نشرت الكرايسزز كروب في دراسة لها : ملخّص تنفيذي وتوصيات : ستكون المرحلة القادمة من التحوّل السياسي في العراق والمتمثلة في صياغة وتبّني دستور دائم مرحلة حاسمة في استقرار هذا البلد على المدى البعيد. ولكن أمام العراقيين معضلة: فإما التسرّع في العملية الدستورية والالتزام بالموعد المحدد في 15 آب (أغسطس) 2005 لمنع المتمردين من تحقيق مزيد من النقاط السياسية أو التشجيع على عملية شمولية وشفافة وتتسم بالمشاركة في جهد لضمان تأييد شعبي أوسع للنتيجة النهائية. وعلى الرغم من وجود سلبيات لأي تأخير إلا أن هذه السلبيات تفوق المخاطر التي يحملها تسريع الإنجاز الذي قد يؤدي إما إلى رفض أو تخلّ شعبي لوثيقة لا تبعث في نفوس العراقيين أي شعور بالفخر لأنها ليست من صنع أيديهم. ويحدد القانون الإداري الانتقالي الصادر في آذار (مارس) عام 2004 سرعة عملية صياغة الدستور وتبنّيه، وبموجب شروط هذا القانون يجب الانتهاء من صياغة الدستور في موعد لا يتجاوز 15 آب (أغسطس) 2005 وطرح الوثيقة للاستفتاء الشعبي قبل 15 تشرين أول (أكتوبر) بحيث تتبع ذلك في 15 كانون أول (ديسمبر) انتخابات لدورة كاملة للجمعية الوطنية. وإذا تمت هذه العملية بنجاح فقد تؤدي إلى نضوب مصادر التأييد للمتمردين. وبالمقابل فان الفشل في هذا العبء الدستوري يحمل في طياته خطر تزايد التذمر الشعبي واتساع نطاق التمرد. إن تجارب مجتمعات انتقالية أخرى واضحة، لأن المشاركة الشعبية وقبول الأعمدة الرئيسية للنظام الجديد هامة في نجاح التجربة ديمومتها. إن التوصل إلى وثيقة تأسيسية تحظى بتأييد الأغلبية من خلال استفتاء وطني عام، وكون هذه الوثيقة مبنية على المساهمة الشعبية والإجماع، قد تكون الطريقة المثلى لإضعاف التأييد للمتمردين وفي نشر الاستقرار في العراق (علما بأنه سيظل من الضروري التعامل مع العناصر المتشددة من المتمردين بوسائل عسكرية). ولا يمكن تحقيق ذلك على أرض الواقع في الإطار الزمني الضيق المحدد خلال الشهرين المتبقيين حتى 15 آب. وسيكون من الأفضل بكثير الاعتراف بأنه لا يمكن الالتزام بذلك الموعد والاستفادة من الفقرة الواردة في القانون الإداري الانتقالي التي تتحدث عن تمديد تلك المهلة لستة اشهر أخرى أي حتى 15 شباط (فبراير) 2006، مما سيمكن الجمعية الوطنية الانتقالية وبمساعدة الأمم المتحدة ومنظمات وحكومات أخرى تتمتع بخبرات ومصادر مطلوبة من وضع جدول زمني واقعي لإشراك قطاعات تم استبعادها من السكان (وليس فقط السنيين العرب ولكن أيضا ممثلين عن المجتمع المدني) وتثقيف الجمهور حول المداولات والتشاور بين معظم العراقيين حول الخيارات الهامة فيما يتعلق بالبناء السياسي لبلدهم والهوية والمؤسسات. وعلى ضوء العنف المتزايد الذي يأخذ طابعا طائفيا يوما بعد يوم فإن ضمان اعتبار الدستور أمرا شرعيا من قبل جميع الفئات هو ضرورة حيوية. أما الأسلوب الآخر بأسم الالتزام الصارم بالجدول الزمني كما ورد في القانون الإداري الانتقالي فانه قد يصب في مصلحة المتمردين والحكم على العراق بمزيد من العنف وتشجيع تلك العناصر التي ظلت تسعى من خلال هجماتها الطائفية المتعمدة لإغراق البلد في حرب أهلية أكثر شراسة. التوصيات : للجمعية الوطنية الانتقالية: 1. الإعلان الآن عن تمديد موعد صياغة الدستور لمدة ستة أشهر أي حتى 15 شباط (فبراير) 2006 لإتاحة المجال لتوعية الجمهور والتشاور الأوسع. 2. توسيع عملية الصياغة عن طريق: (أ) الطلب من العراقيين غير الأعضاء في اللجنة الدستورية في الجمعية الوطنية الانتقالية أن يبذلوا كل جهدهم لإشراك كل الجماعات التي لم تشترك في انتخابات كانون ثاني (يناير) 2005 وخاصة السنيين العرب ونشطاء المجتمع المدني والجماعات التي تحظى بتمثيل ضعيف مثل النساء والأقليات العرقية الدينية والسماح لهم لانتخاب ممثليهم أو إذا لم ينجحوا في ذلك.... (ب) تشكيل لجنة لصياغة الخطوط العريضة للدستور والتي تشمل ممثلين عن الجماعات أو الأقليات التي تم استبعادها سابقا. وعلى هذه اللجنة الدستورية أن تتخذ قراراتها بالإجماع، أو حيث أمكن عن طريق ضمان موافقة الثلثين وتقديم نص الوثيقة للجنة الدستورية وكامل الجمعية الوطنية الانتقالية للموافقة أو لإعادتها للجنة لإدخال التعديلات عليها. 3. اعتماد عملية شفافة للصياغة تسمح لوسائل الإعلام بالوصول الحر إلى مداولات اللجنة الدستورية وتمكنها من نقل تقاريرها كاملة للجمهور. 4. إنشاء وكالة مكلفة بتنسيق الانفتاح عبر وسائل الإعلام والتجمعات العامة والندوات المتخصصة وكذلك تجميع الآراء من الجمهور وتقديمها لمن يكتب الدستور. 5. تشجيع مبادرات المجتمع المدني دعما للعملية الدستورية بما في ذلك التثقيف الشعبي والرقابة على عملية الصياغة. للولايات المتحدة وأعضاء المجتمع الدولي الآخرين: 6. الامتناع عن الإدلاء ببيانات عامة مؤيدة لجدول زمني محدد وخاصة التوقف عن الإصرار على الالتزام بموعد 15 آب (أغسطس) 2005 7. توجيه كل التأييد للعملية الدستورية من خلال الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المرخصة. لبعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في العراق: 8. مساعدة الجمعية الوطنية الانتقالية واللجنة الدستورية والهيئة الدستورية (في حال تشكيلها) في وضع جدول زمني عملي مدته ثمانية شهور مع سلسلة من المواعيد المؤقتة تعكس الإنجازات الرئيسية في عملية الصياغة في موضوع الانفتاح على الجمهور والتشاور والمراجعة. 9. الاستمرار في تقديم المشورة الفنية للجمعية الوطنية الانتقالية وواضعي الدستور فيما يتعلق بخطوات العملية والمواضيع التي تتطلب خبرات مماثلة أو الالتزام بالمعايير الدولية. عمان/بروكسل 8 حزيران (يونيو) 2005
|