بوادر أزمة بين الحليفين بوتين ولوكاشينكو
هاني شادي
تسربت معلومات خلال اليومين الأخيرين عن وجود خلافات بين الرئيسين الروسي والبيلاروسي فلاديمير بوتين والكسندر لوكاشينكو الذي فاز مؤخرا بولاية رئاسية ثالثة لحكم روسيا البيضاء رغم اعتراضات الولايات المتحدة والدول الأوروبية. هذه الخلافات ـ حسب رأي البعض ـ تعبر عن بوادر أزمة بين الحليفين الروسي والبيلاروسي وتنذر بعواقب غير محمودة على العلاقات بين موسكو ومينسك . وتقول تاتيانا ستانوفايا، المحللة السياسية الروسية إن الخلافات تدور بشكل رئيسي حول مشروع دولة الوحدة بين روسيا وبيلاروسيا ، وحول العلاقات بين البلدين في مجال الغاز . وتجلت بوادر هذه الأزمة في لقاء جمع الكسندر لوكاشينكو بمحافظ إقليم ألتاي الروسي الكسندر كارلين مؤخرا ، شدد فيه الأول على أن بلاده لن تخضع للضغوط المتزايدة من قبل موسكو المتعلقة باندماج روسيا البيضاء في الاتحاد الروسي ، وبيع مؤسسة الغاز البيلاروسية بيلترانس غاز للجانب الروسي. ويرى بعض المحللين الروس أن موقف لوكاشينكو هذا يعني من ناحية رفض أحد المقترحات الروسية لدولة الوحدة بين البلدين والذي يفترض إلحاق بيلاروسيا بروسيا كأحد أقاليمها ، ومن الناحية الأخرى يعني أيضا رفض الرئيس البيلاروسي للاقتراح الروسي بإنشاء شركة مشتركة بين مؤسسة غاز بروم الروسية ومؤسسة بيلترانس غاز البيلاروسية . ويعتقد البعض أن لوكاشينكو يدرك أن غاز بروم ترغب في ابتلاع شركة الغاز البيلاروسية . ويشير هؤلاء أيضا إلى أن لوكاشينكو يرفض السعر المعروض عليه في هذه الصفقة. ولعل هذا الرفض من قبل لوكاشينكو هو الذي جعل مؤسسة غاز بروم الروسية تلوح مؤخرا بورقة رفع أسعار الغاز الروسي الذي تحصل عليه روسيا البيضاء أسوة بما جرى مع أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا . ويرى لوكاشينكو أن رفع أسعار الغاز الروسي تنال من المساواة في الحقوق التي يجب أن تتمتع بها المؤسسات الاقتصادية في كلا البلدين اللذين يسيران على طريق بناء دولة الوحدة. وفيما يتعلق بدولة الوحدة مع روسيا ، يتمسك الرئيس البيلاروسي ، وعلى عكس بعض المسئولين الروس ، بمبدأ الوحدة الاقتصادية مع روسيا في ظل الحفاظ على الاستقلالية السياسية .ويفسر لوكاشينكو صيغته هذه كاتحاد للشعبين الشقيقين الروسي والبيلاروسي ، بينما تفسرها موسكو كإعالة للاقتصاد البيلاروسي. ويرى الكثير من المحللين الروس أن الكرملين غير إستراتيجيته فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية الخارجية مع دول الجوار بعد الثورة البرتقالية في أوكرانيا ، ومن قبلها ثورة الورود في جورجيا . وتقضي الإستراتيجية الجديدة لموسكو بالتخلي عن دعم اقتصاديات بلدان الجوار بما فيها الصديقة منها . وهذا يعني التحول إلى معايير اقتصاد السوق في التعامل مع هذه البلدان بدلا من دعمها على أساس ولائها السياسي وأهميتها الجيوسياسية لروسيا. ومن هنا قرر الكرملين جعل روسيا البيضاء تنفذ ما قطعته على نفسها منذ زمن بعيد من التزام بإنشاء مؤسسة مشتركة بين بيلتراس غاز وشركة غازبروم الروسية. وفي حال عدم التنفيذ فيجب على مينسك دفع فاتورة الغاز الروسي وفقا لأسعار السوق العالمية. أما مينسك فترى ـ حسب البعض ـ أن موسكو تستغل حالة العزلة التي يعيشها الرئيس لوكاشينكو على المستوى الدولي ، كما تستغل الأثر السلبي لرفع أسعار الغاز على شعبية الرئيس البيلاروسي وسط المواطنين في روسيا البيضاء . ولعل هذا ما يفسر تصريح الرئيس البيلاروسي مؤخرا بضرورة تنويع التعاون الاقتصادي لبلاده ليس فقط مع روسيا بل ومع البلدان الأخرى خارج الساحة السوفيتية السابقة مثل الصين والهند وبلدان الخليج. كما أن وزير الخارجية البيلاروسي سيرغي مارتينوف لم يستبعد تطوير التعاون مع جميع الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية . ويرى العديد من المراقبين أن خسارة روسيا لبيلاروسيا ستعني الكثير بالنسبة للمصالح الجيوسياسية الروسية وخاصة أن أراضي روسيا البيضاء تحتضن قواعد عسكرية روسية بما فيها قواعد للإنذار المبكر من خطر الصواريخ الباليستية . وبناء على هذا يعتقد هؤلاء المراقبون أن الخلافات التي ظهرت بين موسكو ومينسك ينبغي احتواؤها بشكل سريع حتى لا تستغل من قبل الدول الغربية . و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور. المصدر: الوطن العمانية-14-6-2006
|