استراتيجية «زيادة» القوات الأمريكية في العراق

 

مايكل هيستينغز

مايكل هيرش

ريتشارد وولف

 

المهمة العسكرية تشهد تحولا. هل مازال الدفع بمزيد من القوات هو الرد المناسب حقيقة ؟

لقد تم اصطياده مثل فأر. كانت هذه هي الكلمات البسيطة والسعيدة التي أعلنها راي أوديرنو قبل ثلاث سنوات بعد أن قامت وحدات من الفرقة الرابعة مشاة التي ينتمي إليها بمحاصرة صدام في تكريت. ومضى الجنرال الضخم يعلن أن القبض على صدام كان "هزيمة ميدانية ونفسية كبيرة" للمتمردين، الذين "تم تركيعهم." لقد كانت لحظة انتشاء، لكن تبين في النهاية أنها مجرد لحظة. ففي 14 ديسمبر 2006، بعد ثلاث سنوات ويوم من إخراج صدام من حفرته، عاد الجنرال أوديرنو ليتولى قيادة قوات التحالف يوما فيوما في العراق. ومنذ ذلك الحين، أصبح مزاجه أكثر رصانة. وقال أوديرنو لنيوزويك في مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي في مقر قيادته في كامب فيكتوري بالقرب من بغداد:

"لديك الآن جماعات مختلفة... تتنافس على السلطة داخل العراق. هذا ما يجعل الأمور أكثر تعقيدا مما كانت عليه في الماضي. فالأمر لم يعد ببساطة أننا نحارب متمردي السنة أو القاعدة ــ فالقتال ليس هو المصطلح الصحيح ــ فنحن نحاول أن نؤثر على [العراقيين] لكي يعملوا داخل إطار الحكومة".

الكلمات تبدو غريبة وهي تصدر عن مقاتل في جيش تقليدي معروف بتكتيكاته الاقتحامية. لكن تحول أوديرنو من اليقين إلى التعقيد ــ ومن القتال إلى "التأثير" ــ يعكس الرحلة التي قطعها الجيش الأمريكي كلية. وبعد أسابيع مكثفة من المناقشات، من المتوقع أن يعلن الرئيس جورج بوش استراتيجيته الجديدة في العراق خلال الأسبوع المقبل. وقد انصب معظم الجدل على "الدفع" بـ 20000 جندي أمريكي إضافي أو أكثر إلى منطقة بغداد في محاولة للنجاح، بعد كل هذا، في تأمين العاصمة العراقية. والسؤال هو ما إذا كانت هذه القوات هي الأداة الصحيحة للمهمة التي بين أيديهم ــ هل يمكن لأي عدد من القوات الأمريكية أن يوقف ما أصبح حربا أهلية سنية شيعية؟ ــ ناهيك عما إذا كانت هذه القوات متاحة أم لا.

وأوديرنو يعرف جيدا أن النجاح يتطلب تكتيكات أكثر دهاء عن تلك التي سبق أن انتقد بسببها. وقد انتهي تقرير داخلي في الجيش في ديسمبر عام 2003 إلى أن الفرقة الرابعة مشاة التي يقودها أوديرنو اعتقلت من دون تمييز الكثير من العراقيين ممن هم في سن التجنيد والذين غصت بهم سجون مثل أبو غريب. ويرفض أوديرنو اتهامات الإفراط في العدوانية، ويصفها بأنها "قصص تثير السخرية". ويضيف: "لقد نفذنا مشروعات [تعمير] أكثر من أي شخص آخر. لكن هذا كله ذهب طي النسيان". لكنه يقر بأن "الكثير قد تغير منذ آخر مرة غادر فيها العراق" وأنه تعلم كثيرا عن قتال المتمردين.

ويصر البيت الأبيض على أنه يعرف أن إضافة المزيد من القوات ليست ببساطة هي الجواب. فالخطة التي يجري بحثها أكثر اختلافا عما أشارت إليه التقارير الإعلامية، وذلك حسبما قاله لنيوزويك مساعد كبير للرئيس بوش وافق على مناقشة المحادثات التي أجريت في كروفورد دون الإفصاح عن اسمه. وقال إن الخطة تتضمن تقديم أموال لبرامج تهدف لخلق فرص عمل جديدة ومساعدات إعادة إعمار لرئيس الوزراء نوري المالكي، إضافة إلى جهود لتعزيز قاعدته السياسية.

وقال المصدر: "نحن نعرف أن خطة مكافحة التمرد واضحة، وهي سيطر وأعد البناء. علينا أن نتحدث عن زيادة القوات وزيادة الموارد باعتبارهما على القدر من الأهمية نفسها".

ورغم ذلك، فقد احتدم الجدل داخل البنتاغون حول التكتيكات. ويحاول بوش حاليا أن يختار من بين نصائح متضاربة بشكل كبير. فرئاسة الأركان المشتركة تؤيد ما انتهت إليه لجنة دراسة الوضع في العراق من أنه، بدلا من إرسال موجة جديدة من القوات الأمريكية، يجب مضاعفة الفرق الاستشارية الأمريكية داخل الوحدات العراقية حتى يتمكن العراقيون من تولي زمام السيطرة بسرعة أكبر. لكن بعض الصقور، يتقدمهم اثنان خارج دائرة المستشارين، هما النائب السابق لهيئة الأركان المشتركة الجنرال جاك كين والمؤرخ العسكري فريدريك كاغان، يحثان بوش بدلا من هذا على أن "يفوز بمعركة بغداد" بنفسه. فهم يقولون إنه لا يمكنه الانتظار حتى تقوم الحكومة أو قوات الجيش أو الشرطة العراقية بتأمين البلاد.

ويتميز مسؤولو الجيش الأمريكي من الغيظ بسبب عدم امتلاكهم القوات أو التجهيزات الكافية لانتشار طويل يمكن أن يطلب إليهم (ربما 18 شهرا أو أكثر). وحسب مسؤول عسكري كبير سابق طلب عدم الكشف عن هويته: "قال كين للرئيس: «لا تدع الجيش وسلاح مشاة البحرية يبلغونك أنهم لا يستطيعون أن يفعلوه». وبعد ذلك بقليل، دعا نائب رئيس هيئة أركان الجيش، ريتشارد كودي، كين إلى الداخل وأطلعه على الأرقام الحقيقية الجاهزة، قائلا «انظر، هذا هو وضع هذه الألوية اليوم. هذه مهمة لا يمكن تنفيذها»". ولم يرد كين على الكثير من الاتصالات التي تطلب منه التعليق، لكن المساعد الكبير في البيت الأبيض ينكر أي معارضة في البنتاغون لخطة زيادة القوات. ويقول: "القيادة العسكرية ملتزمة بأن تفعل ما هو مطلوب من أجل النجاح".

ويشعر كاغان بالقلق من أن بوش سيتوصل إلى تسوية ما ويقرر القيام بهجوم صغير وقصير الأجل. ويقول كاغان إن هذا سيكون بمنزلة كارثة حيث سيكرر فشل عملية "معا للأمام" في بغداد التي نفذت خلال الصيف والخريف الماضيين، والتي ألقى فيها باللوم على قلة عدد القوات الأمريكية (نحو 8000). وبإلقاء عبء تحقيق الاستقرار في بغداد على القوات الأمريكية مرة أخرى، فإن زيادة القوات سيقلب سياسة القائد العام للقوات الأمريكية في العراق الجنرال جورج كيسي،رئيس الجنرال أوديرنو، والتي تهدف إلى الرحيل بسرعة. يقول كاغان إن"هذا هو النقيض للاستراتيجية التي يتبعها كيسي على مدى عامين، وهي المزيد من السيطرة العراقية". ربما يكون اليقين الوحيد الباقي هو أن مهمة أوديرنو الجديدة ستكون أصعب بكثير من العثور على صدام .

وكل ذلك بحسب الكاتب نصاً ودون تعليق .

المصدر : http://newsweek.alwatan.com.kw - 9/1/2007 – المرسل : زيد رياض الحسن .