هل يشهد 2007 حريقاً إقليمياً؟
د. إبراهيم البحراوي
تتطاير في أقوال المحللين على مستوى العالم، نذر تشير إلى أن عام 2007 سيشهد اندلاع الحريق الإقليمي الكبير في المنطقة، بهجوم تشنه الولايات المتحدة أو إسرائيل على المنشآت النووية في إيران. يعتمد أصحاب هذه النذر على ثلاث إشارات ظهرت في استراتيجية بوش بشأن العراق. الإشارة الأولى هي نشر صواريخ "باتريوت" في المنطقة. والثانية نبرة التحدي لإيران وسوريا وتأثيرهما في العراق. والثالثة زيادة القوات الأميركية بحوالى عشرين ألف جندي. ويفيض المحللون العسكريون في إبراز معنى الإشارة الأولى والثالثة للتدليل على أن خط التشدد الذي ينتهجه "المحافظون الجدد" ماضٍ في طريقه بالإعداد لضرب منشآت إيرانية، حتى لو تم ذلك بواسطة إسرائيل إذا ما جوبه الرئيس الأميركي بمعارضة قوية تمنعه من استخدام قواته مباشرة في الضربة. إن السؤال المنطقي الذي يطرحه المحللون العسكريون حول دلالة نشر بطاريات صواريخ "باتريوت" المضادة للصواريخ، يدور حول ضرورة هذه الخطوة إذا كانت الاستراتيجية الجديدة ستنحصر داخل العراق. من هنا يربطون بينها وبين نبرة التحدي لإيران وسوريا ورفض توصية الحوار معهما. أما فيما يتصل بخطوة إرسال عشرين ألف جندي، فإن كثيراً من هؤلاء المحللين يرى أن مهمتها الحقيقية تتلخص في إضعاف الميليشيات الشيعية في بغداد وكسر شوكتها لإجهاض قدرتها على التحرك الفعال ضد القوات الأميركية في بغداد عند توجيه الضربة إلى إيران، فضلاً عن استخدام القوات الجديدة بعد توجيه الضربة في تعزيز الدفاع عن مناطق تمركز القوات الأميركية في مواجهة الهجمات الشيعية المتوقعة بتحريض إيراني. ولا يتوقف بعض المحللين العسكريين عند حدود هذه القراءة للإشارتين العسكريتين، بل يفيضون بالقول إن دلالة نشر بطاريات الـ"باتريوت" في إسرائيل أولاً ترجح قيام إسرائيل خلال صيف هذا العام بتوجيه ضربة عسكرية واسعة تستهدف إسقاط النظام السوري وهو ما يستلزم تأمين إسرائيل ضد الصواريخ الروسية والكورية التي تملكها سوريا. وهكذا يضع هؤلاء المحللون أيدينا على تاريخ محدد وهو فصل الصيف لاندلاع الشرارة الأولى في الحريق الإقليمي، ليعزز آخرون هذا التوقيت بالقول إن التقرير الذي سربته الاستخبارات الإسرائيلية الى الـ"صنداي تايمز" الأسبوع الماضي حول التحضيرات لتوجيه ضربة بالقنابل النووية التكتيكية لمنشآت إيران النووية حمل معه تعليقات لعسكريين أميركيين متقاعدين، تشير إلى أن توقيت الضربة سواء كانت إسرائيلية أم أميركية سيكون في خريف هذا العام. في هذا السياق يمكننا أن ندرج أيضاً رفض وزيرة الخارجية الأميركية لتوصية لجنة "بيكر- هاملتون" حول الحوار مع سوريا وإيران، وقولها إن مثل هذا الحوار لن يكون مندرجاً في العمل الدبلوماسي بل في إطار الابتزاز السياسي، حيث إن إيران ستطالب مقابل تهدئة الوضع في العراق بتغاضي الولايات المتحدة عن برنامجها النووي، كما أن سوريا ستطالب بإطلاق يدها في لبنان. وعلى الرغم من توافق التحليل العسكري مع المواقف السياسية في الدلالة على اتجاه التطورات نحو اندلاع الحريق الإقليمي، فإن السؤال الذي لا يجب أن يغيب عن ذهن المحلل السياسي يتعلق باحتمال أن تكون الإشارات الثلاث المذكورة في استراتيجية بوش بالإضافة إلى تقرير الاستخبارات الإسرائيلية المتسرب عمداً، بمثابة وسائل عمل سياسي تهدف إلى توليد ضغوط شديدة على كل من إيران وسوريا للاستجابة لأهداف بوش في العراق دون مطالب مبالغ فيها تجنباً لمخاطر التعرض للضربات العسكرية. إن هذا السؤال يجب أن يبقى يقظاً في الأذهان خاصة أننا سبق ولاحظنا أن توصية لجنة "بيكر- هاملتون" بالحوار مع إيران وسويا قد فتحت شهية الدولتين لمطالب ترقى إلى ما ذكرته رايس مقابل تعاونهما في إنقاذ إدارة بوش من الورطة العراقية. من هنا، يصبح جائزاً في العلاقات الدولية محاولة إزالة انطباع الضعف الأميركي الذي ولدته تلك التوصية عند كل من إيران وسوريا بكل هذه الإشارات والنذر. إن الشهور القادمة من عام 2007 ستحمل قرائن على نوع استجابة الدولتين لنذر الحريق الإقليمي الذي يستهدفهما، حسب هذا التحليل، ومع نهاية الربيع سنتبين إلى أين يتجه الإقليم برمته. و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق. المصدر: الإتحاد الإماراتية-16-1-2006
|