مؤتمر الإصلاح العربي لعام 2008 وإطلاق "مرصد الإصلاح العربي"
تطلق مكتبة الإسكندرية ، وفي إطار مؤتمر الإصلاح العربي لعام 2008، "مرصد الإصلاح العربي" الذي تأسس بهدف متابعة ورصد حالة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في الأقطار العربية واستخلاص مؤشر عام يشير إلى الحالة العربية في عمومها. لقد اختار المرصد في العام الأول لإطلاقه التركيز على رصد وبحث إدراك النخبة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية العربية لتطور حالة الإصلاح في أقطارها. ومن هنا أعد استطلاعاً لرأي عينات من هذه النخب في الأقطار المختلفة على هيئة استمارة للإجابة عن أسئلتها. لقد اختيرت العينات من بين المشاركين في مؤتمرات الإصلاح السنوية السابقة التي عقدتها المكتبة، والتي بدأت عام 2004، وقام فريق عمل من الباحثين المتخصصين في القضايا المختلفة بتفريغ الاستمارات وتصنيف الإجابات المتشابهة لاستخلاص حالة القضية الإصلاحية المطروحة كما تظهر في إدراك النخبة الممثلة لكل قطر ثم لتكوين المؤشر العربي الكلي بشأن كل قضية على حدة. وفي تقديري الشخصي أن هذا العمل البحثي سيترك آثاراً فكرية مهمة في الأوساط العربية والدولية المعنية بقضايا الإصلاح العربي، بل إنني أعتقد أن هذا المرصد لا يقل أهمية عن تقرير التنمية العربي الذي تصدره الأمم المتحدة. من القضايا التي أتصور أن القارئ العربي سيجدها جديرة بالتأمل، قضية تحديد المصدر الأساسي للدعوة لبرنامج الإصلاح كما تراه عينا النخبة في بلدانها. أهمية هذه القضية تتصل أساساً بقضية أشمل طالما ألححت عليها في مقالاتي منذ وقت مبكر، وهي الحفاظ على الطابع الداخلي لدعوة وعملية الإصلاح في كل قطر عربي بعيداً عن الدعوات الخارجية، لتجنب المضاعفات التي تنتج عن الجهل الخارجي بالثقافة المجتمعية العربية. لقد أظهرت الإجابات التي قدمتها عينات النخبة العربية عن السؤال حول مصدر دعوة الإصلاح في بلدانها أن النسبة الأكبر لم تتمكن من تحديد مصدر الإصلاح أو من إعطاء إجابة محددة بشأن مصدر الإصلاح. ومع ذلك فقد تبين من الإجابات أن شخصية الملك أو الرئيس أو الحكومة كانت هي الجهات التي تركزت حولها أكبر كتل مترابطة من الإجابات فيما يتعلق بالدعوة إلى برنامج الإصلاح السياسي، في حين دلت الإجابات على أن رؤية القيادة السياسية ممثلة في الرئيس أو الملك أو الحكومة تتراجع كلما تعلق السؤال بمصدر الدعوة للإصلاح الاقتصادي، ثم الاجتماعي ثم الثقافي. لقد اعتبر قطاع مهم من العينة أن مؤسسات المجتمع المدني كانت المصدر الأساسي للدعوة لبرامج الإصلاح الاجتماعي وزادت نسبة مؤسسات المجتمع المدني على نسبة كل من عناصر القيادة السياسية المذكورة. وفي تقديري أن هذه النتائج تشير إلى إدراك النخب العربية أن الإصلاح السياسي بالذات أمر يتحقق من أعلى قمة المجتمع وهو أمر قابل للتطبيق كلما جاءت الدعوة إليه من الملك أو الرئيس أو الحكومة، في حين أن أوجه الإصلاح الأخرى، يزداد دور المجتمع المدني ومؤسساته فيها. لقد دلت الإجابات في القضايا الأخرى على أن أغلب النخبة يعترف بتحسن المناخ السياسي في بلادها رغم عدم رضاها عن مستوى الشفافية في العمل السياسي، كما دلت أن أغلب النخبة يرى أن البرلمان موجود لكنه قليل الفاعلية، وأن أداءه يتحسن بالتدريج، وأن أغلب النخبة يرى أن الحياة الحزبية غير فاعلة، وأن ثقافة الانتخابات في البلدان العربية في حاجة إلى تكريس، وأن الإصلاحات العربية تجري في إطار من عدم الوضوح البرامجي والزمني. القضايا التي طرحها مرصد الإصلاح على عينات النخبة متعددة الجوانب، ولاشك أن مطالعة نتائج الاستطلاع عند إطلاقه ونشره ستثير مناقشات أوسع... تساهم في خدمة عملية الإصلاح النابعة من داخل كل قُطر طبقاً لأوضاعه وثقافته المحلية. وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق. المصدر:alittihad-2-3-2008
|