من فوائد إقامة ذكريات الحسين عليه السلام

 

 

الفائدة الأولى

من فوائدها الدينية تثبيت العقيدة وتركيز الولاء لأهل البيت عليهم السلام فقد فرض الله على الناس مودّتهم في كتابه المجيد والمودة قول وفعل وهو مساندة ومشاركة الحبيب في أفراحه وأحزانه كما قال أمير المؤمنين عليه السلام بما مضمونه :

إختار الله لنا شيعة ينصروننا فيفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا وينذرون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منّا وفينا.

الفائدة الثانية

ما ينشر فيها من الوعظ ولإرشاد ونشر فضائل أهل البيت عليهم السلام ومناقبهم ليقتدي الناس بها ويسيرون في سيرها وينهجون منهجا فإن معظم أخبار الأنبياء والأئمة عليهم السلام والأولياء لم يسمعها الناس إلا من منابر الحسين عليه السلام

الفائدة الثالثة

من فوائدها الدنيوية تسلية أهل المصائب عما قد أصابهم ففي فاجعة الحسين عليه السلام سلوة لكل مصاب وتذليل لكل فاجعة :

أنست رزيتكم رزايانا التي                سلفت وهوّنت الرزايا الآتية

الفائدة الرابعة

من فوائدها الدنيوية أنها تبعث في النفوس روح الإباء والشيم وتثير المروة والحمية فقد أصبح موقف الحسين عليه السلام يوم الطف قدوة لأباء الضيم فهذا مصعب ابن الزبير لما طلب منه أصحابه أن يستسلم ويبايع عبد الملك بن مروان ليقره على ولاية العراق ويزيد في عطائه قال لهم لقد بذل للحسين يوم الطف أضعاف ما بذل لي فأجابهم والله لا أعطي بيدي إعطاء الذليل ولا أقرّ إقرار العبيد وإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما.

الفائدة الخامسة

إن البكاء والاستعبار بعد الفاجعة مما يروّح عن النفس وينفس عن القلب وتجّر العين عن البكاء مما يجعل عقدة في النفس ذكر الشيخ عبد الرضا آل كاشف الغطاء النجفي في كتابه الأنوار الحسينية إن دموع العين لو لم تخرج من الأجفان لاعتلّت وذهب نورها.

مقولات في الإمام الحسين عليه السلام:

محمد جناح مؤسس باكستان  :

لا يوجد في العالم مثال للشجاعة أفضل مما أبداه الإمام الحسين من تضحية وإقدام وأعتقد أنه يجب على كافة المسلمين اقتفاء أثر هذا الشهيد الذي ضحى بنفسه على أرض العراق.

واشنطن ايرونيك المؤرخ الأمريكي :

كان من الممكن للحسين أن ينقذ حياته بالاستسلام ليزيد إلا أن مسؤولية الإمام وثورته لا تسمح له بالاعتراف بخلافة يزيد فأعد نفسه لتجرع الآلام والغصص من أجل إنقاذ الإسلام من مخالب بني أمية.

غاندي مصلح الهند :

أنا لم آت بشيء جديد لأبناء الهند وما قدمته للشعب الهندي هو عصارة الدراسات والأبحاث التي أجريتها حول تاريخ حياة أبطال كربلاء فإذا أردنا تحرير الهند فما علينا إلا سلوك الطريق الذي سلكه الحسين بن عليّ.

مارتن الكاتب الألماني : وصفاً لمآتم الحسينية بأنها من أهم الأسباب لتقدم المسلمين إن هم أحسنوا تنظيمها والاستفادة منها:

اللهم صل على صاحب المصائب المتفاقمة والكروب المتعاظمة الذي بكت لمصرعه السماء دماً وأُقيم له فوق الطباق مأتماً قتيل الأدعياء وبعيد المرتمى  من قضى بغلّتهِ والضَماء صاحب المودة والقربى  وخامس أهل العباء ابن الأُذنِ والعين ودُرّة مرْجِ البحرين الفضة ابن الذهبين والكوكب ابن القمرين والإمام ابن الإمام أخي الإمام أبي الأئمة التسعة سبط رسول الله صلى الله عليه وآله أبي عبد الله الحسين صلوات الله وسلامه عليه.

إقامة العزاء على الإمام الحسين عليه السلام

المتأمل في النصوص المعصومة يجد إن وسيلة الحسين عليه السلام هي الدواء الناجع لكل الشدائد فإقامة العزاء والبكاء واللطم على سيد الشهداء عليه السلام وزيارته هي السفينة التي ينجو من ركبها من أمواج الفتن والضلال لتوصله إلى شاطئ الأمان وبر الاطمئنان ومن حيث المبدأ القرآن الكريم يعتبر الاحتفال بذكريات الأصفياء والأولياء والأنبياء من جملة الشعائر وأنها من تقوى القلوب فهذه الشعائر تذكرنا بالله عز وجل فالاحتفالات بالذكريات الدينية فيها تخليد للإسلام وفيها إظهار عزّ الإسلام ومن أفضل التوفيقات في كل زمان لأهل كل زمان الوفاء بالعهد للنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام والوفاء بالعهد لإمام الزمان وموالاة أوليائه ومعادة أعدائه ومن أفضل التوفيقات عملاً في كل زمان أن يكون المرء من الأمة التي تخدم سيد الشهداء عليه السلام وتشيع ذكره بين الناس وتشيع الاعتقاد الحق عنه ينقل العلامة المجلسي عن النبي صلى الله عليه وآله لمّا أخبر النبي صلى الله عليه وآله ابنته فاطمة عليها السلام بقتل ولدها الحسين عليه السلام وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة عليها السلام بكاءاً شديداً وقالت يا أبت متى يكون ذلك قال صلى الله عليه وآله في زمان خال منيّ ومنك ومن علي فاشتد بكائها وقالت يا أبت فمن يبكي عليه ومن يلتزم بإقامة العزاء له فقال النبي صلى الله عليه وآله يا فاطمة إن نساءاً من أمتي يبكون على نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي ويجدّدون العزاء جيلاً بعد جيل في كل سنة فإذا كان يوم القيامة تشفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال وكلّ من بكى منهم على مصاب الحسين عليه السلام أخذنا بيده وأدخلناه الجنة يا فاطمة كل عين باكية يوم القيامة إلا عين بكت على مصاب الحسين عليه السلام فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة .

كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة

لإمامنا المظلوم أبو عبد الله الحسين عليه السلام خصوصية لمصيبته وليس المقصود بهذه الخصوصية عن آبائه وأبنائه صلوات الله عليهم أجمعين في الطينة والنورية وإنما خصوصيته التي يتميّز بها والحيّثّية التي تنفرد له عليه السلام لمصيبته وشهادته كآخر أصحاب الكساء كما يفسّرها النص الشريف الذي ينقله الشيخ الصدوق قدس سره في كتابه علل الشرائع عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال سألت الإمام الصادق عليه السلام قلت يا بن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغمّ وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله واليوم الذي ماتت فيه فاطمة عليها السلام واليوم الذي قتل فيه الحسن عليه السلام بالسمّ فأجابه إمامنا الصادق المصدّق عليه السلام فقال إن يوم الحسين عليه السلام أعظم مصيبة من جميع سائر الأيام وذلك أن أصحاب الكساء الذي كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة فلما قبض عنهم النبي صلى الله عليه وآله بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فكان فيهم للناس عزاء وسلوة فلما مضت فاطمة عليها السلام كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين عزاء وسلوة فلما مضى منهم أمير المؤمنين عليه السلام كان للناس في الحسن والحسين عليهم السلام عزاء وسلوة فلما مضى الحسن كان للناس في الحسين عليه السلام عزاء وسلوة فلما قتل الحسين عليه السلام لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة فكأن ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم فلذلك صار يوم مصيبته أعظم الأيام مصيبة وهو نفس المعنى الذي أشارت إليه عقيلة بني هاشم الصديقة زينب الصديقة الصغرى زينب عليها السلام بقولها عندما سمعت إمامنا الحسين عليه السلام ينعى نفسه وهو يردد الأبيات ليلة العاشر من المحرم وهو يصلح سيفه :

يا دهر أفٍ لك من خليل                    كم لك من الإشراق والأصيل

لمّا سمعته عليها السلام يردّد هذه الأبيات عرفت أنه ينعى نفسه فقالت واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ماتت أمي فاطمة وابي علي وأخي الحسن يا خليفة الماضين وثمال الباقين.

شعائر الإمام الحسين عليه السلام شبهات وردود

ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

كل نظام في الدنيا سواء كان سماويا أو أرضيا ينقسم إلى قسم ينظم سلوك الناس النظام التشريعي  المعاملات وهناك قسم آخر لا بدّ منه وهو يسمى بإصلاح الشريعة وباصطلاح القانون المراسيم ومن مراسيم الدولة مثلا رفع العلم أو التحية العسكرية وهذه مراسيم أو مظاهر قانونية وفي الشريعة الإسلامية الشعائر الموجودة تشمل العبادات بكاملها

ما هي الشعائر

هي جمع شعيرة وهي الوجود المقدس المشعر بالله عز وجل مرّة تكون الشعيرة بشكل شخصي يكون هو شعيرة مقدسة مثل شخصية المصطفى محمد صلى الله عليه وآله لأنه يمثل كلمة السماء في الأرض وكذلك أئمة أهل البيت عليهم السلام والقرآن الكريم كذلك يعتبر شعيرة من الشعائر وكذلك الصفا والمروة ومزدلفة وهذه كلها شعائر فالإهانة لهذه الشعائر إهانة للدين ذكرى الحسين عليه السلام وموقف الحسين شعيرة من شعائر الله لإنه يشعر بالله عز وجل.

إحياء هذه الشعائر ومصادرها .

أولاً الحديث عن الحسين عليه السلام

الحديث عن الحسين عليه السلام حديث عن إمام من أئمة الدين كما هو في  حديث رسول الله صلى الله عليه وآله إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإمام الدين دوامه بدوام الدين فهو حديث خالد إلى يوم القيامة ونحن عندما نحي ذكرى الحسين عليه السلام ونبكي عليه لا لأنه دم ولحم سال الدم على الأرض وتقطع اللحم إنما نمجد الحسين عليه السلام فكرة نحتفل بالحسين عليه السلام لأنه إسلام يريد أن يتجسد على وجه الأرض ولكن حيل بين هذا  الإسلام وبين تجسده وإصرار المسلمين سنوياً من باب المثال على تكرير الاحتفال لاهجرة هو نفس العامل الذي جعلنا نصر على الاحتفال بهجرة الحسين عليه السلام وهل الحسين إلا نسخة طبق الأصل من جده تكرار الاحتفال بالهجرة باعتبار الهجرة حركة روحية واجتماعية لا حركة مكانية فدافع النبي صلى الله عليه وآله من الهجرة كان هو غرس شجرة العقيدة التي ما قدّر لها أن تنمو في مجتمع صلب لابد من نقلها إلى مجتمع آخر يملك مقومات النمو كذلك الحسين عليه السلام اضطر أن ينقل النهضة من الحجاز إلى العراق لنفس السبب.

 ثانياً استمرار البكاء على الحسين عليه السلام

 ورد في ثواب البكاء على الحسين استمرار روايات كثيرة عن طريق المسلمين فالبكاء على الإمام الحسين عليه السلام ليس كحادثة لأن النبي صلى الله عليه وآله بكا على الحسين قبل الحادثة بسبع وخمسين سنة ساعة ميلاد الحسين عليه السلام والجدير بالذكر أنه أول مأتم أقيم على سيد الشهداء تقول أسماء بنت عميس لمّا ولد الحسين جاءني النبي صلى الله عليه وآله فقال يا أسماء هاتي إبني فدفعته إليه في خرقة بيضاء فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ثم وضعه في حجره وبكى قالت أسماء فقلت له فداك أبي وأمي ممّ بكاؤك قال صلى الله عليه وآله على إبني هذا فبهرت أسماء وراحت تقول إنه ولد الساعة.

قال صلى الله عليه وآله يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي.

وهناك رواية أخرى عن عائشة أنها قالت دخل الحسين بن علي ّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يوحى إليه فترا على رسول الله وهو منكب فقال جبريل أتحبه يا محمد قال ومالي لا أحب إبني قال فإن أمتك ستقتله من بعدك فمدّ جبرئيل عليه السلام يدة فأتاه بتربة بيضاء فقال في هذه الأرض يقتل إبنك هذا واسمها الطف فلما ذهب جبرئيل من عند رسول الله صلى الله عليه وآله والتربة في يده وهو يبكي فقال يا عائشة إن جبرئيل أخبرني أن ابني حسيناً مقتول في أرض الطف وأن أمتي ستفتن بعدي ثم خرج إلى أصحابه وفيهم عليّ وأبي بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو ذر وهو يبكي فبادروا إليه قائلين ما يبكيك يا رسول الله قال أخبرني جبرئيل أن إبني الحسين يقتل من بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة وأخبرني أن فيها مضجعه.

ويقول أحد علماء الشافعية في كتاب كفاية الطالب للنكحي الشافعي

إذا ذكر الحسين فأي عيـــــن                  تصون دموعها صون احتشام

بكته الأنبـــياء وغير بدع بأن                 يبكي الكرام على الكـــــــــرام

ثالثاً زيارة مراقد الأئمة عليهم السلام

 إن زيارة المراقد المعظمة فيها  تعظيم لشعائر الله تعالى واعتراف بما أسداه الأئمة الطاهرون من الخدمات العظمى للإسلام فزيارة قبورهم تكريم للمبادئ والمثل العليا وتقدير لجهودهم الجبارة التي بذلوها في خدمة الإسلام كما تعود على الزائرين بالخير العميم لأنها تقربهم إلى الله زلف وتدعوهم إلى الإقتداء بسيرة الأئمة الطاهرين عليهم السلام التي هي نفحة من رحمات الله وعلى أي حال فإن من المحقق مشروعية زيارة مراقد الأئمة عليهم السلام ويدل عليه ما روته عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله كان يخرج إلى البقيع ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وآتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا بكم غدا إن شاء الله لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد.

وكانت سيدة نساء العالمين زهراء الرسول عليها السلام تزور قبر عمها سيد الشهداء حمزة في كل جمعة فتصلي وتبكي عنده

رابعاً تقبيل الأضرحة

تقبيل الذهب  أو الفضة الموضوعة على الأضرحة المقدسة ليس تقبيلاً لها وإنما هو تقبيل لما ضمته من الأجسام الطاهرة التي حملت رسالة الإسلام وجاهدت كأعظم ما يكون الجهاد في إعلاء كلمة الله  شأنها شأن تقبيل غلاف المصحف الكريم الذي يضم كتاب الله العظيم من دون أي فرق بينهما ولا أعتقد أن أحداً يذهب إلى تقبيل غلاف المصحف كفر وإلحاد وعلى أي حال فإن تقبيل الشيعة لأضرحة أئمتهم إنما هو تعظيم لتلك الذوات المقدسة وفي ذلك تعظيم لشعائر الله تعالى وهناك روايات كثيرة في هذا الباب يستدل بها على جواز ذلك أذكر منها على سبيل المثال : أن أبا أيوب الأنصاري وضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وآله المبارك وأن بلالاً جعل يبكي ويمرّغ وجهه على تراب القبر الشريف.

خامساً لطم الصدور على الإمام الحسين عليه السلام

أصل الأشياء على الإباحة عند عدم وجود نصّ على الخلاف وعلى مدّعي الحرمة لإقامة الدليل عليها

ما ورد من الروايات في جواز الجزع لمصيبة الحسين عليه السلام

هذا والسيدة عائشة قد لطمت صدرها عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله عن ابن اسحق قال حدثني يحي بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال سمعت عائشة تقول مات رسول الله صلى الله عليه وآله بين سحري ونحري وفي دولتي لم أظلم فيه أحد فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله صلى الله عليه وآله قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت ألتدم أضرب صدري مع النساء وأضرب وجهي فإذا كان قد جاز اللطم على رسول الله فإنه جائز على الحسين عليه السلام لأن الحسين عليه السلام من النبي كما في قوله صلى الله عليه وآله حسين منّي وأنا من حسين فاللطم مباح ذاتاً ومستحب تأسياً بالحسين عليه السلام ومواساة له الذي داست الخيل على صدره ولعبت عليه ميدانا وهو قد قدّم روحه من أجل حفظ الشريعة وحفظ رسالة النبي فمن ذا يشك ويرتاب في رجحان مواساة أهل بيت الرحمة وسفن النجاة والتآس بهم في الأفراح والأتراح والضراء والسراء أو من ذا يشك أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد لطموا في فاجعة الطف وجوههم لدموا صدورهم وقرح البكاء خدودهم وعيونهم وقد روى الصدوق أن دعبل لما أنشد الرضا عليه السلام تائيته المشهورة التي فيها إذا للطمت الخد فاطم عنده لطمت النساء وعلا الصراخ من وراء الستر وبكى الرضا عليه السلام في إنشاد القصيدة حتى أغمي عليه مرتين فإذا جاز للرضا عليه السلام والمعروف عند المسلمين بعالم آل محمد أن يتعرض لسبب الإغماء الذي هو أخ الموت فلماذا لا يجوز لشيعته ذلك وصادق أهل البيت عليه السلام الذي قال عنه آلاف العلماء ما رأت عين أعلم من جعفر بن محمد يقول عليه السلام على مثل الحسين فلتشق الجيوب ولتخمش الوجوه ولتلطم الخدود.

بحث علمي موجز

هل أن الله تعالى خلق الحسين وأصحابه للاستشهاد وابن سعد وشمرا للقتل?

هل أن هذه الواقعة كانت في علم الله هل الأنبياء على علم بها?

هل حقا أن الإمام كان يعلم بأن لا مصير له سوى الشهادة ولا بدّ من ان يقتل بدون شك فإذا كان الإمام يعلم بأنه سوف يقتل أو أن فلانا قاتله أو أنه سيقتل في المكان الفلاني ألا يمكن تغيير هذا الأمر إن الأمر كذلك ما هو معنى خروج الإمام عليه السلام من المدينة ليلاً إرسال الكتب طلب النصرة إرسال السفير وأخيرا إذا كان الإمام يعلم أن هذا الطريق يؤدي إلى كربلاء وسيستشهد فلماذا يذهب ?

تعود خلاصة هذه العبارات إلى سؤالين هما

هل أن النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام يعلمان أحداث العالم المستقبلية?

هل يمكن أن تتغير الواقعة التي يعلمها النبي أو الإمام وإذا كانت قابلة للتغيير فكيف تفسر إجراءاتهم ?

في الجواب على السؤال الأول لا بد من القول أن للنبي والإمام في نظر الشيعة علمين

الأول هو العلم الطبيعي المعتاد الذي يتوفر لدى كل فرد ويختلف حسب اختلاف درجات الحياة الشخصية والثاني  هو العلم الذي نعبر عنه بالعطاء الإلهي أي العلم الذي يحصل في ظل الاتصال المباشر مع علم الله وينقطع بانقطاعه.

إن علم الأنبياء والأئمة عن الوقائع الماضية والمستقبلية يكتسب صفة العلم الغيبي من خلال الاستفادة من هذا الاتصال والعلم الإلهي وعليه فإن الروايات والأحاديث التي وردت في باب علم النبي والإمام صحيحة وكذلك المطالب التي أدلى بها الحسين عليه السلام حول مستقبل الوضع في كربلاء فإنها صحيحة أما الرد على السؤال الثاني فلابد من التوجه نحو العم الإلهي.

السؤال هنا هل أن الله كان يعلم ابن سعد وشمراً سيقتلان الحسين بن علي ولكن من باب الاختيار أم الإجبار والحسين عليه السلام وأصحابه سيقاومون في كربلاء وأنهم سيقتلون ولكن من باب الإجبار أم الاختيار .لا مجال للبحث حول الجبر والتفويض هنا ولكي نثبت عن طريق الدليل العلمي أن الإنسان مخيّر في الأعمال الإرادية ولكن من خلال القليل من الإدراك يتضح الجواب وأن الحسين عليه السلام وأصحابه وابن سعد وشمر كانوا مختارين فالطرفان جاءوا من باب الإرادة والاختيار ولهذا فهم خضعوا للثناء والاستنكار ولهم الثواب وعليهم عقاب على هذا الأساس فإن الله يعلم بأن الطرفين سيفعلون هكذا باختيار ولا يجبر العلم الإلهي بهذا الاختيار أي جانب أي أن إمكانية التغيير في نفس العمل باقية كما أن العلم الإلهي لا يختلف يمحو الله ما يشاء ويثبت بناء على هذا فلو بحثنا واقعة كربلاء من ناحية العم الإلهي ونتفحص الروايات المتعلقة بها فإننا لم نكن مخطئين وإذا بحثنا بحثنا من خلال المجريات الطبيعية وصورتها الظاهرية التي تتناسب مع الإدراك العام فإننا لن نكون مخطئين أيضاً لهذا نكون قد درسنا هذه الواقعة من خلال الحسابات البسيطة الطبيعية وعن طريق السبل المعتادة والعادية كي نرى نتائجها من خلال هذه الرؤية ونتخذها درساً لنا في حياتنا اليومية.

في زيارة الأموات من المسلمين

زيارة الأموات من المؤمنين والأنبياء والمرسلين مندوبة إجماعاً قال صلى الله عليه وآله وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها وعن سليمان بن بردة الأسلمي رضي الله عنه  قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلم أصحابه إذا خرجوا إلى المقابر كيف يقولون فهو دليل على مشروعية زيارة القبور مطلقاً وزيارتها على ثلاثة أقسام الأول زيارة الأكابر من الأحياء للأكابر من الأموات فقد التزم أكابر الأحياء الأدب مع الأكابر من الأموات والدعاء عند قبورهم ومن ذلك ما ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم زار الأنبياء ليلة أسري به في قبورهم وجبريل عليه السلام أمامه يدله على ذلك وكان يأمره بالنزول من فوق مركوبه والصلاة عند قبر كل نبي عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام فالنزول عند القبر أدب مع صاحبه وتواضع لأن الأدب والتواضع مع خاصته جل جلاله من عباده هو عين التواضع له تعالى والدعاء عند القبر اغتنام فرصة الخير كي لا يفوته عند إدراكه وذلك لتحقق الإجابة لأنها نفحة من نفحات الله عرضت عليه ارشده جبريل عليه السلام لذلك فربما لا يدركها مرة أخرى ولا يفعل جبريل عليه السلام ذلك إلا عن أمر الله تعلى وهذا دليل على سنية الأدب والدعاء عند قبور الصالحين وانه مستجاب هناك  ومن ذلك ما روى الحاكم أن فاطمة رضي الله عنها كانت تزور قبر عمها الحمزة كل  جمعة.

المصدر:alsafwa