آسيا 2007- كوريا الشمالية: عام حاسم .. سيناريوهات تحمل الوهم والحقيقة أخطرها في 2007: تمرد للجيش وهروب الرئيس كيم لاجئا للصين

 

 

محاولة اللعب بالبيضة والحجر مستغلا رياح المحيط المواتية

إذا كنت تتحدث عن سيناريوهات الغرب مع كوريا الشمالية بعد تفجيرات أكتوبر 2006 النووية، فلك أن تقرر بدءا أنها تحتمل أن تصب في خانة الأوهام، لما تحتمل وبنفس النسبة، أيا كانت، تصب في خانة الحقيقة، وفي تلك الحالة، حالة الحقيقة نعني، فيمكن أن يشهد عام 2007 تمردا للجيش بعد تجويعه وحرمانه من مخصصات التموين الغذائي الذي ظل يتمتع به، دون سائر الشعب الذي يعاني من ضيق في الحصول على المواد الغذائية تحت نظام قمعي، وذلك حين تأتي العقوبات الاقتصادية بثمارها، مع آثار فيضانان مارس (آذار) 2006 التي أثرت أصلا في إنتاج المواد الغذائية وفي مقدمتها محصول الأرز، الغذاء الرئيسي لشعب يمكن القول إنه كله يعيش تحت خط الفقر. وهنا يكون أحد السيناريوهات فرار قادة من الجيش طلبا للجوء السياسي في الشق الجنوبي، مقدمين حافزا لزملائهم إما بحذو حذوهم، أو بالتمرد على النظام.

عصب ذلك السيناريو أن تضييق الحصار على النظام الستاليني الوحيد في تلك المنطقة، ولكن بمشاركة من الصين في فرض إكساب تلك العقوبات جدوى، يمكن أن يقود الى تذمر في وسط الجيش يقود الى عدم رؤية جدوى في الدفاع عن قيادة متصلبة. ولكن نقطة الضعف الأساسية في هذا السيناريو تكمن في تعويله أكثر مما يجب على الصين، والى حد التوقع منها أنها يمكن أن تمزق ورقة اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين البلدين منذ عهدي ماو تسي تونغ وكيم إيل سونغ إبان الحرب الكورية مطلع خمسينيات القرن الماضي. وتأتي نقطة ضعف السيناريو هنا مع هذا التوقع في أنه سيقطع الطريق أمام سيناريو طلب الرئيس كيم إيل يونغ اللجوء الى الصين مع أسرته لأنه لا دولة في دول الجوار يمكن أن تعطيه ملاذا آمنا.

عيب ذلك السيناريو أيضا تغاضيه عن لعب الرئيس كيم الابن على ورقة التناقضات التي يحملها محيطه القريب بمنظومة دوله الأساسية التي تضم الصين وكوريا الجنوبية واليابان، وحرصها مجتمعة، مع اختلاف مفهوم أي منها لمخاطر حرب في تلك المنطقة، على أن لا تنشأ تلك الحرب، من علم الرئيس كيم بهذه الحقيقة، وتيقنه منها، أعلن في ذروة الهجمة الدبلوماسية والإعلامية الغربية على الرئيس صدام حسين على خلفية إمتلاكه أسلحة الدمار الشامل، وحتى منذ قبل غزو العراق في مارس 2003، فاجأ الغرب والأسرة الدولية بأنه يملك أسلحة دمار شامل، من دون أن يطالبه أحد بذلك الاعتراف، ليضيف معه أن أي محاولة عدوان عليه ستجعل الرد منه لا يقاوم، وهو هنا يرمّز لوصول صواريخه البالستية والمتوسطة المدى بقابليتها لحمل رؤوس نووية الى شواطئ اليابان وساحل كاليفورنيا، وقد أعقب تهديده بالعمل وأطلق صاروخا نحو مياه اليابان الإقليمية موجها بألا يصيب أهدافا.

وجهة ضعف السيناريو الأخرى تكمن أيضا في تيقن الرئيس كيم بأن آخر ما تفكر فيه واشنطن هو عملية عدوان عليه مع وجود 37 ألفا من قواتها على مرمى مدفعيته في الشطر الجنوبي، دعك من سلاحه النووي، وأضف إليها ما يقترب من الضعف في قاعدتين باليابان.

بين نقاط الضعف أيضا أن رئيس كوريا الجنوبية السابق كيم داو جونغ كان قد فاجأ العالم بزيارة للشطر الشمالي ضمن دبلوماسية الشمس المشرقة، وحصد بالخطوة جائزة نوبل للسلام عام 2000، فيما لم يبد الرئيس جورج دبليو بوش حماسا تجاهها في زيارة رئيس كوريا الجنوبية للبيت الأبيض في 7 مارس (آذار) 2001، لنجد أن كيم أيل جونغ رئيس الشطر الشمالي هنا أيضا على يقين بأن الشطر الجنوبي متمسك بتلك الدبلوماسية، ليس من أجل سواد عيونه كرئيس، ولكن ليكون اقتصاد كوريا الجنوبية أول من يضع أقدامه في كوريا الشمالية التواقة أصلا كسوق جديد لتكنولوجيا العصر المحرومة منها لعقود من السنين بدءا من السيارات ونهاية بالكومبيوتر والأفلام الغربية. (من الطريف جدا أن كوريا الشمالية على فقرها من أكبر دول العالم استهلاكا لأنواع محددة من الخمور الفرنسية).

من مجمل تلك اللوحة يتضح أن عام 2007 مع كوريا الشمالية يحمل الاحتمالين بين بقائها على تشددها وشططها، وبين انهيارها، اللهم إلا إذا حسب ثلاثي الجوار، كوريا الجنوبية والصين واليابان، أن لا فائدة أيضا من سقوطها ولا تشددها فنشّطوا ما عرف بمحادثات الست التي ضمتهم مع واشنطن وموسكو وكوريا الشمالية، مع أنها محاولات ظلت تراوح مكانها بسب علو سقف مطالب الشطر الشمالي من جهة، وبينها تأكيدات أميركية مكتوبة بعدم الاعتداء وعدم امتلاك أسلحة نووية في الشطر الجنوبي. (عدد سكان الشطر الشمالي 23 مليون نسمة، فيما لا تتوفر أية إحصائيات يعتد بها حول ناتجها الإجمالي المحلي ودخل الفرد في بلد يعمل نحو 40% من سكانه في القطاع الزراعي ونحو 37% في القطاعات الصناعية).

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور.

المصدر : الشرق الأوسط اللندنية-4-1-2007