 : كشف الغمة : ج 2 ص 75 .
( 21 ) فريدة الدر النظيم - إبن حاتم
العاملي - ص 586 : كذا ، وفي الأمالي : المحاسبة .
( 22 ) فريدة الدر النظيم - إبن حاتم
العاملي - ص 586 : أمالي الطوسي : ج 1 ص 114
( 23 ) فريدة الدر النظيم - إبن حاتم
العاملي - ص 586 : المناقب لابن شهرآشوب : ج 4 ص 169 .
( 24 ) فريدة الدر النظيم - إبن حاتم
العاملي - ص 586 : أمالي الطوسي : ج 1 ص 71 المجلس الثالث ح 106 .
( 25 ) فريدة الدر النظيم - إبن حاتم
العاملي - ص 586 : بحار الأنوار : ج 78 ص 161 باب 21 كتاب الروضة جزء
من ح 21 نقلا عن كتاب اعلام الدين ( مخطوط ) .
( 26 ) فريدة الدر النظيم - إبن حاتم
العاملي - ص 584 : المناقب لابن شهرآشوب : ج 4 ص 162 .
( 27 ) : سورة - آل عمران - الأية :
134 - قوله تعالى : ( الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ
والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) .
( 28 ) : سورة - آل عمران - الأية :
134 - قوله تعالى : ( الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ
والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) .
( 29 ) : سورة - آل عمران - الأية :
134 - قوله تعالى : ( الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ
والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) .
( 30) فريدة الدر النظيم - إبن حاتم
العاملي - ص 584 : المناقب لابن شهرآشوب : المناقب لابن شهرآشوب : ج 4
ص 157 - 158 .
( 31 ) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 42 عن : علل الشرايع - ج 2 ص 116.
( 32 ) : سورة الانعام الأية : 68 .
( 33 ) : سورة الإسراء - الأية : 36 -
قوله : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك
كان عنه مسئولا ) .
( 34 ) : المحاسن - أحمد بن محمد بن
خالد البرقي - ج 1 - ص 15 .
( 35 ) : سورة الإسراء - الأية : 36 -
قوله : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك
كان عنه مسئولا ) .
( 36 ) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 80 عن : الخصال ح 6 ص 159 .
(37 ) : سورة المؤمنون – الأية : 100 .
( 39 ) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 100 عن : أمالي الطوسي : ج 8 ص 188
( 40) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 220 عن : الاختصاص : ج 27 ص 270 .
( 41) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 314عن : مناقب شهرآشوب : ح 46 ص 3 .
( 42) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 326عن : الخصال : ح 46 ص 61 .
( 43) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 326عن : أعلام الورى : ح 46 ص 56 .
( 44) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 326عن : الكافي : ج 46 ص 66 .
( 45) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 328عن : ثواب الأعمال ح 46 ص 70
( 46) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 330عن : المناقب – ابن شهر اشوب – ج3- ص 273 .
( 47 ) : مصباح المتهجد - الشيخ الطوسي
- ص 522 – 523 .
( 48) : درر الأخبار - حجازي - خسرو
شاهي - ص 333 – 334 عن : الارشاد : ج 46 ص 287( 49 ) وسائل الشيعة (آل
البيت) - الحر العاملي - ج 15 - ص 44 – 45 .
( 50 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 287.
( 51 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 290
( 52 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 290 – 291 .
( 53 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 293
( 54 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 292
( 55 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 292 – 293
( 56 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 293
( 57 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 292 – 293
( 58 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 294
( 59 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 294
( 60 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 293
( 61 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 296
( 62 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 297
( 63 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 300
( 64 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 301
( 65 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 298
( 66 ) : سورة التوبة الأيات 111- 112
( 67 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 294
( 68 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 294
( 69 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 294
( 70 ) : سورة النور – الأية : 22 .
( 71 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 296 - 297
( 72) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 298
( 73 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 293 - 294
( 74 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 301
( 75 ) : درر الأخبار - حجازي ، خسرو
شاهي - ص 314عن : الخرائج - ج 44 ص 298 .
( 76 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 302
( 77 ) : كامل الزيارات - جعفر بن محمد
بن قولويه - ص 213 .
( 78 ) مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 305 - 306
( 79 ) : البحار – العلامة المجلسي -
ج 45- ص - 176
( 80) يوسف – الأية : 84 .
( 81 ) : كامل الزيارات - جعفر بن محمد
بن قولويه - ص 213 - 214
( 82) : الخصال - الشيخ الصدوق - ص 518
- 519
( 83 ) : سورة يوسف – الأية: 86
( 84 ) : مناقب آل أبي طالب - ابن شهر
آشوب - ج 3 - ص 303
( 85 ) : تفسير البحر المحيط - أبي
حيان الأندلسي - ج 5 - ص 333 - 334
( 86 ) : تفسير الرازي - الرازي - ج 18
- ص 195-196
( 87 ) : سورة يوسف – الأية : 84 .
( 88 ) : سورة يوسف – الأية : 84 .
( 89 ) : سورة يوسف – الأية : 93 .
( 90) : تفسير النسفي - النسفي - ج 2 -
ص 201
( 91) : الانتصار - العاملي - ج 7 - ص
186 - 187
( 92) : الانتصار - العاملي - ج 7 - ص
186
( 93 ) : الانتصار - العاملي - ج 7 - ص
187
( 94) : الانتصار - العاملي - ج 7 - ص
187
( 95 ) : الانتصار - العاملي - ج 7 - ص
187.
( 96 ) : الانتصار - العاملي - ج 7 - ص
188
( 97 ) : الانتصار - العاملي - ج 7 - ص
188 - 189
( 98 ) : الانتصار - العاملي - ج 7 - ص
189
|