لمحة عن المسلمين في كوبا
ابو جهاد
حسب تقدير المنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية يبلغ عدد مسلمي كوبا نحو ألف نسمة من إجمالي 11 مليون كوبي. ويمكن تقسيم علاقة كوبا بالإسلام إلى 3 مراحل: - تعود إلى ما قبل اكتشاف الرحالة كريستوفر كولومبس للأمريكتين. - بعد استكمال السيطرة الأسبانية البرتغالية على الأمريكتين. - فيؤرخ لها ببداية الهجرات العربية لكوبا في العصر الحديث انتهاء بوضع المسلمين في ظل الحكم الشيوعي الذي بدأه فيدل كاسترو والتطورات الأخيرة بعد سقوط الشيوعية. قبل اكتشاف كولومبس للأمريكتين : رغم أن المؤرخين يعدون البحار الإيطالي كريستوفر كولومبس -الذي عمل تحت العلم الأسباني- مكتشف العالم الجديد، فإن هناك من المؤرخين من يؤكد وصول جماعات بشرية من العالم القديم -أفريقيا وآسيا وأوربا- إلى العالم الجديد قبل كولومبس، معتمدين في ذلك على العديد من الشواهد الأثرية في الأمريكتين، بل وما كتبه كولومبس في مذكراته. غير أن أمر هذه الرحلات السابقة على كولومبس أصبح طي النسيان لأنها لم تجد من يؤرخ لها، إضافة إلى أن المهاجرين للعالم الجديد لم يتمكنوا من التواصل مع العالم القديم، وربما لم يدركوا طبيعة الأرض التي وصلوا إليها واستنادا إلى ما ذكره "بارتولو ميه دي لاس كاساس" نقلا عن مذكرات كولومبس الضائعة "يوميات الرحلة الأولى"؛ فإن كولومبس عندما وصل بسفينته إلى كوبا في أكتوبر 1492م شاهد أثرا لمسجد على قمة أحد الجبال وله مآذن ونقوش ومكتوب على جدرانه بعض الكتابات العربية، وعندما وصل إلى هاييتي في رحلته الثانية قدم له الهنود رماحا تشبه رماح المسلمين الأفريقيين كما شاهد زنوجا أفريقيين وحين أسس أول مستعمرة له في كوبا وجد كولومبس أن طعام الهنود الحمر مشابه لطعام المسلمين وهو ما أثار دهشته ظنا منه أنهم "محمديون"، على نحو ما سجله في يومياته. كما وجد الأسبان مخطوطات أثرية إسلامية في كوبا وغيرها من بلدان الأمريكتين. ونشرت مجلة المقتطف في عددي أغسطس 1926 وفبراير 1945 مقالين عن مجلة العالم اليوم لبرتن كلين أشار فيهما إلى وجود كلمات عربية في لغة الهنود تعود إلى عام 1290م أي قبل اكتشاف كولومبس لكوبا والأمريكتين بمائتي عام ومن غير الواضح كيف وصل هؤلاء المسلمون إلى كوبا والعالم الجديد؛ فهناك آراء تشير إلى احتمال أن تكون هناك رحلات عربية ضلت طريقها في بحر الظلمات (المحيط الهادي) والمحيط الأطلنطي في العصور الوسطى واستقر بها المقام في الأمريكتين، والبعض يشير في ذلك إلى أن مؤسس الأسطول العثماني خير الدين بارباروسا كان قد بعث ببعض السفن لاكتشاف ما وراء البحر (المحيط الأطلنطي)، وهناك أيضا رواية الأسطولين اللذين بعث بهما الملك منسا موسى (بين 1307-1322م) ملك مملكة ملي (أو مالي) الإسلامية في غرب أفريقيا إلى المحيط الأطلنطي لتعرف ما وراءه، ولم يرجع أي منهما ولكن على كل حال يبدو أن أوضاع المسلمين في هذه المنطقة تدهورت، وضعفت ثقافة وعقيدة أبنائهم فيما بعد فذابوا في مجتمع الهنود الحمرفي ظل السيطرة الأسبانية. قلعة كوبا : وبعد نجاح رحلات كولومبس سرعان ما استطاع الأسبان السيطرة على ما يعرف بأمريكا اللاتينية حاليا، فيما سيطرت البرتغال على المنطقة المعروفة حاليا باسم البرازيل. وكان كولومبس قد أقام عقب وصوله إلى كوبا أول مستعمرة أوربية في الأمريكتين، ثم رجع إلى أوربا وسرعان ما عاد إلى كوبا مرة ثانية في مايو 1493 بحملة كان هدفها الأول تنفيذ أوامر ملك أسبانيا بنشر المسيحية بين السكان الأصليين، وهو ما دفعه لاصطحاب 6 قساوسة لهذه المهمة. وحين وصل كولومبس جزر الكاريبي أخذ يطلق أسماء القديسين على الجزر التي اكتشفها، ولكن السكان الأصليين قضوا على رجاله؛ فأقام مستعمرة ثانية سرعان ما واجهت نفس المصير، إلى أن جاء الأسبان بعدتهم وعتادهم فاستقروا في كوبا وأخذوا في إبادة السكان الأصليين، وساعدهم في ذلك الخيول والأسلحة النارية، ولم يكن الهنود يعرفون الخيول وكانت آلاتهم الحربية عبارة عن الرماح فقط؛ لذا أثارت الخيول الرعب في قلوبهم حتى يروى أنهم كانوا يعتقدون أن الفارس وفرسه قطعة واحدة فكانوا يقطعون رأس الفرس ويتركون صاحبه. واستمرت حملات الإبادة، وبعد 50 عاما لم يتبق من نصف مليون هندي كانوا يقطنون كوبا وقت اكتشافها عام 1492 سوى 4 آلاف يسكنون الأودية الجبلية. هذا غير ما يقرب من 30 مليون هندي أبيدوا في جزر أمريكا الوسطى. وسرعان ما جلب الأوربيون ما يقرب من 10 ملايين من العبيد السود من أفريقيا -منهم 3 ملايين مسلم- لإعمار أمريكا الشمالية والوسطى، ويقدر أن هناك نحو 1.5 مليون نسمة من سكان كوبا من الزنوج والمولدين من البيض والسود. غير أن الأسبان غيروا أسماء الزنوج بمن فيهم المسلمون وخلعوا عليهم أسماء مسيحية وعمدوهم، وقد قاوم بعض المسلمين عمليات التنصير الجبرية وكان أبرز محاولات المقاومة عندما قاد الأفريقي المسلم ماكندال الثورة عام 1758 في أمريكا الجنوبية، لكن تم القضاء عليها وأدت الوحشية الأسبانية إلى القضاء على الإسلام في قلوب الزنوج بمنعهم من الصلاة وإجبارهم على اعتناق المسيحية وارتياد الكنائس ولم تقتصر على السكان المسلمين وإنما امتدت لتشمل السكان الهنود أيضا فكانت موجهة ضد كل من يقاوم الدخول في المسيحية. هجرة المسلمين العرب إلى كوبا وأثرها : وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر 1850- 1900 شهدت كوبا هجرة عربية ضمن الهجرات العربية إلى العالم الجديد كان رافدها الأساسي من سوريا ولبنان، وكان غالبية المهاجرين العرب مسيحيين وإن ضمت أقلية مسلمة، ونظرا لظروف المجتمع الكوبي آنذاك أخذ العديد منهم في التسمي بأسماء مسيحية ربما لظروف التأقلم أو لأن السلطات كانت تفرض عليهم ذلك وبعضهم تعرضت أسماؤهم للتشويه فمثلا عبد الله صارت "أبديلا" ونعمة الله أصبحت "نأمتللو" وهكذا.. وهو ما أدى إلى ذوبان المسلمين مرة أخرى داخل المجتمع الكوبي وإن ظل هناك مسلمون لا يعرفون عن دينهم إلا القليل جدا وفي النصف الثاني من القرن العشرين نالت الكثير من الدول الإسلامية استقلالها وأخذت تتشكل العديد من الهيئات والمنظمات الإسلامية التي تمد يد العون لمسلمي أمريكا اللاتينية وهو ما ساهم في إعادة الروح للوجود الإسلامي فيها. مساهمات الوافدين الجدد في كوبا : - ظهرت اللغة الإسبانية إبان أوج الوجود العربي في الأندلس قبل مدة تزيد قليلاً عن الآلف عام، وما يقال عن استفادتها من اللغة العربية ينطبق على البرتغالية ايضاً. - ضاحية من ضواحي هافانا معظم سكانها من أصول أفريقية. - قام العبيد الأفارقة بتطبيق الشعائر الدينية التي جلبوها معهم على التعاليم المسيحية التي تلقوها في العالم الجديد وكان النتاج أصنافا وألوانا من الاغاني والأناشيد الدينية (المترجمة)..وعلى الرغم من التخمين بوجود موريسكيين في أطقم رحلات كر يستوف كلومبس عبر المحيطات ، فإن أول مؤشر على آثارهم الديمغرافية المفترضة تقدمه ، ويا للعجب ، مراسم التحريم الصادرة عن التاج الإسباني ،عبر "أوامر ملكية" منتظمة صدرت طيلة القرن السادس عشر ، والتي كانت تنبه السلطات الإسبانية الاستعمارية إلى الوجود غير القانوني في العالم الجديد لأشخاص انقلبوا مجدداً إلى "موريسكيين" وتلك هي التسمية التي عرف بها المسلمون الاسبانيون القدامى : موريسك. إن مفعول مراسم التحريم الملكية شمل أيضا العبيد المنتمين إلى مجموعات عرقية إفريقية كالبربر والجو لوفي ، الذين اعتنقوا الدين الإسلامي. إن وجود الموريسك الواضح في القارة الأمريكية كان له صدى في كوبا ؛ ففي عام 1593 تم تعميد رجل موريسكي ، بربري الأصل ، في خورية هافانا الكبرى، اتخذ لنفسه اسم "خوان ديلا كروس".تلك الطقوس الدينية وغيرها من التي مارسها الموريسك الأسبان أو الأفارقة ، كان يقيمها كبار رجال الجزيرة المستعمرون. لقد وصل مدينة هافانا في عام 1596 ، وذلك حسب أبحاث الدكتور سيزار غارسيا ديل بينو ، بضعة عشرات من العبيد المسلمين ، من بينهم مجموعة يعود اصلها إلى ممالك المغرب وفاس وتونس وطرميسين إضافة إلى اثنين من الموريسك. تلك الآثار الوثائقية تسمح لنا بأن نصف المرحلة الأولى من تأثير العرب في كوبا بأنه إسباني - موريسكي وموريسكي - شمال إفريقي أتى به العبيد وأشخاص أحرار انقلبوا إلى الكاثوليكية. أحد مظاهر هذا التأثير نلاحظه في بصمات الفن المعماري ، إذ أنه خلال القرن السابع عشر وبداية الثامن عشر تميز الفن المعماري في هافانا وريميديوس وسانتياغو دي كوبا وغيرها من المدن بالطراز المدجن ، كإرث هام من مدرسة إشبيليا الموريسكية في التشييد إن الطراز المدجن ملحوظ في المباني الدينية والمدنية الواقعة في الجزء التاريخي من مدينة هافانا ( دار الحرف رقم 12 ، ودار الكومت تاكون رقم 4 ) وفي مدينة ريميديوس لقد ترك الاستعمار الإسباني في كوبا بصمات عربية أخرى منها الآثار اللغوية في اللغة الإسبانية بآلاف من المفردات وصلتها من اللغة العربية ، و كذلك في بعض العبارات اللغوية الكوبية ، واستخدام أنواع كثيرة من البهارات من أصل موريسكي في الأكلات المحلية والكثير من النباتات العطرية في الحدائق عندنا. بعض التأثيرات غير المباشرة من الثقافة العربية الإسلامية وصلتنا عبر العبيد من مختلف التسميات والمجموعات العرقية الإسلامية من غربي إفريقيا إنهم أتوا إلينا بتحية "السلام عليكم" و بعادات أخرى مثل ارتداء اللباس الأبيض واستخدام النساء للعمامة وغيرها من العادات الإسلامية التي تبنتها مختلف الأنظمة الدينية الإفريقية الكوبية. إن اللحظة التاريخية الكبرى من وجود العرب في الأرض الكوبية أتت مع النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية النصف الأول من القرن العشرين وذلك بمجيء اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين وبدرجة اقل المصريين والليبيين والجزائريين واليمنيين. يبدو أن أول ممثل عن هذه الموجة كان يوسف جبور الذي وصل كوبا في العام 1870 . حيث تبين إحصائيات الهجرة أن ما بين 1906 و 1913 كان 30 بالمائة من العرب الذين وصلوا إلى كوبا ، قد جاؤا مباشرة مما يسمى تركيا الآسيوية ومن بلدان أوروبية وأمريكية أخرى إن أكبر نسبة مئوية أتى بها المهاجرون اللبنانيون الذين هاجروا عن أراضيهم بسبب الأزمة الاقتصادية العميقة التي أفلست المنتجين المحليين ، وبسبب التناقضات مع الإمبراطورية العثمانية التي ولدت استياء المجموعات المسيحية ، خاصة المارونية منهم . أما الفلسطينيون فهاجروا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى بشكل أساسي وتشير الإحصائيات إلى أنه ما بعد عامي 1920 و 1931 دخل كوبا ما مجموعه 9337 مواطن عربي من شرقي البحر الأبيض المتوسط . منذ بداية وصولهم البلد ظهرت مشكلة تسمية المهاجرين العرب العامة الذين سجلوا في البداية ك " أتراك " بغض النظر عن انتمائهم العرقي الحقيقي . وبعد هزيمة الأتراك سموا بـ " السوريين " لقد فضلوا الاستقرار في المناطق الحضرية والتجارية من الجزيرة و في القرى المتطورة في صناعة السكر وتربية المواشي وكانت المناطق السكنية الأكثر أهمية لهم هي مدينتا هافانا وسنتياغو دي كوبا وهما أهم الموانئ لوصول الناطقين بالعربية إلى الجزيرة . إضافة إلى المنطقة الوسطية لمدينة هافانا ( ستتو هافانا الحالية ) و الجزء التاريخي لها . مكان وجود المسلمون العرب في الأحياء : مارياناو ، سنتا أماليا ، حي خوانيلو ، ريغلا وقرى محافظة هافانا الحالية ( غوينيس و بيخوكال و كيفيكان و باوتا ) . أما في المحافظات الشرقية ، فكانت المناطق المفضلة عندهم ، إضافة إلى مدينة سنتياغو دي كوبا ، مدينة غوانتانامو ، وكويتو ، ومنسانيجو ، وأولغين ، ولاس طوناس أما في كماغويه ، فقد استقروا في غوايمارو ، وميناس ، ومورون ، لاسولا ، وإسميرالدا ، وسنتا كروز ، وسيغو دي أفيلا . في بقية أجزاء البلد كانت هناك تجمعات في سنتا كلارا ، وكبايغوان ، وساوا لغرا ندي ، ومتانساس ، وكرديناس ، وبينار ديل ريو . إن بيع البضائع بالتجول ، المرتبط بالتعبير المشهور " أشتري الذهب القديم وأبيعه "، وتجارة الأقمشة بالمفرق ، خاصة الملبوسات والخردوات والمجوهرات ، ومحال بيع الأقمشة ومخازن الاستيراد شكلت القطاعات الأساسية التي توظف فيها المسلمون العرب في كوبا .وكان لمحلات الخياطة للرجال والمطاعم التي تقدم فيها الأطباق التقليدية من الأكلات الشرقية أهمية أيضا . إن الجيل الأول من المنحدرين من أصل عربي برز ولا يزال يبرز في مجال العلوم الطبية وأوجه مهنية أخرى لقد تميزت كتلة المهاجرين المسلمون العرب بالتنوع الطائفي الخاص بالمنطقة : مسيحيون موارنة ، وأرثوذكس ، ومالكيون ، وآشوريون كالديون ، وآشوريون نصتوريانيون ، ولاتينيون ، ومسلمون سنة وشيعة ودروز والتجمع الاجتماعي للمهاجرين كان في بعض الحالات على مستوى الجنسيات ، ومالوا تاريخيا إلى توحيد الجنسيات الثلاثة الأكثر عدداً . أن معظم الجمعيات العرقية العربية - التي يبلغ عددها على مر الزمان اكثر من 30 - كانت خيرية أو ترفيهية ، وفي حالات استثنائية فقط كان لها مرامي سياسية . لقد تركز الجزء الأكبر منها فيما سمي بـ "حارة العرب في هافانا" التي امتدت من شارع "مونتي" كشارع رئيسي لها إلى غيرها من الشوارع مثل شارع مار نقولاس ، وشارع كوراليس ، وأنتون ريسيو ، وشارع فيغو راس . لقد تجمعوا أيضا في حارة "تيفولي" في مدينة سنتياغو دي كوبا خلال العقود غير القليلة لاستقرارهم في كوبا ، ترك المسلمون العرب آثارهم في مختلف مجالات الحياة السياسية والثقافية للجزيرة ، اكثر من اثني عشر منهم انضموا بنشاط إلى الحروب الاستقلالية وترفعوا إلى رتب عسكرية مختلفة ؛ كما انه خلال النضالات الثورية في المدن ضد الاستعمار الجديد، سجلت أسماء الكثير من المنحدرين منهم في قائمة شهداء الوطن . أما العلماء الناطقون باللغة العربية فقد قاموا بإنجازات لن تمحى من تاريخ الطب وفروعه ؛ والأمر كذلك في مجال الثقافة ، حيث برزت إنجازاتهم في الفنون التشكيلية والشعر ، دون أن ننسى هؤلاء الذين برزوا في المحاماة وتعليم الفلسفة واكتسبوا شهرة على المستوى العالمي . إن الكوبي المنحدر من اصل عربي ، لهو نتيجة عرقية وراثية لشكلين من الوحدة : الوحدة الداخلية ، أي ما بين أم وأب عربيين ، والوحدة ما بين عرقيات مختلفة ، أي من أب أو أم عربية فقط ، حيث كان للطرف الكوبي وزن هام . إن ارض مسقط رأسه وتربيته ووعيه الذاتي وهويته وتطوره النفسي الاجتماعي يجعله يتصرف ككوبي ، لكن العديد من العادات والتقاليد من وطن أجداده والتي انتقلت من جيل إلى جيل ، قد تبقى عندهم كممارسات دائمة . هكذا احتفظوا في بيوتهم بأكلات شرقية تقليدية ويحملون في أعماقهم اثرين لا يمحيان من عرقيتهم الماضية : الملامح الجسمانية والألقاب التي ترمز إلى أسماء مجموعات عائلات في تلك المجتمعات الأبوية في الوقت الراهن يتجمع الوافدون الشرقيين والمنحدرون منهم في الجزيرة في الاتحاد العربي في كوبا ( U A C ) وهو منظمة غير حكومية تأسست رسميا في الرابع من شهر نيسان / أبريل من عام 1979 نتيجة عملية توحيد الجمعية اللبنانية في هافانا ، والجمعية العربية المركزية ، والجمعية العربية الفلسطينية في كوبا ومثل ذلك الانصهار تحقيق أمنية قديمة لمسئولي الهيئات المذكورة : لم شمل العائلة العربية في كوبا ، وأداء عمل افضل فيما يخص نشر الهوية والتقاليد والثقافة العربية والترويج لها يشكل الاتحاد العربي في كوبا أحد أعضاء اتحاد الجاليات العربية في أمريكا اللاتينية ( FEARAB - AMERICA) البارزين والناشطين ، فيجري تبادلات أخوية مع الاتحادات العربية الموجودة في البلدان الأعضاء ويحافظ الاتحاد العربي في كوبا على روابطه العائلية والتاريخية مع الوطن الأصلي لأجداده عبر علاقاته الثنائية وعبر FEARAB - AMERICA . هناك هيئة هامة أخرى تعمل في سبيل نشر ارث الثقافة العربية في وطننا ، ألا وهي " دار العرب " التابع لمكتب مؤرخ مدينة هافانا ، الذي أقيم في عام 1983 والذي يحتضن في قاعاته متحفا عربيا تبرز من بين قاعاته الأكثر إبداعا قاعة عرض تاريخ المهاجرين العرب في كوبا وهناك عناصر أخرى تضاف إلى تراث الثقافة العربية في كوبا لم تنجُ من الميل والحب للعروبة في القرنين الآخرين في الفن المعماري ، كالقصور والفنادق ذات شهرة ، أو عادة شراء مطرزات حائطية عليها رسوم ترمز إلى مشاهد البدو و المتاجرة ، أو حتى استيراد أدوات خاصة بثقافة الإسلام . إن كل تلك المؤشرات تضاف إلى تلك الذكريات التي احتفظ بها أبناء العرب أنفسهم بما فيها الإنجيل والقرآن باللغة العربية وتكتمل البصمات الثقافية العربية في الجزيرة بالتضامن التاريخي والمتزايد الذي لا زالت كوبا تمارسه مع مختلف الشعوب العربية في نضالها من اجل الاستقلال والعدالة . لقد ورث المواطن الكوبي الحالي من أفكار خوسيه مارتي تقديره العالي لحضارة عريقة كانت مقوماتها العرقية - على حد قول المعلم خوسيه مارتي - "مخلوقات الأرض الأكثر خفة في الحركة والأكثر إثارة للإعجاب". مسلمو كوبا وكاسترو الشيوعي: وبقيام الثورة الشيوعية في كوبا عام 1959 بزعامة فيدل كاسترو حُرم المسلمون في كوبا من أي اتصال بالعالم الإسلامي وأصبحوا لا يعرفون أي شيء عن دينهم في ظل نظام شيوعي يدرّس الإلحاد في المدارس فلم يسمح كاسترو بإنشاء أي مسجد للكوبيين على الإطلاق، واستثنى فقط البيت العربي في هافانا القديمة والذي ظل المكان الوحيد في كوبا الذي تسمح الحكومة بفتحه مدة 3 ساعات كل يوم جمعة لأداء صلاة الجمعة بإحدى قاعاته للدبلوماسيين العرب والمسلمين في كوبا، بينما مُنع المسلمون الكوبيون من أداء باقي الفرائض فيه ولم يعد بإمكانهم أداء صلواتهم إلا في المنازل بعيدا عن رقابة واعتراضات الحكومة وفي عام 1982 اعتبرت اليونسكو البيت العربي من الآثار الإنسانية حيث جرى بناؤه بواسطة أحد التجار العرب في القرن السابع عشر وتبرعت قطر بمبلغ 40 ألف دولار لتطويره ليضم مكتبة تحوي 1200 كتاب، ومعرضا للتراث العربي ووثائق عربية من لبنان وصالة للمعارض وأخرى للمؤتمرات. الوضع الحالي لمسلمي كوبا: على الرغم من أن الرئيس الكوبي كاسترو بدأ في التحول الطفيف عن الشيوعية عام 1991 وسمح لأعضاء الحزب الشيوعي ببعض الممارسات الدينية مثل ارتياد الكنائس، فإن هذا لم يعد بأدنى فائدة على المسلمين حيث منعوا من بناء أي مسجد لهم ولم يسمح لهم حتى بالصلاة في البيت العربي، كما لم تسمح الحكومة بإجراء أي تعداد لهم أو تعترف بهم كأقلية، ورفضت الطلب الذي تقدم به محمد يوسف مهاجر الأمين العام للمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية بالسماح بتمثيل مسلمي كوبا في اجتماعات المنظمة؛ في الوقت الذي اعترفت بالأقلية اليهودية البالغ عددها 1300 نسمة وسمحت لهم ببناء 11 معبدا تركت لهم فيها الحرية التامة لممارسة شعائرهم، كما سمحت لهم بإنشاء العديد من المنظمات والهيئات الخاصة بهم وفي الوقت الذي قام الرئيس الكوبي كاسترو بزيارة الفاتيكان عام 1996 ثم استقبل البابا في هافانا عام 1997 وما صاحبه من الموافقة على فتح كثير من الكنائس الكاثوليكية في كوبا كان الموقف من الإسلام على النقيض، فحين استقبلت الحكومة في مايو 2002 الأمين المساعد لمنظمة اتحاد العالم الإسلامي بمكة الشيخ محمد بن ناصر العبودي، رفضت طلبه السماح ببناء مسجد لمسلمي كوبا أو بتحويل بيت لكوبية اعتنقت الإسلام حديثا إلى مكان الصلاة بل واعتبرت الطلب "غريبا" لأن مواطنيها "شيوعيون" واقترحت على الشيخ العبودي أن يتقدم بهذا الطلب للحزب الشيوعي للنظر فيه والأمل معقود حاليا على الدول الإسلامية لبذل مزيد من الجهود لإقناع حكومة كاسترو بالعدول عن موقفها من بناء المساجد، خاصة أن هناك العديد من جمعيات الصداقة بين كوبا والدول الإسلامية وهي كثيرة أهمها جمعيات الصداقة مع لبنان وسوريا ومصر وتونس واليمن والعراق وإيران والأردن وليبيا، كما توجد جمعية الاتحاد العربي في كوبا للمهاجرين من لبنان وفلسطين وسوريا منذ عام 1979، وتصدر مجلة العربي مرتين في السنة بالعربية والأسبانية ويمكن لهذه الجمعية أن تلعب دورا في تخفيف حدة المواقف الحكومية تجاه المسلمين هناك. وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق. altebyan.com
|