الى الأشقاء في البحـرين :

                                                 التـفكـير داخل صندوق الإقتـراع

 

 

المهندس فؤاد الصادق

 

مع إعلان بعض الجمعيات السياسية في البحرين مؤخرا عن مشاركتها في الانتخابات التشريعية القادمة التي يتوقع ان تجري نهاية العام الجاري تكون بعض اقطاب المعارضة البحرينية قد أسدلت الستار على مقاطعة استمرت اربع سنوات.

اتصورانها خطوة في الإتجاه الصحيح على الرغم من وصف قرارات المشاركة بالأولية حتى الان ومن الضروري تحويلها الى قرارات نهائية

على أن تتخذ القرارات تلك بشكل مؤسسي ديمقراطي مدروس لا يتحكم بها شخص اوفرد وبالتفاعل مع المقترعين والرأي العام فمنْ يريد أن ينفخ روح الديمقراطية في جسد الدولة لابد وأن يبدأ من نفسه كجماعة وأفراد .

كما اتصور انه لابد للقوى والجمعيات الأخرى التي مازالت مترددة في المشاركة أن تنهي دراستها للوضع وتقيّم سلبيات وايجابيات كل من موقف المقاطعة والمشاركة كي تحسم أمرها مبكرا قبل الإضطرار الى الإنخراط المتأخر واللعب في الوقت الضائع ، لأن أغلب المؤشرات تدل على أن التيار المؤيد لإستمرار المقاطعة في مثل هذه الجمعيات سيغير موقفه في النهاية لأن سلبيات المقاطعة اكثر من إيجابياتها وإفرازات أعوام المقاطعة خير برهان على ذلك ، ودفع الضرر القطعي أولى من جلب المنفعة من نوعها وحجمها إنْ لم يكن الجمع بين ذلك الدفع والجلب متاحا ، وهو متاح إذا نظرنا الى الأمور بواقعية والى النجاح كأمر نسبي وقبلنا بأن الديمقراطية عملية تراكمية طويلة ومعقدة نريد ممارستها في صحراء قاحلة خالية من الحواضن الديمقراطية المتوازية الشاملة .

الديمقراطية بإنتخاباتها رائعة وأن تمارس في ظروف قاسية تصبح اكثر روعة  فلا بد من المشاركة لإغناء التجربة وتدعيم الإصلاح حتى لو كان التغيير في البداية سلحفاتيا وشكليا في بعض الأحيان والإتجاهات والمستويات لأن الإنتخابات حق وواجب وكما هو الإصلاح ، فالإنتخابات او المشاركة فيها ليست هدفا بل وسيلة للإصلاح الشامل الذي يشمل ايضا إصلاح : النظام الإنتخابي وممارسة ذلك النظام وتطبيقه في أجواء حرة نزيهة ومنافسة عادلة.

إذن يجب أن لا نخلط بين الهدف والوسيلة ، ونتقن التمييز بين الممكن من جهة وغير الممكن من جهة ثانية ، ولا نخلط بين المستحيل وغيرالممكن حاليا الذي يمكن أن يصبح ممكنا في المستقبل القريب او البعيد  وعليه فالثغرات الكثيرة في القانون الإنتخابي الحالي او في الدستور لاتصلح  مبررا للمقاطعة بل يجب أن تكون دافعا للمشاركة الواعية اليقظة في الإنتخابات كي تفرز مجلسا نيابيا يمثل الشعب بأطيافه .... مجلسا قويا قادرا على تحقيق كل الأهداف التي لابد من إنجازها لتجسيد ما يعنيه ويمليه الإصلاح بمرحلية وحكمة وواقعية ضمن الهامش المتاح حاليا مع العمل بذكاء وحنكة واساليب ديمقراطية لتوسيع ذلك الهامش . الأجدربالجمعيات التركيز على سبل وطرق ولادة مجلس نيابي قوي مستوعب للعبة السياسية والعملية الديمقراطية والعمل البرلماني بإبعاده المختلفة يستثمر وبأقصى الحدود الممكنة وبكفاءة عالية كل صلاحياته المتاحة والمحدودة مقابل مجلس الشورى (المعين) والذي يتقاسم سلطة التشريع مع مجلس النواب البحريني . وهذا يعتمد على الجمعيات في تقديمهم لمرشحين اقوياء أكفاء هاجسهم الإصلاح والمصلحة العليا ومصلحة المواطن وعلى التعبئة في الدعاية الإنتخابية لضمان فوز النزيه الأصلح الأقوى المتمرس في العمل السياسي والبرلماني فلنحسن الإستفادة من الصلاحيات المتاحة لمجلس النواب عوضا من الإنغماس في الصلاحيات التى يفتقدها مقابل وجود المجلس المعين الذي يتقاسم معه هذه الصلاحيات ولنتقن الإئتلافات والتحالفات بشكل يقلل الأثار السلبية اللتوزيع الظالم للدوائر الانتخابية ولا ننسى العمل لسد تلك الثغرات بنفس طويل وصبركبير وإبداع كثير. يجب أن نقوم بواجبنا مع تذكيرالطرف الأخر بواجبه .

أجل المقاطعة لا تصح إلا مؤقتا وفي ظروف إستثنائية خاصة معينة لتحقيق أهداف محددة مدروسة مضمونة نسبيا وإلا كانت عدمية ولا يمكن أن تستمر لأن التواجد في الساحة يؤدي الى تحقيق بعض الأهداف وإيصال الصوت والتواصل مع الرأي العام المحلي والأقليمي والعالمي والدولي بينما الإنسحاب يعني الإنعزال والإنقطاع والتراجع الى الوراء وتعقيد الأموركما أن قرار المقاطعة الطويلة قد يمهد لتفسيره على انه إرتدادا على الديمقراطية او عدم إيمان بالعمل النيابي او السياسي العام ومن الجدير بالإشارة أن أكثر من قاطع الإنتخابات من الأحزاب لدورة في العالم أكتشف بعد فوات الأوان بأن قراره بالمقاطعة لم يكن صائبا وهذا الإستنتاج سليم ما زالت المشاركة في الإنتخابات  لاتعني القبول بالواقع القائم بصورة مطلقة ، ويمكن الإنضمام الى المعارضة في مجلس النواب في حالة الفوز بل لا بد من المشاركة وبجدية حتى في الإنتخابات التي تتوقع بأنك ستخسرها فالضربة التي لا تميتني تزيدني قوة .