كيف نرسم مستقبل العراق من دون خطة ستراتيجية ؟
ما هي الإستراتيجية ؟ كنا في حلقة تدريبية قبل فترة من الزمن حول التخطيط الاستراتيجي ، وقلما حضرت أو حاضرت في حلقات تدريبية حول هذا الموضوع إلا ويبرز التساؤل المعتاد : ما هو تعريف الاستراتيجية ؟! أخي الكريم ما عليك إذا أردت أن تكون محترما موغلاً في الأرستقراطية إلا أن تضع قدما على أخرى وتحرك سبحتك يمنة ويسرة وتلوك هذا المصطلح مع كل كلمة تقولها ، الخيار الاستراتيجي ، الخطة الاستراتيجية ، القرار الاستراتيجي ، الرؤية الاستراتيجية .. وأن تضيف كلمة الاستراتيجية إلى كل كلمة تحب أن تزيد من رونقها وجمالها . لقد حملني ذلك أن أحدث زملائي في العمل مداعباً إياهم : ليته يسن قانون يقام فيه الحد تعزيراً لمن نطق بالاستراتيجية خصوصاً وهو يجهل معانيها ومراميها .لقد جرد أولئك الأشخاص هذا المفهوم من كل معانية العملية ووضعوه في إطارٍ نظري ممجوج لا يعطي معناً مفهوماً ....... دعونا نعود للحلقة التدريبية ، لقد مضت الأيام في تلك الدورة كما تكون أجمل الدورات وأروعها وكنت أتعجب أن تنتهي الدورة من غير أن يكون سؤال الاستراتيجية حاضراً ، لكن عجبي لم يدم!!! ، ذلك أننا عند ختام الدورة وقبيل تسليم الشهادات ، انتزع أحدهم المايكروفون ليتحدث وكنت أظنه شاكراً أو على الأقل أو مودعاً ، غير أنه أفسد ظني وقال : رؤية إستراتيجية، خيار استراتيجي، قرار استراتيجي ، ما هو تعريف الاستراتيجية ؟ يا سلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام ، جابها أخونا ، عندها أسقط في يدي وعلمت أننا سنستغرق وقتاً طويلا في الحديث حول التعريف والوقت لا يسمح بذلك فاكتفيت بحديث مبسط ، وزورت في نفسي أن أبسط لها سواليفاً خاصة في هذا المقال أرجو أن تساعد في تجاوز هذه المحنة!!!!!!!! ، فإلى الاستراتيجية : تعود كلمة الاستراتيجية إلى المفهوم المستخدم في الحروب القديمة ، والتي تعني فيما تعنية مناورة الوحدات العسكرية ووصولها إلى مكان ما قبيل وصول العدو إليه. وهنا تعني الاستراتيجية إعادة انتشار، لما يوصل العدو إلى نفس المكان أو قريب منه ، وش يصير ؟ تبدأ التكتيكات . العالم B. H. Liddell Hart يعرف الاستراتيجية العسكرية بأنها : " فن توظيف المعارك كوسيلة لتحقيق الهدف من الحرب " تعريف جميل وواضح ، بس لا تقول وصلنا لأن هذا المفهوم مفهوم عسكري ، المشكلة إن مفهم الإستراتيجية لما وصل لقطاع الأعمال التجارية تغير معناه بشكل كبير . تصدقون عاد بعض العلماء ( خصوصاً العمليين منهم ) لم يركز على تعريف محدد للاستراتيجية مثل الأب الروحي للتخطيط الاستراتيجي George Steiner الذي يعد كتابة " التخطيط الاستراتيجي " الكتاب المقدس في التخطيط الاستراتيجي ، كتاب من أكثر من ثلاثمائة صفحة حول التخطيط الاستراتيجي ومع ذلك لم يعرف الاستراتيجية إلا في آخر كتابه وعلى طريقة الفاست فوود. اسمع وش يقول : الاستراتيجية هي طريقة منافسة الخصوم الحاليين أو المتوقعين . بس ! هذا كل اللي قال ، عموماً أشار هو بعدين إلى أن الاستراتيجية تستخدم في أمور ثلاثة هي : 1- العمل الذي تقوم به الإدارة العليا وهو ذو أهمية بالغة للمنظمة . 2- تشير الإستراتيجية للقرارات الرئيسية التي تحقق المهمة أو الغرض من المنظمة. 3- تحتوي الإستراتيجية على الأعمال الرئيسية التي تحقق توجهات المنظمة . لاحظوا معي كيف أن الاستراتيجية تتعلق دائماً بالنهايات التي تسعى لتحقيقها المنظمة ( سواءً كانت عن طريق قرارات برامج أهداف ...) عالم آخر هو : Henry Mintzberg في كتابه صعود وسقوط التخطيط الاستراتيجي أشار بأن الناس تستخدم الإستراتيجية بطرق مختلفة أشهرها الاستخدامات الأربع التالية : 1- الاستراتيجية هي الخطة " الكيفية " أو الوسيلة التي تمكننا من الانتقال من الوضع الراهن إلى الوضع المرغوب . 2- مجموعة الأعمال التي تنتهجها المنظمة عبر وقت طويل من الزمن ، مثل شركة تسوق عادة لمنتجات عالية الثمن . 3- عبارة عن تنظيم أو وضعية تؤثر على القرارات في تقديم منتجات معينة أو خدمات معينة لأسواق معينة . 4- هي المستقبل المنظور أي الرؤية والاتجاه . هنا أضاف هنري إضافة جيدة، نوقف عندها شوي ، وهي أنه قال مكانه ( POSITION) ، هذه المكانة تؤثر على قرارات الشركة المصيرية ، لا وبعد تميزها عن غيرها . تمام بنجي لواحد ثالث جاز لي تعريفه هو Kenneth Andrews في كتابه مفهوم الإستراتجية التضامنية ( المشتركة ) عرف الاستراتيجية بأنها " عينة من القرارات المعمول بها في شركة ما والتي تحدد وتوحي بأهدافها وأغراضها ومراميها وتضع السياسات الرئيسة والخطط لإنجاز أهداف الشركة ، وتحدد مجال عملها، وهويتها التي ينبغي أن تكون عليها ، والطبيعة الاقتصادية وغير الاقتصادية التي ستسهم بها الشركة لشركائها وموظفيها وعملائها والمجتمع بشكل عام . يا رهيب أنت يا كينيث ، جاب بصراحة كلمه كلها روعة ( هوية ) ، شف إذا قلت عن شركة ما ( أرامكو مثلاً ) لها هوية مميزة ، هذا يعني لها استراتيجية واضحة يفهمها البعيد والقريب . وهذا المفهوم صرح به بشكل أكبر العالم Michael Porter في كتابه الاستراتيجية المنافسة . حيث يرى بأن الاستراتيجية التنافسية هي : الاختيار المتأمل بين مجموعة من النشاطات المختلفة للوصول إلى خليط من القيم التي تفرد المنظمة عن غيرها . وهذا يعني أن الاستراتيجية تتعلق بوضع تنافسي للمنظمة ، بتمييز نفسك عن غيرك في عيون العملاء ، بوضع قيم من خلال نشاطات مختلفة عما يقوم به المنافسون . يا الله !!!! أشعر براحة رهيبة وأنا أتأمل كلام الفطاحل الأعلام ، كلام من ذهب ، تقرأه ، تحفظه ، تتأمله ، تعجب به . لسا، ما خلصنا باقي كم واحد ثم يجي كلامي عاد أنا، اسمع أبيك تحفظه عن ظهر قلب ، وتسمعه ثلاث مرات يومياً ، وحدة قبل النوم والثانية وأنت نايم والثالثة قبل لا تصحى . الكاتب Kepner-Tregoe عرف الاستراتيجية بأنها : الإطار الذي يرشد الخيارات التي تحدد طبيعة اتجاه المنظمة . تعريفه البسيط هذا تستخلص منه أمرين : - الأول : اختيار المنتجات أو الخدمات التي ستقدمها الشركة ، والثاني : الأسواق التي تستهدفها . كاتب آخر هو Michel Robert يركز في حديثه دائماً على قضيتين ويعتبرهما من القضايا الحيوية الأولى " الإدارة الاستراتيجية " والثانية " التفكير الاستراتيجي " ، طيب وبعدين ، وبعدين يقول لا بد عند الحديث عن هاتين القضيتين من اتخاذ القرارات المتعلقة بأربع عناصر : 1- المنتجات والخدمات . 2- السوق . 3- العملاء 4- المنطقة الجغرافية. الآن ، ارعني سمعك ، سيتحدث مايكل عن نقطة مهمة هي : ( أساس الاستراتيجية ) والمحرك لها ، يعتقد مايكل بوجود قوة موجهة واحدة يمكن أن تكون أساس الاستراتيجية ، مع إيمانه بأن هناك قوى عشرة موجهة أخرى : 1- المنتج – الخدمات . 2- منهج تسويق المبيعات . 3- المستخدم – العميل . 4- منهج التوزيع . 5- نوعية السوق . 6- الموارد الطبيعية . 7- كفاءة وقدرة المنتج . 8- عامل النمو – الحجم . 9- التقنية . 10- العائد – الفائدة . إذاً واحدة من القوى الموجهة السابقة يمكن أن تستمد منها الاستراتيجة تكوينها وصياغتها . إن فكرة حصر قوة واحدة يمكن أن تشكل الاستراتيجية بدأ يتطور شيء فشيء حيث جاء المؤلفانTreacy and Wiersema ،وهما مؤلفا كتاب " خطة (نظام) قادة السوق " حيث أكدا على أن الشركات تحصل على المكانة القيادية في السوق بتضييق وليس بتوسيع التركيز في مجال العمل .( باختصار ركز على شيء واحد وتميز فيه ) ، عرف المؤلفان ثلاثة قيم انضباطية يمكن أن تكون أساس وضع الاستراتيجية : الامتياز التشغيلي ، مودة العميل ، وزعامة المنتج . وكل قيمة من هذه القيم لها متطلباتها المختلفة . بصراحة غلبونا هالفلاسفة واحد يقول الاستراتيجية ، وضعية ومكانة المنظمة ، وواحد يقول خطة ، واحد يقول هي رؤية ومنظور ، وآخر يقول قرارات وأعمال ، يا الله ما الذي يحدث ، وشي الاستراتيجية باختصار بدون لف ولا دوران . أما مفهوم كاتب هذه المقالة لهذا الكلمة أنها ذلك الجسر الذي بدايته عند ( السياسات العامة ، الأهداف العامة ، الغايات والأغراض العامة ) ونهايته عند البرامج الفعلية . خلونا نفهم الاستراتيجية على أنها الوسيلة والطريقة التي ننتقل عن طريقها من وضع حالي إلى وضع مأمول ، وخلونا نقول إننا إذا نطقنا بمفهوم الاستراتيجية فلا ينبغي أن نفرغه من معناه ، أي أننا إذا قلنا خطة استراتيجية أو قرار استراتيجي أو خيار استراتيجي أو حتى استراتيجية كذا ... فإنه لا بد من توافر رؤية وغاية نهائية ، وضعية تميز المنظمة عن غيرها ، مجموعة من الأهداف والغايات تحقق الرؤية ، مجموعة من البرامج الفعلية التي تحقق الأهداف . كل ذلك مبني على تشخيص حقيقي لواقع المنظمة . 23-9-1427 هـ ماجد بن عبدالله السعيد المصدر : eduplanning.org
|