الخطوط الحمراء للحركة البنفسجية في العراق
فؤاد عباس
(القسم الأول) سأل المدرسُ : أيهما أبعد استراليا أم القمر؟ أجاب التلميذُ: استراليا أبعد. سأل المدرسُ : لماذا!؟ أجاب التلميذُ: لأننا نرى القمرَ، ولا نرى استراليا. نرى... أو لا نرى... المهم اُجريت الإنتخابات العراقية في الثلاثين من يناير/ كانون الثاني، وذهب العراقيون إلى صناديق الاقتراع بشجاعة وهدوء واطمئنان وبنسب أذهلت الكثير لدوامة العنف ولغة الوعيد والتهديد والتكفير الجمعي لكل مَنْ يُشارك في الإنتخابات (!) وللوضع المأساوي الذي يعتصر المواطن العراقي أمنياً واقتصادياً ومعاشياً وصحياً وتعليمياً و... ويحرمه من أدنى معدلات الخدمات الأساسية اليومية كالكهرباء والماء والوقود وما إلى ذلك. أجلْ كانت المشاركة الشعبية واسعة وتفوق التوقعات، خاصة إذا قورنت المشاركة بمثيلاتها واُخذت بنظر الإعتبار الظروف والملابسات والمعاناة المتقدمة للشعب العراقي، وما يدل على دهشة وذهول المراهنين على الخيار اللاديمقراطي من هذه المشاركة نعتهم للمشاركين في الإنتخابات بالمغامرين تارة، وبالمتهورين تارة، و... في ثنايا إفتتاحياتهم وتقاريرهم الصحفية هنا وهناك. لكن وبعيداً عن دلالات مثل هذه النعوت فإذا كان الشعب العراقي قد غامرَ فإنما غامرَ وبحكمة ليُبدد أي شكٍ أو تشكيك في الإتجاهات التالية: أولاً: تمسكه بالخيار الديمقراطي، وأنه لا يهاب الموت والقتل والتذبيح والتهديد والإرعاب على هذا الطريق. ثانياً: تمسكه بالخيار السلِّمي في التعاطي مع الأحداث أو في الردِّ على العنف والتخريب والقتل والتذبيح الذي سبق أو رافقَ الإنتخابات منذ سقوط النظام السابق، فلمْ تُسجل أي عملية تتسم بالعنف أو الردِّ بالمثل، رغم صعوبة ومرارة الصبر وضبط النفس وكثرة الأطراف التي تصب الزيت على النار، أو تُراهن على الحرب الأهلية، هذا إضافة إلى إنتشار السلاح بأبخس الأثمان من جهة، والتسيّب الأمني والفساد الإداري وما إلى ذلك. أجلْ تمسك عن مقدرة وإبتداءاً، لا إضطراراً أو ضعفاً أو إنهزاماً. لأنه وفي طريقه إلى صناديق الإقتراع كان مهدداً بالذبح الجمعي تهديداً جدياً.. لكنه لَم ترعبه التهديدات وشارك مشاركة أذهلت أصدقاء وأعداء الديمقراطية على حد سواء. ثالثاً: تمسكه باستقلال العراق، حيث كل الجهات والبيانات والمؤتمرات والندوات التي شاركت أودعت إلى المشاركة في العملية السياسية والإنتخابات الأخيرة كانت تستند في ذلك إلى أن المشاركة تعتبر مدخلاً للديمقراطية ومقدمة لتكريس الإستقلال عبر السبل السياسية السلِّمية. رابعاً: تمسكه بالدين الإسلامي، الذي أستمدَ الشعبُ في العراق منه تمسكه بكلٍّ من خياريّ الديمقراطية والسلِّمية وتمسكه بالإسلام طبيعي، لأن الأكثرية الساحقة تدين بالإسلام، وهو واضح وملموس، ومما يدلُّ على تأكيد الشعب على تمسكه بالدين الإسلامي في الإنتخابات الأخيرة: · التأمل في الشرائح التي شكّلت أكثرية المشاركين في الإنتخابات الأخيرة. · دور الحافز أو الدافع الديني لأكثرية المشاركين في الإنتخابات الأخيرة. لكنْ ربّما يُقال: كيفْ أستمدَ الشعبُ في العراقِ تمسكه بالخيار الديمقراطي من الإسلام؟ المرجعيات في العراق، وعلى رأسها الدينية ما برحت ومنذ الثورة العراقية عام 1920 تعمل جادة وتدعو إلى الديمقراطية وتكريسها، وهذا الموقف مُسجّل في وثائق الثورة المذكورة، ولاسيما في رسائل قائد الثورة إلى رؤساء دول العالم الفاعِلة على هذا الطريق حينئذٍ. أما المرجعيات الدينية المعاصرة فتمسكها الاستراتيجي بالديمقراطية في غاية الجلاء، ومنذ سقوط النظام السابق الشمولي الديكتاتوري، وفتاواها التي أعتبرت المشاركة في التصويت للإنتخابات واجباً دينياً معروفة، ومنتشرة، فهذا الإختيار للديمقراطية استراتيجي، وليس بتكتيكي، وقديم وليس بجديد، وله اُسسه ومبادئه وقيمه وآلياته في الإسلام، والتي تتجسد في أصول وقاعد وثوابت ومبادئ محورية عديدة منها: العدالة، ثنائية السيادة، الشورى، أصالة الحرية، أصالة المساواة، أصالة السلِّم، أصالة اللاعنف، أصالة إنسانية التكاليف، أصالة اللامركزية، أصالة التسامح، أصالة النّظم، أصالة حرية المعتقد، أصالة دفع الضرر والحرج، أصالة الإمضاء، أصالة الإلزام و... فالديمقراطية آلية ووسيلة لتحقيق أهداف ومبادئ لا تتباين في عمومياتها مع الأهداف والمبادئ المحورية للإسلام، والمذكورة آنفاً، كما أن الديمقراطية ليست إلا إمتداداً للشوريّة، ومبدأ الشورى في الإسلام، التي تمَّ تغيّبها منذ قرون، وبالطبع مع بعض التقنيات والتطويرات التطبيقية، وما نحو ذلك فهذه بضاعتنا رُدت إلينا بعد...(!). فهذا المجدد الثاني (ر) مثلاً، وخلال إستدلاله الفقهي المستوعب للشورية أو الديمقراطية يقول: (لا إشكال في أنّ كلّ نظام كان أقرب إلى طاعة الله، وأبعد عن سيطرة الظالمين، وأنفع للمسلمين فهو واجب لا يجوز التنازل منه إلى نظام ليس كذلك، ولا شك أن نظام الشورى فيه هذه الخواص... الخ)[1] ويقول أيضاً: (أنّ الديمقراطية أفضل أساليب الحكم، لأنها تهيئ الجو الكامل للحرية، وفي الحرية تظهر الكرامة الإنسانية من جانب، والكفاءة الإنسانية من جانب آخر، فتنمو الملكات، وتبرز العبقريات، ويعمل النقد البريء على إظهار عيوب الإستنباطات، ومؤاخذة التطبيقات للقوانين، وبذلك يظهر في الحياة الأصلح فالأصلح، وهو يوجب إعطاء الإنسان حاجاته، ويُقدم الإنسانَ إلى الأمام، لأن التنافس البريء سوط لتقدم الإنسان، كما أن المراقبة الدائمة من المتنافسين توجب سدَّ الإنسان خلله، وستر عيوبه، وخوفاً من ألسنة النواب في أروقة المجلس، فتقف السلطة التنفيذية موقف الحذر، كما أن النواب لابدّ لهم من العمل الجاد المثمر، لأنهم جاؤوا إلى المجلس من أجل ذلك وإذا حادوا سقطت حرمتهم عند الجماهير، وفضحتهم الصحافة المسؤولة، وأنقطعَ أملهم في إنتخاب الأمة لهم في المسقبل... الخ)[ 2 ] ويضيف (ر): ( نُسّمي الديمقراطية إستشارية لقوله تعالى: ﴿ أمرهم شورى ...﴾[ 3 ] و ﴿شاورهم...﴾[ 4 ]، ولأنّ لا تشريع في الإستشارية بمعنى جعْل القانون، وإنّما في الإستشارية تأطير للقانون مِن الأدلة الشرعية، بينما في الديمقراطية تشريع للقانون...)[ 5 ] وتجدر الإشارة هنا إلى حيوية وديناميكية الإسلام - ومازال الكلام قادنا إلى وضع القانون - إلى نظريته الفقهية بهذا الخصوص، فيقول (ر)، وفي المسألة الفقهية -29-، وتحت عنوان: من مؤهلات القانون: (يجب على واضع القانون، عند مَنْ يرى وضع القانون كالعِلّمانين، وعلى مُطّبق القانون على الجزئيات، عند مَنْ يرى أنّ وضع القانون مِن حقّ الله سبحانه، كالمسلمين، أن يُلاحظَ أمرين:- الأول: صلاحية القانون بالنسبة إلى الظروف الحاضرة، وذلك بأن لا يوجِب - مثلاً الضجر والملل في الناس، وأن لا يضّر - مثلاً - الإقتصاد والمجتمع، وما أشبه، وهذا يُلاحظ غالباً عند العقلاء. الثاني: صلاحية القانون بالنسبة إلى المستقبل، وذلك بأن لا يوجب - مثلاً - الخَبال والضرر، وهذا ما لا يلاحظه الواضعون للقوانين غالباً، إلاّ بقدر...، ثمّ إن ما ذكرناه لا يختص بالقانون وضعاً وتطبيقاً، بلْ يعمّ كلَّ شؤون الحياة)[ 6 ] فمع هذا الإتساق، الإنسجام، المرونة، الإستيعاب، والتّيسير، الفاعلية، الديناميكية، والتكريس الديمقراطي الذي يتسمُ به القانون الإسلامي: هلْ مِن الحكمة السماح لخلق هوة بين المسلمين والديمقراطية، عبرَ رفض جعل الإسلام ديناً رسمياً للدولة، ومصدراً للتشريع!!؟ تحت وطأة فزّاعات وهمية مختلقة تهدف إلى عزل المشروع الديمقراطي فإجهاضه. فيا ترى ما هي مصادر هذا الإرعاب والخوف والتخويف مِن جعل الإسلام مصدراً للتشريع في الدستور الذي يُراد تدوينه كيّ يكون دستوراً دائماً للعراق بعد الإستفتاء عليه!!؟ لماذا تسييس هذا الإستحقاق، الذي تُقرّه الديمقراطيةُ، ولا يتعارض مع الديمقراطية، بل يدعمها ويكرسها!؟ لِمَ هذا التسويق الـمُّضخم لتطبيقات غير سليمة، وغير مستوعبة للقانون الجنائي الإسلامي!؟ فهذا المجدد الثاني (ر) مثلا يقول فيما يرتبط بذلك، وبصورة خاصة فيما يتعلق بإجراء الحدود: (إنّ إرتكاب الجريمة بما هو عمل لا يكون له عقاب، إلاّ إذا توفرت الشروط الإيجابية من ناحية، والشروط السلبية من ناحية الثانية، فعندها يكون مَنْ سَرَقَ مجرماً... الخ)[ 7 ] وكذلك الأمر عنده بالنسبة لظروف المجرم الشخصية أو الخاصة، حيث يقول (ر): (فعمل الجريمة بما هو عمل لا يكون له عقاب حتى ينضم إليه ظروف الجريمة، إذْ مِن شروط المجرم حتى يكون عمله جرماً مستحقاً للعقاب أن يكون بالغاً عاقلاً شاعراً مختاراً عالِماً، ولَمْ يكنْ مضطراً، ولَمْ يكن فعله من باب مزاحمة الأهم والمهم، أو المتزاحمين حيث يتخير الأمر،... فإن اللازم معالجة ورفع الجريمة، لا معاداة المجرم، فإذا زنى، ولَمْ يكنْ له زوجة، لعدم قدرته، تَعاونَ القاضي مع مؤسسة الزواج لتزويجه، وإذا كان سارقاً، ولَمْ يكنْ له شغل أو عمل، فإضطرَ إلى السرقة، تَعاونَ القاضي مع مؤسسة التشغيل، لإعطائه عملاً يليق به، إلى غير ذلك وقد وردَ في الشريعة تلميحات كثيرة إلى هذا الشرط مما يستحق أن يؤلف بعض الباحثين حوله كتاباً مستقلاً، وإليك الإطاع إلى بعضها مثلاً:..... الخ)[ 8 ] هذا وذكرَ (ر) 22 مورداً من الشريعة[ 9 ]، مما يؤيد ذلك مؤكداً على أصل إنسانية التكاليف[ 10 ] و... الخ. وإضافة لكلّ ما تقدمَ، فإنه (ر) ذكرَ - مثلاً - لحدِّ السارق 43 شرطاً ختمها بما نصّه: (وأن لا يسيء الحدّ سمعة الإسلام حيث يجري الحاكم قانون الأهم والمهم، فيبدل القطع إلى الغرامة والسجن أو نحوهما، فهذه أكثر من أربعين شرطاً يجب توفرها جميعاً حتى يمكن إجراء الحد، وقطع يد السارق، وكمْ تجعل هذه القيود والشروط الحدّ قليلاً، بل ومعدوماً، فإنه من المعروف: " الشيء كلّما زادَ قيوده قَلَّ وجوده")[ 11 ] أما موقع التشريعات التي تلتزم بها الأقليات غير المسلمة (سواء كانوا أهل كتاب أو لا)، وعلاقتها بالقوانين الجنائية في الإسلام، فالجواب في غاية الوضوح حيث: ●القوانين المذكورة وما نحوها لا تعميم فيها على غير المسلمين، وما يجب على جميع المواطنين رعايته هي القوانين العامة للبلاد فقط.[ 12 ] ●إنّ قاعدتي "الإمضاء" و "الإلزام" الفقهيتين تعترف بقوانين الأقليات المذكورة، وتضمن تطبيقها، وتُعالج التعارض، بحرية وإنفتاح منقطع النظير. وبغض النظر عن كلّ ما تقدمَ، فلو تمَّ تدوين الدستور الدائم، ولَمْ يُجعل فيه الإسلام ديناً رسمياً للدولة، ومصدراً للتشريع، ما الذي يحصل ميدانياً:- ●لا تُشارِك، أو لا تُصوت الأكثريةُ (التي جاءت بهذا المجلس الوطني التأسيسي) لصالح إقرار الدستور الـمُدّون في الإستفتاء المرتقب، ونتائج وعواقب ذلك واضحة. ●يبدأ التشكيك في مصداقية المشروع الديمقراطي، فتترسخ المزاعم التي تُرّوج لتناقض الديمقراطية والإسلام، وتبدأ الهوة لتنتهي إلى القطيعة بين الديمقراطية والشعب في العراق، ومِن ثم إنعكاس ذلك على المنقطة برمتها، فالعالم بأسره ويُجهِضُ المشروعَ الديمقراطي، فتنتصِرُّ القشريةُ، وينتعش الإرهاب والإرهابيون و... ●يتم فتح الباب لتشريعات تتعارض مع الإسلام سواءاً في التشريع الدستوري، أو التشريع العادي، أو التشريع الفرعي، ولشعبٍ أكثريته المطلقة من المسلمين، الذين عبّروا بكل وضوح عن تمسكهم بالدين الإسلامي في الإنتخابات الأخيرة، فتبقى تلك التشريعات الوضعية تفتقد التأثير والتفاعل الشعبي، فالتطبيق الفاعِل. لماذا؟ لأنه لا شك أن المبادئ الأخلاقية عند أكثيرة الشعب العراقي مستمدة مِن الإسلام، وإنّ القانون الوضعي: (يجب أن يؤسس على قاعدة من المبادئ الأخلاقية، والمصلحة الشخصية، لضمان تأثير القانون على المدى البعيد)[ 13 ]. أضف إلى ذلك: أن تجاوز الخيار الرابع، والمتمثل في تمسكه بدين الإسلام، لا يجعل التشريعات الوضعية متعارضة مع المبادئ الأخلاقية للشعب فحسبْ، بل يسلبها من الإتسام بالحس الأخلاقي السليم العام كالعدل، والذي يراه ضرورياً أيضاً أخصائيو القانون الوضعي، لضمان فاعلية القانون الوضعي وتأثيره. فهلْ هناك عدل في إلغاء خيار الأكثرية التي عبرت عن تمسكها بخيار الدين الإسلامي المنفتح؟ وإعتقادهم هذا واضح - كما يقول مثلاً توني أونورية-: (وهكذا يدعم الرأي القانوني، والرأي الأخلاقي كلّ منهما الآخر، فالنظام الأخلاقي يشوبه النقص دون وجود قانون، ولا يمكن تطبيق القانون إلاّ إذا كانت المبادئ الأخلاقية، والمصلحة الشخصية تدعمه)[ 14 ] وكيفْ سيتم تطبيق تلك التشريعات الوضعية في المجتمع العراقي بخصوصياته المتقدمة!؟ في الوقت الذي تعتقد المدرسة الوضعية أيضاً بأن القانون أو القاعدة لا يُعمل بها، وتبقى حبراً على ورق، إلاّ إذا سادَ الإعتقادُ أنها قاعدة عادلة، وإن المصلحة تكمن في رعايتها، فإذا لم تستقر القاعدة في ضمير الأغلبية، فإن القاعدة تبقى دون أن تعني شيئاً في الرعاية والتطبيق. فهلْ يُمكن الإدعاء!!؟ بأن القاعدة أو القانون الوضعي مستقرّ، أو يمكن أن يستقر في ضمير أغلبية الشعب العراقي في ظلِّ ما عبّرَ بوضوح في إنتخاباته الأخيرة من تمسكه بالدين الإسلامي، أمْ العكس هو الصحيح؟ أضفْ إلى كلّ ذلك - وحديثنا في القانون الوضعي- فإنهم أيضاً يقولون بأنه: (فعند توافر الدعم الكافي من وجهة النظر الأخلاقية والمصلحة الشخصية، فإن الدولة يمكنها أن تجمعَ بعض قواعد السلوك، وتصبغها بالصبغة الرسمية لتصبح قوانين) [ 15 ] فهلْ لا تختلف قواعد السلوك في المجتمع العراقي بميزاته وخياراته المتقدمة عن غيره؟ وإذا كانت تختلف، فلكي يكون القانون فاعلاً ومؤثراً ومُطبقاً، لابدّ مِن جعل الإسلام مصدراً للتشريع، لأن قواعد سلوك أكثرية متأثرة بالإسلام، وإلى حدٍّ كبير. فإنّ أخصائي القانون الوضعي يُذّيلون قولهم الأخير المتقدم بـ: (وتُعد إحدى مزايا تحويل قواعد السلوك إلى قوانين: دقة صياغة السلوك المحظور أو المطلوب، وإحدى المزايا الأخرى لتحويل قواعد السلوك إلى قوانين يتمثل: في حالة عدم إلتزام الأفراد أو الدول، يمكن للقانون أن يُحدِدَ الخطوات التي يمكن إتخاذها ضدهم، وبذلك يُعرِفُ الأفرادُ والدولُ نتيجةَ المخالفةِ للقواعدِ القانونية معرفةً جيدة ... الخ)[ 16 ] وكأنهم يُعلِلون جمع وتحويل قواعد السلوك إلى قوانين بمزاياه التي تتمثل في دقة ووضوح صياغة السلوك المحظور أو المطلوب من جهة، وكون تحويل قواعد السلوك إلى قوانين من جهة ثانية مُقدِمة ومُمهدة لتحديد العقوبات والإجراءات ضد المخالفين، وتفهمها وتنفيذها. وبذلك فإذا تمَّ جمع وتحويل قواعد سلوك متباينة مع سلوك الشعب المسلم العراقي إلى قوانين، فإنها تبقى غير مستوعبة سلوكياً، دقة، ووضوحاً، كما أنها لا تُمهِّد لتحديد عقوبات مفهومة ومستساغة ضد المخالفين، كما لا يُساعد على تنفيذها وإجراءها، وتبقى القطيعة بين القانون والمجتمع، وينحصر تطبيق القانون على القوة فقط، وفقط، وبعيداً عن أيّ دعم من النظام الأخلاقي في المجتمع، في الوقت الذي يؤكدون هم - وكما تقدمَ- بأنه: لا يمكن تطبيق القانون إلاّ إذا كانت المبادئ الأخلاقية، والمصلحة الشخصية تدعمه. والثغرات محورية وأساسية وخطيرة في عدم جعل الإسلام مصدراً للتشريع في الدستور الدائم، أو عدم رعاية ذلك في الممارسة، واللجوء إلى القانون الوضعي - ولاسيما المتعارض مع الإسلام- وتداعيات ذلك أكبر، وأكثر خطورة، وهي كثيرة نكتفي هنا بالنقاط التالية وكلّ ما نورده طبقاً للمشهور في مدرسة القانون الوضعي طبعاً: ●(إن القوانين بعكس الجينات تُحددها ثقافتنا) [17 ] . فلّما كانت ثقافة المجتمع هي التي تُحدِدُ وترسمُ القوانينَ: فلماذا يُستثنى الشعب العراقي مِن هذه القاعدة!؟ ولا شك في كون ثقافة أكثرية هذا الشعب مُستمدة من الإسلام الديمقراطي السلِّمي في ذاته - كما تقدمَ-. ● (إن القانون يهدف إلى توفير الأمان النفسي، فضلاً عن الأمان الجسدي)[18]. فهلْ يمكن أن يتوفر الإرتياح، أو الإستقرار، أو الأمان النفسي في محيط قانوني غريب، وغير مُنسجم مع ثقافته!؟ هذا ولَمْ نوسع نحن مفهوم الأمان النفسي، بل هذا يطابق ما يذهبُ إليه أخصائيو القانون الوضعي عند إجابتهم على مَنْ يسأل عن: ما هو سبب بقاء القوانين غير المتسقة مع ثقافتنا في كثير من الأحيان؟ بقولهم: (إذا ما أستثنينا القصور الذاتي، فإنّ أحدَ الأسباب يعودُ إلى أنّ القانون يهدفُ إلى توفير الأمان النفسي فضلاً عن الأمان الجسدي، وتُعد القدرة على معرفة القواعد الشكلية التي تحكم حياتنا ومجتمعنا، والشعور بالإرتياح تجاهها أحد عناصر الأمان. ولذلك فإن البقاء والإستمرار يتسمان بالأهمية، ويعدان مِن أسباب ترك القوانين على ما هي عليه، إلاّ إذا ثبت أنه لا يمكن العمل بتاتاً بتلك القوانين. ويُفسِّرُ ذلك أيضاً لماذا تتبعُ قرارات المحاكم السابقة في كلِّ النُظم القانونية عندما تطرأ قضايا مشابهة مستقبلاً فإذا ما تمّ التوصل في إحدى المرات إلى قرار يقضي بأن الفيل حيوان خطر، فمِن المحتمل أن يتبع هذا القرار، على الرغم مِن أن الأفيال جميعها ليست بالفعل خطرة. وتُعد السابقات، كما تدعى، هامة حتى عندما لا تكون مُلزمة من الناحية الشكلية، فالأفراد العاديون ليسوا وحدهم في الشعور بالإرتياح إذا ما تتبعوا الممارسات السابقة، وشعروا بأنهم أقل تعرضاً للنقد، بل هناك أيضاً القضاة والوزراء والمسؤلون الحكوميون، وذلك ما دامت لَمْ تظهر قضية واضحة تستدعي تغييره هذه الممارسات كما تقتضي العدالة معاملة القضايا المشابهة معاملة مشابهة، ولذلك فليست القوانين وحدها هي التي تتجه للثبات، وإنّما تفسيرها أيضاً) [ 19 ] فإذا كان بقاء أو إستمرار أو إستصحاب القوانين الوضعية السابقة وتفسيرها كذلك على هذه الدرجة من الأهمية، و تتسبب في: 1. الإبقاء على القوانين غير المتسقة مع ثقافة البيئة الإجتماعية لتلك القوانين. 2. ترك القوانين على ما هي عليه، إلاّ إذا ثبت أنه لا يمكن العمل بتاتاً بتلك القوانين. 3. تتبع أو إتباع المحاكم قرارات المحاكم السابقة، وفي كلِّ النُظم القانونية، لقرارات المحاكم السابقة في القضايا الفعلية أو المستقبلية المشابهة. فلماذا إذنْ تناسي أصل إبقاء القوانين على ما هي عليه!؟ بخصوص جعل الإسلام ديناً رسمياً، ومصدراً للتشريع في الدستور الدائم للعراق الديمقراطي التعددي اللامركزي (أو الفيدرالي) الموحد، في الوقت الذي ينعدم فيه عدم إتساق بين الإسلام وثقافة المجتمع العراقي، بل هناك إنسجام، وهذا ما عكسته الإنتخابات الأخيرة كما تقدم بنتائجها، كما أنه لَمْ يثبت أنه لا يمكن العمل بجعل الإسلام مصدراً للتشريع، ولاسيما مع ما تقدمَ، وسيأتي عن الإسلام ومبادئه التي لا تُكرّس، بلْ تحرس حقوق الأقلية والأقليات والحريات والمساواة والعدالة و...، هذا الوجه الحضاري الإنساني المتسامح للدين الإسلامي، الذي بات مُغيباً منذ قرون متمادية، وهو مستقر في ضميره، ويحلم به، وقد عَبّرَ عن ذلك، أحسن تعبير في الإنتخابات الأخيرة. وإذا كان الأصل في القانون الوضعي إبقاء القوانين على ما هي عليه، لأنه أقرب إلى الإحتياط، والجدوائية، والعقلانية - كما سبقَ- وإن القضاة والوزراء والمسؤولين الحكوميين يتتبعون القوانين والممارسات السابقة، ويتبعونها، لأنهم يشعرون بالإرتياح، فالأمان النفسي، ويتحاشون بذلك التعرض للنقد. وليس هذا فحسبْ، بل القوانين السابقة تعتبر هامة، حتى ولو كانت منسوخة ولَمْ تكنْ سارية المفعول، أو مُّلزِمة من الناحية الشكلية. فلِمَ لَمْ يؤخذ كلّ هذا بنظر الإعتبار في جعل الإسلام المصدر للتشريع في الدستور الدائم للعراق، وفي الإطار المتقدم، وفي ظلِّ التمسك بالدين الإسلامي الذي كشفت عنه الإنتخابات الأخيرة!؟ ولاسيما مع إستدلالهم: بأن العدالة تقتضي معاملة القضايا المشابهة معاملة مشابهة. فهلْ مِن العدالة إستثناء قوانين الإسلام من المعاملة المشابهة فيما نحن فيه!؟ ألا يترتب على هذا الإستثناء تفريغاً للدستور، والتشريعات اللاحقة لها من العدالة، وبالتالي من المبادئ الأخلاقية التي عمادها العدل؟ وبذلك يتعثرُ تطبيق التشريعات، لأنها مسلوبة من الحسّ الأخلاقي السليم، وقد أتفقوا، وأقروا ضرورة ذلك لدعم الرأي القانون الوضعي، فالتمكّن من تطبيقه. هلْ لأن القانون الإسلامي يختلف عن القوانين الأخرى؟ أجلْ يختلف، لكن هذا لا يبرر مخالفة جعل الإسلام هو المصدر للتشريع في الدستور الدائم للعراق، لأن القوانين الوضعية أيضاً تختلف من دولة إلى أخرى. (ويمكن أن تختلف قوانين الدول لأسباب تاريخية على نحو كبير، وبالتحديد هناك اختلافات ما بين نُظم القانون المدني في القارة الأوروبية، وفي أمريكا الجنوبية، ومعظم آسيا، ونُظم القانون العام في البلاد الناطقة بالإنجليزية)[20] وفي ضوء ما تقدمَ فإن مبادئ واُسس القانون الوضعي لا تتعارض مع الدعوة إلى جعْل الإسلام ديناً رسمياً للعراق، وجعل الإسلام هو المصدر للتشريع، في الدستور الدائم، الذي سيدونه وكلاء الشعب الذين اُنتخبوا مؤخراً، ولك في المجلس الوطني التأسيسي. وفي كلِّ الأحوال فإن الدستور الدائم بعد تدوينه سيُعرض على الشعب، في إستفتاء عام، ليقول كلمته، وتتضح الحقائق أكثر، فلا مبرر للخوف، أو التخّوف، كما لا مُسوغ للخشية على مستقبل الديمقراطية، لأنه لا تناقض بين الإسلام والديمقراطية، كما لا جدوى لإرعاب العالم بفزّاعة، أو قنبلة تأسيس دولة دينية ثيوقراطية، على هذا النمط، أو ذلك النمط، لأنها ورقة محروقة، وسلاح إعلامي دعائي ومن اللون الأسود الغامق... الغامق، يُراد منه الوقيعة بين الأقلية والأقليات مِن جهة والأغلبية مِن جهة أخرى، وبين الأخيرة، وأنصار الديمقراطية من عراقيين، وأقليميين، ودوليين، ومِن ثمّ شلّها وحذفها، تدريجياً، لبعث صورة مُختلفة مُّفبركة، تحكي عن الفراغ، وتُصّوره كأمر واقع لابدّ مِن أن يُملئ، وأيّاً كان الثمن، حتى لو كان الثمن دفع العراق نحو التوافقات الظلامية فمستنقع عسكرتاريا الديمقراطية الأمنية، المغطاة بطبقة رقيقة غير شفافة من شوكولاته أسمها الديمقراطية، وهذا يقود ودون أدنى شك إلى إجهاض المشروع الديمقراطي برمته، وهو المطلوب والهدف لأعداء الديمقراطية الذين يُسوقون هذه الدعايات السوداء التي تحكي عن ذهاب العراق لإقامة دولة دينية ثيوقراطية، طبقاً لهذا النموذج، أو ذاك، وإنهم إمتداد لهذا، أو ذاك. وكأنّ لا هوية للشعب العراقي بمكوناته، ومنهم أغلبيته... وكأنّ لا تاريخ للشعب العراقي بمكوناته، ومنهم أغلبيته... وكأن لا إرادة للشعب العراقي بمكوناته، ومنهم أغلبيته... وكأنّهم يرددون ما قاله صدام بعد أن أطلقَ على المحافظات الجنوبية: إسم المحافظات السوداء (!!)، واصفاً سكان هذه المحافظات:- أنّهم أجانب جلبهم محمد القاسم من الهند مع الجواميس !!!!! ليكشفوا لاحقاً عن وصفتهم السحرية القديمة الجديدة للعراق، والقائلة بأنّ: الديمقراطية لا تصلح للعراق ذي المكونات المختلفة، لأنه بحاجة إلى حاكم قوي، ليحفظ العراق، ووحدته أرضاً وشعباً، وبالقبضة الحديدية !!. هذه المعزوفة الجنائزية القتامية التكرارية التي ما زالوا يعيدونها ومنذ قرون متمادية، لأنصار الديمقراطية، أو المشككين فيها، لاختطاف السلطة، وذبح الديمقراطية. وبناءاً على ذلك فالدوافع مكشوفة، والنوايا بيّنة، والأهداف معروفة، لهذا الزخّم الدعائي الإعلامي التسويقي الأسود المكثف، والذي عبره يطمحون أن يُصدق أنصار الديمقراطية إدعائهم بكون العراق ذاهب لإقامة حكم ديني ثيوقراطي في العراق، وفقاً لهذا النمط، أو ذاك؟ فالدعوة إلى ذلك لَمْ يُشاهدْ حتى في بيانات أو تصريحات أو ممارسات المرجعيات الدينية المساهمة في القضية العراقية، كما إنه لَمْ يُشاهد ذلك في البرامج السياسية للأحزاب السياسية الدينية في العراق، قبل أو أثناء أو بعد الإنتخابات الأخيرة، ومنذ سقوط النظام السابق، ولو كان لبان، فمنذ اليوم الأول لسقوط النظام السابق، دعت المرجعيات الدينية إلى إجراء إنتخابات حرة ونزيهة وتعددية، وبإشراف الأمم المتحدة، لسدِّ الفراغ السياسي، وكمدخل للديمقراطية، ولإستكمال وتكريس إستقلال العراق والمحافظة على وحدته، ليقوم وكلاء أو ممثلوا الشعب في البرلمان بمهامهم في ممارسة السلطة السياسية، مع ضمان حقوق الأقلية، والأقليات بموازاة حكم الأكثرية. ولا يرى المرءُ في ذلك تعارضاً مع مبادئ واُسس الديمقراطية، أو تناقضاً مع أهدافها، إلاّ إذا قيل بأن الديمقراطية تعني اللادينية تماماً، وهذا لا تقول به الديمقراطية، بل الكثيرون ينكرون كون جميع قراءات العلمانية تعتقد بمطابقة العلمانية للادينية، فبعض التعاريف راحت تُصرّ بأن العلمانية لا ربط لها باللادينية بالمعنى الشائع، وإنها أنطلقت لتنظيم السلطات، بما فيها السلطة الدينية، وذلك التنظيم لا يمنع كلاً من السلطة التنفيذية والسلطة الدينية من العمل جنباً إلى جنب في المجتمع، ودون إلغاء أو حذف. وأيّاً كانت أبعاد هذه الإتجاهات فبالنسبة للديمقراطية لا يمكن الإدعاء بكون الديمقراطية تعني اللادينية بالضرورة، والأمثلة في الدول المعاصرة أكثر من الكثيرة. أجلْ لا تعارض بين دور المرجعيات الدينية والديمقراطية، وليس هذا فحسبْ، بل دورها يُكرِّسُ الديمقراطيةَ، ويحافظ عليها من الإنحراف أو التحريف، لما تتمتع بها رقابة وتوجيه المرجعيات من فاعلية شعبية معنوية غير حكومية للرأي العام، فكما أن الدور الرقابي والتوجيهي لكلٍّ من المحكمة الدستورية العليا، ومؤسسات المجتمع المدني (بما فيها الدينية)، والإعلام (السلطة الرابعة) يُكرس الديمقراطية ويحرسها، فكذلك دور المرجعيات الدينية في العملية السياسية العراقية، مع ما يُميز دور الأخيرة، مما أشرنا إليه، والأمثال تُضرب، ولا تُقاس، وكلّنا يعلم - مثلاً- أن المسؤولية الأولى إنْ لم نقلْ الوحيدة للإعلام هي إيصال الحقيقة للجمهور، وهي سلطة دورها رهين بإستقلالها. فلِمَ التفريط بهذا الدور!؟ ومحاولة النيل منه تحت شعار العراق ذاهب لحكومة دينية ثيوقراطية، وتسويق ذلك عبرَ إصطناع تلازم حتمي بين: 1. العِلّمانية واللادينية. 2. العِلّمانية وإختيار القوانين الوضعية، كخيار وحيد لها. 3. الديمقراطية واللادينية. 4. النموقراطية والإسلام. 5. الشمولية والإسلام. 6. الأحادية والإسلام. 7. طقسنة الدين والدولة الديمقراطية الحديثة. 8. الإلتزام بالإسلام كمصدر للتشريع والنظام الثيوقراطي الديني المتعارف. إلى ما نحو ذلك، من الملازمات التي لا تقرها الحقائق والدراسات الموضوعية المنهجية المستوعبة للمفاهيم المتقدمة، وهذه المقدمات والملازمات الـمُّتصورة تؤدي إلى: ●بعث فزَّاعات، لإرعاب أنصار الديمقراطية، محلياً وإقليمياً وعالمياً ودولياً، لعزل مشروع الديمقراطية في العراق، عبرَ تكرار معزوفة: العراق ذاهب إلى حكومة ثيوقراطية دينية. ● إعادة الروح لبعض المواقف (المناقضة للمشهور بين المسلمين) والتي ترى أن الديمقراطية مستوردة، وليست من الإسلام(!!)، لأنها لَمْ تجدْ كلمة الديمقراطية في قاموس الإسلام !!، ناسية أو متناسية المبادئ والقيم والأهداف التي جاء بها -التي تقدمت الإشارة إلى بعضها- والتي تدعو وتؤكد وتضمن ديمقراطية بنّاءة أكبر من الديمقراطية الحديثة نفسها، والتي تؤكد في اُسسها (عند الحديث عن التعاطي الديمقراطية مع الإختلاف في الهوية، والثقافة والقيم) بما نصه: (ليست هناك إجابة وحيدة واحدة لكيفية حلّ إختلافات الأغلبية مع الأقلية في وجهات النظر والقيم وما إلى ذلك سوى المعرفة الأكيدة أنه فقط عبر العملية الديمقراطية المتمثلة في التسامح، والنقاش، والرغبة في التوصل إلى حلول وسط للمشاكل المثيرة للخلاف، يمكن أن نتوصل إلى إتفاقات من شأنها تبني العمادين الأساسيين للديمقراطية، وهما حكم الأغلبية وضمان حقوق الأقلية)[21] هذا علاوة على أن الديمقراطية، وبعيداً عن تسييسها لا تتعدى عن كونها تقنيّة وآلية ووسيلة، شأنها الوسائل الحديثة كالطائرة والحاسوب والهاتف المحمول. ●تعميم بعض سلبيات تطبيقات الديمقراطية العَرضية (غير الذاتية)، كتجاوز العدالة، أو العنف في السلوك الدولي، مثلاً، أو التحّيز للعنصرية أو لظلم الأقلية الرأسمالية أو للفساد، ومنه الأخلاقي، وما نحو ذلك من أمور تعتبر حساسة وهامة في مجتمعات كالمجتمع العراقي، وليس بخافٍ على أحد ضرورة التعاطي الجدي الديمقراطي مع هذه الإشكاليات لمعالجتها، وحماية الديمقراطية من الإغتيال تحت هذه الغطاء، ومِن دون ذلك فتعميم السلبيات المذكورة على ذات الديمقراطية سيُّمهد لهجر الديمقراطية، وبقاء مَنْ أختارَ البقاء خارج المشروع الديمقراطي، بل وفي الإبتعاد الأكثر. ●رفض جعل الإسلام هو المصدر للتشريع في الدستور الدائم المرتقب للعراق، يُساهم في إستفزاز مشاعر وأحاسيس أكثرية تُشكّل 96 بالمئة من الشعب العراقي، ويُصحِحُ المقولة التي تتشبث بتطابق الديمقراطية للادينية، وكلُّ ذلك يُّعّبِد الطريقَ لسلّب الديمقراطية قاعدتها الشعبية العريضة، ويذبحُ الأملَ، ويُّغذي الإرهابَ والعنفَ. ● كما يؤدي إلى حرمان الديمقراطية الفتية في العراق من واحدة من أكبر صمامات أمان الديمقراطيته، والمتمثلة في دور المرجعيات الدينية إلى جانب بقية مؤسسات المجتمع المدنية والسياسية والحزبية في العراق. وقد يُقال إن هذا الدور، وبالتفاصيل والمواصفات المتقدمة: يُقلّل من قوة السلطة أو الدولة!؟ والجواب على ذلك: مَنْ قالَ تمركز السلطة أمرٌ إيجابي ومطلوب بصورة مطلقة؟ أن تجزئة القوة والحيلولة مِن تمركزها هو الأقرب إلى الشورية والديمقراطية والأبعد مِن الشمولية والديكتاتورية، وهو إحدى الآليات لتكريس وممارسة الديمقراطية. اَلَمْ تُقّسم السلطةُ المتمركزة إلى ثلاثة سلطات: تنفيذية، تشريعية وقضائية؟ لماذا كان هذا التقسيم؟ لماذا إختيار إستقلال كل من السلطات الثلاثة المذكورة عن بعضها الآخر والتي تُشكِّلُ قسماً من الإجراءات الدستورية التي تُشَكِّلُ قاعدة مثلث المجتمع المدني في الديمقراطية؟ هلْ الإعلامُ الذي بات يطلق عليه السلطة الرابعة المستقلة عن الدولة أو صاحبة الجلالة، لعظم وأهمية دوره يُضعِف السلطةَ ويشلّها، أمْ يدعمها ويرفدها بنقاط الضعف، وبالتالي يحميها من الإنحراف والإنهيار؟ هلْ السلطة الخامسة المستقلة المستحدثة أخيراً كمرصدٍ ومرقب لأي خروقات لحرية الإعلام والإعلاميين وهفوات الإعلام يُضعِف دور الدولة، أمْ يدعمها في المحصلة، ويُرّشِد أداءها ويُنعش إستقرارها؟ ومما سبق نلاحظ الباب المفتوح لتطوير الديمقراطية، ومعالجة ثغراتها باستمرار، فالدولة المتمركزة في سلطة واحدة، تـمَّ تجزئتها إلى ثلاث سلطات، ومن ثم صاروا إلى إستقلال هذا المجزأ، باستقلال كل سلطة عن الأخرى، ومن ثم نصبوا الإعلامَ رقيباً وحسيباً حراً ومستقلاً وغير قابل لإحتكار الدولة أو الشخص أو المؤسسة، وحين ارتفعت الضغوطُ على الإعلام وتنامت، وأصبح إنحسار دور السلطة الرابعة محتملاً أسسوا السلطة الخامسة، ومِن ثم فعّلوا وحسب الحاجة مؤسسات المجتمع المدني بأنواعها ولتحقيق أهدافها عبر دورين: الأول: تجميع رأي الشعب، وتنضيجه ومنهجته وعقلنته و... الثاني: تفعيل رأي الأمة بتنظيمه وإبرازه وتجسيده. فلماذا نحن نُضيّق على أنفسنا، ونغلق أبواب الحلول والتطوير، ولنْ نحذر من الإستنساخ الجامد الذي جرّبناه قرابة أكثر من قرن حديثاً، وفي التعامل المنغلق الشمولي قروناً طويلة؟ وبالنسبة لبحثنا أي الإنتخابات العراقية الأخيرة، وما قيل لها وعليها: أ لَمْ تقمْ المرجعيات الدينية بتجميع رأي الشعب؟ أ لَمْ تؤدِ دورها في تنضيج رأي الشعب ومنهجته وعقلنته؟ أ لَمْ تقمْ المرجعيات الدينية بتفعيل رأي الشعب وأبرزته وجستده؟ سواءاً للإنتخابات وإنجاحها، وما سبق ذلك منذ سقوط النظام السابق لحفظ الوطن واستقلاله ووحدته، رغم عظمة الكارثة، وعامل المفاجأة بل المفاجئات الأليمة الصعبة المتسارعة؟ ألا يعكس ذلك دورها الكبير كمؤسسة كبيرة من مؤسسات المجتمع المدني الدينية في كل المراحل، وإلى جانب بقية مؤسسات المجتمع المدني الأخرى؟ وهلْ كان بالإمكان إجراء بهذا النجاح والمشاركة لو أن المرجعيات الدينية لنْ تفتِ معتبرة المشاركة في التصويت للإنتخابات واجباً دينياً، طبعاً إلى جانب دور المؤسسات والتنظيمات والشخصيات الأخرى في إتجاه المشاركة في الإنتخابات، ولاسيما في ظلِّ ظروف العنف والإرهاب والتهديد والمقاطعة والتأجيل والضغوط الخارجية و...؟ كيفْ كانت تتدنى مستويات المشاركة في الإنتخابات لو لَمْ تنـزل المرجعيات الدينية بهذا الثقل والزّخم الديني إلى الساحة، ودون طموحات سياسية أو دنيوية أو توجهات ثيوقراطية، ولاسيما أن المشاركة مع كل هذه المساهمة في دعم المشاركة لم تكن عالية جداً فهي لا تتجاوز الـ 60 بالمئة تقريباً؟ فأينْ في الدعوة كي يكون الإسلام المصدر في التشريع للدستور الدائم الذي يُراد صياغته والإستفتاء عليه لاحقاً دعوة إلى حكومة دينية ثيوقراطية على هذا النمط أو ذاك. مع ما تقدم؟ ما الهدف من هذه الفزَّاعات؟ التي تلتقي مع أماني العاملين ليلَ نهارَ لإجهاض المشروع الديمقراطي في العراق. أما القول في مصير حقوق الأقليات إذا لبيت هذه الدعوة، فقد ناقشنا ذلك ونلخصه إن الشعب العراقي بمرجعياته أختار الديمقراطية كخيار استراتيجي بعيداً عن التكتيك، وهي تُدرِكُ وتحرس مبدأي الديمقراطية، أعني حكم الأغلبية، وحماية حقوق الأقلية والأقليات، وإذا قيل بين المبدأين تناقض، أي بين كلٍّ مِن مبدأ حكم الأغلبية ومبدأ حماية حقوق الأقلية من جهة والدعوة لجعل الإسلام هو المصدر للتشريع من جهة ثانية وهذا يدل على المناورة!! فالجواب ومِن نصوص الديمقراطية الحديثة نفسها:- ●هذا التناقض أيضاً يتصوره البعضُ عند التعاطي السطحي مع هذين المبدئين المذكورين للديمقراطية، لكن في الواقع مبدأ حكم الأغلبية، ومبدأ حماية حقوق الأقلية عمادان متلازمان يرفعان المؤسسة التي يُطلق عليها الحكم الديمقراطي، ولا يقف ولايستوي البناء الديمقراطي إلا عليهما معاً، جنباً إلى جنب، وعلى قدم المساواة، أضف إلى ذلك: ●حكم الأغلبية وسيلة لتنظيم عمل الحكومة، وإتخاذ القرارات الخاصة بالقضايا العامة، ورغم أنه هو الأهم ليس سبيلاً لإضطهاد الأقلية، وكما أنه ليس مِن حقِّ الجماعة التي تنصبها الديمقراطيةُ في سدة الحكم إضطهاد الآخرين، فإنه ليس مِن حقِّ أية أغلبية، حتى في ظلِّ الحكم الديمقراطي، أن تسلبَ الحقوقَ والحريات الأساسية التي تتمتع بها أقلية أو فرد. ●الأقليات سواء كانت أقلية إثنية، أو دينية، أو جغرافية، أو أنها أقلية بسبب مستوى دخل أفرادها، أو حتى إذا كانت الجماعة أو الحزب الذي خَسِرَ الإنتخابات أو حتى النقاش السياسي حول قضية ما - تتمتع بحقوق الإنسان الأساسية المضمونة التي لا يحق لأي أغلبية، سواء كانت منتخبة أو منتخبة سلبها منها. ●الأقليات بحاجة إلى ضمان عملي في أن الحكومة ستحمي حقوقها ومصالحها المشروعة وهويتها الذاتية، وبتحقيق ذلك فقط يصبح من الممكن للأقليات المشاركة والمساهمة في الديمقراطية القائمة في بلادها. ● من بين حقوق الإنسان الأساسية التي يتحتم على أي حكومة حمياتها: حرية الكلام والتعبير والحرية الدينية وحرية المعتقد، والإجراءات القضائية المتبعة والحماية المتساوية (أو المتماثلة لا تعسفاً وتميزاً متعمداً بل ضرورة) بموجب القانون وحرية التنظيم، والتصريح بالرأي، والمعارضة والمشاركة مشاركة كاملة في الحياة العامة للمجتمع. ● ليس هناك طريق واحد، أو حلّ واحد، أو إجابة واحدة لكيفية حلّ اختلافات الأغلبية مع الأقلية في وجهات النظر والرؤوى، سوى المعرفة الأكيدة أنه فقط عبر العملية الديمقراطية المتمثلة بالتعايش والتسامح والحوار والنقاش والرغبة في التوصل إلى حلول وسط للمشاكل المثيرة للخلاف، يمكن للمجتمعات الحرة أن تتوصل إلى إتفاقات من شأنها تبني العمادين الأساسين للديمقراطية وهما حكم الأغلبية وحقوق الأقلية والأقليات. هذه هي أوليات مبادئ الديمقراطية في النصوص الغربية[22]، وهي مضمونة ومأخوذة بنظر الإعتبار في الصيغة الثانية وبوضوح حين تعرضنا لها بشيء من التفصيل مع القيم الملازمة لها فراجعْ. إما في الفقه الإسلامي وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر: 1- في حماية حقوق الأقلية وما يرتبط بالحماية المتساوية يقول الإمام الشيرازي الراحل (ر): (لا يجوز الإضرار بالعامة، وإنْ رضيت الأكثرية...)[23] ومعلوم أن العامة هم الأكثرية إضافة إلى الأقلية، وبذلك وبعبارة أخرى: فلا يجوز إضرار الأكثرية بالأقلية، ومؤدى ذلك وعلاقته بالحماية المتساوية واضح. 2- وحول الحوار والحلول الوسط المشروعة عند الإختلاف بين الأكثرية والأقلية يقول (ر): (إن الأكثرية قد تكون أقلية في الواقع، كما إذا كانت هناك ثلاث تكتلات: التكتل -أ- حصل على 35 مقعداً. التكتل -ب- حصل على 33 مقعداً. التكتل -ت- حصل على 32 مقعداً. فترجيح الأكثرية، وهو التكتل -أ- يعني أن آراء 65 مقعداً لا يؤخذ به لأجل 35 رأي!) وبعد مناقشة ذلك مِن جهات عديدة يقول (ر): (إن الأقليةَ هي التي رضيت بهذا النظام حسب الفرض، و إلاّ فإن لَمْ ترض الأقلية جاز أن يصافق الجميع على مشاركة رؤساء الأقلية والأكثرية في الحكم، وتكون القرعة فاصلاً في مورد الخلاف) 3- وفي نفس المصدر يقول (ر): لو فرض الأكثرية المطلقة في جانب، فلماذا تستحقُ الأقلية؟ فيجيب: (لا إبطال لحقِّ الأقلية)[24]. فلماذا إذن تُواجه المطالبات بجعل الإسلام ديناً للدولة، ومصدراً للتشريع في دستور العراق بإنفعالية وإنتقائية وشمولية!؟ لماذا هذه الحساسية والرهابية مِن جعل الإسلام ديناً للدولة ومصدراً للتشريع!؟ إذا كان مِن الممكن صياغة الدستور بشكل لا يتعارضُ مع الإسلام، وكما لا يتعارض مع الديمقراطية، مع كل ما تقدمَ مما يتضمنه الإسلام من قيم ومبادئ حضارية يمكنها حتى إثراء الديمقراطية، والمساهمة فيما هو مدار الإهتمام والبحث والنقاش والخلاف والنقد حول مواضيع حيوية ومحورية ساخنة وقائمة في المدرسة الديمقراطية الحديثة، والتي تخص الديمقراطية مثل: ● الحماية المتساوية التقليدية أمْ الحماية المتساوية الحديثة؟ ● الحماية المتساوية بين المساواة (equality) مِن جهة، والإنصاف أو العدالة (equity) من جهة ثانية، والتكافؤ (equivalence) من جهة ثالثة. ● الحماية المتساوية، وتشريعات اللامساواة الإيجابية التعويضية (affirmative action) يبدو أن البعض يرى...، ولا يرى... يرى إيجابيات الديمقراطية.. ولا يرى آخر تحديثات الديمقراطية، التي جاءت لمعالجة إشكاليات الديمقراطية وتطويرها.. يرى ديمقراطية الديمقراطية... ولا يرى ديمقراطية الإسلام... يرى مرونة الديمقراطية الذاتية، ويتنكر لها في ولا يرى مرونة الإسلام الذاتية التي تفوق مرونة الديمقراطية... يرى ديكتاتورية أتاتورك في ممارسة الديمقراطية... ولا يرى فشل الديكتاتورية لزرع وتكريس الديمقراطية في تركيا على الطريقة الأتاتوركية... يرى بعض المظاهر الصورية للديمقراطية الأتاتوركية... ولا يرى العسكر تاريا هناك... ولا يرى معاداة الديمقراطية التي أفرزته علمنة الديمقراطية بالمفهوم الشمولي اللاديني للعلمانية... يرى الإسلام في ممارسات بعض حكام المسلمين هنا أو هناك، حاضراً أو ماضياً... ولا يرى الإسلام في نصوص الإسلام ذاتها... يرى قشور الديمقراطية... ولا يرى روح الديمقراطية الذي يتمثل في أعمدة وأهداف الديمقراطية المتقدمة آنفاً. وحين تكون الشمولية، ولا نتجاوز القشور تكون المفارقة سواءً كان ذلك في الديمقراطية، أو في الإسلام، وما أدلّ على فعلة القشرية من ولادة للإسلاموية التي تنسب نفسها للإسلام!، وإرهابها الدموي، وولادة حكومات ديكتاتورية إنقلابية وإستعمار وحروب ومنذ أكثر من نصف قرن من نُظم تنسب نفسها للديمقراطية... نعم أن يرى المرء أموراً..ز ولا يرى أمور أخرى تقود به إلى القول بأن جعل الإسلام ديناً لدولة العراق التعددي الديمقراطي اللامركزي (الفيدرالي) الموحد، ومصدراً للتشريع يهدد وحدة العراق! وسيُّجزأ العراق حتماً!، ويُجهض المشروع الديمقراطي فيه. أجلْ... وحين يرى المرء أمراً، فيكون ذلك الأمر قريباً، ومستساغاً وعملياً و... وحين لا يرى المرء أمراً، فذلك الأمر يكون بعيداً، ومرفوضاً، ونظرياً. وكما أوضحَ ذلك التلميذ في القصة التي بدأنها بها المقال في قوله: استراليا أبعد من القمر (!!!) لماذا!؟ لأننا نرى القمرَ، ولا نرى استراليا (!!!) فهلْ الأمر يكمن في غياب، أو تغيّب، أو غيبوبة، أو....، للإسلام بمواصفاته الذاتية البعيدة عن القشرية أو الإسقاطية أو التجزئية أو التسييسيّة أو....؟ وعلى كلِّ التقادير فقد شاهدنا جميعاً، ومعنا العالم الزحف الشامخ المتحدي للشعب العراقي نحو صناديق الإقتراع في حركته المباركة والمتمثلة في حركة الإصبع البنفسجي، فالشعب العراق أدى ما عليه في هذه المرحلة، فأعلن خياراته الإستراتيجية:- الإستقلال - الديمقراطية - السلِّمية - الإلتزام بالإسلام فالشعبُ أعلنَ خياراته الإستراتيجية التي ترسمُ الخطوط الحمراء لحركته البنفسجية، وحماية المشروع الديمقراطي في العراق مِن الإنحراف أو التحريف فالإجهاض تستدعي التفاني في رعاية خيارات الشعب، وعدم إختراق الخطوط الحمراء لحركته المباركة، وسنواصل الحديث في هذا الموضوع بعونه تعالى. - للحديث صلة - المصادر [1] - الفقه: الحكم في الإسلام - للإمام الشيرازي (ر) - الجزء 99- الصفحة 46. [2] - الفقه: السياسة- للإمام الشيرازي (ر)- الجزء 106- الصفحة 58-59. [3] - سورة الشورى- الآية 38. [4] - سورة آل عمران- الآية 159. [5] - الفقه: السياسة- للإمام الشيرازي (ر)- الجزء 106- الصفحة 58. [6] - فقه القانون- للإمام الشيرازي (ر)- الصفحة 134. [7] - بتصرف من: الفقه: الحقوق - الجزء 100- الصفحة 456-457. [8] - الفقه: الحقوق- للإمام الشيرازي (ر)- الجزء 100 الصفحة 458-459. [9] - الفقه: الحقوق- للإمام الشيرازي (ر)- الجزء 100 الصفحة 459- 463. [10] - الفقه: الحقوق- للإمام الشيرازي (ر)- الجزء 100 الصفحة 457. [11] - ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين- للإمام الشيرازي (ر)- الصفحة 448-450. [12] - راجع: فقه المرور- للإمام الشيرازي (ر)- الصفحة 140-141. [13] - آراء في القانون- توني أونورية- الصفحة 10. [14] - آراء في القانون- توني أونورية- الصفحة 10. [15] - آراء في القانون- توني أونورية- الصفحة 11. [16] - آراء في القانون- توني أونورية- الصفحة 11. [17] - آراء في القانون- توني أونورية- الصفحة 20. [18] - آراء في القانون- توني أونورية- الصفحة 20. [19] - آراء في القانون- توني أونورية- الصفحة 20-21. [20] - آراء في القانون- توني أونورية- الصفحة 21. [21] - مبادئ الديمقراطية- صادرة عن مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأمريكية. [22] - مبادئ الديمقراطية- صادرة عن مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأمريكية. [23] - الفقه: السياسة- للإمام الشيرازي (ر)- الجزء 106- الصفحة 52. [24] - الفقه: الحكم في الإسلام- للإمام الشيرازي (ر)- الجزء 99- الصفحة 54-57.
|