هل عاد بوش من الصين بخفي حنين؟
جيمس بينكرتون
لم يحدث الكثير من زيارة جورج بوش للصين وهذا امر طيب. لانه عندما يطرأ تغيير على العلاقات الاميركية ـ الصينية فان ذلك سيكون امرا سيئا او بالغ السوء. وتعبر عناوين الصحف الاميركية عن هذا فقد استخدمت يو اس ايه توداي ونيويورك تايمز كلمة (مختلطة) في عنوانيهما في وصفهما (نتائج مختلطة). وكان عنوان الواشنطن بوست (جولة بوش الاسيوية تلبي اقل التطلعات). لكن هل هذا هو مجرد تحامل صحفي؟ كان عنوان خبر الواشنطن تايمز المحافظة بشكل كبير من بكين يقول: بوش اعلنها مدوية لصالح الانسحاب، وهو ما يعني ان هذه الصحيفة اعتقدت ان الخبر الكبير من الصين كان..العراق. وبالتعمق في رواية الصحيفة نجدها تقول: بوش يغادر الصين دون اي نتيجة ملموسة. عمليا كان هناك نتيجة واحدة ملموسة وهي ان الصينيين وافقوا على شراء 70 طائرة نفاثة من شركة بوينغ الاميركية. لكن على صعيد كل القضايا الاخرى التي اثارها بوش ـ العملة والملكية الفكرية ونزع سلاح كوريا الشمالية ـ لم يتم فيها اي اختراقات او ربما اي تقدم. فعلى صعيد قضية حقوق الانسان والحقوق الدينية التي من المفترض ان تكون هي السمة الغالبة لولاية بوش الثانية كان هناك فتور كبير في التحمس لها او عدم وجود اي تحمس لها على الاطلاق. حيث اعتقل الصينيون بشكل علني منشقين اثناء زيارة بوش. وفي الحديث الدبلوماسي لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قالت: اننا بالتأكيد لم نر التقدم الذي كنا نتوقعه. ومع ذلك فانه من غير الواضح حجم الاهتمام بالقضية في بكين حيث قال متحدث باسم الخارجية الصينية للمراسلين: بشكل امين مثلت قضايا حقوق الانسان جزءا بالغ الصغر في الاجتماع بين زعماء البلدين. ماذا حدث؟ هل ضيعنا وضعنا الذي لانفتأ نكرره بوصفنا القوة العظمى الوحيدة في العالم في مكان ما في المدينة المحرمة؟ بكلمة واحدة نعم. كما يشرح بوش فان الصين بلد كبير ونامي وقوي وانه من الاهمية بمكان بالنسبة لى الحفاظ على علاقة عمل جيدة مع القيادة فيها. ماذا يمكن قوله فاذا دفعنا هؤلاء فانهم سيعودون. ومن ثم فان الصينيين سوف يستمرون في استغلال قضية كوريا الشمالية من اجل سرقة ملكيتنا الفكرية وبناء نظامهم الرأسمالي ـ الكونفوشي وليس لدينا الكثير الذي يمكننا عمله في هذا الصدد. اهلا بعالم السياسية الخارجية القائم على الواقعية. الرئيس القادم سيكون مرغما على ان يكون اكثر واقعية في الوقت الذي تصبح فيه الحقيقة الباردة في هذه القضايا الثلاث واضحة الى حد التجمد: اولا تايوان: تريد الصين استعادة الجزيرة لكننا نريد ان تظل تايوان مستقلة ولو في وضع اقل من الاستقلال التام. وتعلن بكين انها سوف (تسوي) هذه القضية بحلول 2020 بطريقة او اخرى. فهل الصينيون يخادعون؟ ستشهد السنوات المقبلة. ثانيا اليابان: فقد قرر اليابانيون التوقف عن الشعور بالذنب عن الحرب العالمية الثانية. والان ويجرئهم في ذلك مناصروهم الاميركيون، فانهم يعودون الى سياسة التوسع الاقتصادي والعسكري الاقليمي. وسوف تتفاعل وترد على ذلك بلدان اسيوية اخرى بما فيها الصين. ثالثا النفط: يحوي الشرق الاوسط واسيا الوسطى ثلث نفط وغاز العالم وتتشهى الدول الاكثر استهلاكا والاقل انتاجا بما فيها الولايات المتحدة والصين منذ زمن هذه المواد الهيدروكربونية. وقد راهنت الولايات المتحدة على دعواها بالنفط العراقي عندما غزته في 2003. والان فان هذا الادعاء ومصداقيتنا كقوة عسكرية ضاربة على المحك. ويراقب الصينيون الذين يعتقدون منذ زمن ان اميركا هي نمر من الورق ليروا ما اذا كنا نستطيع الاستمرار في بغداد ام لا؟ لهذه الاسباب اضافة بالطبع الى التطبيق الحتمي عبر المحيط الهادي لقانون ميرفي الذي يعني ان اي بديهية او حقيقة تنص على ان اي شيء من المحتمل ان يصبح خطأ فانه يصبح خطأ فان الولايات المتحدة والصين متجهان صوب الصدام. وهذا غالبا ما حدث فعلى مدار العقود الثلاثة الماضية اخذت اميركا موقف المقاتل ضد كل قوة كبرى اخرى في العالم بريطانيا، فرنسا، المانيا، اليابان، روسيا في حرب واضحة او في حرب باردة مغلفة. بل اننا حاربنا الصين خلال الحرب الكورية. وقد قتلوا عشرات الالاف منا وقتلنا مئات الالاف منهم. والحقيقة ان قليلين جدا من يتذكرون ان هذا الصراع هو تذكرة اخرى بمدى السهولة التي يمكن ان يقع فيها في صراع اخر.
جيمس بينكرتون - كاتب عمود في نيوزداي - خدمة لوس انجلوس تايمز ـ واشنطن بوست خاص بـ(الوطن)
المصدر : ICAWS - 25-10- 1426
|