الديمقراطية
مبادئ - مؤسسات - مشاكل دراسة لدافيد بيتهام بجامعة ليدز البريطانية يمكن تلخيص بعض أهم ما خلصت إليه: 1- إن منطلق الديمقراطية هو ليس سوى حق الراشدين ليكونوا طرفاً في إدارة الشؤون العمومية سواء مِن خلال جمعيات المجتمع المدني أو مِن خلال مشاركتهم في الشأن العام، ويجب أن يمارس المواطنون هذا الحق في ظروف مساواة وفي الإحترام الصارم لآراء الآخرين. 2- يفترض مسبقاً في هذا الحق أن تكون الحقوق وحريات التعبير والجمعيات مضمونة، ولا يمكن ممارسة هذا الحق في حرية التعبير دون وجود وسائل إعلامية مستقلة وقوانين تحول دون تمركز الإعلام بين أيدي مالك واحد، كما تشمل حرية الجمعيات الحق في إنشاء جمعيات ذات أهداف إقتصادية وإجتماعية وثقافية وسياسية، بما فيها أحزاب سياسية، وينجم عن حق الإجتماع السلمي الحق في التنقل الحر داخل البلدان وما بينها، ولا يمكن ممارسة أحد هذه الحقوق في غياب الحرية والأمن والشرعية، وعليه فالديمقراطية جزء لا يتجزأ مِن الحقوق والحريات الأساسية للشخص، وكذا إحترام حقوق وحريات الغير. 3- يتضمن الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العمومية حقوق المشاركة في الوظيفة العمومية والتقدم إلى الإنتخابات وإنتخاب الممثلين في الإقتراع السري العام وفق كيفيات (حرّة وشرعية) تماشياً مع القواعد الدولية... ويشمل كذلك الحقُّ بإلقاء المسؤولية على هؤلاء الممثلين مباشرة مِن خلال المسار الديمقراطية وبطريقة غير مباشرة مِن خلال المراقبة عن طريق برلمان منتخب ومستقل عن السلطة التنفيذية. 4- تتولد مِن المسؤولية أمام الشعب مسؤولية جميع الأعوان التابعين للسلطة التنفيذية غير المنتخبين، بما فيها أعوان الشرطة والجيش والمخابرات تجاه الممثلين المنتخبين، ويفترض في هذه المسؤولية حق الجمهور في الإطلاع على نشاطات الحكومة، وتشملُ الحقَّ في تقديم لوائح إلى الحكومة والطعون أمام المحاكم والوسطاء في حالة إختلال الإدارة، وذلك بواسطة ممثلين منتخبين وترتكز على المبدأ الأساسي للشرعية أي أن: إختصاص جميع أعوان الدولة يكون واضحاً ومحدداً في القانون والدستور اللذين تقوم بتفسيرهما وتطبيقهما سلطة قضائية مستقلة. 5- ينجر عن المساواة بين المواطنين عدم التمييز، سواء على أساس العرق أو الجنس أو اللون أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، ومهما كانت طبيعته: وطنية أو إجتماعية أو ذات صلة بالمال أو الولاة أو أي وضع آخر، وتفرض نفس المساواة الإزالة التدريجية للعراقيل التي قد تعترض سبيل المجموعات وفئات المواطنين للتمكن من التعبير أو المشاركة في الحكومة مع غيرهم على قدم المساواة، ولا تشكل التدابير المتخذة خصوصاً مِن أجل تصحيح الفوارق تمييزاً، كما تعد المساواة بين المواطنين هدفاً يصعب بلوغه في غياب حقوق إقتصادية وإجتماعية مضمونة، مثل الحق في التربية والحد الأدنى مِن الدخل. 6- يقتضي إحترام الرأي الآخر أن تتميز المجتمعات الديمقراطية بتنوع الآراء والثقافات والهويات التي تضمن كل دولة ديمقراطية الشروط الضرورية لجميع الثقافات والهويات حتى يتسنى لها الحفاظ على نمط حياتها في كنف الكرامة وفق الحدود التي يضعها القانون ومبدأ المساواة بين المواطنين، كما تشجع المؤسسات العمومية التي تسعى إلى تسوية أي خلاف فيما بينها مِن خلال الحوار والتسامح. 7- أن تطبيق المبادئ الديمقراطية المذكورة سالفاً على الميدان الإقتصادي يؤدي إلى الحقوق التالية: الحق في الملكية الفردية والجماعية، الحق في إجراء مبادلات بكل حرية مع الغير، الحق في تأسيس جمعيات مِن أجل الدفاع عن الحقوق الإقتصادية أو الإنضمام إليها، الحق في التأسيس كطرف في القرارات المتخذة في ميدان الشغل وتخضع جميع هذه الحقوق إلى تنظيمات يصادق عليها مِن أجل الصالح العام وصالح الأجيال المستقبلية برلمان منتخب ديمقراطياً. 8- يتوجب على كل مجتمع ديمقراطي تلقين الشباب الحقوق والواجبات الملقاة على عاتق المواطنين في الديمقراطية، وتغذيتهم بالقدرات والمواقف التي تسمح لهم بممارستها ممارسة مفيدة، ذلك المجتمع الديمقراطي الذي يهدف إلى الإنتشار التدريجي للممارسات الديمقراطية في المجتمع المدني، وفي ذات الوقت في الساحة الحكومية ويتمسك بتوسيع الديمقراطية على المستوى الدولي بتبيان التضامن مع الحكومات الديمقراطية والمنظمات غير الحكومية في الخارج، والعمل على توزيع موارد المعمورة توزيعاً أكثر عدلاً ، وأيضاً على دمقرطة المؤسسات الدولية. هذا وأن كاتب البحث هو مدير مركز البحوث والدراسات بجامعة ليدز البريطانية، والدراسة كاملة منشورة في مجلة البرلمان العربي - عدد 91-92 وعلى موقع الإتحاد البرلماني العربي في 22/3/2005.
|