هذا الادعاء!
هيثم نعمة رحيم العزاوي
لم تكن الحضارة الإسلامية في يوم من الأيام صانعة للكراهية ، ولا داعية للحرب والغزو ومبدأ الجهاد الذي تؤمن به ماهو إلا وسيلة للدفاع عن النفس، ضد المذلة والامتهان، إذ انتهت موجات الفتوحات الأولى لتخليص العالم من بطش الفرس وجبروت الروم، وساد المنطقة التي فتحها العرب نوع من السلام استمر لقرون طويلة ، ولم تنتشر الدعوة الإسلامية بعد ذلك إلا عن طريق القدوة والموعظة الحسنة ، وهذا واضح في معظم الدول الإسلامية الموجودة في أقصى أسيا وعمق إفريقيا ، إذ لم تشهد سيوفاً أسلامية ، بل شهدت عدلاً وتسامحاً إسلاميًا ، ووعت كلمات القرآن الكريم واهتدت بخصال المسلمين الحميدة. من اجل هذا يستغرب المرء اليوم من حملات الكراهية التي تشن ضد الإسلام ، خاصة بعد إن زادت وتيرتها في الآونة الأخيرة ، وزادت معها فلتات اللسان الذي يقع فيه المسؤولــون في الغرب ، بالرغم من مناصبهم الروحية والسياسية ، فنشأت أنواع من الصدامات كان يمكن تحاشيها بقليل من المسؤولية التاريخية والإنسانية. أن صدام الإسلام والغرب يجري تنفيذه بإرادة قلة من الناس من الجانبين ، لتساق الأغلبية من الجانبين ايضاً الى فتنة لا يعرف مداها ، وبدأت الحقائق القديمة والتي تستعيد اكتشافها بمرارة بعد قرن أو مايزيد من الميل الشعوري ، فليس هناك أصدقاء حقيقيون , من دون أعداء حقيقيين إذ جاءت نظرية صدام الحضارات وإعادة بناء نظام عالمي جديد لتسبق أحداث الحادي عشر من أيلول سنة 2001 بعشر سنوات أو نحوها ، وبدأ الصراع المفتعل ، ودخل أناس جدد من الحفنة القليلة على خط هذه المحاولة ، سواء بسوء نية أو جهل ، أو فلتات اللسان أو عن سابق إصرار وترصد ، إذ أن بابا الفاتيكان لا يمثل كل المسيحيين ولا الرئيس الأميركي يعبر عن كل أفكار الأميركيين ، ولا المفكرين والكتاب الغربيين ينطقون نيابة عن الرأي العام الغربي ، وفي المقابل لا يمكن أن تعبر حفنة صغيرة من المتشددين عن كل المسلمين ولا حتى نسبة قليلة منهم. ومن هذه الزاوية كان خطاب صدام الحضارات مصراً على الانطلاق من قواعد متباينة ، ليفرض مقولة إن الديانات هي المعيار الأول لرسم الفوارق بين الحضارات ، ومن ثم يكون الصدام الديني حتمياً بين الحضارات ، ويكون خط الصدع الفاصل بين الإسلام والغرب، وهوخط ليس جغرافياً بالضرورة ، لكنه خط مواجهة بين الغرب عدوهم الأول الإسلام إن استذكار الحروب والمذابح التي لم يكن للإسلام ولا المسلمين فيها أية مساهمة خلال القرن العشرين وخاصة في الحربين العالميتين الأولى والثانية والتي راح ضحيتها الملايين من البشر سواء من المدنيين أو العسكريين هو دليل على مظاهر العنف الموجودة في الغرب وهي التي تبين الفلتان والانفلات التي ينتهجها الغربيون ضد البشرية ، وبالتالي فهم مسؤولون عن أثارة فتنة صدام الحضارات وإثارة الحروب , وزعزعة امن مليارات من سكان الأرض من كل الأجناس والأديان والمذاهب والمشارب، فالإسلام يقدر الحياة التي وهبها الله لمخلوقاته جميعاً، وهي هبة تستحق اعمال العقل وإدراك الخطر، والتشبث بفضائل التعايش والمسالمة التي تزدهر بها الحياة! كل حياة. وكل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق. المصدر:جريدة الصباح
|