الكونغرس الأمريكي يحاول البحث عن حلول لأزمة أسعار النفط
أصدر مركز أبحاث الكونغرس Congress Research Service دراسة جديدة تتناول كيفية مواجهة استمرار أزمة غلاء النفط وخاصة وقود السيارات (الجازولين) في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الوقت الذي تركز فيه وسائل الإعلام الأمريكية على أزمة الملف الإيراني، وتأزم العلاقات المتصاعد بين إيران والولايات المتحدة كسبب رئيسي لهذا الارتفاع الجنوني لأسعار الجازولين، يحاول الباحثان كارل بيرنر Carl Behrner، وكارول جلوفر Carol كشف النقاب عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الارتفاع، ويعرض الكاتبان التشريعات التي أصدرها الكونغرس بخصوص هذه الأزمة بالإضافة إلى مقترحات الإدارة الأمريكية، وتحمل الدراسة عنوان "أسعار الجازولين: تشريعات ومقترحات جديدة Gasoline Prices: New Legislation and Proposals . تبدأ الدراسة بعرض سريع يشرح بداية الأزمة والقضايا المحلية الأخرى المرتبطة بها، حيث بدأت مناقشة هذا الموضوع الهام أثناء جلسة الكونغرس بشأن التشريعات الخاصة بمصادر الطاقة الرئيسية في الولايات المتحدة والتي انتهت بتوقيع الرئيس الأمريكي على مشروع قانون مجلس النواب المنظم لسياسة الطاقة رقم 6 في 8 أغسطس سنة 2005، ومع ذلك فقد استمرت أسعار الوقود في الارتفاع وبلغت ذروتها في نهاية أغسطس عندما أدى إعصار كاترينا إلى تلف منشآت تكرير البترول في خليج المكسيك. ويرى الباحثان أن هناك عدة عوامل وراء ارتفاع أسعار الوقود من أهمها زيادة الطلب العالمي على خام النفط، وعدم كفاية الإنتاج الأمريكي لتلبية احتياجات السوق المحلي الأمريكي، كما أن الحرب والعنف في العراق أديا إلى مناخ غير مستقر مشوب ً بالقلق وعدم وضوح الرؤية المستقبلية فيما يتعلق بالورادات النفطية، وخاصة من منطقة الخليج والشرق الأوسط. وتنقسم الدراسة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: الأول يختص بالمستجدات على خلفية الأزمة، والثاني بالخيارات المتاحة من قبل الإدارة الأمريكية إزاء تلك الأزمة بالإضافة إلى القضايا الأخرى المرتبطة بهذه القضية والتي مثلت عائقاً ضد إصدار تشريعات حاسمة لزيادة إنتاج النفط ومصادر الطاقة الأخرى في الولايات المتحدة، وينتهي هذا القسم بالإشارة إلى المقترحات والمبادرات الرئاسية لاحتواء الأزمة، أما القسم الأخير من البحث فيسرد جميع التشريعات والقوانين المتعلقة بالطاقة والوقود الحفري والصادرة عن الكونغرس أو أحد مجلسيه. ارتفعت أسعار الجازولين بطريقة مخيفة حتى وصل متوسط سعر الجالون إلى أكثر من 3 دولار في مايو الماضي، وبناء على ذلك اصدر البيت الأبيض تحذيرات شديدة اللهجة لشركات النفط لمنع أي تلاعب في الأسعار مع اقتراب موسم الصيف. وقال بعض المراقبين أن وقف استخدام مادة MTBE هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع سعر الجازولين، وقد تناول الرئيس بوش قضية الاعتماد على الجازولين في خطاب الاتحاد أمام الكونغرس يوم 31 يناير عام 2006، وصرح بأن هناك مبادرة حكومية جديدة هدفها استبدال 75 بالمائة من وردات النفط من الشرق الأوسط بحلول عام 2025. واقترح الرئيس بوش زيادة البحث العلمي في مجال تطوير الوقود البديل وعلى الأخص الإثانول، وتقدمت وزارة الطاقة الأمريكية بطلب تمويل تلك الأبحاث في 6 فبراير 2006 ، وتفترض الوزارة أنه من الممكن الحصول على عائدات بقيمة 8 بليون دولار نظير تأجير آبار البترول والغاز الطبيعي الموجودة في محمية القطب الشمالي، وجاء رد الكونغرس بالرفض. تحليل لخلفية الأزمة شهدت السنوات الخمس التي سبقت ارتفاع أسعار الوقود الحفري في ربيع 2004، تقلباً ملحوظاً في أسعار الوقود على المستوى الإقليمي وليس على المستوى المحلي فقط. وساهمت الكثير من العوامل في التأثير على أسعار الوقود في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وبعض هذه العوامل أثرت في سعر الوقود الخام، والأخرى أثرت سلباً على الجازولين، ولقد أظهرت الأزمات السابقة- من هذه النوعية- أن النفط لكونه سلعة عالمية، فإنه يتأثر بأي أحداث دولية في العالم، ففي فترة الثمانية عشر شهراً قبل الأزمة الحالية حدث الكثير من التغيرات الدولية والأحداث منها: - قرارات منظمة الأوبك بزيادة إنتاج النفط بحرص وبالتدريج بعد قراراها بخفض حصص الإنتاج العالمي عام 2002. - زيادة الطلب على النفط فجأة من قبل الصين والهند. - حدوث خلل واضطراب في معدل إنتاج الوقود في الدول الكبيرة المصدرة للنفط مثل فنزويلا والعراق ونيجيريا. - هبوط قيمة الدولار الأمريكي، وهو العملة التي يتم بها تداول النفط في السوق العالمي. - الخوف من زيادة الاضطرابات في كل من العراق والمملكة العربية السعودية في ظل الحرب على العراق وخطر الإرهاب في المملكة السعودية. وكما ساهمت هذه العوامل في ارتفاع سعر خام النفط، هناك عدة مظاهر خاصة بصناعة تكرير البترول في الولايات المتحدة، أدت إلى ارتفاع سعر الجازولين وهي : - زيادة الاحتياج المتنامي للجازولين في ظل النمو الاقتصادي والمعيشي للمجتمع الأمريكي. - انخفاض الطاقة الإنتاجية المحلية من الجازولين حيث قل عدد مصافي تكرير البترول من 324 عام 1981 إلى 153 عام 2002 ، وقل الإنتاج من 18.62 مليون برميل في اليوم عام 1981 إلى 16.78 مليون برميل عام 2002. - تغيير الهيكل العام لصناعة تكرير البترول في الولايات المتحدة حيث كانت هذه الشركات مملوكة لمجموعة من الشركات مدمجة معا تقوم بجميع الأنشطة الصناعية المرتبطة بالبترول بدءاً من الحصول على البترول الخام وتكريره ، وانتهاء بتوزيعه وبيعه ، أما الحال الآن مختلف حيث إن شركات تكرير البترول هي شركات مستقلة ، ويكون فيها العائد من التكرير هو المصدر الوحيد للدخل. - لجوء شركات تكرير البترول إلى استخدام مخزون ضئيل من النفط الخام لتقليل النفقات وهو ما كان من شأنه عدم الوفاء باحتياجات السوق والذي بدوره لارتفاع الأسعار . - التقسيم الإقليمي لسوق الجازولين بسبب اختلاف قوانين البيئة والحفاظ على نقاء الهواء من ولاية على أخرى، ومن مقاطعة إلى أخرى، وبالتالي اختلاف نوعية وجودة الجازولين طبقاً لشروط ولوائح كل منطقة، وظهر مصطلح قديم اسمه "بوتيكات الوقود" . - ارتفعت تكلفة إنتاج الجازولين العام الماضي تمشيا مع اللوائح الجديدة الخاصة بالتحول من إنتاج المواد المشبعة بالأكسوجين Oxygenate MTBE إلى الإثانول مع التقليل من نسبة الكبريت. وتقول الدراسة أن السيد جاي كارسوGuy Caruso - مدير إدارة مركز معلومات الطاقة – صرح في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ في 15 يونيو 2004 – بأن أسعار الجازولين قد انخفضت قليلاً نتيجة هدوء الاضطرابات الدولية لفترة ما، ومع ذلك فإن زيادة سعر النفط الخام أدت إلى ارتفاع سعر الجازولين في أكتوبر إلى ما يزيد عن 2 دولار وكذلك في مارس 2004، وفي ابريل 2005 صرح كارسو أن زيادة الاحتياج العالمي للنفط سوف يرفع من سعر البرميل لأعلى من 50 دولار خلال الفترة القادمة! إلا أن سعر البرميل وصل إلى 70 دولار مايو 2006. الخيارات الأمريكية إزاء الأزمة والقضايا المتعلقة بها دفع استمرار أزمة الطاقة الأمريكية الكونغرس إلى إصدار تشريعات كثيرة أخرها قانون صدر في أغسطس 2005، يختلف عن القوانين لسابقة لاستنفاذه ثلاث سنوات من الدراسة، كما أنه حل بعض القضايا التي كانت تعوق مرور التشريعات السابقة،. وشهدت المداولات السابقة انقساما ًفي الرأي بين أعضاء الكونغرس المؤيدين لاستخدام الجازولين بصفة مؤقتة لحين تطوير مركبات جديدة تعمل بمصادر أخرى للطاقة، وبين الآخرين الذين يرون أن الوقود الحفري سوف يظل عنصراً أساسيا لتسيير المركبات والسيارات لأجل غير مسمى. ونجح الكونغرس في الوصول لحلول وسط، والخروج بتشريعات جديدة مرضية لجميع الأطراف. غير أن الزيادة المطردة في أسعار الجازولين هذا الصيف، واستمرار المعاناة من تأثير إعصار كاترينا على معدل الإنتاج المحلي للوقود، أدى إلى ظهور دعوات جديدة في الكونغرس لاتخاذ إجراءات أكثر إيجابية حيال الأزمة. ومن ضمن القضايا المرتبطة بحل الأزمة هو السماح بالتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي في المحمية الطبيعية للقطب الشمالي، والذي كان مصدرا لجدل طويل دام عدة سنوات، وكان نتيجته صدور قانون الطاقة لسنة 1992، ثم قانون أكثر شمولية عام 2001 يقلل من الآثار البيئية لهذا المشروع، والقضية الأخرى هي إعادة بناء مصافي البترول التالفة جراء إعصار كاترينا وبناء مصافي أخرى جديدة، وقد صدر قانون في 7 أكتوبر 2005 لتخصيص أراض تابعة للحكومة الفيدرالية الأمريكية، لبناء منشآت تكرير بترول تحت إشراف وزارة الطاقة. مقترحات الرئيس بوش في خطاب الاتحاد يوم 31 يناير، قام الرئيس بوش بتحديد الأولويات والأهداف لكسر الاعتماد على النفط الأجنبي، وعبر عن رغبته في استبدال 75 بالمائة من الواردات النفطية الآتية من الشرق الأوسط بحلول عام 2025. كما دعا الرئيس بوش إلى إيجاد اختيارات وبدائل متعددة من أنواع الطاقة أمام المستهلك الأمريكي، والعمل على تطوير السيارات التي تعمل بالهيدروجين لتكون مناسبة تجارياً. وقد دعمت إدارة بوش مشروع تطوير الطاقة الهيدروجينية بمبلغ 1.7 مليار دولار، ووقعت كل من شركتي جنرال موتورز ودالمر كريسلر عدة اتفاقيات مع وزارة الطاقة الأمريكية لتطوير السيارات التي تعمل بالهيدروجين لمدة خمس سنوات قادمة. و كل ذلك بحسب المصدر المذكور. المصدر:تقرير واشنطن-العدد64-24-6-2006
|