سمات الدول الفيدرالية

 

 

 

علي عبد مطلك العتابي

 

 

 

الفيدرالية اي الاتحاد مصطلح سياسي اقتصادي واداري عام يطلق على اقليم متوحد مع اقاليم اخرى داخل حدود وطن واحد او بلد معين له حدود وسيادة فهو يعزز من وحدة الدولة نفسها ويقوي من أواصر العلاقة بين مكونات شعبها خصوصا عندما تكون الفيدرالية سببا او عاملا مساعدا يحافظ على مقومات الاقليم الاقتصادية والاداريةوالسياسية والاجتماعية والسكانية بحيث يتعين على سكان الاقليم الاستمتاع بثروات اقليمهم لاغراض البناء والتطور والرفاهية والازدهار الاقتصادي والتكوين السياسي الديمقراطي الذي يتمتع به الاقليم ومن ثم تنعكس حالة الاقليم على الدولة والبلاد بكاملها مما يمنح الدولة والبلد هيبة وقوة متنامية ودعماً تاماً في كل الميادين. فالدول الفيدرالية او الاتحادية في العالم كثيرة وليست كلها قامت بتطبيق الفيدرالية بمضمونها الحقيقي. فكلمة الاتحادية كلمة اضيفت الى اسماء بعض الدول ومنها الدكتاتورية، اما من طبقت هذا النهج فهي معروفة على مستوى الخارطة السياسية ومعظمها من الدول المتقدمة او التي تعاظم النمو بالتطور والازدهار فيها واذا ما أمعنا النظر في خارطة العالم الحديث لوجدنا ان معظم الدول الفيدرالية هي قد تجاوزت كثيرا مما خطط لها من بناء ورقي حضاري شامل وبلغت اعلى مستويات السلم الحضاري المعاصر، بل قامت بعض الدول المتحضرة وخير مثال على ذلك اميركا وكندا وسويسرا وبريطانية والمانيا والهند والارجنتين واستراليا وفنزويلا وماليزيا والمكسيك وغيرها. اما في البلاد العربية فأول دولة فيدرالية اتحادية حقيقية هي دولة الامارات العربية المتحدة رغم انها دولة ملكية الا ان العراق الان يعتبر اول دولة في الشرق الاوسط تطبق الفيدرالية والانتخابات الديمقراطية الحرة وفقا للدستور الجديد، ولقد مارس العراق في عهد النظام المباد المقبور الكونفدرالية مع ثلاث دول عربية عبر ما يسمى بمجلس التعاون العربي المنهار الذي لا يستند الى اية قاعدة او شرعية جماهيرية في العراق بل كان قرارا انفراديا مغرضا هدفه الجمع بين اربعة انظمة عربية هي العراق ومصر والاردن واليمن والغاية منه تقوية القاعدة الاقتصادية لهذه الانظمة الفاشلة عبر نهب ثروة العراق وشعبه وتحويل اقتصادياته الى تمشية سلوكيات هذه الانظمة بقيادة صدام المقبور خصوصا عندما شعرت هذه الانظمة بضعفها التام بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق الداعم الرئيسي، لها وهي تحاول جاهدة ما تبقى من هذه الانظمة حتى اللحظة هذه ان تدعم الارهاب والارهابيين في العراق، بعد ان خسرت الامتيازات المجانية الممنوحة لها من قبل النظام المباد في العراق. ان غالبية الانظمة الكونفدرالية في العالم قد تهاوت وغابت عن الساحة السياسية الدولية وقد انتهت معظمها الى مصير مجهول وتلاشت عن الانظار ومن هذه الدول والانظمة التي سقطت سياسيا وايديولوجيا وتاريخيا هي الاتحاد السوفيتي السابق.

فالكونفدرالية تعني اتحاد يجمع دولتين او اكثر ضمن اتفاقية معينة او اتفاق تعاقدي يقضي بانشاء هيئة او كتلة سياسية اقتصادية مشتركة تجمعها خصوصيات سياسية او اقتصادية او دينية مع الاحتفاظ بخصوصية كل دولة مع الاحتفاظ ايضا بسياساتها الخاصة عكس مفهوم الفدرالية الذي سبق الحديث عنه ويذكر لنا التاريخ الحديث عن تكون بعض الكونفدراليات في العالم مثل الاتحاد السوفيتي السابق المؤلف من خمس عشرة جمهورية والذي تأسس عام 1917 بعضها اسلامية واتحاد دول اميركا الوسطى مثل السلفادور وبنما وكوستاريكا ونيكاراغوا وهندوراس وجامايكا وهاييتي والدومنيكان وجريتادا الذي تأسس عام1825، واتحاد دول جزر الهند الغربية مثل الدومنيكان وجريتادا وغيرها عام 1967 واتحاد جزر ليوارد وغيرها ويوغسلافيا المتكونة من اتحاد جمهوريات صربيا وكرواتيا وسلوفينيا ومقدونيا والجبل الاسود والبوسنة والهرسك وكوسوفو.

جوهر الفيدرالية في العراق

عند تطبيق الفيدرالية في العراق يتحقق ما يلي:

1. الحفاظ على هوية العراق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الضاربة.

2. دخول العراق المعترك الحضاري المعاصر وبناء دولة ديمقراطية متحررة واتحادية معتمدا على قاعدته الاقتصادية القوية وثروته البشرية الكبيرة.

3. اعتبار العراق ولايات متحدة عراقية امتدادا وتأصيلا لولاياته التاريخية الثلاثة في البصرة وبغداد والموصل.

4ـ التوزيع العادل لثرواته على الشعب حسب الظروف الاقتصادية في الاقاليم.

5ـ انتهاء عصر الظلم والتسلط والارهاب السياسي والديني والاقتصادي والاجتماعي وانهاء احتكار فئة على فئات اخرى ونهاية للدكتاتورية وعدم عودة الانظمة الفاشية وايقاف للصراعات والنزعات الأثنية المصطنعة من قبل الأنظمة المتعاقبة واجتثاث كل اعداء الشعب العراقي.

6ـ نشر ثقافة التسامح بين الاقليات والاجماع على ضرب الارهاب والفتنة الطائفية المستفحلة منذ امد بعيد ونبذ التفرقة العنصرية والطائفية.

7ـ تخليص الشعب من الفقر والمرض والعوز وتوفير الرفاهية والازدهار الشامل.

8ـ إحلال الأمن والاستقرار في عموم البلد.

9ـ إقرار مبدأ الحقوق والحريات للجميع بمعزل عن الضغوطات الاخرى.

10ـ تغيير سلوكيات المجتمع السلبية واللاحضارية ونشر الوعي الاجتماعي والثقافة العامة والتلقي الصحيح لمفاهيم العصر المختلفة.

11ـ منح الاقاليم لإعادة البناء والتعمير والتعويض عن اي ضرر وقع من قبل النظام المباد والانظمة التي سبقته.

12ـ تفعيل دور العراق التاريخي في المنطقة والعالم بعد ان تغير سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وبدأ بإزاحة غبار الأزمات الغابرة .

13ـ إلغاء ثقافة الدكتاتورية السابقة واية ثقافة سياسية واقتصادية واجتماعية مر بها العراقيون طيلة قرن من الزمان واحلال ثقافة حقيقة اصيلة.

مكونات الأقليم الفدرالي ومقوماته:

 يتألف الاقليم الفيدرالي الاتحادي من سلطات ادارية واقتصادية واسعة الصلاحيات على ان  لا تتجاوز في تنفيذ مهامها القوانين والتشريعات المعتمدة ضمن الدستور ومن هذه السلطات حكومة الاقليم التي تتألف من رئيس الاقليم ورئيس الحكومة والوزراء والبرلمان المصغر الشعبي الذي يشرف فقط على اداء دور الحكومة الاقليمية وايضا رؤساء الاقسام الادارية في المدن والمحكمة الدستورية وللاقليم عاصمة هي بمثابة المدينة الأهم في الاقليم من حيث الموقع الستراتيجي او الاقتصادي والديني او التاريخي او ذات الكثافة السكانية او القيم الثقافية وللاقليم ايضا ثروته البشرية وأياديه العاملة وقاعدته الاقتصادية المتمثلة بالمنشآت الصناعية والعلمية والانتاجية وموانئه ومطاراته وجامعاته ومعالمه الدينية والتاريخية والثقافية والسياحية كما له قاعدة شعبية متمثلة بالسكان من مواطنين وعلماء وشخصيات هامة ورجال دين وشيوخ وقادة وساسة ومفكرين ورجال فن وأدب وغيرهم وله ايضا مدنه الكبيرة والصغيرة وقراه وأريافه وفيه مصادره الطبيعية من مياه ومعادن وتربة ومصادر الطاقة الكهربائية والمائية والمعدنية كالنفط والغاز والكبريت والفوسفات وهذه الثروات ان كانت سطحية او جوفية هي ملك للشعب ولمنفعته حسب احتياجاته اذ يخصص ثلثي الثروة في الاقليم لاعمال ورفاهية وازدهار الاقليم ومكانه ويوزع الفائض المالي على السكان بالتساوي وبالتعاون مع الحكومة المركزية كذلك يضم الاقليم ثروة زراعية واسعة من الحقول والمراعي والبساتين والغابات والانهر وللاقليم قوة من الشرطة والجيش المسلح الذي يتعين عليه حماية حدود الاقليم من جميع الجهات وبالذات حدوده الادارية المعترف بها وحدوده الدولية المعترف بها عالميا وللاقليم اجهزة اعلام خاصة به كالاذاعة والتلفزة والصحافة الحرة. وله الجامعات والمعاهد والمدارس والاكاديميات المدنية والعسكرية ويتم وضع المناهج الدراسية وفق سياسة ومبادىء سكان الاقليم الدينية والمذهبية والتاريخية وللاقليم الفيدرالي علم وشعار ونشيد محلي وسيادة تامة محلية تتبع السيادة الوطنية للبلد ويجري انتخاب الحكومة المحلية بالشكل الديمقراطي الحر وليس من حق الاقليم تبادل التمثيل الدبلوماسي مع الخارج او اقامة سفارة او هيئة مصالح مشتركة مع دول اخرى الا بموافقة الحكومة المركزية.

الفيدرالية العراقية

ان اقامة نظام فيدرالي اتحادي في العراق يعد انتصارا للشعب العراقي وخصوصا للاقاليم المضطهدة والمحرومة والمغيبة التي خضعت عقودا طويلة بل قرونا طوال الى أبشع الاحتكار والتسلط المذهبي والشعوبي والفيدرالية العراقية هي خروج الى النور من نفق الظلام السياسي والقبلي والمتمثل باحتكار السلطة والاقتصاد العراقي يتعين عليه التوحد بالنظام الفيدرالي لا بالحكم المركزي البغيض واني ارى اقامة الفيدرالية على الوجه التالي اقليم كردستان الذي هو قائم فعلا منذ اكثر من عقد واقليم (العرب) في الثلث الجنوبي مما يلي بغداد حتى البحر واقليم (الغرب) المتمثل بالمحافظات الشمالية مما يلي شمال بغداد حتى الموصل ومنح كركوك صفة المنطقة ذات حكم ذاتي كما هو معمول به في معظم دول العالم كما في مملكة بهوتان والتبت بين الهند والصين واندورا شمال اسبانيا وموناكو جنوب فرنسا وامارة لخنشتاين غرب سويسرا.

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.

المصدر:جريدة الصباح- 10-7-2006