مؤتمر القوى السياسية …لا يفي بالغرض

عباس النوري

 

 

منذ اللحظات الأولى وأنا أشاهد عبر قناة العراقية وقائع المؤتمر الثاني للقوى السياسية الذي أنعقد في بغداد – قصر المؤتمرات والذي كان شبه خالي من سياسيين كنا نتوقع حضورهم، وكلي أمل بأن هذا المؤتمر سيعطي دلالات كبيرة لتحسين الوضع السياسي وبدوره يعين العراقيين للتخلص من أزماتهم الخانقة.

لكن بعد سماعي لكلمة السيد رئيس الوزراء المحترم نوري المالكي فسرته أنها رسالة مشجعة ولها مضمون سليم لكنها غير واضحة وليس فيها من الحقائق التي يعرفها أغلب الشعب العراقي.

وبعد سماعي لكلمة السيد محمود المشهداني رئيس مجلس النواب العراقي وهو حاول أن يعبر عن أصوات من لا صوت لهم ضننت بأنه سوف يأتي بما بحديث يوضح الحقائق…لكنها كانت مجرد أمنيات نطرحها يومياً ولكن لا من يسمع ولا من مجيب. وبحثت بين الحضور في كل صورة يراه المخرج مفيدة للدعاية فلم أجد حضوراً للسيد رئيس الجمهورية ولا لأحدٍ من نوابه…

ولم أجد بين الجمع شخصيات سياسية كنا نتصور بأنهم معنيين بمثل هذا المؤتمر…وكنت أتمنى تقريراً من السيد وزير الدولة للمصالحة الوطنية أكرم الحكيم المحترم في بدايات الجلسات، لكن خاب ضني…وكنت أتوقع أنه سيكون هناك شرحاً عن محادثات بحر الميت أو اللقاءات المنتظرة في إيطاليا.

نعم في كلمة السيد رئيس الوزراء نوه بأنه ليس هناك مصالحة مع من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين…وأكد ذلك في اللقاء الصحفي بأنه من غير الممكن مشاركة حزب البعث في العملية السياسية….لكن الكل يعلم أن البعثيين متواجدين في أكثر المؤسسات الحكومية…وأكدت الدولة العراقية وأكثر المنصفين أن سبب جميع الجرائم التي حدثت بعد 9 نيسان 2003 هم أزلام النظام البائد وفلول القاعدة والتكفيريين…لكن مصطلح الملطخة أيديهم بدماء العراقيين بات أمراً قديم…لا يجدي نفعاً فالذي يسرق ثروات العراق ويمول الإرهاب أشد عداوة للشعب العراقي…فالسارق للموارد الطبيعية التي هي حق المواطن العراقي يقتله جوعاً والذي يورد الأدوية المسمومة ويهرب الأدوية الصالح يقتلهم بالداء عوض الدواء…والقائمة تطول حين نصف المأجورين والذين ينفذون الأجندات الخارجية فهم أخطر من الأول والثاني.

أما ما بال الذين أصابهم قسطٌ من ظلم النظام الدكتاتوري ويعرفون المأساة وطعم سياطها وبيدهم القرار وصنعه لكنهم يغضون الطرف عينا…وبات المظلومون ليس لهم من ناصر ولا مدافع.

أليس الأجدر والأنجع…أن تكون المصالحة بين السلطة ومن حرم من أبسط مستلزمات الحياة الضرورية…وبين الذي سلب منهم كل غالٍ ونفيس…وشردوا في بقاع الأرض بما رحبت …وبين الذين قدموا أولادهم وآبائهم فداءاً للوطن وشعبه…ثم تناسوا بل أصبح حرمانهم وبالاً…أليس من المنطقي أن تجعل الحكومة هؤلاء الكم الهائل من المظلومين والمحرومين سنداً وعوناً لها بدل الظالمين.

سيادة رئيس الوزراء المحترم…أنا متأكد من نواياك ولا أشكُ في شجاعتك لقول الحق…لكنني أخشى من أن من يحاول صدكَ عن قول الحق لا يملك شجاعتك…فخطابك يفتقر لتوضيح الحقائق كما هي…ولا سامح الله أن تكون السلطة وحلاوتها عائقاً لكي لا تفصح.

حاولت أن أرسل لسيادتكم رسالتي عبر الموقع الخاص بالحكومة، والذي يشير لعنوان بريد إلكتروني خاصٌ بكم، لكن هناك عرقلة…ولهذا السبب أجعله رسالة مفتوحة…أن أحببت الرد عليها أو إهمالها فالأمر يعود لسيادتكم وحسن اختياركم.

الحل الذي يراه الكثيرون ممن يهمهم مصلحة العراق وشعبه دون أن تكون في نيتهم أي فوائد مادية أو معنوية سوى إرجاع الحق في نصابه قد الإمكان والاستطاعة…ونقدر الظروف، لكن لا نقبل الأعذار والتبريرات.

المصالحة الوطنية الحقيقية مع الشعب العراقي وليس مع المجرمين، لكن لهذا شروط وبحاج لقيادة شجاعة لها القدرة من اتخاذ القرارات دون عرقلة المؤثرات والتأثيرات الجانبية.

العراق بحاجة لصحوة من النوع الفكري المسالم المناهض للعنف بكل أشكاله. العراق بحاجة لإنصاف المظلومين جميعاً من خلال العمل الواقعي والفعلي وليس من خلال تلوين الخطابات ونشر الشعارات وبث الإشاعات والترويج لما سوف يفعل…والأحلام الجميلة. وليس من خلال بيان منجزات قليلة ليس لها نسبة تذكر بالقياس للثروات والإمكانيات الهائلة…فمجموعها لا تساوي نسبة قليلة من مجموع السرقات.

أقترح بالتعاون مع القوى الخيرة السياسية والمدنية، والكف عن التمسك بالقوى التي تعيش في الخيال…وكأنها سراب قوى ملثمة لها ارتباطاتها بمن هو ليس من العراق بشيء لا حاضراً ولا مستقبلاً…وليس يكن للعراق أي ودٍ ولا احترام…بل يخلق المعوقات ويضع العثرات من أجل إفشال العملية لخدمة مصالحها…وإن كان من حقهم خدمة مصالحهم لكن ليس على حساب مصلحة العراقيين كما تفضلتم… لكن من واجب الحكومة إيقافهم عند حدهم ولو بالكلمة الشجاعة إن لم تكن لها قدرة استخدام أمورً أخرى.

الصحوة الفكرية والتوعية الجماهيرية هي التي سوف تنقذ العراق وشعبه من الأزمات كلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وعندما يبدأ الإنسان العراقي يشعر أن هناك تماسك وتلازم بينها وبين السلطة حيينها تدافع عن وجودها وكيانها وحقوقها من خلال دفاعها عن السلطة…

هذا البصرة دمرت بسبب عدمية التواصل بين السلطة وناسها، وكثير من أهالي البصرة توزعوا في أرجاء العالم يتباكون حالهم وحال أهاليهم لما عانوه ويعانون منه حاضراً وما يأتي به مستقبلاً أكثر عنفاً وجرماً بحق الإنسانية…فالقصص تنتشر بسرعة البرق…ما هو ذنب شابة في السادسة من عمرها تغتصب وتقتل…وما ذنب الأطباء يخطفون ويقتلون…وما ذنب..وما ذنب النخيل التي تحرق وتندثر…وما سبب النفط يسرق ويسرب للخارج لكي يمول عناصر القتل والخطف…وما سبب هذا التقاتل من أجل السيطرة على البصرة التي هي بوابة العراق وشريانها النابض…اقتصاديا وثقافياً و..و….هل لدى العراق جغرافية مائية غير البصرة…؟ ما هذا الجفاء..ولا أخبرنا بذلك من قبل، ولا كان المرجو من القيادات هذا السكوت..ومن الخوف..أم من الجار إذا كان جائراً أم من الشقيق إذا طغى، أم من الأهل والأحبة وهم يسحقون.

وهذه واسط…(الكوت) تتقاتل الفصائل بينها…ولا شيء يذكر، وكأن الأمر غيم ومطر صيف لا نبتل ونبتلى بها ومنها.

وما الوضع في الديوانية…وكربلاء…وغيرها من مناطق…قد لا يكون لكم خبر بها وعنها. أم الذي حدث في بغداد وبالتحديد (مدينة الحرية) من حربٍ من على السطوح، أم أنها أخبارٌ وإشاعات…لا صحة لها…وأهلنا الكاذبون..

البعض حمل الأحزاب الإسلامية العبء والمهازل، وإن كان لهذه الأحزاب الإسلامية يدٌ فقد وضعوا جرحاً في الدين الذي ينتمون إليه مع أن الله تبارك وتعالى قال: (نحن نزلنا الذكر ونحن له لحافظون) نعم لكن، قد أخروا تقدم العمل بل هدموا ما أراد بنائه المخلصون.

أرجو الجواب على هذه التساؤلات ليشفى غليل من ينتظر البصيص من الأمل، ويضع حداً لمن يستخدم الأخبار ليشفي غليل الأعداء. الأمر لكم…ونتمنى لكلم النصح والتوصل لما فيه خير دنياكم وأخرتكم…والله من وراء القصد.

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:inciraq