هـكذا تـسـقـيـم الأمور مع الإرهابيين
المهندس فـؤاد الصـادق
اضطر مؤخرا رئيس الجمهورية العراقية جلال الطلباني الى الإشارة لما بدأه من حوار مع سبع فصائل مسلحة مضيفا بان الطرف الامريكي قد حاورها هو الاخر بمباركة منه . لقد جرب هذا الحواربشكل اخر اياد علاوي ايضا خلال ترأسه للوزارة وحاول ايضا مسعود البارزاني لكن في مؤتمر عُقد في كردستان بأسم المصالحة وربما غيرهم ايضا ساهم ومازال يساهم ويراهن على النجاح. قد تكون الأهداف مشتركة وقد لاتكون، وهكذا النوايا قد تكون سليمة وقد لاتكون كذلك، لنفترض ان الأهداف مشتركة والنوايا سليمة والهدف الأساسي نبيل لكن ولحد الأن النتائج متطابقة ولا تكشف الإ عن فشل جميع المحاولات والحوارات مع الإرهابيين . لأن العمليات الإرهابية ازدادات عددا وفتكا بالمدنيين الأبرياء واضاف الإرهابيون اليها التهجيرالقسري الواسع للعوائل والاسر والإغتيالات الفردية والجمعية تزايدت ايضا حيث العثورويوميا على جثث كثيرة لمواطنيين يختطفون ليعذبوا فيعدموا بأعيرة نارية في الرأس مع حضور إعلامي كثيف لتلك العمليات الإرهابية عبر الأشرطة والأفلام التي تسجل وتصور تفاصيل بعض هذه العمليات كي تنشر على الهواء فتروج الإرهاب وترعب جماعة وترهب جماعة اخرى و... فهل هناك فشل اكبر من هذا الفشل ؟ انه الفشل بعينه وقد يرجع الفشل الى خطأ في العنوان اي أن الرئيس وغيره يحاورون متطفلين يطمحون للصعود على أكتاف الإرهابيين لتحقيق مكاسبهم و ومصالحهم الخاصة ، وقد يعود الفشل الى خطأ في التوقيت لأن نجاح او إنهيار أي مفاوضات يتوقف والى حد كبير على التوقيت المناسب وميزان القوى على الأرض والأوراق التي يمتلكها كل من الطرفين المتفاوضين ، وقد يعود الفشل الى خطأ في الأسلوب الذي بات مختزلا في الكسب المدلل والكوطة غير المباشرة التي تتلخص فيما يسمى بتنميق الإنتخابات بالمناورة في ظروف إجراءها وألياتها وتمويلها وما الى ذلك لضمان مقاعد برلمانية ومواقع سياسية لأولئك المسلحين بذريعة توسيع دائرة المشاركة في العملية السياسية وكأن المعارضة لا تشكل جزءا أساسيا ومحوريا من المشاركة في العملية السياسية ، وهذا يعني كسب المسلحين على حساب الأداء الحكومي والأمني المتدهورين أصلا ، ويقود الى إستحداث وزارات ومناصب ووظائف عليا وتوظيفات جديدة متعارضة اخرى بحسب المقاسات التي تفرزها نتائج تلك المفاوضات وتبعا لذلك يجب أن لا نستبعد زيادة عدد الوزرات العراقية من 29 وزارة الى 87 وزارة كخطوة اولى ، وأن نتوقع زيادة عدد النواب من 275 الى 1275 نائبا وندافع عن ذلك بعدد النواب في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني ( حوالي 3000 نائب ) ، وأن لانستغرب من مشروع قرار يصبح عبره لرئيس الجمهورية في العراق 54 نائبا ( 3 نواب لكل محافظة عراقية من المحافظات الـ 18 ) الأول كردي يمثل او يزعم انه يمثل الأكراد والثاني شيعي يمثل او يزعم انه يمثل الشيعة والثالث سني يمثل او يزعم انه يمثل السنة ) ويصبح لرئيس الوزراء 261 نائبا على نفس الأساس السابق ، ويصبح ولكل وزير من وزراء الوزارات الـ 29 أيضا 161 نائبا ، وقـسْ على هذا في المستويات المحلية والإتجاهات الأخرى لتتصور الشلل فالموت المحتم للديمقراطية العراقية ... ولتقدر حجم الكارثة التي تنتظرنا في عصر الديمقراطية وإعادة الهيكلة والخصخصة والتخصص وعصر مكافحة البيروقراطية ومحاربة الفساد وجهود ترشيد الإنفاق و..!! لاشك أن الأسلوب خاطئ وكذلك التوقيت وكذلك هو العنوان فلا بد : أن نميز بين أصناف الجماعات الإرهابية وأنواع المنخرطين فيها ، ولانعمم وصفة واحدة موحدة لجميعهم ، ونتحاشي إرسال إشارات لا تخدم الهدف ، و لا ننجز الصفقات على حساب الشعب اوعلى حساب الديمقراطية الدستورية الفتية أوعلى حساب العدالة والمساواة بين الحقوق والواجبات فذلك يذبح الديمقراطية ويغري المليشات المسلحة غير الإرهابية التي نتحدث عن ضرورة حلها على التشبث بأسلحتها ووجودها وربما على الإقتداء بنهج الإرهابيين هذا ، ويعمل أيضا على تفريخ المزيد من المجموعات المسلحة الطامحة على إقتحام النظام ومصادرة إرادة الشعب عن طريق صناديق السلاح لا صناديق الإقتراع . هذا الأسلوب يفتقد الشرعية ولا يمتلك المشروعية ، وكما هو حال أصل حوار رئيس الجمهورية جلال طالباني مع الجماعات المسلحة لأن البرلمان لم يقرر ذلك ، بل لم يناقشه بل فوجئت بعض الكتل البرلمانية بالخبر ، ولا يوجد أي نص دستوري او قانوني يجيز ذلك ، وهو يتعارض مع العدالة فهو يعني اعطاء المسلحين جائزة ومن جيب الشعب وسيادته وعلى حساب مستقبله ، ويتسبب في إغواء أخرين . لا يمكن الا مساندة الحوار والثناء عليه لكن لا طريق الى ذلك دون أن يتمتع قرار الحوار بالشرعية الكاملة التي تستوجب إقرارا في البرلمان وتنفيذا ديمقراطيا دستوريا قانونيا شفافا ومعالجةعادلة تمنح للقرارالمشروعية المتوخاة لرفع زخمه وفاعليتة وقبول الشعب بالقرار وتفاعله معه. ومع كل ذلك فمثل هذه الجهود لا تكلل بالنجاح إلا إذا تظافرت مع تطوير الأداء الحكومي وإثبات وجوده بالإبتعاد عن المحاصصة والطائفية والفساد والشخصنة والفئوية والنظرة الحزبية الضيقة والإرتجالية وتسريع وتيرة البناء والإعمار والسياسات المواطنيّة وعدم تعليق البناء على هذه الحوارات وعلى توقف الإرهاب لأن الإرهاب سيستمر متأرجحا بين الهبوط والصعود وربما حتى عام 2015 م ، ومن الجدير وضع خطة موازية طويلة الأمد لمواجهة ذلك تركز على الإنفتاح على الإرهابيين والمسلحين بهدف تأهيلهم وتدريبهم ومساعدتهم بصورة جدية وفاعلة للإنخراط في العملية الديمقراطية واللعبة السياسية بعد وضع السلاح والإنصراف غير المشروط عن الإحتكام الى الإرهاب والتصالح مع الشعب ، وهذا بحاجة الى رفع للموانع وتكثير في الحوافز مع أليات لحوارات ومراجعات وتدريبات ودورات لخلق القناعات وتنمية الطاقات لإستثمارالفرص التي أتاحتها الديمقراطية مع الكفاح السلمي لإصلاح ما يشوبها حاليا من خلل ولإستكمال السيادة العراقية على الطريقة اليابانية والهندية التي تزخر قيمنا ومبادئنا بما يمليها ويحددها كخيار.
|