نحارب الديمقراطية وننادي بها!!
المهندس حسين جهاد
إنقسامات عديدة داخل هذا الحزب أوذاك تؤدي إلى صراعات وتصفيات و في أحسن الأحوال تنتهي بخروج مجموعة من الحزب لتأسيس حزب اخر ينتظره المصير نفسه بعد أن يقع فريسة عدوى الإنشقاق . والغريب أن أكثر الخارجين من هذه الأحزاب أوالمنشقين عنها يعزون خروجهم إلى غياب الشورية والديموقراطية في الحياة الحزبية دونما أن تثمر تجربتهم و معاناتهم تلك عن تشكيل حزب جديد يتمسك بالديمقراطية في تداول المناصب القيادية وإتخاذ القرارات ورسم البرامج و في علاقة الحزب مع أعضائه ومع الأحزاب الأخرى ومع الدولة و مؤسسات المجتمع المدني و المنظمات الجماهيرية. هل يعود ذلك إلى ان المشكلة المعلنة ليست هي كل المشكلة ؟ هل يعود ذلك إلى ان المشكلة المعلنة ليست غالباً هي المشكلة الحقيقية ؟ الأكثرغرابة ان عدوى الإنشطار المتكرر في الأحزاب عابرة للقارات و متجذرة بصورة خاصة في الدول النامية ولا تنحصر في الأحزاب القومية أو الماركسية فقط بل تصيب الأحزاب الدينية أيضاً, لقد بلغ الأمر لحزب من الأحزاب في العراق أن قام بتصفية أكثر من نصف القيادة خلال المؤتمر الرابع له بحجة إختلافات في الرأي بخصوص الحرب العراقية الإيرانية وسبل الكفاح والتحالفات والسيطرة على أمور التنظيم التلاعب بالرصيد المالي الحزبي وانقسم حزب ديني آخر إلى ستة أحزاب ولم يبق من هيكله القيادي سوى أعضاء قليلين بل في احزاب قومية بالعراق لم تبق الخلافات الداخلية من الحزب سوى إسم الأمين العام ونجله فقط , أما الصراع في حزب البعث العراقي فمعروف بدمويته ووحشيته وإستمراره. أتصور ان المشكلة المعلنة هي المشكلة الحقيقية في ظاهرة إنقسام الأحزاب وربما لا تمثل كل المشكلة في بعض الحالات, فكما أنه لابد من تداول السلطة دورياً وسلمياً بالإنتخابات الحرة النزيهة في الدولة الديمقراطية كذلك الأمر في الحزب الديمقراطي ودون أن تتحول الإنتخابات الحزبية إلى تزكية و إملاءات, و كذلك هوالحال بالنسبة لفصل السلطات وإستقلال السلطة القضائية في الحزب والمساءلة و المحاسبة والمأسسة والشفافية ، فكما يقال في وصف الدولة الديمقراطية بأنها دولة مؤسسات كذلك الحزب الديمقراطي يجب أن يكون حزب المؤسسات لا حزب بعض الأفراد أو حزب الفرد الشخص الواحد المهيمن على المال والقراروالمصيروالمسار, و كما يقال انه لا ديمقراطية في الدولة إلا مع التسامح وإحترام التعددية و ضمان حقوق الأقلية ووجود المعارضة كذلك الأمر داخل الحزب الديمقراطي النهج لا بد من تعدد الأجنحة وحرية المعارضة وتكريس التسامح و ...الخ. طبعاً الإلتزام بالديمقراطية داخل الأحزاب لا ينهي كل الخلافات والإختلافات لأن الأحزاب تتشكل من بشر وليسوا جميعاً في مستوى واحد من الوعي والإدراك والطموح والتطلع لكن عندها يمكن حسم الخلافات بالحوار والديمقراطية وبمسطرة واحدة للجميع كما يمكن إنتخاب لجنة عليا مهمتها إصلاح ذات البين ونزع فتيل التوتر والقيام بالمساعي الحميدة وتقريب وجهات النظر بالمفاوضات والوساطة و التحكم والوسائل التي باتت تعرف بالحلول البديلة عن التقاضي بالمحاكم لفض النزاعات و تسوية الخلافات Dispute Resolution ) DR) قال الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام في وصيته عند وفاته للحسن والحسين عليهما السلام : ( أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومنْ بلغه كتابي بتقوى الله ونظم امركم وصلاح ذات بينكم ، فان جدكما رسول الله صلى الله عليه واله يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام ) . قسط كبير من الأزمة العراقية يعود إلى عجز الديمقراطية الفتية فيها لتحويل نتائج الإنتخابات إلى سلطة حقيقية ديمقراطية غير مشلولة وذلك يرجع إلى أزمة الديمقراطية داخل الأحزاب العراقية والإشكالية تكمن في جوانب منها عدم وجود قيود كافية أوحوافز تدفع الأحزاب للإلتزام بالديمقراطية والشفافية والمأسسة داخل الحياة الحزبية, وقانون الأحزاب إلى جانب النظام الإنتخابي يمكن ان يستخدم كأداة لدفع الأحزاب لإصلاح نفسها داخلياً, ولا سيما الأحزاب التي تنادي بالديمقراطية وعبر صناديق إقتراعها تصل إلى السلطة فلا يعقل ان تحارب الديمقراطية داخل الأحزاب و تنادي بها في تشكيل الدولة, تبتعد عنها في دستور الحزب,و تعانقها في دستور الدولة.
مقالات الرأي في الأسبوع الماضي :
●الـى مجلس إدارة العالم فـي منتدى دافوس ●مـا اشـبـه جزرتـكـم بالعـصا !! ●هـكذا تـسـقـيـم الأمور مع الإرهابيين ●الى الأشقاء في البحـرين : التـفكـير داخل صندوق الإقتـراع ●العلاقة بين النووي الإيراني والسماح ودخول المرأة الى الملاعب ●المزيد ◄◄◄
|