الإعلام الحر حجر الزاوية في بناء النظام الديمقراطي

 

 

أبدى نـــــــزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي، تفاؤله إزاء مستقبل الإعلام في العراق الجديد، معتبرا أن الإعلام هو السلطة الأولى في العالم الحر، ويجب ان يكون كذلك في العراق الجديد، على حد قوله وأضاف نـــــزار حيدر، الذي كان يتحدث لبرنامج (في ضيافة الفرات) في العاصمة العراقية بغداد، والذي بثته قناة الفرات الفضائية هذا الأسبوع : ان الإعلام الحر، حجر الزاوية في بناء النظام الديمقراطي، في أي بلد يريد شعبه الانتقال من مرحلة الاستبداد والديكتاتورية والنظام الشمولي إلى مرحلة بناء المؤسسات الديمقراطية وتثبيت مبدأ التداول السلمي للسلطة، كما هو الحال اليوم بالنسبة للعراق بعد سقوط الصنم وزوال النظام البائد.

وأضاف نـــــــزار حيدر بالقول؛ أن الإعلام الحر يحقق عدة أسس لا يمكن الاستغناء عنها إذا أردنا ان نبني عراقا جديدا قائما على أساس العدل والمساواة، أولها ان الإعلام الحر يحقق مبدأ حرية التعبير الذي يمنح المواطن فرصة الاختيار وتاليا فرصة التفكير قبل ان يختار، ما يساهم في تنمية روح المسؤولية الذاتية لدى كل مواطن عراقي، كما انه يحقق مبدأ الرقابة والمساءلة والمحاسبة وكشف المستور الذي تسعى السلطة، أية سلطة، إلى إخفائه عن الناس واعتبر نـــــزار حيدر، أن التعددية التي يشهدها اليوم الإعلام في العراق بعد عقود المركزية القاتلة والسلطة الحديدية التي كانت تسيطر على الإعلام والرأي العام، يعتبر حالة صحية مطلوبة بالرغم من بعض السلبيات التي ترافق، عادة، مثل هذه التعددية في بادئ الأمر، إلا أن ذلك بمثابة المخاض الذي يجب أن تمر به صناعة الإعلام لحين الاستقرار على ارض صلبة تعتمد المهنية والرسالة الوطنية ووضوح الرؤية، ضمن إطار حرية الاختيار التي سيتمتع بها المواطن عندما يميز بين الغث والسمين من بين الكم الهائل من الوسائل الإعلامية بكل أشكالها المسموعة والمقروءة والمرئية.

عن رأيه بتقنين الإعلام، قال نــــزار حيدر: في ظل عالم القرية الصغيرة، لا يمكن تقنين الإعلام، خاصة بعد أن سخرت التكنولوجيا الفضاء لصناعة الإعلام، ولذلك، يجب أن لا نعول على فكرة التقنين التي تستند، في الأساس، على نظريات المنع، لان الفضاء مفتوح أمام الجميع لا يمكن لأية قوة أن تمنعه عن احد، وعلينا أن نستعيض بالرقابة الذاتية والوعي الذاتي والقضاء، للفصل في النزاعات التي تتعلق بالإعلام واداءاته، بدلا عن التقنين والمنع، وهذا ما هو موجود في الدول المتقدمة التي منحت الإعلام حرية واسعة، من جانب، ولوحت له بأشد العقوبات من خلال الاحتكام إلى القضاء، في إطارات دستورية، إذا ما تجاوز حده واعتدى على حرمة المواطن أو المسؤول من دون دليل أو برهان، من جانب آخر.

ودعا نــــزار حيدر الإعلام في العراق إلى أن يكون لسان حال الناس وليس بوقا للسلطة، وان يمارس الرقابة بأشد صورها، فيما دعا من يقرر ممارسة العمل في مجال الشأن العام، إلى أن يقبل أن يكون عرضة للإعلام وهدفا لسهامه، فيتقبل النقد ونشر الغسيل وكشف المستور والحديث عنه بما يمكن أن يعتبره من المحرمات، لا زال الأمر في إطار الشأن العام الذي يخص المجتمع، على اعتبار أن المسؤول الذي يكون في مأمن عن رقابة الإعلام، يسئ التصرف ويمد يده إلى ما لا يجوز له، حتى إذا كان يصلي صلاة الليل، ولذلك، يجب أن لا يكون أحد من المسؤولين في العراق الجديد بمنأى عن سهام الإعلام وعيونه الرقابية التي يجب أن تلاحقه ليل نهار، فإما أن يعمل صالحا من اجل الناس أو يترك موقعه لمن هو اشد حرصا منه على مصالح الناس الذين أمنوه عليها عندما اعتلى موقع المسؤولية.

عن ما يدعيه الإعلام العربي من كونه إعلام حر لا يخضع لسياسات مرسومة من قبل الأنظمة التي تموله، قال نـــــزار حيدر: إنها ادعاءات فارغة وهي أكذوبة كبرى، فمتى ما فتحت قناة الجزيرة، مثلا، التي تدعي مثل ذلك، ملف قاعدة العديد في قطر أو ملف الانقلاب الأسري الذي قاده الأمير الحالي ضد والده الأمير السابق، أو ملف زيارة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إلى قطر العام الماضي، فسأقتنع بأنها وأمثالها فضاءات إعلامية حرة وحقيقية، أما ان تنتقد وتتهجم وتفتح ملفات الآخرين، وفي اغلب الأحيان، كذبا وزورا، وبطريقة كيدية، فتلك ليست برجولة أبدا، فالغيبة جهد العاجز كما ورد في الأثر.