الأمين العام الجديد للأمم
المتحدة و تحديات 2007
أميركا 2007 - الأمم
المتحدة 2007: لا شهر عسل للقادم.. لا ذكرى حسنة للراحل
فيما تتعاظم تحدياتها
بالتسابق النووي والحروب الأهلية..
اليوم الأحد يترك كوفي أنان منصب الأمين العام
للأمم المتحدة، ليقضي معظم بقية حياته كما قال في موطنه غانا بغرب
أفريقيا كأول أمين عام في تاريخ المنظمة الدولية من أفريقيا جنوب
الصحراء، وأول موظف في الأمم المتحدة يصعد الى أعلى منصب فيها (أنان من
مواليد 1938 بغانا، والتحق بالأمم المتحدة في 1962، ووصل فيها الى منصب
مساعد الأمين العام لشؤون حفظ السلام ومنها الى أمين عام في 1997).
وحين يترك أكبر موظف خدمة مدنية في العالم وأرفع
دبلوماسي في العالم منصبه، فلا تكون تلك هي النهاية، وإنما البداية.
ومن هنا فمغادرته وتسليمه الراية لخلفه وزير خارجية كوريا الجنوبية بان
كي ـ مون، تكون بداية التأريخ لما يعرف بميراث أنان، مثلما تفتح
الصفحات، وتتسع الأعين لمراقبة خلفه في عالم ما بعد 11 سبتمبر والتسابق
النووي والكوارث الإنسانية. وعلى رأي كثيرين فالجلوس على مقعد أمين عام
منظمة مسؤولة بحكم ميثاقها عن رعاية السلم والأمن العالميين، لا يحفظ،
ولن يحفظ للراحل سيرة حسنة، ولا يستقبل القادم بشهر عسل.
إقرأ هذين الرأيين لتعرف قدر من تضعه المقادير
ولعبة التوازنات والمحاصصة الجغرافية أمينا عاما للأمم المتحدة:
كوفي أنان أسوأ أمين عام في تاريخ الأمم المتحدة.
ذلك آخر رأي قال به الأكاديمي نيل غاردنر من مؤسسة التراث المحافظ
الأميركية.
كوفي أنان من أفضل أمناء المنظمة الدولية وسيضعه
التاريخ مع هامرشولد ويحفظ لهما جهودهما في ترقية المنظمة الدولية
وتطويرها هيكلا وأداء. وذلك أيضا من الآراء التي قيلت في الأسبوع
الماضي نقلا عن وليام ليورز رئيس رابطة الأمم المتحدة بأميركا. من هنا
فالعام 2007 سيدشن سوقا للكتابة عن كوفي أنان، وقد بدأ ذلك بالفعل مع
مشروع كتابين يقول الترويج المسبق لهما إنهما سيتناولان ذمة كوفي أنان
على خلفية فضيحة برامج النفط مقابل الغذاء العراقية التي تورط فيه ابنه
كوجو، فيما يتجه الكتاب الثاني الى استقصاء دوره في مذابح بورندي 1994
برغم أنه لم يكن وقتها أمينا عاما وإنما مساعدا للأمين العام لشؤون حفظ
السلام. وتقول آخر التسريبات أن أنان تلقى وقتها برقية من رئيس قوة
الأمم المتحدة ببورندي تحثه على فعل شيء ولكنه لم يتجاوب مع الرسالة
فكانت المذابح التي راح ضحيتها 800 ألف بالتمام والكمال في أسوأ عملية
تطهير عرقي في التاريخ. وتقول صحيفة بوستن غلوب أن المسألة ستمتد
لاستقصاء دوره أيضا في مذبحة سربنيتشا بالبوسنة أيضا.
أما على صعيد فضيحة النفط مقابل الغذاء فقد شمر
كثيرون أيضا لكشف بعض الأسرار، وجاء من بينها أن أنان أنكر وكذب للجنة
التحقيق بأنه لم يلتق كوتيسنا رئيس الشركة السويسرية التي وظفت ابنه،
ليتضح لاحقا أن أنان التقاه ثلاث مرات، وأنه وتحديدا بعد ثلاثة أشهر من
اللقاء الأخير قبض كوتيسنا شيكا من الأمم المتحدة بعشرة ملايين دولار
جزاء لصفقة.
وبالطبع، وفي خانة ما هو موضوعي، جاء عطاء
الاستطلاعات في صحافة أميركا ضمن تدشين حملة (ميراث أنان
Anan Legacy) ليقول
وبموضعية أن الرجل وجد نفسه أصلا بين قطبي رحى هما أميركا وخاصة في
حقبة ما بعد 11 سبتمبر بكبريائها المجروح، وبين الدول النامية عصب
الجمعية العامة للأمم المتحدة بطموحاتها وإحباطاتها الخاصة، ومن هنا
فهو حين يقترب من أميركا، مثلما فعل حول قضية إصلاح الأمم المتحدة
ذاتها تنتقده الدول النامية، وحين يتجرأ على أميركا مثلما فعل يوم قال
إن غزو العراق غير قانوني، يتعرض للجلد الأدبي من الجمهوريين في منابر
الكونغرس.
بين الآراء الموضوعية أيضا لأساتذة علوم سياسية
وأكاديميين أن النظرة الدقيقة لمواقف أنان تقول إنه، وبرغم الإخفاق مع
حالتي بروندي والبوسنة، إلا أن الثابت أن ذلك الإخفاق قد أعطاه دفعة
وصلابة في مواقفه اللاحقة بدءا من دارفور ونهاية بلبنان فبدا كصقر
يتقدم الصفوف، في حين يقول خصومه إنه إنما فعل ذلك (بعقدة الذنب). وعلى
كل، فبداية التأريخ لحقبة أنان ستكون بكل المقاييس مشبعة وأقرب الى
وجبة كاملة الدسم، دع عنك إذا ما حاول هو نفسه، كما فعل بعض أسلافه أن
يكتب عنها كشاهد عيان ليجني الملايين من كتاب كهذا. أما خلفه بان كي ـ
مون، فالواضح وبإجماع من غطتهم الاستطلاعات في منطقته الشرق آسيوية،
وقد جاء أصلا للمنصب بالمحاصصة التي قضت بأن يكون الأمين العام القادم
آسيويا، أو في الغرب، بأنه لن ينعم بشهر عسل، وللتدليل على ذلك لنا أن
نتصور أن أمينا عام يدخل مبنى ناطحة السحاب في نيويورك
على مرمى البصر من برجي مركز التجارة اللذين انهارا
بهجمات 11 سبتمبر ليجد توابع ذلك الزلزال تتوالى الى اليوم في العراق
وأفغانستان، لتهديها لبنان وإيران وكوريا الشمالية أطباقا جديدة لا تقل
عن طبق 11 سبتمبر سخونة.
ومع ذلك، تستبق مجيء مون انتقادات لا تخلو من
موضوعية، بينها أن أميركا قد ضغطت أصلا بطرقها السرية المعروفة ليكون
الأمين العام كورياً جنوبياً وهي التي تتواجد في بلاده منذ الحرب
الكورية مطلع الخمسينات بنحو 37 ألف جندي أميركي، وبالتالي وكما قال
أستاذ علوم سياسية من مواطنيه: أرى أن واشنطن تريد في المرحلة القادمة
بتعقيداتها المعروفة أمينا عاما يجلس في المقاعد الخلفية وليس معها في
المقصورة حتى لا يفسد عليها متعة المشاهدة واللعب.
والإشارات لجهة هيمنة أميركا على المنظمة الدولية
أو سعيها كثيرة، وبينها ما هو غير موضوعي وما هو موضوعي. فعلى صعيد
المال والتمويل تجدر الإشارة الى أن أميركا تدفع 22 % من موازنة
المنظمة الدولية والتي تبلغ نحو 798.3 مليار دولار للعامين 2006ـ2007.
وهي بذلك المساهم الأول تليها اليابان برغم أن طوكيو حصلت على خفض
لمساهمتها في الاسبوع الماضي بينما ارتفعت مساهمة الصين بشكل طفيف. وفق
الجدول الجديد الذي تبنته الجمعية العامة بالإجماع يوم الجمعة 22
ديسمبر الحالي للأعوام من 2007 إلى 2009، فماذا نتوقع من مساهم أول في
خطابه مع بقية المساهمين؟
وعودة لأنان، فالرجل وفي حفل وداع أقيم له بمكتبة
ترومان بواشنطن برأ ذمته وقالها صريحة للأميركيين: انه لا أمة يمكن أن
تجعل نفسها آمنة من خلال البحث عن التفوق والهيمنة على جميع الآخرين.
نسخة جديدة من أداء الأمم المتحدة بدأت، وسيأتينا
فيها بالأخبار مستقبل الأيام والشهور مع أمين عام تحمل بعض مركبات اسمه
(مون) والتي يمكن أن تعني القمر.
و كل ذلك
بحسب المصدر المذكور نصاً و دون تعليق.
المصدر:
الشرق الأوسط اللندنية-1-1-2007
|