ما ستفعل الإداره المريكية
في العام الجديد للتصدي للأزمات المتفاقمة؟!
أميركا 2007 - بوش في 2007:
الكثير المتبقي.. القليل الذي يمكن عمله
له ولفريقه في قلاع الجهاز
التنفيذي الكبرى: ميّة وغطاس..
يضع الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش أقدامه على عام
جديد هو عامه السابع. ومن الواضح أنه يحفل بالكثير المتبقي أمامه
لعمله، في حين أنه ليس أمامه من سبيل للوفاء بذلك وفق تقديرات كثيرين
خاصة في مجال السياسة الخارجية، بعد أن اتسع الفتق على الراتق كما
يقال؛
فخارجيا، تعمق جرح العراق الذي حاول استباق علاجه
بلجنة الجمهوري بيكر والديمقراطي هاميلتون، ولكن الناخب الأميركي قال
كلمته فمنح الديمقراطيين أغلبية في الكونغرس هي الأولى منذ 12 عاما،
وليس من سبب إلا لأن جرح العراق قد تعمق، ليتصيده بوب وودورد في كتابه
حالة نكران أو دولة النكران، فيسحب الكثير من رصيد الصدقية عند محافظي
أميركا الجدد. وخارجيا أيضا، هناك الضباب الذي بدأ يحيط بالنجاحات التي
تحققت في أفغانستان في ضوء عاملين هامين: هما ما يقترب من التقاط فلول
طالبان لأنفاسهم، مدعومة بالعامل الثاني ذي الصلة بصحوة طالبان،
والإشارة هنا للخلافات العميقة بين الدولتين المعنيتين أصلا بالملف
الأفغاني؛ وهما أفغانستان وباكستان، وبعد أن وصلت الخلافات الى حد
التهكم والملاسنة بين الرئيسين برويز مشرف وحامد كرزاي، فيما فشلت جهود
بوش نفسه للإصلاح أو التقريب بينهما يوم أن كانا ضيفين عليه بالبيت
الأبيض قبل شهور.
وخارجيا أيضا، أبت دولة مارقة بالتصنيف الأميركي هي
كوريا الشمالية إلا أن تصب زيتا على نار المواجع الأميركية، فأعلنت
تفجيراتها النووية وهي التي تتاخم الشطر الكوري الجنوبي، حيث لأميركا
37 ألف جندي، وليصبح مجمل المشهد هنا أن الجنود الأميركيين في ثلاث دول
(العراق أفغانستان وكوريا الجنوبية) إذا لم نضف اليابان القريبة أيضا
وهي تحت مرمى صواريخ بيونغ يانغ، يمشون على رمال متحركة ضمن مشهد تحمل
لوحته أيضا مساعي إيران للحصول على سلاح نووي، وتغذية أخطاء السياسات
الأميركية في الشرق الأوسط وعلى جبهة الصراع العربي الإسرائيلي لمد
مناهض لأميركا تحاول توظيفه كل صباح جماعات الإسلام السياسي في
المنطقة، وقد أخذ بالفعل أعلى تجلياته في وصول إسلاميي حماس للسلطة في
الأراضي الفلسطينية وانفتاح أفق جديد لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر.
كان من الطبيعي أن يتداعى ذلك الأداء السياسي
الخارجي والذي جاء في معظم تبريراته كرد فعل لهجمات 11 سبتمبر 2001،
وبما حمل من إخفاقات، لجهة إقعاد المشاريع الطموحة التي شيدها محافظو
أميركا فأصبحت مع مرور الزمن مثل قصور من الرمال. يتضح ذلك في مشاريع
الإصلاح السياسي التي اشتطت فيها واشنطن لفترة حتى ضد أقرب حلفائها في
المنطقة، ومعها محاولة فرض نموذج أوحد للحكم الرشيد والديمقراطية على
دول شعوب المنطقة، ثم ممارسة سياسات الانتقاء والكيل بمكيالين حتى ما
ظلت تدعو اليه لتقف ضد قرار الشعب الفلسطيني وخياره الديمقراطي بعد أن
جاء بحماس.
الواقفون من منطقة وسطى بين نقده والقول إن بوسعه
أن يقدم شيئا يقولون إنه وإذا ما غير بعض محاور دبلوماسيته خلال 2007
وحاول مثلا أن ينقذ دورة الدوحة التجارية من الانهيار ومعها مستقبل
التجارة العالمية، فذلك سيدفع بأجندة الحرية والديمقراطية في دول كثيرة
أكثر من سعيه عبر مسار آخر لتغيير الأنظمة فيها. (في هذا السياق يرى
باسكال لامي المدير العام لمنظمة التجارة العالمية في توقعاته لعام
2007، أنه سيحدد مستقبل نظام التجارة العالمية، وأن هناك ساعة صفر
قادمة أمام جولة الدوحة).
من هنا تقدم سؤالان طوال شهري ديسمبر(كانون الاول)
الحالي ونوفمبر(تشرين الثاني) الماضي على خلفية أن المتبقي من ولاية
بوش الثانية عامان، مع كل هذا الركام من الإخفاقات وهما:
ماذا بوسعه أن يقدم خلال العامين؟ وما هي التركة
السياسية التي يمكن أن يتركها لخلفه ساكن البيت الأبيض القادم، جمهوريا
كان أو ديمقراطيا؟
والإشارة الواجبة هنا أن هناك ما يشبه الإجماع على
السؤال الثاني بالقول : إنه لا يمكن تسمية تركة أو ميراث سياسي يعتد به
ولسبب بسيط وهو أن فترة العامين في أميركا ليست كافية لأن ما يزيد على
نصفها ستختطفه منه ومن صناع القرار حملات الانتخابات الرئاسية القادمة
وما يستتبعها من تنافس داخل الحزبين أولا لاختيار المرشح ثم من بعد
المنافسة بينهما للوصول الى البيت الأبيض. وبالتالي، فسيجد بوش نفسه
مأخوذا أو مختطفا بواقع أميركي فيما ستشكل إخفاقاته الخارجية بعض
مادته، إضافة الى نقص واضح في طرق أداء فريقه التنفيذي، وإضافة أيضا
للغبار الذي سيعوق من حركة أدائه إذا ما اتجهت الأغلبية الديمقراطية
لفتح ملفات دوافع غزو العراق وإذا ما كان الرئيس قد ضلل الأميركيين أو
كذب عليهم.
أما حول ما بوسعه أن يعمل؛ فالآراء تتباين بين قائل
إنه يمكنه أن يعالج بعض أخطائه وتحديا مع جرح العراق الغائر. ويبدو أنه
بالفعل عازم على ذلك بدليل مشاريع يتأهب لتقديمها للكونغرس، ولكن
بأغلبيته الديمقراطية، لتخصيص نحو مائة مليار دولار إضافية لدعم
المساعي في العراق ضمن فاتورة تهدف إلى معالجة حتى الآثار الاجتماعية
والاقتصادية على الفرد العراقي، بما فيها معالجة البطالة وإيقاف معدلات
الهجرة خارج العراق.
وبالطبع فهناك فريق لا يزال يرى أن بوسعه الكثير
الذي يمكن أن يعمله في مجال قضايا دولية كثيرة من خلال مجموعة الثماني،
وبين هذا الفريق جون ما يكلثويت بالإيكونمست، فيقول: صحيح أنه وعلى
صعيد السياسة الخارجية كان هناك القليل الذي أثمر، ولكن الصحيح أيضا
أنه لا يمكن القيام بشيء مثمر دوليا من دون أميركا، وعلى ذكر قمة
الثماني، فلنا أن نذكر أيضا أن رئيسا بخبرة ستة أعوام يمكن أن يقدم
الكثير في قمتين لا تزالان في انتظاره قبل أن يغادر البيت الأبيض ( قمة
G8 مجموعة الثماني
القادمة ستنعقد في ألمانيا بمدينة هيلنجغدام الألمانية).
وبالطبع فهناك الجبهة الداخلية والحافلة أيضا
بجبهات كثيرة يكون على بوش أن يحارب فيها بنفس درجة الحماس يتقدمها
الاقتصاد الذي رشحت مجلات متخصصة فيه الاقتصاد الأميركي مع عجز متوقع
خلال 2007 سيصل إلى نحو 6 % من الناتج الإجمالي المحلي، إلى مواجهة بعض
المشاكل وسيتقدمها اعتصار قوة الدولار عالميا على حد تعبيرها.
(ترشيحات 2007 ترشح الاقتصاد الأميركي لناتج
إجمالي محلي يصل إلى 13.98 تريليون دولار بنسبة نمو 2.2 % وبمتوسط لدخل
الفرد يبلغ 46.280 دولارا في العام مع تعداد سكان سيصل الى 301.1 مليون
نسمة). وأخيرا، فعام 2007 مع الرئيس بوش وفرقته التنفيذية في قلاع
أميركا الكبرى الخمس: البيت الأبيض، والبنتاغون والخارجية والأمن
القومي، والمخابرات، عام (مية وغطّاس) كما تقول الأمثلة الشعبية،
أحدهما سيكذب الآخر، فلننتظر لنرى.
|