الـى لجنة تعـديل الدستورالعـراقي مع التحية : الحلُّ في دمقرطة الأحزاب -1-
المهندس فـؤاد الصـادق
في كل دورة إنتخابية نلاحظ مشاركة واسعة في الإقتراع والترشيح والتنافس من قبل الكثيرمن الشخصيات والكيانات والأحزاب وهي ظاهرة صحية مطلوبة لابدّ منها لتوسيع دائرة الخيارات المتاحة للمقترعين وتسخين الأجواء الإنتخابية وضمان حرية الإقتراع والترشيح للجميع . لكن المسألة بحاجة الى مراجعة وتهذيب وتشذيب ديمقراطي منفتح ملتزم بالتعددية الواقعية و تكريسها لأنّ التعددية الشكلية المختزلة في إرتفاع أعداد القوائم الإنتخابية يزيد من حيرة المقترعين ويشتت الأراء ويحول دون تحول نتائج الإنتخابات الى سلطة ديمقراطية حقيقية قادرة على الدفاع عن مصالح ومواقف و تطلعات المقترعين في إطارالمصلحة الوطنية العليا والدستور ، فإذا لم تتحول نتائج الإنتخابات الى سلطة حقيقية في الإتجاه المتقدم لخلل في الممارسة اوالدستوراوالنظام الإنتخابي اونظام الأحزاب ستُصاب الديمقراطية بالشلل وتتراجع مستويات التمسك الشعبي بها و تتنامى أزمة الثقة بين مكونات الشعب فترتفع أعداد الذين يعتنقون نظرية المؤامرة لتفسير الظواهر والأحداث ويخيم اليأس وبذلك يصبح الإستسلام في الديمقراطيات الفتية للمشاريع والبدائل غيرالديمقراطية كالإنقلاب الأبيض! والرجل الحديدي !! متاحاً وربما مقبولاً ايضاً تدريجياً وكأمرواقع وهذا الخطرعظيم و يتعاظم في المجتمعات التي انتشر التمسك فيها بجانب الإنتخابات من الديمقراطية فقط وكان التمكن من ممارسة الحق الإنتخابي مفاجئاً بحيث لم تتمكن الأحزاب اوالكيانات التي تشترك في الإنتخابات من تكريس الديمقراطية داخل الأحزاب والكيانات نفسها عند إنتخابات قيادات الأحزاب وإتخاذ القرارت وتنظيم العلاقات والتحالفات بين تلك الأحزاب والكيانات. فالخطوة الأولى لإسعاف الديمقراطية من الشلل في هذه المجتمعات تتمثل في خلق الظروف والمناخات المخفزة التي تجبرالأحزاب والكيانات على دمقرطة نفسها داخلياً يقال : لا ديمقراطية بدون أحزاب ، والأقرب الى الصواب انه لا ديمقراطية حقيقية مستدامة بدون أحزاب ديمقراطية تتخذ قراراتها وتنتخب قياداتها العليا والوسطى والدنيا بأليات ديمقراطية واقعية بحتة تتسم بالشرعية والمشروعية بالمعنى الأعم للمصطلحين . فلابد من الحرص على صيانة شرعية القرارات الحزبية ايضاً في المجتمعات و الأحزاب التي يُشكّل الملتزمون بالدين فيها الأغلبية اوالأغلبية الساحقة و ذلك لتحاشي التعارض الذي يمكن أن يُصيب الأحزاب اواكثرها بالشلل الذي يهدد العملية السياسية الديمقراطية برمتها في البلاد كما تقدم . هذا وان الدعوة الى تجسيد الديمقراطية والتعددية ( تعدد الأجنحة ) داخل الأحزاب لوحدها لا تثمرإلا إذا رافقتها قوانين دستورية وخطوات مؤثرة ترفع الموانع وتخلق الدوافع والحوافر التي تجبرالأحزاب على مقاربة النهج المذكور فيمكن على سبيل المثال دراسة الانظمة الإنتخابية الكثيرة المتنوعة دراسة موضوعية مقارنة للخروج بنموذج يُحرم اتوماتيكياً الحزب الذي لا يلتزم بالديمقراطية داخل حزبه من تحقيق مكاسب إنتخابية هامة ، او دراسة إستصدار مادة قانونية في النظام الإنتخابي يمكن أن يحرم بموجبها ذلك الحزب من المشاركة في دورة إنتخابية او أكثر، و هكذا الأمر بالنسبة لقانون الأحزاب الذي لابد منه لا لغرض تنظيم واستجازه تأسيس الأحزاب بل لضمان إستقلالية الأحزاب وتأمين الدعم المالي المتكافئ لها وتدعيم التمويل و الصرف فيها بصورة شفافة وايضاً لتجنيد الدعم المذكور لصالح سوق الأحزاب باتجاه ممارسة الديمقراطية داخل الحزب وخارجه مع الاحزاب الأخرى ومع الشعب بمكوناته و شرائحه ، بل و لتشجيع بزوع احزاب سياسية برامجية جديدة تدعو الى الديمقراطية وتطبقها داخل الأحزاب نفسها ، فيمكن وعلى سبيل المثال حجب التمويل المذكورعن الاحزاب التي لا تلتزم بالديمقراطية داخل صفوفها ، طبعاً كل ذلك بحاجة الى نظم وأليات و مرجعيات محايدة شفافة نزيهة قوية دستورية مثل لجنة في المحكمة الدستورية العليا كي لا تتحول الأحزاب الى ذيول للحكومة وضحايا للإقصاء اوالحذف . هذا ومن الجدير بالإشارة ان دمقرطة الأحزاب يمكن أن تساعد كثيراً الأحزاب على الإبتعاد عن النظرة الحزبية الضيقة والحسابات الجهوية و الشخصنة وأدلجة الأمور وتسييس المشاكل و تدفعها نحوالواقعية والبرامجية و التواصل والإهتمام بالرأي العام بعيداً عن الديموجاجية والرهان على التحديات والصراعات الطائفية التي في كنفها فقط يتعباً الشعب للإشتراك في الإنتخابات بشكل واسع لكن ماذا بعد زوال التحدي الطائفي او العراقي ؟ و ما ذا بعد تجربة الشعب لأكثر من حكومة مشلولة ؟ جميع المعطيات والتداعيات تكشف عن ضرورة ملحة لدمقرطة الأحزاب داخلياً لإنقاذ الإصلاح من الشلل والديمقراطية من الإنسداد ، طبعاً ذلك لوحده لا يضمن النجاح هناك ثغرات اخرى ترتبط بالدستور إضافة الى ما يرتبط منها بالنظام الإنتخابي وقانون الأحزاب ولابد من مراجعتها و دراستها بموضوعية و إنفتاح على التجارب القريبة والبعيدة ولا سيما ان مناقشات تعديل الدستور العراقي الدائم قادمة لدفع التعديلات في الإطار الدستوري المجازو بما يكرس الديمقراطية الدستورية التي لا طريق اليها دون دمقرطة الأحزاب داخلياً كخطوة على الطريق الصعب والطويل لضمان تحويل نتائج الإنتخابات الى سلطة ديمقراطية حقيقية قوية فاعلة غير قابلة للإستئثاراو المصادرة اوالإضطهاد سواء اكان الإضطهاد موجهاً للاقلية اوالأكثرية او الأقليات . نعم هناك حاجة الى مجموعة متماسكة مطولة متوازية من التقنيات لضمان ما تقدم ومنها دمقرطه الأحزاب والكتل و لابد من البحث عن نظم إنتخابية مبتكرة تخلق حوافزمستمرة لإنتقال الأحزاب الى ممارسة الديمقراطية بين صفوفها كما تخلق حوافرها مستمرة فاعلة للتعاون بين الأحزاب من جهة و الإثنيات من جهة اخرى لتندفع في إنشاء ائتلافات سابقة تستند على تكتيل الأصوات بما يضمن حرية المقترعين ويعدد خياراتهم ويحول دون ضياع الأصوات و يدفعهم نحو الإعتدال والتعايش والإندماج فى مجتمع شديد الإنقسام و بعيد عن الثقة المبتادلة . لحسن الخط و بدون مبالغة هناك الألاف من التجارب والتقنيات لمعالجة مشاكل الديمقراطية و الأحزاب في المجتمعات التعددية الشديدة الإنقسام و على المثقفين والباحثين بدلاً من تكرار مقولة المشكلة تكمن في الاحزاب و النخب والسياسيين التنقيب عنها لإيصالها الى الشعب وأصحاب القراروقوى الضغط واللجنة البرلمانية التي ستكلف بمراجعة الدستورالدائم لتعديل ما يمكن تعديله قانونياً ودستورياً ومراقبة التطبيق والعمل بكل ذلك بعد إقراره . مـواضيع ذات علاقة : ● مَن يضمن الديمقراطية ؟ ● الدستور أو النظام الانتخابي: أيهما الأهم في النظام الديمقراطي؟ (1) ● النظام الانتخابي : الإطار التشريعي. (2) ● النظام الانتخابي : تحديد الدوائر الإنتخابية. (3) ● النظام الانتخابي : تثقيف الناخبين(4) ● النظام الإنتخابي : الإدارة الانتخابية(5) ●النظام الانتخابي : تسجيل الناخبين(6) ● النظام الانتخابي : الأحزاب السياسية والمرشّحون (7) ●النظام الانتخابي :عمليات الاقتراع (8) ● النظام الانتخابي : فرز الأصوات (9)
|