نحو "ستراتيجية امريكية مؤثرة في العراق"-( الحلقة الأولى )

 

 

 

ترجمة: الباحث امير جبارالساعدي

 

 

 

شهادة "آنثوني هـ. كوردسمان"امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي

لقد وضعت، وقبل عدة اشهر، العناصر الاساسية لاستراتيجية التعامل مع العراق وذلك بالتحليل الذي اسميته "لعب الدور" وهو بحث اعرف انه مطلوب ان يكون في محضر استماع الشهادات.

وفي اثناء القيام بذلك، ذكرت ان النجاحات النادرة في العراق-حتى لو ان تقبل حقيقة تعريف النجاح على ارض الواقع، والذي نتمناه ان يتحقق، يعني صيغة محددة لحكومة جماعية معينة تستطيع ان تعمل خلال سنين من الصعاب السياسية والاقتصادية من دون دعم مباشر من الجيش الامريكي.

الخروج ليس ستراتيجية

كما ذكرت ايضاً، ان تكون الولايات المتحدة مهيأة للفشل في العراق، الا ان ذلك الخروج يعد بمثابة تكتيك وليس ستراتيجية، فالخروج من العراق قد يخلص الولايات المتحدة من مشاكلها الكارثية ومن تكاليف القتال الحربي، أي انه قد يخلق مشاكل مثيلة، او اكثر من تلك التي يحلها.

ان ترك تبعات فشل سياسي، فوضى او حرب اهلية في العراق، هو ليس ستراتيجية، فالستراتيجية تعني اننا يجب ان نعيد تقويم وبناء موقفنا العام في الشرق الاوسط وجنوب غرب اسيا، واعادة تركيب سياستنا الامنية ووضعنا الاقليمي في المنطقة التي تحوي قرابة 60% من الاحتياطي النفطي العالمي المؤكد، والتعامل مع ما يحرزه التطرف الاسلامي من نصر كبير، نجاح ايران النووي، وايجاد طريقه ما لاعادة امكاناتنا في العالم.

"اضرب واهرب" قد تكون ضرورة، لكن لا يمكن له ان يكون ستراتيجية انما هو هزيمة عظمى، ولهذا السبب فلقد عارضت كثيراً لبذل احسن ما لدينا من جهود لانقاذ موقفنا في العراق، ولتصحيح اخطائنا السابقة، فلا ينبغي لنا عمل ذلك باي ثمن، انما لا يجب ان نجهد العراق ما دام هناك أي امل حقيقي في النجاح.

مواجهة عواقب اخطائنا الذاتي

وعلينا ان ندرك ايضاً، اننا فيما نحن عليه اليوم هو بسبب قرابة عامين من اخطاء يمكن تلافيها في سياسة وقيادة الولايات المتحدة، وبسبب المصاعب المتأصلة في مساعدة العراق ان يصبح بلداً ناجحاً ومستقراً.. والخلاصة، اننا حددنا (تسعة) أخطاء رئيسية:

1- ذهبنا للحرب على اساس معلومات استخباراتية خاطئة، وعليه لم نستطع الدفاع عن العالم او عن العراقيين.

2-  تجاوزنا العمليات المخابراتية، وتجاهلنا تحذيراً بعد تحذير كمحررين، ذلك من خبراء المخابرات الامريكية، ومسؤولي وزارة الخارجية، وضباط الجيش ذوي الخبرة في المنطقة، وخبراء من الخارج لم نتوافق معهم كمحررين، بل بموجب قتال حربي فقط، وكشعب ذو حس وطني عال، وافراد لا يريد للآخرين ان يتحكموا في مصيرهم.

3-  خططنا للقتال في حرب لابعاد سلطة "صدام حسين"، من دون أي خطة ذات معنى لعمليات الاستقرار وبناء الدولة، وسمحنا للفوضى السياسية والاقتصادية بالحدوث كنتيجة فورية بعد سقوط نظام صدام.

4-  لم ندرب قواتنا العسكرية لمهمات مدنية للتعامل مع الارهاب والعصيان، ولعب دور المحتل في دولة تختلف عنها في الدين، واللغة والثقافة، بل بامتلاك "الكيماوي المزدوج" واسلحة اخرى يحتاجوننا لخوض "حرب بعد حرب"- ونتيجة لذلك اقحمنا جيشنا ليتكيف بصورة بطيئة تحت الضغوط وبوجه العدو المتنامي.

5-  ولعام كامل، افترضنا بأن حاكماً، في صيغة "سلطة الائتلاف المؤقتة" قد يحكم العراق ويخطط لمستقبله اكثر من العراقيين انفسهم، وقمنا بتعيين الكثير من الموظفين الذين ليست لديهم الخبرة السياسية، وأيديولوجيين قضوا فعلياً كل وقتهم في تأمين قواتهم المحاطة بالعراقيين، لقد كانت خدمتهم بمثابة رحلة قصيرة استغرقت ثلاثة الى ستة اشهر.

6- ولعام كامل، طورنا خطط نموذجية لاعادة التكوين السياسي، الذي لم يستمر بالتفاعل مع الواقع. وركزنا والى ابعد الحدود على الانتخابات الوطنية وكتابة مسودة الدستور من دون تركيز بالطريقة نفسها على حكومة فاعلة وعلى المستويات الوطنية الدينية والمحلية.

7- ولعام كامل كانت قيادتنا العسكرية في العراق لم تعمل جنباً الى جنب مع قيادة سلطة الائتلاف المؤقتة، التي بقيت في حالة رفض لمستوى العداء الشعبي الذي واجهها والعصيان الذي كان يتنامى بصورة مستمرة.

8-  ولعام كامل، لم نقم بمحاولات جدية لانشاء الجيش العراقي والامن وقوات الشرطة التي تقوم بذاتها في التعامل مع العصيان المتنامي والارهاب وغياب القانون، وبدلاً عن ذلك فلقد رأينا مثل هذه القوات العراقية كتهديد كامن، وبشكل كبير، ضد ديمقراطيتنا النموذجية، وشعرنا بان قواتنا قد تهزم بسهولة تمرد (5000-6000) من الموالين للنظام السابق.

9-  ولعام كامل، حاولنا ان نتعامل مع الاقتصاد العراقي، الذي ادير بصورة خاطئة، في الوقت الذي كان بالامكان له ان يتحول بسرعة وسهولة الى اقتصاد حديث متعلق بالسوق.. وقد ارسلنا، ضمن سلطة الائتلاف المؤقت، مستشارين ليست لديهم الخبرة الحقيقية ولا الاستمرارية..

لقد انشأنا خطط مساعدة ركيكة طويلة الامد، ليست ذات فهم كامل المعنى، ولا ذات مسح للمشاكل الاقتصادية التي يواجهها العراق. ومن غير تفهم لاحتياجات العراق وآماله. ولا تعامل حكيم من كل من الحكومة الامريكية والمجتمع الدائن، لتنفيذ مثل هذه الخطط او تطوير نوع آخر من هذه الخطط والبرامج التي تركز على متطلبات قصيرة او متوسطة الامد التي يحتاجها العراق فعلياً.

لا ينبغي للماضي ان يكون تمهيداً للمستقبل

لا ينبغي لهذا الماضي ان يكون تمهيداً للمستقبل، لقد بدأنا خلال العام 2004 تصحيح الكثير من اخطائنا السابقة.

بدأنا بتحريك السياسة العراقية خلف مجموعة من السياسات الكوارثية في "البنتاغون" التي اضعفت البقاء على المحافظين الجدد الفاشلين وبدأت بتنفيذ سعي مخابراتي قوي.

لدينا سفير وقائد يستطيعان العمل سوية، واكثر من فريق عسكري-مدني حقيقي. وما زلنا نفتقد العناصر المدنية التي قد تدعم عملية بناء البلاد في المناطق ذات التهديد الخطير، لكن الجيش الامريكي اوجد طرق تعويض جزئي.

اعطينا السيادة للعراقيين وجعلناهم يتسلمون زمام العمليات السياسية.

تقبلنا وبالتدريج التعقيدات الحقيقة للمشاكل السياسية في العراق ومستوى الرفض الشعبي الذي واجهناه وواجهته قواتنا، وجدية تهديد المتمردين. وعرفنا الولايات المتحدة بموقف جيش التحالف في العراق لخوض حرب خطيرة على التمرد المضاد والارهاب المضاد، ولقد بدأنا باعادة التفكير الذي يخص جميع عمليات نقل القوات، والتحول من تركيز الحرب الباردة على التكنولوجية المتطورة الى حرب القوات التقليدية التي يستطيع الفرد التعامل مع مختلف التهديدات السياسية والايديولوجية التي تواجهننا في الواقع وغير المتناظرة.

بدأنا بتدريب الجيش العراقي وقوات الامن والشرطة على التهديدات التي يواجهونها، وليس على الامن المثالي والاستقرار، وعلى العالم الديمقراطي.

تفهمنا، وبشكل جزئي، ان خطط المساعدة التابعة لنا، كانت غير واقعية وبشكل كامل، وان الاولوية يجب ان تعطى لمراحل الاستقرار القصيرة والمتوسطة واستعمال المال (الدولارات) كبديل ومساعد لاطلاق النار، وفي النهاية بدأنا نتفهم ان المساعدة الامريكية في واشنطن، تستطيع التعامل مع التحدي الذي يواجهها، ولا يستطيع المتعاقدون الاجانب ادارة برنامج مساعدة فاعل في العراق، ويجب ان تذهب هذه الاموال (الدولارات) الى العراقيين بدلاً من الاجانب.

ويجب اعطاء الامريكيين الموجودين الان في العراق وخصوصاً اولئك المدنيين والعسكريين الموجودين خارج المنطقة الخضراء، ضمانات كاملة لهذه التحديات، لانهم لم يفشلوا بتكييف وتحدي افلاس القيادة في واشنطن.

قد يكون المحافظون الجدد الامريكيون غير مبالين لكارثة رسم البلاد لسياسة معينة تجاه العراق، وفي الواقع، لكل ناحية تخص السياسة الخارجية قاموا بادارتها فعلياً، وعلى اية حال، لقد رأينا خبراء المنطقة الحقيقيين، والواقعين، ومحترفي الجيش، قد يقدمون حلولاً افضل وبشكل كبير.

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر:http://iraqisoul.friendsofdemocracy.net/default.asp?item=103093

  

مواضيع ذات علاقة:

 

العراق تهزم السيناتور ليبرمان في انتخابات الكونغرس التمهيدية

الديمقـــــراطية في العـراق ليست من أولويات الميزانيــة الأميركية

جورج بوش يتحدث عن التجارب والأخطاء في العراق

العراق: صراع الديموقراطيات وإنكار الوقائع السياسية 

إلى أين يتجه العراق؟

أمريكا وإعادة بناء العراق .. تحديات الأمن والتمويل

مركز دراسات أميركي: إنجازات البنتاغون في العراق صفر

العراق بين خياري "الديمقراطية" و "الحرب الأهلية"

الستراتيجية الأميركية للنصر في العراق

الـسبيل إلـى الـنجاح فـي الـعراق (2-2 )

الـسبيل إلـى الـنجاح فـي الـعراق(1-2)

مكافحة الفساد إنها قضية أخلاقية وتحد أمام التنمية في العراق خمس طرق لاستعادة العراق

العراق موضع خلاف مستمر بين قطبي الكونغرس الأميركي

"الديمقراطيون" الأميركيون والانسحاب من العراق         

حول المصالحة الوطنية العراقية             

أوروبا وضرورة الاهتمام بالأزمة العراقية    

هل سياسات واشنطن تعصف بوحدة العراق؟   

نظرية "البقاء الطويل" في أرض العراق  

تقسيم العراق خطأ قاتل للولايات المتحدة الأميركية         

عـودة التيار الكيسنجري الى السياسة الخارجية الأمريكية ومستقبل العراق

إدارة بوش ومعركة ترسيخ الديمقراطية في العراق

مستـقبل الأزمة العراقية إذا تراجعت أمريكا عن الأحادية

استراتيجية الأمن الأميركي و التجربة العراقية

أمن العراق... وخطر الميليشيات                       

شبح الحرب الأهلية في العراق... دروس من لبنان     

كاتب أميركي ينتقد اسلوب ادارة الصراع في العراق

رأيـان أمـريكيان مـختـلـفان فـي السـاحـة العـراقية

واشنطن وضرورة التركيز على عناصر النجاح في العراق  

هل تلاشت ” خطة مارشال “ في العراق؟

الـسبيل إلـى الـنجاح فـي الـعراق                       

خطة الخروج الأميركية من العراق

أميركا والعراق: نحو استراتيجية خروج مسؤولة

الدبلوماسية طريق الخروج من الورطة العراقية

الدروس الأميركية المستفادة من دمقرطة العراق