تهديم البقيع.. مأساة متجددة وخطوات لازمة

 

نبيل نعمه الجابري

 

 

(إِنّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصّلاَةَ وَآتَىَ الزّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاّ اللّهَ فَعَسَىَ أُوْلَـَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ). سورة التوبة : 18

أربع وثمانون عاماً مرت على المأساة الكبرى التي تعرض لها المسلمون في تهديم قبور الائمة (عليهم السلام) في بقيع الغرقد من قبل الزمرة الوهابية الكافرة التي أخذت على عاتقها معاداة أهل البيت منذ القدم.

فالزمرة التي أقدمت على هدم القبور مستخدمة السيف هي نفسها التي ساهمت في قتل الإمام علي وهي عينها التي دست السم لإبنه الإمام الحسن، وهي التي ساهمت في قتل الحسين بكربلاء في يوم عاشوراء وهم إنما يفعلون ذلك كخطوة منهم للقضاء على آثار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكل ما يمت إليه بصلة وأول ما بدأوا به هم آل بيته عليهم السلام.

وفي ذلك يقول الإمام الشيرازي(قدس سره الشريف): (الذين هدموا بقاع البقيع وسائر البقاع المباركة لم يفعلوها إلا بالسيف من دون أي منطق عقلائي، وهذا خلاف سيرة جميع الأنبياء والمرسلين والأئمة الصالحين عليهم السلام) .

ابتدء الدفن في جنة البقيع منذ زمان النبي الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأحياناً كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنفسه يعلّم على قبر المدفون بعلامة ثم بُنيت قباب وأضرحة على جملة من القبور من قبل المؤمنين وبأمر من العلماء.

ومن جملة من دفن في البقيع من أئمة اهل البيت عليهم السلام من ابناء رسول الله (ص) الامام الحسن عليه السلام والإمام السجاد عليه السلام والإمام الباقر عليه السلام والإمام الصادق عليه السلام هذا إضافة إلى خيرة الصحابة والتابعين حيث وصل في الخبر الى ان عدد الصحابة والتابعين الذين دفنوا فيه تجاوزوا العشرة آلاف.

إلا ان مبغضي اهل البيت (عليهم السلام) لم يتوانوا برهة في تحقيق مآربهم والنيل منهم بأي وسيلة كانت ومهما كانت الطريقة وخصوصاً وهم يعرفون الخطر المحدق بهم والذي يمثله الفكر النير والاخلاق السامية التي تحلى بها اهل البيت عليهم السلام فراحوا يهدمون الاضرحة المشرفة ويزيلوا البناء الشامخ ظناً منهم بأن البناء الشامخ والقباب العالية هي من صنعت لهم التاريخ وحفظتهم في العقول والقلوب كل هذه الفترة من الزمن.

وامتدت أياديهم الى ان تصب حقدها الاعمى وتصل الى سامراء العراق حيث الضريحين الشريفين للامامين العسكريين عليهما السلام بالفكر عينه وبالطريقة والايادي ذاتها التي هدمت بها الاضرحة المقدسة في البقيع الغرقد وسموم علماء السوء ما زالت تنفث السم القاتل في إزالة المراقد المقدسة في كربلاء والنجف وغيرها من المدن.

إلا أن وجود علماء أفذاذ كالامام المجدد الراحل محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) صاحب الفكر الموسوعي العالمي والطرح الإسلامي النقي.. ودعواته التي وجهها إلى المسلمين من أجل إنقاذ تلك البقعة المقدسة وإعادة بناءها لتعود الروحانية التي فقدتها الأمة عندما رضيت بتلك الأعمال الهادفة إلى الإطاحة بكل الإسلام.

فما احوجنا الى فكر معتدل يطالب بتلك الحقوق ويتناغم مع ما تتطلبه المرحلة يتمثل بالبدء فيما انتهى به الوهابية في سامراء لتبدأ الحملة العكسية في بناء قبور الائمة في سامراء ويكون مقدمة ورسالة لبناء باقي قبور البقيع:  (وبقاء القبور المباركة مهدومة دليل على أنه لازال السيف بيد الهادمين إلى الآن، ولكن عندما يسقط السيف من أيديهم، ستجد المسلمين جميعاً في نفس اليوم آخذين في البناء) .

لذا فأن من اللازم علينا ونحن نريد أن نحيي هذه المناسبة القيام بامور عدة التي من شأنها أن توضح المأساة التي تعرض لها أهل البيت في حياتهم ويتعرضون لها في مماتهم عن طريق:

1- الاعلان عن مظاهر الحزن والاسى في ذكرى يوم هدم البقيع عن طريق لبس السواد والاكثار من زيارة مراقد اهل البيت وعقد المجالس الحسينية لذكرها وذكر اهل البيت عليهم السلام.

2- البدء بحملة لجمع التواقيع لمطالبة الحكومتين العراقية والسعودية ببناء قبور الائمة عليهم السلام في سامراء وفي البقيع الغرقد.

3- الدور الكبير الملقى على عاتق الحوزة العلمية ا في دعوتها الى رجال الأعمال والتجار في دعوهم لمحبي آل البيت عليهم السلام ومساعدتهم مالياً في زيارة المراقد المقدسة في البقيع أسوة بالمراقد الموجودة في العراق وايران لتكثير السواد من جهة ومن جهة ثانية لتأكيد اعتزاز المسلمين بأئمتهم عليهم السلام.

4- إنشاء العديد من المؤسسات التي تعنى بالدرجة الأساس بالتأكيد على إعادة بناء القبور في بقيع الغرقد، ودعم هذه المؤسسات حتى تعمل عالمياً للتأكيد على إعادة بناء هذه القبور لما للامر من اهمية تاريخية أثرية إضافة الى أهميتها الدينية.

5- كما ويقع على وسائل الإعلام دور مهم في بيان مظلومية اهل البيت عليهم السلام عن طريق إعداد برامج خاصة عن هذه المناسبة توضح كبر حجم المسألة تأرخياً وحضارياً.

6- إقامة المؤتمرات والندوات العالمية التي تدعو الى إعادة بناء قبور ائمة البقيع عليهم السلام وتأطيرها بالاطر السلامية التي تتضمن التسامح والحلم ونبذ التفرقة والدعوة الى جمع شتات الامة.

7- إنشاء مواقع خاصة على شبكة الانترنيت العالمية تعنى بهذه المسألة.

المصدر: مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث