مؤتمر ( سامراء مطلع شمس الولاية ) يبحث في فاجعة سامراء وإعادة إعمار الروضة العسكرية

 

 

مؤسسة الرسول الأكرم (ص) الثقافية

26/شعبان/1428هـ

في مدينة العلامة المجلسي قدّس سره الشريف ـ أصفهان ـ وبناءً على توجيهات المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، وبإشراف أستاذ الحوزة العلمية بأصفهان آية الله السيد حسن فقيه الإمامي دامت بركاته، وبرعاية ( مؤسسة نشر معارف أهل البيت سلام الله عليهم) عقد في الثالث والعشرين من شهر شعبان المعظّم 1428 للهجرة، مؤتمر «سامراء مطلع شمس الولاية» للبحث في فاجعة هدم المرقد الطاهر للإمامين العسكريين سلام الله عليهما، وجذور هذه الفاجعة، وطرق الحلّ لعدم تكرر ذلك في المستقبل، وكيف السبيل إلى إعادة بناء الروضة العسكرية المطهرة.

وقد حضر هذا المؤتمر وفد من بيت سماحة المرجع السيد الشيرازي دام ظله ترأسه حجة الإسلام والمسلمين فضيلة السيد جعفر الشيرازي دام عزّه، والعشرات من العلماء، والمحققين، وأساتذة الحوزة العلمية والجامعة، والمؤلفين.

افتتح المؤتمر بتلاوة عطرة من آي الذكر الحكيم تلاها المقرئ الدكتور حاج إسماعيلي.

ألقى بعد ذلك السيد حسين رضا زادة مدير مؤسسة نشر معارف أهل البيت سلام الله عليهم كلمة ترحيب بالمشاركين في المؤتمر.

وكانت الكلمة الأولى لفضيلة الأستاذ علي أكبر مهدي بور تحت عنوان (سامراء يجب أن تصبح سُرّ مَن رأى) تناول فيها تاريخ سامراء؛ من بناها، وكم مرّة دُمّرت، ولم سُمّيت بهذا الاسم وسُرّ مَن رأى، كما تعرّض لتاريخ الروضة المطهرة، وختم كلمته بعدة مقترحات فيما يخصّ مأساة سامراء والثالوث الوهّابي السلفي الغفلقي ودوره القذر في العراق والعالم الإسلامي.

تحدّث بعده فضيلة الدكتور محسن قائم فرد ـ من أساتذة الجامعة ـ وكان محور حديثه يدور حول ضرورة الاستفادة من القوانين الدولية التي تمنحنا الحقّ في أن تُحترم شعائرنا ورموزنا الدينية وموروثنا الثقافي والعقائدي، وتُعاقِب المتجاوزين على هذه الحقوق؛ وقال: صحيح أن التشريعات الإسلامية أرقى حتى من التشريعات المعاصرة ومنشور منظمة الأمم المتحدة أو بنود ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأنّ الآخر (الغرب) بدأ يكتشف عظمة الإسلام من خلال الوقوف على بعض تشريعاته التي تعدّ من البديهيات بالنسبة لنا ولكنها عظيمة لمكتشفيها.

وصحيح أننا لا ننظر إلى هذه المراقد العظيمة كموروث تاريخي بل هي أعظم من ذلك بكثير ولا نقبل بالتنزل بها إلى الموروث الثقافي أو التاريخي ولكن استرداد الحقوق لا يتوقف على السبل المستندة إلى ما نعتقده نحن فقط في تلك الحقوق، ولا ضير في التوسّل بالسبل الأخرى مادامت مشروعة، خاصة والآخر لم يصل بعد إلى قناعاتنا وعقائدنا، فهل نبقى مكتوفي الأيدي ولا نلجأ للاستنصار بالآخر الذي يمثل العالمي مادامت هناك نقاط مشتركة تمثل الحد الأدنى.

أما الدكتور فريدون ـ المتحدث الآخر في المؤتمر ـ فكانت كلمته تحت عنوان «الأسس الأيديولوجية لمحاربة الشيعة» وقد أرجعها إلى ابن تيمية وموقفه، ومن تبعه من عقيدة التوسّل بالأولياء. وقال: إن هؤلاء لا يحاربون الشيعة في ذلك ويستحلّون دماءهم بل يرون قتال كلّ من يتوسل إلى الله تعالى بالنبي والأئمة سلام الله عليهم ولكنهم في عدائهم للشيعة أشدّ.

وعرض بعض الكتب والكراريس التي ألفوها حديثاً لتوزيعها على الحجاج لا سيما الإيرانيين؛ إذ ترجموا لهم تلك الكتب من أجل تحريفهم عن معتقداتهم وهذا يتطلب من العلماء والمفكرين تنظيم دورات للحجاج قبل الحج في هذا المجال لتحصينهم من تأثير تلك الكتب المسمومة.

وكان من بين المتحدّثين سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد يثربي (من مدرّسي الحوزة العلمية بقم المقدسة) حيث تطرّق إلى ضرورة تشكيل مثل هذه المؤتمرات وأنها وظيفة ملقاة على العلماء الذين يرابطون على ثغور العقيدة كما يقوم المرابطون على حدود البلاد بالمحافظة على ثغورها.

ثم تطرّق فضيلته في جانب آخر من حديثه إلى المواقف المتراجعة والمتخاذلة من البعض بذريعة الوحدة الإسلامية وقال: أجل إننا نتفق مع الوحدة التي دعا إليها السيد شرف الدين رضوان الله تعالى عليه الذي أمّ المصلين في الكعبة وآية الله البروجردي قدّس سره الذي كسب الاعتراف بالمذهب الشيعي حتى صار يدرّس في جامعة الأزهر؛ ولكنا نرفض الوحدة التي تدعونا إلى التنازل عن مبادئنا أو الوحدة مع الذين شمّروا عن سواعدهم لقتل الشيعة حتى كتبوا: قتل الكافر حسنة وقتل الشيعي ألف حسنة.

وأوضح: إن التخلّي عن المبادئ ليس طريقاً لحل المشكلة واننا سنكون مسؤولين غداً يوم القيامة أمام الأئمة سلام الله عليهم وكلّ الذين سفكت دماؤهم الطاهرة من أجل هذه المبادئ الحقّة، وليعلم المتنازلون أن تنازلاتهم لن تقف عند حد ولن يرضى عنها القوم الذين هم غير مستعدين للتخلّي حتى عن أوضح أباطيلهم أو مواقفهم المتشددة ضدّهم في المقابل.

وكان أول المتحدّثين في جلسة بعد الظهر فضيلة الأستاذ معاونيان الخطيب المشهور من مدينة مشهد المقدسة، وقال: الفاجعة عظيمة جداً وقد بكينا بسببها كثيراً، وتكررت، وعدنا نبكي، ولكن البكاء لا يحلّ المشكلة.

فنحن جميعاً متفقون على كبر الفاجعة، والعالم أيضاً اطّلع على دناءة ووحشية الوهابيين الذين يقفون وراء هذه الأعمال، وكلنا أيضاً متفقون أن البكاء والشكوى لا يكفيان وأنه لا بد من العمل. فهذا هو القدر المتيقّن، ولو فتشت قلوب المؤمنين لرأيتها جميعاً مطبقة على ذلك. ولكن مع ذلك بقينا في مرحلة الشعار ولم نخط على طريق العمل.

وقال: إن علينا على الأقل أن نضغط في هذا الاتجاه على الحكومة العراقية ولا يقال إن الحكومة العراقية ضعيفة ولا تستطيع أن تعمل شيئاً. أما لاحظتم كيف عملت في الأنبار ونجحت في رص صفوف عشائر الأنبار لمقاتلة الوهابيين وإخراجهم.

إن علينا أن نطالب الحكومة العراقية وكذلك الحكومة الإيرانية والحكومات والشعوب الأخرى وأن نعلم ان الحق يؤخذ ولا يعطى، وما ضاع حق وراءه مطالب.

كما علينا أن نضغط على الحكومة السعودية لاتخاذ مواقف أكثر صراحة وصرامة ضد علماء الفتنة، ولنجعل من 23 محرم الحرام ـ الذي حدثت فيه فاجعة سامراء ـ يوماً لمناهضة الوهابية في العالم.

تحدّث بعد ذلك الدكتور فخاري من أساتذة الجامعة عن البعد الاقتصادي ودوره في دعم البعد الثقافي، كما تحدّث عن الغزو الثقافي الهدّام وقال: إذا كان تخريب سامراء قد أحرق قلوبنا إلى هذه الدرجة ـ وحقّ لنا - إذاً ما أصعب أن نرى معارف أهل البيت سلام الله عليهم وليس لها متولّ حقيقي.

وألمح إلى أن عدم الالتفات إلى مبادئ الإمام العسكري صلوات الله عليه يعني تخريب سامراء فكرياً.

وقال:إن الشبهات عن أهل البيت والإمام الحجّة صلوات الله وسلامه عليهم تزداد يوماً بعد يوم وتعزل شبابنا عن عقيدتهم فهلا احترقت قلوبنا أيضاً وفكّرنا في سبل للحيلولة دون ذلك.

أما عن سامراء فتساءل: هل اتخذنا رمزاً يذكّرنا بهذه الفاجعة حتى يعاد إعمار المرقدين الطاهرين، وضرب لذلك مثلاً بوضع شارة سوداء أو أي رمز آخر، كما فعل الفلسطينيون مثلاً الذين ترى في بيت كل واحد منهم مفتاحاً يرمز للعودة.

أين فنّانونا ليعكسوا الفاجعة ويذكّروا بها بصورة فنية وينشروها في العالم؟

ثم أشار إلى انه ينبغي عدم التقليل من الحلول على مستوى الفرد مثل عمل (ويب لاك) شخصي لهذا الغرض مع العلم انه لا يكلّف شيئاً.

بعد ذلك عُرض مقطع من كلمة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله حول هتك حرمة الإمامين العسكريين صلوات الله عليهما والتي يقول فيها: إن كل ما تنتهك من حرمات تعود إلى الهتك الأعظم والأول والأساس الذي مهّد للانتهاكات التالية، وهي هتك حرمة رسول الله صلّى الله عليه وآله عندما أراد أن يوصي للإمام علي سلام الله عليه من بعده فقال أحدهم: إن الرجل ليهجر أو غلبه الوجع، وهو ما عبّرت عنه الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها بقولها: «وأزيلت الحرمة» والإزالة أكثر من الهتك وليس فوقها هتك.

أما كلمة الختام فكانت لأستاذ الحوزة العلمية في أصفهان آية الله إمامي، الذي أرجع كل ما يحلّ بنا من نكبات إلى تسامحنا وتهاوننا وتساهلنا تجاه القضايا قبل وقوعها، وقال: صحيح إننا نحارب على عدة جبهات ولكن هذا لا يعفينا من الانتباه وعدم التهاون ببعض الأمور والانحرافات؛ لأن الانحراف كالسرطان لا يخبرك عن وجوده إلا إذا استفحل وتعمّق خطره، فيأتي عليك وليس وقت عمل.

وتساءل:لماذا يجرؤ حفنة من الأوغاد على تخريب مرقد العسكريين سلام الله عليهما؟ وأجاب: إن هذا يعود لضعفنا مع الأسف.

ثم وجّه سماحته خطابه لأولئك الجناة الذين اعتدوا على الحرمات قائلاً: ما الذي جنيتم من هدم البقيع إلا الخزي والعار والفضيحة؟ هل استطعتم أن تخرجوا حبّهم من قلوبنا؟ هيهات هيهات، بل ازداد حبّنا لهم رغم ما تفعلون. إنكم حمقى لأنكم بأفعالكم هذه ستفضحون أنفسكم وتعرّفون أئمتنا للعالم.

وختم بالقول: إن هذه الأمور من مقدّمات ظهور مولانا الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف. وخاطب المؤمنين بالقول: اعلموا أيها الإخوة إن المظلومية سبب الانتصار والانتشار، وان هذه الأعمال سببت تخريب صور فاعليها في العالم.

مراسل موقع الإمام الشيرازي - اصفهان