دليل الحركات الإسلامية في العالم

 

 

الكتاب: دليل الحركات الإسلامية في العالم

المؤلف: عدد من الباحثين

 الناشر: مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة

عدد الصفحات: 366

الطبعة الأولى: 2006

عرض : كمال حبيب

 

صدر عن مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام أول دليل مكتوب بالعربية عن الحركات الإسلامية في العالم.

وكما تقول افتتاحية الدليل فإنه رغم التزايد الشديد في الاهتمام الأكاديمي والإعلامي والسياسي بالظاهرة الإسلامية خلال الأعوام الأخيرة خاصة بعد أحداث سبتمبر/ أيلول فإن هذا الاهتمام الأكاديمي لم تترافق معه محاولات تسعى للتعرف على أبرز مكونات تلك الظاهرة وأكثرها إثارة للجدل أي الحركات الإسلامية بصورة تتفق وما يسعى إليه البحث والتحليل العلمي أي التوصل لأدق تعريفات ممكنة لها وتصنيفات لفئاتها وأنواعها بما يمكن من دراستها بأكبر قدر ممكن من الموضوعية والحياد العلمي.

وينقسم الدليل إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي :

 الحركات الإسلامية.. التعريف والأنشطة، والحركات الإسلامية.. الأفكار والرؤى، والحركات الإسلامية.. قيادات فكرية وحركية.

وهنا نجد جدائل بين ثلاث وحدات للتحليل تكون في مجموعها صورة علمية عن الحركات الإسلامية.

التعريف والأنشطة

يتضمن هذا القسم من الدليل ثماني دراسات الأولى بعنوان "الإخوان المسلمون في مصر" تعرضت لاختيار المرشد وكيف أنه يعبر عن صراع داخل الجماعة بين الحرس القديم المسيطر وبين جيل الوسط فيما وصفته الدراسة بالتناقض الجيلي وما نطلق عليه نحن "تجاذبات الأجيال وصراعاتها".

وتحدثت الدراسة عن ما أطلق عليه في مصر "التيار التجديدي داخل الإخوان" وهو التيار الذي يحاول طرح صيغ حديثة ذات طابع إصلاحي داخل الجماعة والمجتمع.

واعتبرت الدراسة أن هناك قيودا دولية وإقليمية وداخلية ربما تمثل قيدا على المشروع الإصلاحي داخل حركة الإخوان المصرية، لكنها تعرضت لاتجاهات تجديدية تدعو إلى عدم تغليب الجانب التنظيمي على الدعوى والاعتراف بالآخر والاستعداد لتفهمه والتفاهم معه، والحاجة إلى خطاب داخلي أكثر تسامحا يتخلص من نزعة الغلو وغلبة الفكر السلفي -على حد وصف الدراسة- والتصالح مع النظام الحاكم والمشاركة مع بقية القوى السياسية، وفي الأخير الاهتمام بالأمراض الاجتماعية التي تنتشر داخل المجتمع وتهدده مثل التطرف والإدمان.

وأشارت الدراسة إلى حساسية الإخوان المفرطة من الحديث عن فكرة المراجعات واعتبار أنها لا تخصهم وإنما تخص الجماعات التي مارست العنف ثم تحذير الجماعة الدائم من "النقد الذاتي" بحجة تعرض الحركة لمظالم ومطاردات ومحن وأن النقد يزيد الجراح ويدعو للفتنة.

وتعرضت الدراسة للأفكار التجديدية التي قدمها الإخوان في قضايا مثل تداول السلطة والموقف من الديمقراطية والموقف من الآخر والتحول إلى حزب سياسي.

وعن علاقة الإخوان بالسلطة المصرية في عهد مبارك أشارت الدراسة إلى مراحل ثلاثة:

الأولى وصفتها بمرحلة "التجاهل والتسامح" التي استمرت حتى عام 1988م وفيها تمتع الإخوان بقدر واسع من حرية الحركة والتعبير دون أن يصل ذلك إلى الاعتراف الرسمي بشرعية وجودهم.

والمرحلة الثانية وصفتها الدراسة بمرحلة "التخوف والاحتكاك" وفيها بدأت السلطة بمحاولة إيقاف زحف الإخوان داخل النقابات المهنية عن طريق تجميدها.

أما المرحلة الثالثة التي بدأت عام 1993م فأطلقت عليها الدراسة "مرحلة التدهور والصدام" حيث رأت الدولة في الجماعة خطرا سياسيا زاحفا يهدد سيطرتها على مقاليد الحكم في البلاد خاصة بعد نجاحها في العديد من الانتخابات العامة والنقابية.

وفي دراسة حزب العدالة والتنمية:

نهج الإسلاميين الجدد في تركيا" تشير إلى علاقة لا يمكن إنكارها بين حزب العدالة والتنمية وبين التيار الإسلامي في تركيا رغم أنه ينفي عن نفسه أي صفة إسلامية أو دينية.

وتشير الدراسة إلى أن حزب العدالة والتنمية لا يشبه الأحزاب العلمانية التركية القائمة وتصفه بأنه حزب يجمع توليفة أيديولوجية تتمثل في الإسلام الروحي والعلمانية السياسية فهو يشبه الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا كما وصفه عبد الله غل.

وتجولت الدراسة في التاريخ السياسي للحركة الإسلامية في تركيا بعيدا عن التعمق في الظاهرة موضوع الدراسة وهي ظاهرة الإسلاميين الجدد في تركيا، ونفت ما يشاع في تركيا حول أن حزب العدالة والتنمية جاء إلى السلطة برعاية أميركية وبموافقة العسكر واعتبرتها رؤية ذات طابع مؤامراتي.

وتعرضت الدراسة لأهداف الحزب ومبادئه وتشكيلاته وعزت فوزه الكاسح فيما اعتبر "ثورة صامتة" في انتخابات نوفمبر/ أيلول 2002م في تركيا إلى سخط الجماهير التركية على الأحزاب التقليدية التي احتكرت مواقع السلطة والقيادة عشرات السنين ثم -وهذا هو الأهم- إلى نجاح الحزب في إقناع الجماهير بصدق شعاراته وتوجهاته ورغبته في التغيير الحقيقي.

وفي دراسة "تنظيم قاعدة الجهاد" انتقدت الدراسة رؤى ثلاثا لتفسير صعود الإحياء الإسلامي الجهادي المعولم.

الرؤية الأولى تتحدث عن أن "تنظيم القاعدة" هو رد فعل على سياسة واشنطن الداعمة لإسرائيل ويعبر عن هذه الرؤية نعوم تشومسكي.

والثانية تتحدث عن صدام حضاري بين المسلمين والغرب ويمثلها هنتنجتون والثالثة تشير لرد ثقافي ونفسي يتماس مع دوائر سياسية واجتماعية واقتصادية أوسع على الحداثة التي حمل الغرب لواءها ويعبر عن هذه الرؤية باول بيرمان.

وتطرح الدراسة ما سمته خصائص بنيوية وجدت في الظروف العالمية الراهنة ما وجه التنظيم إلى منازلة العدو البعيد وهو أميركا، وهي تدعو لحزمة من الإجراءات المتكاملة لحل معضلة الصدام مع التنظيم وهي كف أميركا عن مساندة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والامتناع عن مساندة نظم الحكم غير الديمقراطية في العالم العربي بما يسمح بتغيير سياسي وتحديث اجتماعي ذاتي.

وتتعقب الدراسة ظاهرة عولمة الحركة الراديكالية التي اعتبرت تأسيس "الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين" عنوانا واضحا لها ثم انزواء اسم الجبهة ليصبح الاسم الذي يعبر عن الراديكالية الإسلامية المعولمة "قاعدة الجهاد" التي ترى الدراسة أنه لا يزال قادرا على إزعاج الولايات المتحدة الأميركية وتحديها.

وفي دراسة "الجماعة الإسلامية في إندونيسيا" تعرضت الدراسة لتطورات الجماعة الإسلامية التي بدأت من مرحلة تطوير البناء التنظيمي للجماعة عام 1982م ثم مرحلة الانتشار وتطوير القدرات العسكرية التي بدأت مع العام 1985م ثم المرحلة الثالثة وهي تصاعد الجناح الراديكالي داخل الجماعة عام 1998م عقب انهيار "نظام سوهارتو" وعودة قادتها من ماليزيا إلى إندونيسيا.

وتشير الدراسة إلى تفصيلات مهمة عن الهيكل التنظيمي للجماعة وقياداتها وعلاقتها بتنظيم القاعدة والتنظيمات الإسلامية الأخرى في جنوب شرق آسيا وأهدافها ومصادرها الفكرية وموقفها من النظم السياسية والتفجيرات التي نسبت إليها وإستراتيجية تعامل الحكومة الإندونيسية معها ومستقبل الجماعة الإسلامية في إندونيسيا.

ويعيب هذه الدراسة بشكل أساسي -رغم أهميتها- اعتمادها على عدد محدود من المصادر الإنجليزية لا يكفي وحده للتحقق من المعلومات التي وردت في الدراسة رغم أهميتها كدراسة أولية عن الجماعة الإسلامية في إندونيسيا.

وفي دراسة "ماذا تبقى من تنظيم الجهاد" تشير الدراسة إلى تفاصيل تفكك تنظيم الجهاد المصري بعد تحول أيمن الظواهري إلى التحالف مع بن لادن منذ تأسيس الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين عام 1998م، منبهة إلى أن التنظيم القديم لم يعد له في الواقع وجود اليوم.

وفي دراسة "حركة المقاومة الإسلامية حماس" توضح الدراسة أن اندلاع انتفاضة الأقصى في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول عام 1987م جعل الحركة تخرج عن الخط الإخواني التقليدي وتنخرط في أعمال المقاومة ضد الاحتلال.

وأصدر الشيخ أحمد ياسين في 14 ديسمبر/ كانون الأول منشوراً يحمل توقيع "حركة المقاومة الإسلامية" يعلن فيه تصعيد المقاومة.

وفي فبراير/ شباط 1988م أصدر الشيخ ياسين قراراً بتشكيل جهاز سري باسم الحركة ثم صدر ميثاق الحركة في أغسطس/ آب 1988م الذي أشار إلى أن أرض فلسطين وقف إسلامي إلى يوم القيامة لا يصح التفريط فيه أو في جزء منه أو التنازل عنه أو عن جزء منه، ولا تملك ذلك دولة عربية ولا كل الدول العربية ولا ملك ولا رئيس ولا كل الملوك والرؤساء ولا تملك ذلك منظمة ولا كل المنظمات فلسطينية كانت أو عربية.

وتشير الدراسة إلى عام 1990 كعام شهد بروز قيادة حماس في الخارج عبر إنشاء المكتب السياسي للحركة خارج فلسطين.

وتتعرض الدراسة إلى قضايا مختلفة كعلاقة حماس بالعمل السياسي والحوار مع الفصائل الفلسطينية الأخرى وكعمليات التسوية.

وبعد فوز الحركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة باكتساح فإنها ستقدم نموذجا لحركة مقاومة تمارس العمل السياسي والحكم.

وتشير دراسة "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" إلى المراحل التمهيدية لتأسيس الحركة وهي المرحلة المصرية التي امتدت من عام 1975م إلى 1981م وهي الفترة التي كان فيها الأمين العام للحركة فتحي الشقاقي ومؤسسو الحركة يدرسون في مصر.

ثم المرحلة التأسيسية للحركة التي بدأت عام 1980 وحتى عام 1983م داخل فلسطين حيث طرحت الحركة نفسها باعتبارها حركة تجديدية داخل الفكر الإسلامي ونظرت إلى قضية فلسطين باعتبارها القضية المركزية ودعت إلى تحريرها عن طريق الجهاد المسلح الذي بدأته فعلا في نهاية عام 1983م.

وتشير الدراسة إلى الهيكل التنظيمي للحركة وإطارها الفكري وإلى الوسائل والأهداف التي تتبعها، ورصدت مواقفها من قضايا مثل العمل المقاوم والنظام الرسمي العربي والتسوية والعمليات الاستشهادية وغيرها.

وأنهى الدليل هذا القسم بدراسة عن "حركة المجاهدين في كشمير" التي تهدف إلى تحرير كشمير المسلمة من السيطرة الهندية.

الأفكار والرؤى

تضمن هذا القسم من الدليل مجموعة من الدراسات حول فكر أسامة بن لادن وملامح تطور خطابه قبل وبعد 11 سبتمبر/ أيلول.

وكانت المرة الأولى التي يذاع فيها خطاب لبن لادن عبر قناة الجزيرة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2001م جعلته يصل إلى أوسع جمهور ممكن سواء كان عربيا أو مسلما أو غربيا وأجنبيا.

وبعد سبتمبر/ أيلول تحول بن لادن إلى خطاب الجمهور العربي والمسلم بعد أن كان تركيزه على مخاطبة الجمهور الغربي.

ومثلت شبكة الإنترنت إحدى الوسائل الرئيسية للتواصل بين بن لادن وجمهوره وأتباعه وإحدى أدوات الجهاد فيما عرف باسم "الجهاد الإليكتروني"، الذي مثل فضاء هاما للهروب من الحصار الأمني.

وأوضحت دراسة عن "فلسطين في رؤية أسامة بن لادن" أن فلسطين لها ثقل مهم في رؤية بن لادن وأنها لم تغب عن وعيه.

وفي دراسة مثيرة عن "التفكير الاقتصادي لأبن لادن" أوضحت الدراسة أهمية المتغير الاقتصادي في فكر بن لادن حيث دعا إلى توظيف الأدوات الاقتصادية في الجهاد ضد أميركا مثل وجوب مقاطعة البضائع والسلع الأميركية.

وحلل الأوضاع الاقتصادية داخل المملكة العربية السعودية واستخدمها كأداة لتدعيم دعوته لإخراج المشركين من جزيرة العرب، واعتبر وجود هذه القوات خطرا يهدد ثروة المسلمين من النفط.

وفي دراسة عن "التفكير العسكري لأبن لادن" بدا "تنظيم القاعدة" أكثر من كونه مجرد تنظيم عسكري ديني عنيف، وإنما أقرب إلى "فاعل دولي غير رسمي" يرتكز على قاعدة جغرافية–سياسية في أفغانستان، وقدرات مالية هائلة وكوادر بشرية شديدة الاحتراف وأساس فكري متماسك، وتأييد على مستوى الرأي العام العربي والإسلامي، وارتباطات وامتدادات على الساحة العالمية بقوى وخلايا مسلحة نائمة مع قيامه بسلسلة من العمليات العنيفة الموجهة في الأساس ضد أميركا.

فالقاعدة امتلكت مقومات تنظيم شبه عسكري عنيف عابر للحدود قادر على شن حرب محدودة بأشكال غير تقليدية.

وترى الدراسة أن بن لادن يستخدم القوة المسلحة كأداة أساسية وأنه يستخدمها فعلا وليس تهديداً بها عكس سياسات القوة في العلاقات الدولية.

وفي دراسة طويلة عن المراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية المصرية تحدث التقرير عن المسكوت عنه في المراجعات، وأنها تخاطب الأنا أي الجماعة الإسلامية ذاتها والأنا الغائبة وهي علاقة الجماعة بالواقع وشباب الحركة الإسلامية والآخر غير المسلم المواطن وغير المسلم من السائحين والآخر العدو داخل مصر وخارجها مثل الغرب والتيارات العلمانية اللادينية.

الترابي

قيادات حركية وفكرية

هذا هو القسم الثالث والأخير من الدليل وهو يتحدث عن قيادات فكرية وحركية كان لها تأثيرها العميق على الحركات الإسلامية، وتناول هذا القسم شخصيتان إحداهما سياسية وفكرية معروفة بتأثيرها الواسع داخل وطنها وفي العالم الإسلامي وهي شخصية حسن ا لترابي.

وترصد الدراسة تحولات شخصية الترابي من المصالحة والتحالف مع نظام النميري واختراقه ثم دوره في انقلاب الإنقاذ عام 1989م ثم الانشقاق داخل الحركة الإسلامية السودانية وإبعاد الترابي عن قيادة "حزب المؤتمر الوطني" ثم تأسيسه لحزب "المؤتمر الشعبي".

وتتعرض الدراسة لأفكار الترابي التي تدور حول أربع قضايا رئيسية هي الإيمان والتوحيد والتجديد والاجتهاد، ويصف الترابي حركته السياسية بأنها بعد الاجتهاد أصبحت مثالاً مستقلا بين الحركات الإسلامية في العالم.

ويقول "أصبح الاجتهاد حركة كل المجتمع يجتهدون بقدر كسبهم للعلم وقراءتهم للواقع الذي ينزلون عليه قيم الدين، فأصبح ما هو قياس وإجماع وما هو مكتوب في الكتب متخلفا عنا".

وهو يرى أن التداول السياسي السلمي للسلطة هو المصدر الوحيد للشرعية السياسية وأن اللجوء إلى القوة يتم فقط في حالة الاضطرار.

أما القيادة الثانية التي تحدث عنها هذا القسم فهي سيد إمام الشريف وهو أمير تنظيم الجهاد المصري الذي قاده أيمن الظواهري حتى عام 1993م.

وتقرأ الدراسة كتابيه "العمدة في إعداد العدة" و"الجامع في طلب العلم الشريف" وترصد التحولات الفكرية والنفسية التي مر بها والتي اتجهت إلى التشدد ومحاولة بناء نظرية معرفية جديدة تعلن انقطاعها مع التنظيمات الجهادية بل ومع السياق المعرفي في التقاليد الإسلامية.

ويمثل الدليل محاولة جريئة لاقتحام عوالم صعبة وغير تقليدية عن الحركات الإسلامية في العالم وهو ما يحسب له ويجعله يمثل إضافة مهمة لفهم الحركات الإسلامية.

وكل ذلك بحسب قراءة كمال حبيب كما في المصدر نصاً ودون تعليق .

http://www.aljazeera.ne