المؤتمر... مفهومه ومكانته بين وسائل التربية

 

 

على عبد الحليم محمود

 

أ‌- مفهومه :

المؤتمر : فى اللغة مكان الائتمار - أي المشاورة . وقد عرفه مجمع اللغة العربية بأنه :

مجتمع للتشاور والبحث في أمر ما .

وقد عرفه معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية بأنه :

مؤتمر رسمى ومؤتمر عام ، فعرف المؤتمر الرسمى بقوله :

يخصص هذا المصطلح للدلالة على الاجتماعات الرسمية ذات الأهمية من حيث أهدافها ونتائجها المحتملة كإبرام مواثيق أو معاهدات .

وعرف المؤتمر العام بقوله :

يضم عددا كبيرا من المشتركين قد يصل إلى مئات ، والاشتراك فيه مباح لجميع المنظمات والأفراد المختصين . ويعقد لمدة محددة لتبادل الرأي فى الموضوعات المعروضة عليه وإصدار توصيات تنشر على نطاق واسع .

 وتعقد المؤتمرات العامة عادة فى فترات دورية بين كل فترة وأخرى سنة أو أكثر .

ب - مكانة المؤتمر بين وسائل التربية :

قد يتوهم بعض الناس أن المؤتمر ليس وسيلة جيدة للتربية . بمعنى أن الوسائل الأخرى تربى بشكل مباشر ومقصود ، فى حين أن المؤتمر قد لايحقق ذلك ، وهذا الوهم يزول عند التأمل فى الموضوعات التى تطرح فى المؤتمر ، إذ الغالب فى هذه الموضوعات أن تضيف إلى الحاضرين في المؤتمر بعدا ثقافيا ومعرفيا قد لا يتاح  بنفس المستوى في الوسائل الأخرى ، فهي المعرفة المغربلة التى جاءت نتيجة للبحوث ، والدراسات المتعمقة ، والحوار والمناقشة والاستقرار فيها على الحصيلة لكل هذا .

ولكن ما يميز المؤتمر عن سائر وسائل التربية لابد أن نشير إلى نماذج منه فيما يلي :

1- أنه يضم حشدا كبيرا من المشاركين فى الدراسة ، غالبا ما يكون كل واحد منهم قد أعد نفسه للمشاركة فى المؤتمر ببحث أو دراسة جيدة فى الموضوع المعروض فى المؤتمر ، وهذا لا يتاح فى وسيلة أخرى سواه .

2- أنه يضم حشدا كبيرا من الحاضرين المدعوين للاستماع والاستفادة ، ويتيح لهم فرصة جيدة للاشتراك فى المناقشة والحوار ، كما يعطيهم الفرصة الجيدة للتعرف على الاراء الأخرى من جانب ، وعلى آراء الباحثين والدارسين وشخصياتهم من جانب آخر .

3- أن مدة انعقاده قد تطول فى بعض الأحيان ، مما يتيح للدارسين. . والباحثين فرصة عرض بحوثهم ودراساتهم على اللجان المختصة للتداول فيها والانتهاء إلى رأى منخول فيها ، وهو أمر يزيد البحث والدراسة عمقا وقدرة على مواكبة المتطلبات .

كما أن طول مدة انعقاده تعلى نفس الفرصة لكل الحاضرين من أعضائه ، لكى يستمعوا إلى أنضج الآراء حول الموضوع وإلى أعمق الدراسات والبحزث .

4- أن الموضوع المختار للدراسة والبحث يحشد له من الطاقات والكفاءات العلمية مالا تتاح فرصة حشده فى وسيلة أخرى من وسائل  التربية .

وغالبا ما يكوت هذا الموضوع بحاجة ماسة إلى ما يلي :

 أ- تبادل وجهات نظر متعددة حوله .

 ب - تعميق بحثه ، ودراسته بوساطة المختصين .

جـ - أخذ الموافقة عليه من أكبر عدد من الناس، لأهمية مايترتب عليه

 عندما يصبح قرارا  من قرارات الجماعة .

5– أن المؤتمر يركز بعمق ودقة على الجانب الثقافي فى تربية الأفراد ، ويعطي لهذا الجانب عمقا واتساعا لإ يتاح بنفس القدر والفاعلية مع الوسائل الأخرى من وسائل التربية ، وواضح ما للجانب الثقافي من أهمية في شخصية من يتصدى للعمل الإسلامى فى هذا العصر المستمر في التغير .

6- المؤتمر فرصة جيدة لتنشيط الفكر وتلقيحه بأفكار أخرى ، والوصول من وراء ذلك إلى تحليل مقبول للموضوع المطروح للمناقشة ، فضلا عما فيه من مشاركة حية وإيجابية من الحاضرين للباحثين والخبراء ، وكل ذلك يعط دربة لا تتوفر بنفس المستوى فى وسيلة أخرى من وسائل التربية .

7- المؤتمر يجدد الروابط بين الأعضاء المدعوين من أماكن متباعدة ، ويزيد التعارف عمقا ويوثق فيهم معانى الأخوة ، ويوضح لهم بعض المعالم فى طريق العمل الإسلامى .

8- المؤتمر يعطى الجماعة ثقة كبيرة فى إصدار قرار ما بعد أن يكون المؤتمر قد أصدر توصية فى موضوع هذا القرار ، كما يساعد فى القضاء على الاختلاف بين وجهات النظر حول موضوع بعينه ، وتلك أهداف للجماعة فى كل ما تصدره من قرارات ، فضلا عما يتيحه المؤتمر لمبدأ الشورى من ممارسة جيده على أعلى المستويات من جانب ، وعلى أوسع القواعد من جانب ثان ، وعلى أدق التفاصيل من جانب ثالث.

9- كان المؤتمر فى تاريخ الجماعة دائما يعطى الجماعة فرصة لطرح سياسة معينة فى أى مجال من مجالات العمل فى الجماعة ، لأخذ الرأي عليها والوصول فيها إلى قرار ، بدلا من استطلاع رأي أفراد الجماعة فى أماكن . تجمعهم ، لما فى ذلك من استهلاك كبير للوقت والجهد والمال .

10- كانت المؤتمرات فرصة للجماعة ليجدد أعضاؤها بيعتهم لقيادة الجماعة ، وما يستهدفه ذلك من تجديد الثقة بين الجند والقادة ، مما ييسر على الجماعة عملها والسير بسياستها إلى مداها .

المصدر : مقتطفات من كتاب : وسائل التربية عند الإخوان المسلمين - لمؤلفه: على عبد الحليم محمود – نقلا من : daawa-info.net