المتغيرات السياسية.. بين الإنجاز و الإشكال

 

 

خالد شاتي

 

 

سياسية في العالم لا تستمر بوتيرة واحدة من حيث الرؤى أو المواثيق أو الاتفاقات بل تتغير بتغير المصالح والمكاسب لهذه القوى أو تلك مع ان بعض الظروف أ و المتحركات التي ربما تشترك في تغيير الخارطة السياسية لهذا كل تجربة البلد أو ذاك وحتى تعتمد القوى سياسة يمكن لها إن تصمد بوجه تلك المتغيرات التي ربما لو لم تعد لها خططا بديلة تعصف بكل مقدرات وإنجازات تلك القوى إذا لم تسقطها وتعطل حركتها وتوجهاتها وحتى تستمر تلك القوى في نفس حيويتها وانطلاقها نحو التعامل مع المتغير السياسي بحرفية تضمن لها سياسة متوازنة وقوية يجب ان تراعي نقاط عديدة تجعل منها منهاجا وإستراتيجية تتعامل بها وتستفيد من مكامنها ومصادر ديمومتها:

1- القراءة الموضوعية للموقف السياسي : -فلايمكن أن تعالج أي خلل أو طارىء في الموقف السياسي من غير ان تعرف الخلفيات والأسباب التي أدت إلى مثل ذلك الموقف وان تقرأه قراءة واقعية خالية من المبالغة والسطحية فهاتان الصفتان هما في الحقيقة ملازمتان للكثير من العقبات المواقف السلبية والتي تعود على المتبني لها بالافتقار السياسي الذي يؤدي في الأخر إلى متغيرات كثيرة ربما تبتعد عن العقلانية والاعتدال ؟

2- لذا فان الكثير من القوى عندما تتخذ موقفا ما من قضية تكون ردات فعل سرعان ما تذهب بذهاب المؤثر او السبب لذا تراها متذبذبة وغير ثابتة ولا يمكن ان يحزر ما ستقوم به لاحقا وربما تعتبر هذه القوى هذه الحالة بأنها صحية وتضمن لها تحركا غير معروف وتعده تصرفا تكتيكيا يجلب لها المزيد من المصالح والمكاسب إلا إن الحقيقة غير ذلك لان كلما كانت للقوى برامج سياسية أو أيدلوجيات يمكن أن تحكم الأفعال والأقوال والتصريحات فان تلك المتغيرات التي تطرأ على الساحة السياسية فإنها لا تؤثر في قراراتها أو برامجها لأنها على الأغلب تكون مدروسة وواقعية تساعد على تجاوز الازمات والعقبات التي يضعها المتغير السياسي في طريقها؟

3- يجب المعرفة والاحاطة بتوجهات وإستراتيجيات القوى الأخرى من حيث الثابت والمتحرك في إطار التعامل مع الأخر ومعرفة الحدود والأجواء التي ينشأ فيها الموقف السياسي كما يجب أن تكون هناك متابعة ميدانية لجميع ما ينشر من أدبيات ونشرات تتناول حركة القوى ونظرتها إلى القوى الأخرى من حيث التعامل والتضاد والوقوف على آرائها في جميع التعاملات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أيضا حتى إذا تم تعامل ما مع هذه القوى فان التعامل سيكون تعاملا مدروسا مبنيا على أسباب واقعية وثابتة تضمن عدم الوقوع في فخ الجهل الذي ربما يسبب أزمة كبيرة في الوقت والجهد والتحرك وعدم الفهم الذي يسبب هو الآخر أزمات كلامية يمكن ان يفسرها الإعلام بأنها فاشلة أو غير نافعة مع إن القوى ربما تحرص على أن تظهرها بأحسن ما لديها من حرفة وحنكة سياسية متوازنة؟

4- يجب المبادرة واتخاذ القرار المناسب في وقته وخصوصا للقوى التي ترأس العملية السياسية وان لا تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يجري من تغيرات يمكن أن تحسب في خانة الإخفاق والضعف وعند ذلك يجب ان تتخذ القوى إجراءات سريعة خلال ظهور المتغير السياسي الذي ربما كان أصلا لإجهاض العملية السياسية برمتها أو للحصول على مكاسب ومصالح من خلال إبراز ذلك المتغير على السطح وعند ذاك يجب على المتصدي من القوى إن يكون رزينا ثابتا يتعامل مع الموقف بحنكة سياسية عالية .

5- أتباع سياسة الاحتواء لذلك المتغير السياسي الذي ربما إذا اتخذت القوى موقفا سلبيا منه فان ذلك يعصف بالتجربة السياسية نفسها وربما يولد انقسامات وتشرذماً في القوى المتآلفة أو التي بينها مواثيق عمل مشتركة وترتبط بتحالفات وعند ذاك فان إتباع مثل هكذا سياسة فأنها تحاول ان تظهر بوقف المسيطر والقادر على تجاوز مثل هكذا متغيرات سياسية يراد منها إضعاف القوى المتصدية أو أشغالها عن القيام بمهامها السياسية والوطنية لذلك فان سياسة الاحتواء التي تتبناها القوى التي تسيطر على مقادير الدولة كفيلة بإضعاف المواقف المناوئة والحد من خطورتها بل ربما الانتصار عليها أيضا.

6- محاولة الاستفادة من هذا المتغير في الخارطة السياسية من خلال ابراز الصورة التي يمكن ان تستفيد منها القوى المتصدية من هذا التغيير باعتبار ان ذلك جاء في خدمة العملية السياسية وحتى هذا التغيير لا يمكن أن ينظر إليه على انه لا يأتي بفائدة أو مصلحة ولو نسبية تصب في خدمة العملية السياسية نفسها وعند ذلك فان القوى المتصدية تركز على هذه الصورة، وتجعل منها منطلقا لعمل قادم ومهم يصب في مصلحة العملية السياسية نفسها خصوصا إذا تبنت هذه القوى مؤتمرا صحافيا قبل ان يكثر اللغط والتفسيرات الإعلامية التي لا تخدم القوى التي تسيطر على الدولة وعند ذاك يستطيع المتصدي أن يشرح أبعاد المتغير في التأثير على الخريطة السياسية بثقة وقوة عكس إذا ما حاول المتصدي السياسي الاستخفاف واللامبالاة بهذا المتغير السياسي فربما يخلق أزمة أو كارثة تطيح بالعملية السياسية كلها.

7- يجب أن تكون هناك اجتماعات دورية للقوى التي تشرف على العملية السياسية تقيم فيها العملية السياسية وتدرس جميع المتغيرات السياسية وتضع الحلول اللازمة والكفيلة بتثبيت الوضع السياسي وإرساء قواعده التي تضمن السيطرة عليه، كما يجب أن تعد بدائل وسيناريوهات أخرى وهذا ليس ضربا في الخيال لكنه أيدلوجية تتبع في الكثير من دول العالم المتحضرة التي استطاعت أن تسيطر على متغيراتها السياسية بل تذهب إلى أكثر من ذلك من خلال الاستفادة من ألازمة نفسها ولدينا الكثير من الشواهد والأحداث ما تثبت هذه الفقرة بل ان بعض القوى ذهبت الى الاستفادة من الازمات نفسها .

8- كما ان الكثير من القوى تستخرج الكثير من الإستراتيجيات والأيدلوجيات من الازمة نفسها وتجعل منها مبررا لقيامها بأفعال وممارسات كانت لا يمكن ان تقوم بها قبل وجود الازمة بغض النظر عن ما هيتها أو شكلها.

9- أجراء مباحثات واتصالات مع القوى الأقرب إلى المشروع الذي تتبناه القوى المنتخبة أو المسئولة عن مؤسسات الدولة لرأب الصدع الذي يمكن أن يسببه ذلك المتغير على الخارطة السياسية ومحاولة تعويض حالات الفراغ الحاصل نتيجة هذا المتغير أو ذلك من خلال التعويض أو البديل الآني للموقع الحكومي أو السياسي حتى تمر الازمة، وترجع الأمور إلى نصابها أو تتخذ إجراءات بديلة تملى الفراغ الحاصل نتيجة تأثيرات (المتغير) الجانبية.

10- أن سياسة الاستخفاف واللامبالاة التي تتبناها القوى السياسية المتصدية لسبب او اخر هي سياسة فاشلة لا يمكن أن تساعد في إنجاح العملية السياسية أو تحاول ان ترقى بها إلى مستوى تجاوز الازمة التي تنتج عن إتباع مثل هكذا سياسات لا سيما إن التجربة السياسية نفسها تعيش تناقضات وإرهاصات معروفة ومشخصة من قبل الأخر السياسي والجماهيري خصوصا الأخير الذي يتابع الأحداث وهو يتطلع الى قوى تنقله إلى حيث الرفاه  والاستقرار من غير أن يجعل من نفسه مسؤولا أيضا فهي واقصد الجماهير تريد كل شيء جاهزا ومكملا بعد أن أدت ما عليها من اغلب الالتزامات والواجبات التي يمكن أن تنهض بها وتنطلق منها .

ومن كل هذا وذاك نصل إلى خلاصة مهمة هي ان المتغير السياسي ليس سلبيا دائما بل يمكن أن يكون مفيدا وايجابيا إذا ما استفيد منه على أكمل وجه، ولا يمكن ان نحدد بالضبط تلك الاستفادة فربما يكون صاحب هذا المتغير جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل وعند غياب القوى التي ربما تعرقل عمل وأداء القوى المتصدية فذلك بحد ذاته يعتبر حلا في جوهره ودافعا ايجابيا يساعد على تجاوز أثار المتغيرات السياسية الجانبية التي ربما إذا تركت تترك أثارا سلبية أخرى تضاف إلى المتغير وتجعل منه مشكلة تضاف إلى مشاكل القوى التي تمسك بزمام الأمور في الدولة ؟

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر النذكور نصا و دون تعليق.

المصدر: المثقف السياسي- 27-5-2007