المهندس مصطفى الصادق مـراجـعـة عفاف الصادق
الإعلام في حد ذاته ركن أساسي من أركان الديموقراطية او الشورية ، وليس المروض لها فقط ، فهو السلطة الرابعة ، وهو الرقيب الموكل من الجمهورعلى السلطة. لماذا يجب أن يكون الإعلام رقيبا على السلطة ؟ ما هي المقومات التي يحتاجها الإعلام ليؤدي دوره الرقابي ولايصاب بالشلل ؟ كي نجيب على السؤال الأول يجب أن نقبل نظرية : ان السلطة مصدرالفساد – إلامع العصمة - و من هذا المنطلق يجب أن تكون النظرة إلي نشاطات السلطة أو بالأحرى الحكومة نظرة شكٍ و حذر، فالسلطة بطبيعتها وغالبا مؤهلة لإفساد السياسيين إنْ كانوا صالحين ، و إنْ كانوا فاسدين فستزيدهم فسادا. وليس هذا فحسب بل الإعلام يشكل حلقة الوصل بين الجمهور والسلطة فيجب أن يعمل ايضا على إيصال صوت المجتمع إلي أروقة الحكم ، وإنْ كان الإعلام يؤدي عكس هذا الدور في بعض المجتمعات . ليس الإعلام من أركان الديموقراطية بل الإعلام الحرّ المسؤول الملتزم الغير قابل للإحتكار، فالإعلام باعتباره المراقب المخول من الجمهور، يراقب ويبحث دائما عن المشاكل الموجودة بصدق وأمانة وواقعية بعيدا عن التضخيم والتحجيم والتسييس والمصلحية والإنتهازية ، وإنْ كان البعض يقول بانه على الإعلامي أن يفترض بأن هناك منْ يغش الجمهور في مكان ما ، وبطريقة من الطرق ، وعليه البحث الجاد عن ذلك لكشفه ونشره ليكون فعلا عين المجتمع و صوته الصارخ في وجه الحكومة. لكن : ما هي المقومات التي يحتاجها الإعلام ليؤدي دوره الرقابي ولايصاب بالشلل ؟ يمكن أن نقسم هذه الأليات إلى قسمين: القسم الأول الأليات المرتبطة بتوفير الحماية الكافية للإعلام لتادية دوره الرقابي والثاني الأليات المرتبطة بمجال المعلومات. في مجال الحماية يجب ان يكون المناخ العام الذي يجري فيه صياغة القوانين التي تضمن الحرية والحماية المادية والمعنوية للإعلام والذين يعملون في السلك الإعلامي بحيث لا تخشى صحيفة ما او قناة ما لو نشرت مقالا إنتقاديا للسلطة ، من الملاحقة أوغيرها . لكن وفي مجال الأليات المرتبطة بمجال المعلومات يجب أن توضع القوانين التي تضمن حرية المعلومات وتوفير القنوات الكافية للإعلام كي يصل للمعلومات التي يريدها والمرتبطة بنشاطات الحكومة ، فمع إنعدام حرية الوصول الى المعلومات يصاب الإعلام بالشلل والعقم . هذا ولا يمكن أن تكون الصحف الحكومية بديلا لذلك ، لانها وبإيجازتابعة وصوت الحكومة ، فعلى الحكومة ان تفتح للصحف المستقلة الطريق الى المعلومات كي تدقق و تحلل هذه المعلومات من جانب الإعلام و تنتقد السلطة وسلوكها . وللمثال فقط نذكر بان في الولايات المتحدة ليست هناك صحيفة مملوكة للحكومة و هناك إهتمام كبير من الكونغرس أن لا توزع حتى المطبوعات التي تطبعها هيئة الإستعلامات الأمريكية داخل الولايات المتحدة. والنقطة الثانية التي ترتبط بالمعلومات وتساعد الإعلام في الوصول اليها هي الشكل العام للنظام السياسي وترتيب السلطات فيه ، فعندما لا تتداخل السلطات و تكون بعضها موازية للبعض الأخر، وتكون اللامركزية والتعددية قائمة، كل ذلك يسهل حصول الإعلاميين على معلومات حول أداء السلطة والثغرات الموجودة فيه. والنقطة الأخرى التي ترتبط بمجال حرية المعلومات تتمثل في كون قانون حرية المعلومات يوجب على السلطة توفير المعلومات المطلوبة للإعلام عن طريق القنوات المختلفة. و للمثال أيضا هناك قانون حرية المعلومات الصادر في سنة 1967 م. في الولايات المتحدة الأمريكية والذي ينص على تكليف الحكومة بتوفير ما يطلبه أي شخص - مع بعض الإستثناءات - من وثائق و تسجيلات و استمارات و محاضر فيها مصلحة عامة. نعم الإعلام ركن من اركان الديموقراطية والشورية التي تقوم ايضا بدور الترويج والترويض للديموقراطية ، ولكي لايصاب هذا الركن بالشلل لابد من تكريس اليات حرية تدفق وتوفير المعلومات ولاسيما الحكومية الى الإعلام ، وبصورة خاصة في الديمقراطيات الفتية ، ولايستبعد وجوب ذلك على الأقل من باب وجوب مقدمة الواجب إستنادا الى الحديث النبوي الشريف : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) وما في هذا الإتجاه من نصوص . والمؤسف المؤلم ان بعض الإعلاميين وفي الديمقراطيات الفتية ينسى مسؤولياته الأساسية ليقحم بنفسه في المسائل العقائدية الحساسة المعقدة وبعيدا عن التخصص والإحاطة ومناهج البحث العلمي جارحا الرأي العام الذي يجب أن يحترمه الإعلامي ليتسنى له إنضاجه وإصلاحه وتعديله ، وبذلك يكون مثل هذا الإعلامي قد قدم المبررات والمسوغات للحكومة كي تنفرد بالإعلام وتقضي على حرية الإعلام ، فضلا عن عدم توفير المعلومات لها .
|