مقالات و محاضرات

 

 

مساعٍ أميركية لتحسين العلاقات العسكرية مع الصين

 

إدوارد كودي

 

ارتسمت على محيا الأميرال ويليام جي. فالون، قائد القوات الأميركية في المحيط الهادي، ابتسامة عريضة وهو يجلس في مقصورة مقاتلة "إف بي 7"، التي تعتبر الطائرة الصينية الصنع الأكثر تطوراً.

وقد شكلت زيارة فالون إلى اللواء الجوي الصيني الثامن والعشرين غير البعيد عن مدينة "هانغزو" الواقعة شرق البلاد، وتفقده لطائرات "إف بي 7" التي دخلت الخدمة مؤخراً أبرز لحظات الزيارة التي استغرقت أسبوعا كاملاً، وقام خلالها الأميرال الأميركي بزيارة المنشآت العسكرية الصينية، وعقد اجتماعات مع كبار ضباط الجيش الصينيين، وفي مقدمتهم وزير الدفاع "كاو غانغشوان". وفي لقاء مع الصحافة هنا يوم الاثنين، قال "فالون" إن الزيارة تمثل خطوة مهمة إلى الأمام في إطار الجهود الرامية إلى تكثيف التواصل بين جيشي الولايات المتحدة والصين باعتباره الوسيلة المثلى لتبديد الشكوك وتقليل فرص دخول قوتي المحيط الهادي في حرب. وفي هذا السياق قال فالون: "لقد أبدوا تجاوباً كبيراً مع كل ما أردناه تقريباً". أما الهدف، يضيف الأميرال، فهو الدفع نحو إجراء المزيد من الاتصالات "لرؤية المزيد من الأشياء، والتحلي بالشفافية في ما يخص المسائل العسكرية".

وبهدف تسريع وتيرة الاتصالات، أعلن فالون أنه وجه دعوة إلى كبار ضباط الجيش الصيني لحضور المناورات العسكرية المشتركة التي ستتزعمها الولايات المتحدة الصيف المقبل بالقرب من جزيرة "غوام" في المحيط الهادي، واعداً إياهم بفرصة تفقد القواعد الأميركية وزيارة السفن الحربية الأميركية خلال هذه المناورات الجوية البحرية. كما لمح إلى أن الفكرة تتمثل في أنه إذا حضر الصينيون المناورات، فمن المرجَّح أن يقوموا بالمثل ويوجهوا الدعوة للضباط الأميركيين لحضور المناورات الصينية المقبلة. وقال: "ثمة اتصالات مكثفة حول جميع المجالات، ولكن الاستثناء الوحيد اليوم يتعلق بالاتصالات العسكرية- العسكرية. وقد شرعنا منذ العام الماضي في تقويم هذا الأمر".

فعلى سبيل المثال، لم يتلقَّ الضباط والدبلوماسيون الأميركيون الدعوة لحضور المناورات واسعة النطاق التي أجرتها القوات الصينية والروسية في أغسطس المنصرم شرق بحر الصين والشرق الأقصى الروسي. ونتيجة لذلك، فسر بعض المراقبين المناورات بأنها خطوة من موسكو وبكين لإظهار أن لهما الوسائل اللازمة لحماية مصالحهما الإقليمية من دون الإشارة إلى الولايات المتحدة، رغم أنها أكبر قوة في المحيط الهادي.

وقد شكلت الشفافية مطلباً أميركياً رئيسياً في السنوات الأخيرة في وقت تعمل فيه الصين على عصرنة جيشها، الذي يصل قوامه إلى 2.3 مليون جندي، وتبوءِ مكانة مرموقة باعتبارها قوة كبرى في منطقة آسيا- المحيط الهادي. كما تساءل وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد مرات عدة علناً بخصوص حاجة الصين، في غياب تهديدات مباشرة، إلى مؤسسة عسكرية من حجم تلك التي تنشئها إذا كانت أهدافها سلمية فعلاً، كما يدعي زعماؤها.

ومما تجدر الإشارة إليه أن الصين تعهدت باستعمال القوة كخيار أخير لمنع تايوان من الحصول على استقلال رسمي، وهو ما يصعد من خطر اندلاع مواجهة عسكرية ويمثل تهديداً يلقي بظلاله على جميع الحسابات العسكرية هنا. وقد حكمت تايوان، التي تبعد بنحو 100 ميل عن الساحل الجنوبي للصين، نفسها منذ أن فرت قوات "شيانغ كاي شيك" الوطنية إلى هناك عام 1949، غير أن بكين ظلت تعتبرها إقليماً يجب أن يعود في الأخير إلى الحظيرة الصينية.

ونتيجة لذلك، ارتفعت ميزانية الدفاع الصينية بأكثر من 10 في المئة سنوياً خلال السنوات الأخيرة، لتصل إلى 35.4 مليار دولار في 2006. ويرى خبراء البنتاغون أنه في حال أخذنا في عين الاعتبار مبيعات الأجهزة غير المعلنة، فإن حجم الإنفاق الحقيقي قد يكون أضعافاً مضاعفة. وقال فالون إنه تطرق لهذا الموضوع خلال محادثاته التي استغرقت تسعين دقيقة مع "كاو"، الجنرال ونائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية التابعة للحزب الشيوعي. أما الجواب، يقول فالون، فهو أنه في ظل جيش من هذا الحجم، حين يتم جمع النفقات الصغيرة التي تنفق على كل جندي، فإنها تعطي مجموعاً كبيراً. وخلال المحادثات، تساءل "كاو" أيضاً عن الأسباب التي دفعت "البنتاغون" إلى أن يشير في "التقرير الدفاعي الرباعي" إلى أن الصين هي البلد الوحيد الذي يملك إمكانات كبيرة تجعله قادراً على تحدي الجيش الأميركي مستقبلاً. وقال فالون: "أثناء تطرقنا لهذه المواضيع، أدركت أن أمامنا طريقاً طويلاً علينا قطعه".

وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة والصين قطعتا اتصالاتهما العسكرية في 2001 عقب حادث اصطدام طائرة المراقبة "إي بي 3" التابعة للبحرية الأميركية مع مقاتلة صينية فوق جنوب بحر الصين، ما أدى إلى مصرع الربان الصيني وأجبر الطائرة الأميركية على أن تحطَّ بصفة اضطرارية بجزيرة "هاينان" الصينية. ولم يسمح لطاقم الطائرة المتكون من 24 فرداً بمغادرة الصين إلا بعد مفاوضات مطولة وإعلان أميركي فسرته الصين بأنه اعتذار.

ومنذ توليه قيادة القوات الأميركية بالمحيط الهادي ومقرها "هونولولو" بجزر هاواي في فبراير 2005، حرص الأميرال "فالون" على إصلاح العلاقات الثنائية وتعزيزها، ومضاعفة الاتصالات على جميع مستويات التراتبية العسكرية في البلدين.

مراسل "واشنطن بوست" في "شينبانغ"- الصين

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.

المصدر: الإتحاد الإماراتية- ينشر بترتيب خاص مع "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست" -18-5-2006