هل تنتهي أزمة الهجرة غير الشرعية في الولايات المتحدة قريبا؟

 

 

لا أحد في واشنطن يبدو سعيدا وراضيا بالاتفاق الذي عرض على الكونغرس في منتصف شهر مايو2007   فيما يتعلق بإصلاح نظام الهجرة إلى الولايات المتحدة عموما والهجرة غير الشرعية على وجه الخصوص، فالديمقراطيون أعربوا عن كراهيتهم لتعبير الحلول الوسط وسياسة التسوية في حل الأزمات، والجمهوريون غاضبون ومنقسمون إزاء مشروع القانون الذي وافق مجلس الشيوخ على مناقشته معتبرين أن التسوية تحتوي بشكل أو بآخر على مبدأ العفو. والمهاجرون أنفسهم لا يرون في هذه التسوية حلا شاملا لمشاكلهم، بل أعربوا عن خيبة أملهم في القيود الجديدة المفروضة على إجراءات شرعنة وجودهم ومستقبل أسرهم. 

غالبية الأمريكيين يريدون حلا

الجدل حول مشروع القانون الذي من المفترض أن يصوت عليه مجلس الشيوخ في الثالث من يونيه في تصاعد منذ أن قدم المشروع للكونغرس ، فمعظم الأمريكيين طبقا لاستطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع شبكة CBS الإخبارية في الفترة ما بين 13 و18 مايو 2007 ، يريدون تغيير فوانيين الهجرة بحيث تسمح للمهاجرين غير الشرعيين  بالحصول على وضع قانوني ، كما  يؤيدون برنامج " العامل الزائر" لكي يفي باحتياجات المجتمع الأمريكي لأيدي عاملة.

لكن الاستطلاع أظهر في ذات الوقت أن غالبية الأمريكيين تنتابهم مشاعر مختلطة حول مدى النفع الذي عاد على الولايات المتحدة من جراء الموجات المتوالية في السنوات الأخيرة من المهاجرين غير الشرعيين.

كما أن الشعب الأمريكي طبقا لنتائج الاستطلاع منقسم بشكل كبير حول مدى انفتاح الولايات المتحدة في قبولها لمزيد من المهاجرين في المستقبل. فنص الأمريكيين تقريبا مع قبول القواعد الجديدة للتسوية المعروضة على الكونغرس، خاصة في مسألة اختيار المهاجرين على أساس المهارات والتعليم وليس على أساس روابطهم الأسرية، حيث أيد 51% ممن استطلعت آراؤهم  أن يتم منح الفرص للمهاجرين على أساس المهارات المطلوبة للعمل ومستوى التعليم.

كما أظهرت نتائج الاستطلاع أن ثلثي الأمريكيين يؤيدون منح المهاجرين غير الشرعيين ممن لديهم سمعة وظيفية وأمنية حسنة الوضع القانوني ومنحهم تأشيرة صالحة للعمل والإقامة لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد.

وذلك في تعليقهم على الفكرة الرئيسية في التسوية المعروضة على الكونغرس والتي تحظى بتأييد البيت الأبيض وقيادات من الحزبين، التي تنص على قيام كل من هو مقيم في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية (يقدر عددهم بـ 12 مليون) قبل يناير الماضي على التقدم لسلطات الهجرة للحصول على تأشيرة إقامة شرعية وذلك بدفع غرامة مالية قدرها 5 الآلف دولار.

ليس كل الجمهوريين غاضبين

على الرغم من رفض الكثير من المشرعين الجمهوريين مشروع القانون أو التسوية الجديدة لملف الهجرة، واصفين مشروع القانون بالعفو الذي يكافئ من انتهكوا وخالفوا القوانين الأمريكية، نتائج الاستطلاع تظهر أن الفارق ليس شاسعا بين أراء الأمريكيين بناء على انتمائهم الحزبي في هذه القضية، فـ 66 % من الجمهوريين يؤيدون مشروع القانون، في الوقت الذي يؤيد فيه 72% من الديمقراطيين المشروع.

معظم من تم استطلاع أرائهم لا يجدون لديهم مانعا في أن يصبح المهاجر غير الشرعي قادرا في المستقبل على الحصول على الجنسية الأمريكية، لكن 59% منهم اعتبروا أن ذلك لا يجب أن يحدث قبل حصول المهاجر الشرعي على الجنسية.

وطبقا للتسوية الجديدة المعروضة على الكونغرس فإن على المهاجر غير الشرعي الانتظار لثمان سنوات قبل أن يحصل على حق الإقامة الدائمة ، كما أن لا يستطيع الحصول على الجنسية الأمريكية قبل مرور 13 سنة من بداية إجراءات من إضفاء وضع قانوني على إقامته في الولايات المتحدة. 

بعض الديمقراطيين غاضبون

أظهرت نتائج الاستطلاع السالف ذكره أن غالبية الأمريكيين يؤيدون برنامج "العامل الزائر" ونصف من يؤيدون هذا البرنامج قالوا إنه ينبغي أن يكون من حق العامل الذي يأتي إلى الولايات المتحدة للعمل طبقا لبرنامج العامل الزائر للحصول على الإقامة الدائمة وإمكانية الحصول على الجنسية مستقبلا.

لكن مشروع القانون الذي يناقشه الكونغرس لا يشتمل على هذا الحق أو احتمال حدوثه، الأمر الذي أغضب بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين عند بدء مناقشة مشروع القانون قائلين إن الواقع سيؤدي إلى سهولة استغلال العمالة محدودة المهارة.

وكان مجلس الشيوخ قد صوت يوم الأربعاء 23 مايو 2007 في هذا السياق لصالح تخفيض عدد العمال الزائرين من 400 ألف عامل طبقا للتسوية إلى 200 ألف.

لقد دعا مشروع القانون الذي يزيد عدد صفحاته على الـ 300 صفحة،  إلى تعزيز الإجراءات الأمنية على النقاط الحدودية وفرض عقوبة قانونية على من يسمح بتشغيل عمالة غير شرعية.

وقد أهرت نتائج الاستطلاع أن 75% من الأمريكيين يؤيدون فرض المزيد من الإجراءات الصارمة في هذا السياق، كما ذكر 82% ممن استطلعت آراؤهم أنه يجب على الحكومة الفيدرالية القيام بالمزيد من إجراءات حماية الحدود.

لكن 15% فقط من اعتقدوا في أن إقامة أسوار وحواجز على الحدود هي الوسيلة الرئيسية لتخفيض عدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة.

حقائق وأرقام حول الهجرة غير الشرعية في أمريكا

يقدر عدد  المقيمين في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية بحوالي 12 مليون شخص معظمهم من ألمكسيك وأمريكا اللاتينية، حيث تبلغ نسبة المكسيكيين 56% منهم ، بينما تصل نسبة المهاجرين غير الشرعيين من أمريكا اللاتينية  إلى 22%. تصل نسبة المهاجرين غير الشرعيين ذوي الأصول الأسيوية 13%، بينما يمثل المهاجرين غير الشرعيين من أوربا وكندا نسبة 6% ، وأخيرا3% هي نسبة المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا ومناطق أخرى.

تضاعفت أعداد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة في السنوات العشر الأخيرة بصورة كبيرة، ففي عام 1980 كان عددهم يقدر بـ 3 ملايين فرد. وفي عام 1982 زاد عددهم بمقدار 300 ألف فرد. وبلغ عددهم في نهاية عام 1986  أربعة ملايين. 

ولكن تناقصت أعداد المهاجرين غير الشرعيين في بداية التسعينات لتصل إلى 3 ملايين فرد.

ولكن هذا العدد كاد أن يتضاعف في عام 1996 عندما وصل عددهم إلى 5 ملايين مهاجر. وقفز هذا العدد إلى 8 ملايين و400  ألف مهاجر بحلول عام 2000. ومن ثم ارتفع هذا العدد في عام 2005 ليصل إلى 11 مليونا و100 ألف مهاجر مقيم بصورة غير شرعية.

في عام 1996 قدم الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون تشريعا عرف بـ "عفو كلينتون" تم بمقتضاه منح ملايين المهاجرين غير الشرعيين عفوا شاملا، وتصحيح أوضاعهم القانونية. لكن بسبب تضاعف أعداد المهاجرين غير الشرعيين في السنوات العشر الأخيرة، بالإضافة إلى وجود إدارة جمهورية محافظة، اتخذت الإدارة الأمريكية في السنوات الأخيرة إجراءات قانونية وأمنية صارمة حين أجاز مجلس النواب في ديسمبر 2006 قانونا يقضي بجعل التواجد داخل الولايات المتحدة بشكل غير شرعي جريمة فيدرالية يعاقب عليها القانون.

على الرغم من أن نسبة المهاجرين غير الشرعيين لا تزيد عن نسبة  4.9% من أجمالي الأيدي العاملة في الولايات المتحدة، فإنهم يمثلون نسبة كبيرة من الأيدي العاملة في قطاعات ومجالات معينة. ففي قطاع الزراعة يمثل المهاجرون غير الشرعيين نسبة 24% من إجمالي عدد المزارعين في أمريكا.

وفي مجال النظافة ، يشغل المهاجرون غير الشرعيين نسبة 17% من نسبة العاملين في هذا المجال.  وفي قطاع البناء والتشييد يمثل المهاجرون غير الشرعيين نسبة 14% من العاملين في هذا المجال.

توجد النسبة الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين في ولايتي كاليفورنيا وتكساس حيث تزيد أعدادهم في كل منهما عن المليون فرد، بينما توجد  أعداد تتراوح مابين 250 ألف إلى المليون في ولايات نيويورك وأريزونا وفلوريدا وجورجيا ونورث كارولينا والينوى وتوجد أعداد تتراوح ما بين 100 ألف و250 ألف في ولايات بنسلفانيا وواشنطن وأورغن  وميشيغان وفرجينيا وأوهايو.

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر: تقرير واشنطن-العدد111