لماذا تتمنى أميركا وبريطانيا حرباً أهلية في العراق؟
روبرت فيسك
لن تكون هناك حرب أهلية في العراق، ولم يشهد البلد حرباً أهلية قط. ففي عام 1920، حذر لويد جورج من نشوب حرب أهلية في العراق إذا غادره الجيش البريطاني، تماماً كما يحذر الأميركيون العراقيين الآن بحرب أهلية إذا ما هم غادروا. ومنذ عام 2003، دأب المتحدثون الأميركيون على التحذير من خطر اشتعال الحرب الأهلية إذا غادرت القوات الأميركية العراق. إنّ ما لم تتعلمه ولا تستطيع أن تتعلمه القوى الامبريالية الكولونيالية هو أن العراق ليس دولة طائفية وإنما بلد قبلي. والرجال والنساء هناك يتزوجون حسب الديانة لا حسب الانتماء الطائفي.قبل عام من الآن، جلست مع طبيب كان شقيقه قد قتل للتو على أيدي مسلحين، وكنت متأكداً من أن هؤلاء القتلة كانوا من الشيعة الذين أغضبهم اعتراض الشقيق على بناء مجلس شيعي في نهاية شارعه. وخلال غداء المأتم، سألت شقيق القتيل ما إذا كان العراق متجهاً إلى حرب أهلية.فردّ عليّ متسائلاً: لماذا تريدون أنتم الأميركيون منّا أن نغرق في حرب أهلية. أنا سني متزوج من امرأة شيعية. هل تريدون مني أن أقتل زوجتي؟ هناك الكثير من الصحافيين والكتاب والناطقين باسم البيت الأبيض الذين يروق لهم تهديد العراق بالحرب الأهلية. لكن لماذا؟ قبل عامين، أدلى متحدث أميركي رسمي بتصريح يروج لمثل هذه التهديدات. وقال إن «القاعدة» ـ وهو عنى بذلك السنة طبعاً ـ تريد إشعال حرب أهلية، لكن الشيعة رفضوا أن ينساقوا للأميركيين في إشعال حرب أهلية، وبقي العراق متماسكاً على نحو محبط للاحتلال.أما في لبنان، فمن السهل الترميز إلى الحرب الأهلية، فالسنة والشيعة قاتلوا ضد المسيحيين الموارنة، حين كان صراع الموارنة ضد البقية، وكان الأميركيون والإسرائيليون يقفون في صف أي جانب يريدونه. وحتى في الوقت الحاضر، راحت الحكومة الأميركية تحذر من مخاطر الحرب الأهلية مجدداً، وكأن اللبنانيين بحاجة إليها. ومن المؤسف أن اللبنانيين عاشوا ويلات حرب أهلية كلفتهم 150 ألف قتيل. والعراقيون ليسوا بحاجة لمثل هذا الصراع الفظيع، فلماذا نتمناه نحن لهم. المصدر : المركز الدولي لدراسات امريكا والغرب- 8-10-2005
|