روسيا و"الدفاع الصاروخي"... وحزمة الحوافز الأميركية

 

توم شانكر

 

تعرض إدارة بوش على روسيا حالياً حزمةً جديدة من الحوافز لإقناعها بسحب معارضتها القوية لنشر أنظمة دفاع صاروخي في بولندا وجمهورية تشيكيا، ومن ذلك– يقول مسؤولون كبار في إدارة بوش والبنتاجون- دعوة لربط بعض أنظمة الصواريخ الأميركية بنظيرتها الروسية. كما تضم الحزمة عروضا أميركية من أجل التعاون بشأن تطوير تكنولوجيا الدفاع واقتسام المعلومات الاستخباراتية حول التهديدات المشتركة، إضافة إلى فتح قواعد الصواريخ المزمع إنشاؤها أمام تفتيش المسؤولين الروس.

ويقول مسؤولون أميركيون إن دوافع المبادرة تعزى في جزء منها إلى إلحاح حلفاء أوروبيين، وتعكس اعترافاً على أعلى مستوى داخل إدارة بوش بالتأخر في التعاطي مع قلق روسيا– وقلق بعض الحلفاء داخل "الناتو"- بخصوص مخططها لإنشاء صواريخ وأجهزة رادار دفاعية في بولندا وجمهورية تشيكيا.

وحسب مسؤول كبير منخرط في الإعداد للمحادثات مع الروس، فإن المبادرة تتضمن عروضا "أعمق وأكثر تحديداً وواقعية" مقارنة مع أي مقترح للتعاون عرضته من قبل إدارة بوش على الكريملن. ومن جانبه، يقول مسؤول عسكري كبير مشارك في المحادثات إن المبادرة الأميركية المعروضة على الروس بخصوص نظام دفاع الصواريخ تتضمن، من الناحية العسكرية، دعوة "لاندماج مهم لأنظمتنا". وإضافة إلى ذلك، فمن شأن ربط بعض الأنظمة العسكرية الأميركية بنظيرتها الروسية، في إطار نظام دفاع صاروخي مشترك، أن يكون على مستوى غير مسبوق في أي مجال من مجالات العلاقات العسكرية الروسية-الأميركية.

ويرتقب أن يتم تقديم عرض التعاون على المسؤولين الروس في الأسابيع المقبلة ضمن سلسلة لقاءات عالية المستوى مرتقبة بين مسؤولين أميركيين كبار، وفي مقدمتهم وزير الدفاع "روبرت جيتس"، ووزيرة الخارجية "كوندوليزا رايس"، مع نظرائهم الروس. وفي حال سارت هذه المحادثات على نحو جيد، فيُنتظر أن تتواصل خلال الصيف والخريف بين الرئيسين جورج بوش وفلاديمير بوتين.

وبالرغم من سلسلة من اللقاءات والاجتماعات الثنائية التي جرت تحت رعاية "الناتو" بهدف شرح مخطط نظام دفاع الصواريخ الأميركي، فإن بوتين وكبار مسؤوليه عبروا عن استياء وغضب كبيرين في تعليقات علنية منتقِدة أقلقت كثيراً بعض حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا. وفي هذا الإطار، حثت الحكومة الألمانية، بصفة خاصة، الإدارة الأميركية على بحث ودراسة المبادرة الخاصة بالتعاون والشفافية بخصوص دفاع الصواريخ التي ستقدَّم لروسيا. كما تلقت إدارة بوش– يقول مسؤولون أميركيون- دعاوى من حلفاء آخرين، مثل فرنسا، يحثونها فيها على العمل أكثر على معالجة العلاقة مع روسيا إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في دعم الحلفاء لنظام الدفاع الصاروخي.

ويقول مسؤول كبير آخر مشارك في إعداد المبادرة: "في الماضي، لم يأخذ الروس عروضنا بشأن التعاون على محمل الجد، سواء لأنهم اعتبروها غير كافية، أو لأنهم متصلبون بخصوص موضوع دفاع الصواريخ"، مضيفاً "وهكذا، فينتظر أن ينزل "جيتس" و"رايس" بكامل ثقلهما على هذا العرض الجديد". وقال أيضاً: "إن الأمر يتجاوز التعاون "السلبي" إلى طرق جديدة ونشيطة يمكننا أن نصوغها معاً ضد التهديدات المشتركة".

بالمقابل، اعترف مسؤول كبير آخر في الإدارة الأميركية، في معرض حديثه عن الجهود الرامية إلى تبديد القلق الروسي بخصوص الموضوع، قائلا: "لقد تأخرنا بعض الشيء عن اللعبة. فقد كان يتعين علينا أن نشرع في تقديم هذه الحجج قبل اليوم، وندافع أن الفكرة بقوة قبل يبدأ الناس في صياغة النقاش لنا".

ويقول المسؤول العسكري إن العرض يتضمن دعوة للشروع في جهود مشتركة "للبحث والتطوير التقني" لأنظمة الدفاع الصاروخي المستقبلية التي يمكنها أن تحمي أراضي الولايات المتحدة وروسيا، وحلفاءهما. وعلاوة على ذلك– يقول المسؤولون- فإن أي قواعد لأنظمة دفاع صاروخي ستكون مفتوحة، بإذن الحكومتين البولندية والتشيكية، أما التفتيش الروسي، شبيه بالضمانات التي تفاوضت بشأنها واشنطن وموسكو لتفتيش منصات إطلاق الصواريخ في البلدين من أجل التحقق من احترام اتفاقية مراقبة التسلح الماضية. وفي هذا السياق، يقول "كارل شوارزنبورغ"، وزير الخارجية التشيكي، الذي كان في واشنطن هذا الأسبوع من أجل محادثات مع المسؤولين الأميركيين حول الموضوع:"إننا ملتزمون جداً بقدر كبير من الشفافية، ليس مع مواطنينا فقط، وإنما مع جيراننا أيضاً".

وقد قدم هذه المعلومات حول الحزمة الجديدة المعروضة على روسيا مسؤولون في الإدارة و"البنتاجون" قالوا إنهم يعتقدون أن المبادرة تشكل خطوة كبيرة إلى الأمام على طريق تبديد قلق روسيا وسحب اعتراضها على المخططات الأميركية.

و ما يجدر ذكره أن إدارة بوش تطلب من بولندا، في إطار مقترحها لإقامة نظام دفاع الصواريخ، إقامة 10 أنظمة مضادة للصواريخ على أراضيها، ومن جمهورية تشيكيا احتضان جهاز رادار متطور. ويهدف النظامان إلى الدفاع عن الأراضي الأوروبية من أي هجوم إيراني بالصواريخ، إلا أنه يهدد بقطع العلاقات مع موسكو ويقلق بعض الحفاء في "الناتو".

ولعل اللافت في الأمر هو أن إدارة بوش والجيش يبديان توافقاً غير مألوف هذه المرة بخصوص نظام دفاع الصواريخ، في تباين كبير مع الاختلافات الداخلية القوية التي نشأت حول مواضيع من قبيل استراتيجية الحرب في العراق، وقواعد اعتقال واستنطاق المشتبه في صلتهم بالإرهاب.

وقد تم الإعداد للمحادثات المقبلة التي من المزمع أن يجريها "جيتس" و"رايس" مع المسؤولين الروس خلال الأسابيع القليلة الماضية من قبل مجموعة من المسؤولين المدنيين والعسكريين الأميركيين الذين قاموا برحلات هادئة ومكثفة بين موسكو وعواصم حلف "الناتو". وإذا كان المسؤولون الأميركيون لم يعلنوا عن جدول زمني للمحادثات المقبلة، فإن "إيجور إيفانوف"، سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، قال إن "جيتس" ينتظر أن يصل إلى موسكو يوم غد الاثنين من أجل اجتماعات في الكريملن، وإن "رايس" يُرتقب أن تزور البلاد في مايو المقبل.

*محرر الشؤون الخارجية في "نيويورك تايمز"

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر: الإتحاد الإماراتية- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"-22-4-2007