26 عاما على عمليات التسفير القسري

 

رياض العطار

 

 

مرت الذكرى 26 لعمليات التسفير القسري التي تمت في أوائل شهر نيسان عام 1980، التي شملت عشرات الاف من العوائل العراقية، من مختلف محافظات القطر، و قد رافقت هذه العمليات، ابشع الممارسات الاانسانية، حيث تم تجريد المسفرين المشمولين بقرار مجلس قيادة الثورة المرقم 666 من جميع وثائقهم الثبوتية العراقية التي تربطهم بالوطن مثل ( شهادات الجنسية العراقية و جوازات السفر العراقية و دفاتر الخدمة العسكرية و الشهادات الدراسية... )، كما تمت مصادرة اموالهم و ممتلكتهم المنقولة و الغير منقولة و التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، كما اقدمت السلطات الامنية على حجز ابناءهم الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين ( 18 - 28 ) سنة ( و قد تبين بعد سقوط النظام ان هؤلاء الشباب و يقدر عددهم بحوالي ستة الاف شاب فد تمت تصفيتهم ).

لم يكتفي النظام البائد بهذه العمليات الاقانونية و الاانسانية، حيث اقدم على تجريدهم من حق المواطنة، ( اي اسقاط الجنسية العراقية عنهم )، و اصدر لذلك القرار المشار اليه اعلاه بتاريخ 7 - 5 - 1980، و من المفيد ان يطلع القارئ على نص هذا القرار الجائر:

استنادا الى أحكام الفقرة أ من المادة الثانية و الاربعين من الدستور المؤقت قرر مجلس قيادة الثورة بجلستة المنعقدة بتاريخ 7 - 5 - 1980 ما يلي :

1- تسقط الجنسية العراقية عن كل عراقي من اصل اجنبي اذا تبين عدم ولائه للوطن و الشعب و الاهداف القومية و الاجتماعية العليا للثورة.

2- على وزير الداخلية ان يأمر بابعاد كل من أسقطت عنة الجنسية العراقية بموجب الفقرة 1 ما لم يقتنع بناء على اسباب كافية بأن بقاءه في العراق أمر تستدعية ضرورة قضائية او قانونية او حفظ حقوق الغير المؤثقة رسميا.

3- يتولى وزير الداخلية تنفيذ هذا القرار.

التوقيع - صدام حسين - رئيس مجلس قيادة الثورة.

ان هذا القرار قد أقر بأن بتجريد المواطن من حق الموطنة ( أي اسقاط الجنسية ) في حالة أعتبارة من المعادين لثورة 17 - 30 تموز 1968.

ان حق المواطنة من الحقوق الاساسية للانسان و قد حمتها و كفلتها الدساتير و المواثيق الدولية، حيث ورد في المادة ( 15 ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 10 - 12 - 1948 ما يلي :

- لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.

- لا يجوز تعسفا حرمان اي شخص من جنسيتة.

و من تبعات النظام البائد فيما يخص قراره هذا مصادرة الاموال المنقولة و الغير منقولة للمواطنيين العراقيين الذين تم تسفيرهم او الذين هربوا من بطشه من المعارضين السياسيين و بيعها بأثمان لا تتناسب مع قيمتها الفعلية، و توالت عمليات البيع لتخلق ارباكا و تركات ثقيلة للحكومات التي تعاقبت بعد سقوط النظام في التاسع من نيسان عام 2003 و احتلال العراق و السؤال المطروح في هذا السياق :

ماذا قدم النظام الجديد لضحايا التسفير القسري؟

 ان استحداث وزارات تهتم بالمواطن و حقوقه كوزارة حقوق الانسان و المجتمع المدني و شؤون المرأة و وزارة متخصصة بأسم المهجرين والمهاجرين، دليل على اهتمام النظام الجديد بالملايين من الموطنيين الذين تم تسفيرهم قسرا او الذين هاجروا لايجاد ملاذ أخر من قمع واستبداد نظام الحزب الواحد و هيمنة اجهزته الامنية و الحزبية.

و لا بد من الاشارة ان على وزارة المهجرين و المهاجرين جملة استحقاقات منها انصاف ضحايا التسفير و الهجرة و توفير الظروف و المناخات لادماجهم في المجتمع، و توفير فرص عمل و مساكن و مدارس لاولادهم و تعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم، و اعتبار مدة ابعادهم عن الوطن لاغراض العلاوة و الترفيع و التقاعد، و تفعيل أليات عمل منازعات الملكية العقارية و حل اشكاليات الاموال المنقولة التي صادرها النظام السابق من المسفرين و المهاجرين (ارصدة في البنوك، بضائع في المحلات والمستودعات، سيارات و أليات مختلفة، اثاث الدور، ديون على الغير... ). واخيرا، نناشد الحكومة المنتخبة ان تكون من اولويات برنامجها تعويض المتضررين من النظام السابق الذين ضحوا بحياتهم من اجل خلاص العراق و شعبة من النظام الشمولي و اقرار قانون و أليات للتعويض و اشتراك ممثلين من منظمات غير الحكومية كمراقبين لحسن أداء وأنصاف الضحايا.

رياض العطار : كاتب صحفي

وكل ذلك بحسب رأي الكاتب

المصدر : إيلاف - 6-4-2006