عصر الاحلاف أم عصر التحالفات : دراسة في اتفاقية بوش - المالكي

 

 

الدكتور وليد سعيد البياتي

 

 

القديم الجديد:

في 23 - شباط -1955 وقع رئس وزراء العراق، نوري (باشا) السعيد، ورئيس وزراء تركيا، عدنان مندريس وثيقة عرفت (بحلف بغداد) تيمنا باسم العاصمة العراقية التي تم فيها التوقيع. فقد انشات الحكومة البريطانية حلف بغداد الذي تم بموافقة ورعاية الولايات المتحدة الامريكية التي كانت قد بدأت بتشكيل امبراطوريتها الخاصة على اثر نهاية الحرب العالمية الثانية التي كان للولايات المتحدة الدور الكبير في تحقيق انتصار الحلفاء فيها بعد قصف كل من هيروشيما وناغازاكي بالقنابل الذرية لاول مرة في التاريخ البشري. فقد ظهر حلف بغداد تحت حجة مقاومة المد السوفياتي وايجاد جدار عازل مكون من عدد من الدول لايقاف التوسع الشيوعي.

ضم حلف بغداد بالاضافة الى العراق وتركيا كل من إيران وباكستان، وقد سعت بريطانيا الى ضم كل من سوريا التي ابدت رفضا كاملا لفكرة الحلف، والاردن الذي كان موقفه مترددا وخاصة ان الملك حسين (ملك الاردن) يعد من اصدقاء بريطانيا المخلصين وكان اقرب الى الانظمام لكتلة حلف بغداد.يلاحظ في تاريخ العلاقات العراقية البريطانية ان حلف بغداد ظهر والامبراطورية البريطانية تفقد انفاسها الاخيرة، مما يؤكد انها كانت احدى المحاولات لاكساب الامبراطورية العجوز جرعة حياة، أو لتكون مجرد دفعة الى الامام وهي تعيش خريفها وبقايا العصر الاستعماري.

لاشك ان حلف بغداد كا سيضمن مساعدة بريطانيا لهذه الدول للحفاظ على كياناتها ولضمان عروشها من الانهيار. ولكن مالذي كان يمكن ان تقدمه هذه الدول لحليفها الكبير؟ فبريطانيا ارادت وقتها ان تصبح هذه الدول منطلقات لامبراطورية جديدة تضمن السيطرة الكلية على الثروات في ظل عالم متغير ظهرت معالمه بعد الحرب الثانية لقد انهارت الامبراطورية العجوز لتحل محلها دولة فتية استعملت قوتها الذرية لاول مرة في اعلان عام سيكون درسا مستقبليا لكل من يحاول ان يتجاوز احلام واشنطن في الهيمنة الدولية. وهنا يطرح المؤرخ الامريكي (إريك هوبسبوم) تساؤلا منطقيا فيقول: " هل تسعى الولايات المتحدة لقيادة العالم أم للسيطرة عليه " ؟ فالفراغ السياسي الدولي الذي احدثته الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومته الاشتراكية فرض نظرية القطب الواحد الذي سعى الى تحقيق ما بات يعرف (بالعالم الجديد)، وهو عالم تحلم الامبراطورية الامريكية الحديثة الى ان يكون عالما يخفق وفق النبض الامريكي، وفي نفس الاتجاه تحدث مستشار الامن السابق الجنرال ( زبجينيو بريجينسكي) محللا الاتجاهات الامريكية الحديثة في السيطرة على العالم، وقد كان اكثر واقعية من الكثير من الساسة الامريكيين والاوربيين حين قال: " يجب على الولايات المتحدة ان لا تخلط بين قوتها والقوة اللامحدودة " . وأن كانت هذه النظرة تحمل شيئا من التشائمية تجاه المستقبل إلا ان الولايات المتحدة سعت الى ان تظهر للعالم بانها تملك القوة غير المحدودة، ولذا ادعت انه يجب على العالم الخضوع لمنهجها ورؤياها المستقبلية. ومن هنا حشدت الولايات حشودها لضرب طاغية العراق، ولتبعث رسالة مفادها انها قادرة على تكرار الفعل في كل مرة ستجد نفسها مضطرة لتكراره. وقد تم توجيه هذه الرسال ايضا للمحافل الاوربية التي وقف البعض منها في الجانب الرافض للحرب الامريكية. لقد اختارت الولايات المتحدة ان لاتبقى مجرد جزيرة كبيرة تمثل حلما للعالم الجديد، فدست بقوتها في الشؤون الدولية، مستغلة نقاط الضعف التي ظهرت بعد الحرب الثانية، وقد ساعدها على ذلك انها وطيلة اكثر من قرن وهي تنشيء نظاما داخليا متفردا، كما انها عملت على تركيز القوة الداخلية، واستيعاب النظريات السياسية والعلمية، حتى صارت نزعة الهيمنة جزءا من مناهج التفكير في مدارسها السياسية والحزبية، فحتى الامبراطوريات القديمة (الرومانية والصينية والبريطانية) لم تعرف تركيزا للقوة كالذي عرفته الولايات المتحدة. فكانت الحرب الباردة، والتنافس على الهيمنة الكونية عبر برامج الفضاء، والاقتصاد ثم القوة العسكرية الهائلة. قد وضعت واشنطن في مركز القرار الدولي قبل ان تتفرد بالقرار في اوائل التسعينات من القرن الماضي. لكن الباحث المتخصص سيجد ان قوة الولايات المتحدة ليست ذاتية بشكل مطلق بقدر ما هي نتاج لضعف الاخرين وتشتتهم. كما لم تكن 11 سبتمبر 2001 هي البداية في الظهور الكاسح للهيمنة الامريكية بقدر ما كانت احدى مفاتيح بوابات (نظرية العالم الجديد)، وتبريرا لفعل مستقبلي سيضع السياسة الدولية امام مواجهة ستكون بالتأكيد اكثر تأثيرا من ايقاعات الحربين العالميتين الاولى والثانية. فالولايات المتحدة لم تحتاج الى عقود زمنية لترتب اوراقها، ولا الى الكثير من المفاوضات لتبدأ المراحل المتقدمة من مشروعها العالمي الذي يسعى الى اخضاع الجميع وكان عليها ان تستغل تشتت وتباين القرار الاوربي ووقوف حكومة بلير الى جانبها اوربيا لضرب مراكز القوى الاخرى، ولما كان النظام الدكتاتوري في العراق قد اصبح من اكثر الانظمة فسادا وتهديدا للامن الدولي والاقليمي، فقد استغلت قيادات البيت الابيض وخاصة مجموعة (المحافظين الجدد) هذه التطورات لتسارع في خلق حالة من الخوف تجاه كل ما هو ليس غربي، من جهة وتجاه التطرف الاسلامي الذي اتسم بالكثير من العنف والابتعاد عن روح الاسلام من جهة أخرى. إن التداعيات الدولية وضعت اهم رماكز القوى الشرقية في مواجهة الهيمنة الامريكية، مثل إيران وكوريا الشمالية، وبعض مراكز القوى في امريكا اللاتينية، التي شعرت في نفس الوقت ان الهيمنة الامريكية لايمكن أن تستمر الى مالانهاية ومن هنا قررت خوض الصراع.

نظرية الرعب الاسلامي:

لعل نظرية الشرق الاوسط الجديد التي طرحتها الادارة الامريكية على لسان الرئيس الامريكي جورج بوش ترتكز على مقولة الباحث الامريكي المتطرف (دانيال بابيس) الذي طرح فكرة او نظرية (الرعب الاسلامي) وقد تطرق الى التطرف الاسلامي، والعلاقات الاسلامية السنية الشيعية، والشيعية الشيعية، وتعاطف شيعة العراق مع لبنان وايران، واثر ذلك على عملية الصراع والتحولات الدولية في المنطقة. وهنا حاول (بابيس) إثارة خوف المجتمع الغربي من ان تصبح القوى الاسلامية مصدر خطر حقيقي بالنسبة للسياسة الامريكية الداخلية الخارجية، وكان مثال 11- سبتمبر حاضرا في الذهنية العامة، حيث وقع الوعي الجمعي في دائرة الرعب من إمكانية تكرار الحدث مرة اخرى، وبسيناريوهات مختلفة زمانا ومكانا، حيث سعت مراكز البحوث الغربية عامة والامريكية الخاصة الى استغلال احتماليتها وتقديمها كواقع ممكن، وبالتالي صارت نظرية (الرعب الاسلامي) محلا للمزيد من البحث والتحليل.

في خضم هذه التحولات كان العراق تحت الحكم الدكتاتوري قد شكل في مرحلة ما أحد اهم مراكز الرعب في منظور الموقف الامريكي في رؤيا تعود الى اواخر الثمانينات وبداية التسعينات، فمن جانب يمكن ان تتحول التركيبة المذهبية والفكرية العراقية الى بؤرة صراع داخلية، ومن جانب آخر، يمكن استغلال هذه التركيبة لضرب مركز الرعب المتمثل (بايران) التي أظهرت بعد الحرب مع العراق قدرات هائلة على التطور البنيوي مستفيدة من انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية والتي كان للجمهورية الاسلامية دورا كبيرا في انهيارها.

في تلك المرحلة وضعت مراكز البحوث الاستراتيجية في الولايات المتحدة الكثير من الدراسات حول الدور المستقبلي للجمهورية الاسلامية كقوة عظمى في المنطقة، وكانت التقارير والنصائح تنهال على مراكز القرار الامريكي بضرورة تحصين منطقة الخليج ضد القوة الايرانية، وهكذا كانت صفقات الاسلحة بمليارات الدورلارات تنهال على المنطقة تدعمها التقارير الدولية في نشر الرعب من البركان الايراني القادم.

منهج الفوضى الخلاقة:

شكل مصطلح الفوضى الخلاقة قاعدة للدراسات التحليلية التي قام بها الباحث (مارك لوفاين) حول سياسية الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، ففي مقال له قال: " قبل اكثر من نصف قرن أستخدم الاقتصادي النمساوي (رودولف شومبيتر) مصطلح الدمار الخلاق ليشرح كيف تقوم الراسمالية بتحطيم الانظمة الاقتصادية والاجتماعية القائمة، وكيف تستفيد بعد ذلك من الانظمة الاقتصادية والاجتماعية التي تأتي مكانها ".

وفي 1988 استخدم الاقتصادي الامريكي (توم بيترز) مصطلح (الفوضى) في كتابه الشهير (الانتعاش من الفوضى) حيث اعتبر: " ان الفوضى والغموض هي فرصة تجارية للاغنياء، والرابحون في المستقبل هم الذين يتعاملون بنشاط مع الفوضى ". وقد شرح (لوفاين) كيف اعتنق بعض المفكرين ورجال السياسية من امثال ( بول فولفيوتز وصموئيل هانتغتون وروبرت كابلن) نظرية (بيترز) فبدأوا من اواسط تسعينات القرن الماضي بالتنظير من اجل حرب باردة جديدة وضرورة صراع الحضارات بين الاسلام والليبرالية الغربية في ضوء مساحة من الازمات الدولية المفتعلة.

وعلى اثرها وفي سنة 1995 صدر تقريرمن البنك الدولي يشير الى: ( ان تحديث الشرق الاوسط يحتاج الى مرحلة من الاهتزاز والتوتر الاقتصادي والسياسي والفكري حتى تتمكن المنطقة من التاقلم مع النظام العالمي الجديد) . وكنت قد كتبت في منذ اواسط التسعينات، وبعدها في اواخر التسعينات حول الصراع بين النظام الليبرالي والاسلام في ضوء الردود حول نظرية (فوكو ياما) القائلة بنهاية التاريخ من منظور غربي، حيث ادعى ان النظام الليبرالي يؤشر نهاية التاريخ وفق الفلسفة الغربية.

في تطبيقها لافكار (بيترز) سعت الادارة الامريكية بقيادة المحافظين الجدد ألى ايجاد ارضية اجتماعية تنحو منحا فكريا متطرفا لتبدا على جغرافيتها التجارب التطبيقية لعقيدة الفوضى، و من ثم دراسة النتائج المترتبة على التطبيق وفق منهج زمني متحرك (غير محدود) على الرغم من انها ادعت تحديد زمن ما لبحث نتائج الفعل، كما حدث في فغانستان ثم والمجيء برئيس يمكن ان يطبق السياسة الامريكية وفق معطيات والنتائج، اي ان حركة الفوضى يمكن ان تمثل قاعدة المعطيات (Data)، ووفق هذه الفكرة تصبح 11/سبتمبر جزء من هذه المعطيات، أي أنها نتاج للعقل الامريكي الساعي الى تطبيق نظرية الفوضى الخلاقة، بل ان التقارير والدراسات التحليلية للسنوات الاخيرة تشير بشكل واضح ودقيق الى دور الاستخبارات الامريكية في تحقيق الحدث. فكانت عملية التدمير لبرجي التجارة وإثارة الكثير التداعيات بعدها لخلق مساحة اكبر من الفوضى قادت الى ساحة تجارب اخرى (افغانستان) وهذه كانت اساسا لعمليات العراق.

تحالف؟

في ضوء النقاط التي وردت في اتفاقية (المالكي- بوش) نجد ان الولايات المتحدة ستقدم الكثير للعراق، بل انها ستبدو بمثابة الام الحنون، لكن العلاقة بين العراق والولايات المتحدة من منظور سياسي لايتخذ شكلا عاطفيا، فالتباين التاريخي والفكري والاجتماعي من الاتساع بيحث لايمكن اعتبارها علاقة مشتركة (إلا اذا اعتبرنا حالة الاحتلال علاقة)، وهي أيضا ليست علاقة متوازية، ففي واقع الظروف السياسية والاقتصادية الحالية لايمكن ترجيح كفة العراق، حيث ان الولايات المتحدة قد دفعت بكل الكيانات السياسية والفكرية الى خوض تجربة الفوضى، وحيث ان هذه الفوضى تقع على الساحة العراقية، فان المستفيد ليس من نتائج الفوضى بالتاكيد لن يكون العراق، باعتبار ان قواعد النظرية تقول ان جهة ما ( وهنا هي الولايات المتحدة) تصنع الفوضى في جانب ما (العراق) لتصب الفائدة في مصلحة الجهة التي صنعت الفوضى (الولايات المتحدة) وهو منهج نظرية (بيترز)، فالعراق لم يكن عنصرا فاعلا في العملية منذ البداية، وهو ما عبرنا عنه بان الساسة العراقيين الذين تصدوا للعملية السياسية (لم يكونوا يحملون مشروعا ساسيا ما)، وهو ما جرى على لسانهم منذ بداية احتلال العراق، بل ان هذا الكلام جرى قبل عملية احتلال العراق وكنت شاهدا شخصيا على ما جرى من كلام، بل اني املك العشرات من شهود العيان على هذا الكلام الصادر عن رجال سياسة حكموا في مجلس الحكم ولايزالون داخل العملية السياسية. ولكي يتسم البحث بالمزيد من المصداقبة فالنقرأ نص العربي للاتفاقية التي تقول: ( واشنطن IMC )

في ما يلي نص إعلان المبادىء لعلاقة طويلة الأمد من التعاون والصداقة بين جمهورية العراق والولايات المتحدة كما أكد القادة العراقيون في بيانهم الموقع في 26 آب/أغسطس، 2007، وتبناه الرئيس بوش، تلتزم حكومتا العراق والولايات المتحدة بتطوير علاقة طويلة الأمد من التعاون والصداقة كدولتين كاملتي السيادة والاستقلال لهما مصالح مشتركة. وهذه العلاقة ستخدم مصلحة الأجيال القادمة على أساس التضحيات البطولية التي قدمها الشعب العراقي والشعب الأميركي من أجل عراق حر، ديمقراطي، تعددي، فدرالي، وموحد وتتضمن علاقة التعاون التي تتصورها جمهورية العراق والولايات المتحدة مجموعة من القضايا، في مقدمتها التعاون في الحقول السياسية، الاقتصادية، الثقافية، والأمنية، مع أخذ المبادىء التالية بعين الاعتبار:

أولا: المجالات السياسية، الدبلوماسية، والثقافية

- دعم جمهورية العراق في الدفاع عن نظامها الداخلي ضد التهديدات الداخلية والخارجية.

- احترام ودعم الدستور باعتباره التعبير عن إرادة الشعب العراقي والوقوف في وجه أية محاولة لعرقلته، أو تعطيله، أو انتهاكه.

- دعم جهود جمهورية العراق لتحقيق مصالحة وطنية بما في ذلك ما جرى تصوره في بيان 26 آب/أغسطس.

- دعم جهود جمهورية العراق لتعزيز مركزها في المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية كي تستطيع أن تلعب دورا إيجابيا وبناءا في المنطقة والعالم.

- التعاون بصورة مشتركة مع دول المنطقة على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ورفض استخدام العنف لحل النزاعات، وتبني الحوار البناء لحل المشاكل العالقة بين مختلف دول المنطقة.

- ترويج الجهود السياسية لإنشاء علاقات إيجابية بين دول المنطقة والعالم، مما يخدم الأهداف المشتركة لجميع الأطراف ذوي العلاقة في صورة تعزز أمن واستقرار المنطقة، وازدهار شعوبها.

- تشجيع التبادل الثقافي، والتعليمي، والعلمي بين البلدين.

ثانيا: المجال الاقتصادي

- دعم نمو العراق في مختلف الحقول الاقتصادية، بما فيها طاقته الإنتاجية، والمساعدة على تحوله إلى اقتصاد السوق.

- تشجيع جميع الأطراف على التقيد بالتزاماتهم كما نص عليه العقد الدولي مع العراق.

- دعم بناء مؤسسات العراق الاقتصادية وبنيته التحتية بتوفير مساعدة مالية وتقنية لتدريب وتطوير كفاءات وقدرات المؤسسات العراقية الحيوية.

- دعم المزيد من اندماج العراق في المنظمات المالية والاقتصادية الاقليمية والدولية.

- تسهيل وتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية على العراق، خصوصا الاستثمارات الأميركية، للمساهمة في إعادة تعمير وبناء العراق.

- مساعدة العراق على استعادة الأموال والممتلكات التي أخرجت بصورة غير مشروعة، خصوصا تلك التي هربتها عائلة صدام حسين والمتعاونون مع نظامه، فضلا عن القطع الأثرية والمواد ذات التراث الثقافي التي جرى تهريبها قبل وبعد 9 نيسان/إبريل، 2003.

- مساعدة جمهورية العراق في الحصول على إعفاءات من ديونه والتعويضات [التي تطالب بها بعض الجهات] عن الحروب التي شنها النظام السابق.

- دعم جمهورية العراق للحصول على شروط تجارية إيجابية وتفضيلية للعراق في السوق العالمية بما في ذلك الانتساب إلى منظمة التجارة العالمية ووضع الدولة الأكثر تفضيلا مع الولايات المتحدة.

ثالثا: المجال الأمني

- توفير ضمانات والتزامات أمنية لجمهورية العراق لمنع أي اعتداء خارجي على العراق ينتهك سيادته وسلامة أراضيه، أو مياهه، أو مجاله الجوي.

- دعم جمهورية العراق في جهودها لمكافحة جميع الجماعات الإرهابية، وفي مقدمتها القاعدة، والصداميون، وجميع الجماعات الخارجة على القانون بصرف النظر عن انتمائها، وتدمير شبكاتها اللوجستية ومصادر تموينها، ودحرها واجتثاثها من العراق. وهذا الدعم سيوفر تمشيا مع آليات وترتيبات سيجري تأسيسها في اتفاقات التعاون الثنائي المذكورة في هذه الوثيقة.

- دعم جمهورية العراق في تدريب، وتجهيز وتسليح القوات الأمنية العراقية لتمكينها من حماية العراق وشعبه، وإكمال بناء أنظمتها الإدارية، وفقا لطلب الحكومة العراقية.

إن الحكومة العراقية، تأكيدا منها لحقوقها الثابتة بموجب قرارات مجلس الأمن القائمة ستطلب تمديد انتداب القوة المتعددة الجنسيات في العراق وفقا للفصل السابع للأمم المتحدة لمرة أخيرة. وكشرط لهذا الطلب، عقب انتهاء التمديد المذكور أعلاه، سينتهي وضع العراق بموجب الفصل السابع وتصنيفه كتهديد للسلام والأمن الدوليين، وسيعود العراق إلى الوضع القانوني والدولي الذي كان يتمتع به قبل صدور قرار مجلس الأمن رقم 661 (في آب/أغسطس، 1990)، مما يعزز الاعتراف ويؤكد كامل سيادة العراق على أراضيه ومياهه، وفضائه الجوي، وسيطرته على قواته وإدارته لشؤونه مع أخذ المبادىء التي نوقشت أعلاه في الاعتبار، ستبدأ المفاوضات الثنائية بين جمهورية العراق والولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن بهدف تحقيق اتفاقات بين الحكومتين بالنسبة إلى المجالات السياسية، الثقافية، الاقتصادية، والأمنية، قبل 31 تموز/يوليو، 2008.

( رئيس الولايات المتحدة الأميركية . رئيس وزراء جمهورية العراق /  جورج دبليو. بوش .  نوري كامل المالكي )

نلاحط ان الاتفاقية لاتشير الى طبيعة ما سيقدمه العراق للولايات المتحدة كجزء من هذه العلاقة، فاذا كانت العلاقة تبادلية وهذاما نصت عليه ديباجة مباديء الاتفاق فيجب على الجانب العراق ان يبدي مساهمته، فالولايات المتحدة قد حددت انها ستتبنى مساعدة الجانب العراقي بتقديم المساعدات والتعهدات في الجوانب السياسية والاقتصادية والعلمية اضافة الى الجوانب الامنية كما ظهر في بنود الاتفاقية المنشورة اعلاه، والان سيطح تساؤل يقول: مالذي تجنيه الولايات المتحدة من كل هذه المساعدات التي تقدمها للعراق وللحكومة؟ هل سيتعلق بالجانب الاقتصادي (اي النفط والصفقات الدولية، والشركات الاستثمارية الامريكية التي ستجد في العراق ارضا خصبة)، هل سيقدم العراق بالمقابل مساحات من الارض لتكون (قواعد عسكرية دائمة في العراق) خاصة ان الرئيس جلال الطالباني قال: " انه لايجد مانعا من بقاء ثلاثة قواعد امريكية في العراق واحدة في الشمال واخرى في الوسط وثالثة في الجنوب ". بل انه يجد ان هذا هو الحل الافضل لفرض الامن. وهنا نقول هل سيصبح العراق (شرطي المنطقة)؟ ففخامة المالكي لم يقل لنا ما هو الدور الذي يفترض أن يلعبه العراق بعد خروج قوات الاحتلال؟ أضافة الى انه لم يخبرنا من هم القادة العراقيون الذين وقعوا البيان الصادر في 26- آب - 2007 واذا كان البيان قد صدر قبل اربعة اشهر فلماذا تاخر الاعلان عنه ليذاع الان؟ ثم ما هو رأي البرلمان في هكذا اتفاقية؟ ولماذا لم يتم الاستفتاء عليه من قبل كافة طوائف الشعب؟ لماذا يراد تمريره دون اخذ موافقة الملايين من ابناء العراق؟ وليس اخرا، ما مصلحة رجل الشارع في ان يجد ارضه قد تحولت الى قواعد عسكرية؟

يعرف اصحاب الاختصاص في المناهج السياسية الدولية ان ثمة فروقا جوهرية بين صيغة (الاحلاف) ، و(التحالفات) والاتفاقية الممهورة بتوقيع الرئيس الامريكي (جورج دبليو بوش) ورئيس وزراء جمهورية العراق (نوري المالكي) تصنف في باب (الاحلاف) وما ذاك الا بسبب التباين الكبير بين قدرات الولايات المتحدة كقطب سياسي اوحد، وبين العراق الذي اخضعته إدارة واشنطن لتجارب نظرية (الفوضى الخلاقة)، وقد يصبح الدعم الوحيد الذي يقدمه العراق للولايات المتحدة هو ان تتحول ارض العراق الى خطوط خلفية للقطعات العسكرية الامريكية في حربها ضد الجمهورية الاسلامية (أيران)، وهو ما تسعى اليه الولايات المتحدة وفق منهج عسكرة منطقة الخليج، وصفقات الاسلحة الهائلة التي تجاوزت عشرات مليارات الدولارات.

إن مقارنة هذه الاتفاقية بحلف بغداد تجعل هذا الاخير يبدو كلعبة صغار، بل ان العراق في عصر حلف بغداد لم يكن يتجاوز فكرة ان يصبح مخيما بسيطا لفرقة بريطانية لاتملك قدرات عسكرية هائلة. اما الان فان عسكرة المنطقة اصبحت تتجاوز قدرات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وبالتالي فان الانفجار الناتج سيكون مدمرا، وهو ما تسعى اليه الادارة الامريكية، اذ ام من حسابات (نظرية الفوضى الخلاقة) ان تصبح النتائج تعبيرا عن توالد الفوضى بشكل مستمر، وغير منضبط ليبدو في النهاية كمجموعة من الخلايا السرطانية تتوالد لتشكل نسيجا سرطانيا يحمل قوة تدميرية عالية.

وكل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:almarsad