إعلان دمشق- 2002- حول الحوار بين الحضارات من أجل التعايش
استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بجعل سنة 2001 (سنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات)، وتنفيذاً لقرارات مؤتمر القمة الإسلامي، والمؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية، والمؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة، بشأن إسهام العالم الإسلامي في الأنشطة الدولية حول الحوار بين الحضارات، وعملاً بالتوصيات الواردة في (بيان الرباط) وفي (نداء تونس) حول الحوار بين الحضارات، عقدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة - إيسيسكو - ندوة دولية في دمشق أيام 18 - 19 - 20 من مايو ( آيار) عام 2002م حول موضوع : ( الحوار بين الحضارات من أجل التعايش )، تحت الرعاية السامية لسيادة الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، وإننا نحن المشاركين في أعمال هذه الندوة،انطلاقاً من التأكيد على ضرورة استمرار العمل لتحقيق مقاصد السنة الدولية للحوار بين الحضارات، وتكثيف جهود المجتمع الدولي في هذا الإطار، وحرصاً على إشاعة قيم الحوار الإنساني الهادف وتعميق التفاهم بين الشعوب والأمم وتعزيز التعايش بينها، والتـزاماً بالقيم الحضارية وبمبادئ القانون الدولي التي تستلهم روح الحضارات والثقافات الإنسانية المتعاقبة عبر العصور، وقياماً بالواجب الذي تطوقنا به مسؤولياتنا الفكرية والثقافية تجاه الإنسانية في حاضرها ومستقبلها، ووعياً بما يتهدّد العالم كلَّه من مخاطر شديدة بسبب البعد عن قيم الحوار بين الحضارات وعن توجيه المسيرة الإنسانية والدَّفع بها نحو آفاق التسامح والتعايش . وإذ نسجل بتقدير كبير، المواقف الحضارية ذات المعاني الإنسانية النبيلة والقيم الفاضلة التي تقفها الجمهورية العربية السورية بقيادة سيادة الرئيس بشار الأسد رائد المشروع النهضوي للتطوير والتحديث. فإننا نُصدر الإعلان التالي الذي نؤكد فيه ما يلي : أولاً : الحوار بين الحضارات هو اختيار العقلاء المدركين لمسؤولياتهم تجاه مصير الإنسانية والمؤدّين للأمانة التي يحملونها، ومنهج الحكماء الساهرين على سلامة المجتمعات واستقرارها وازدهارها، وهو البديلُ عن الصراع الذي يؤدي إلى نشوب الحروب، ويتسبَّب في إثارة النزاعات، ويؤدي إلى نشوء الأزمات على جميع المستويات . ثانياً : الحوار بين الحضارات ضرورةٌ مؤكدة من ضرورات استكمال شروط الحياة الإنسانية الكريمة في ظل السلام العادل والاحترام المتبادل والتطبيق النزيه لقواعد القانون الدولي، والحوار يؤكّد الحق في الاختلاف والمغايرة والتعدّدية، داخل إطار وحدة المجتمع الإنساني، ويضمن الدفاع عن حقوق الإنسان التي كفلتها القوانين والمواثيق الدولية والمبادرات الإنسانية، وفي مقدمتها حلف الفضول الذي يعتبر أول عهد لحماية حقوق الإنسان في التاريخ الإنساني . ثالثاً : تعزيز الحوار بين الحضارات مسؤوليةٌ إنسانيةٌ مشتركة يتحمَّلها بصورة خاصة، صانعو القرار بمختلف درجات المسؤولية، والنخب الفكرية والثقافية والقيادات الإعلامية في العالم كلِّه، من أجل المشاركة الجماعية في بناء السلام في الحاضر والمستقبل، على أسس قوية تصمد أمام الأزمات الطارئة الناتجة عن الأحداث غير المتوقعة التي من شأنها أن تهزَّ الاِستقرار الدولي وتروّع الضمير الإنساني . رابعاً : الحوار بين الحضارات وسيلة فعالة للقضاء على التمييز العنصري والاِستعلاء العرقي والتطرّف الديني، وهو العنصر الأكثر قوةً في إقرار مبادئ المساواة الكاملة بين الشعوب والأمم في الحقوق والواجبات جميعاً. خامساً : الحوار بين الحضارات، يُساهم بدرجة كبيرة، في التقارب بين الشعوب والأمم، وفي إزالة الحواجز المتراكمة من سوء الفهم المتبادل ومن الأفكار المسبقة القائمة على أسس غير صحيحة التي تختزنها الذاكرة الجماعية لثقافة شعب من الشعوب عن ثقافة شعب آخر، مما يجعل من مواصلة الحوار وتوسيع دائرته وتعزيز التعايش، رسالةَ النخب الفكرية والكفاءات الثقافية والعلمية، ومسؤوليةَ المهتمين بالمصير الإنساني، كلٌّ من الموقع الذي يشغله . سادساً : توجيه الحوار بين الحضارات إلى الاهتمام بالموضوعات التي تشغل الإنسانية وتؤرّق ضميرَها، وإلى إيجاد حلول وتسويات مستلهمة من روح الحضارات والثقافات، بحيث يستهدف الحوار في المقام الأول، دعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن أراضيها ومقدساتها واسترجاع أراضيها المحتلة، ومناهضة روح الهيمنة وفرض نظام العولمة ذي المنزع الفكري والثقافي الواحد على المجتمع الدولي قسراً وضد إرادة الحكومات والشعوب، ومنع العدوان بكل أشكاله على الشعوب الطامحة إلى الحرية والانعتاق، وأن يكون الحوار بين الحضارات على جميع مستوياته، وسيلةً للوقوف ضد حرمان الشعوب من حقوقها التي أكدتها المواثيق الدولية وكفلتها الشرائع السماوية وضمنتها المبادئ الإنسانية،وأن يكون عاملاً فعالاً في التوعية بأهمية قضايا التنمية المستدامة ودورها في تطور الحياة الإنسانية ونشر قيم العدل والمساواة والتعايش بين شعوب العالم . سابعاً : قيام الحوار بين الحضارات والثقافات على قاعدة الاِحترام المتبادل بين المنتسبين لهذه الثقافات والمنتمين لهذه الحضارات جميعاً، يحمي مبادئ الحق والعدل والإنصاف، ويكون دافعاً مساعداً لمساعي المجتمع الدولي من أجل تعميق التسامح واستتباب الأمن والسلام والتعايش الثقافي والحضاري الشامل بين البشر. ثامناً : الإشادة بجهود المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ في العمل على إشاعة قيم الحوار بين الحضارات، وفي دعوة النخب المفكرة والمثقفة في العالم إلى المشاركة في الندوات الدولية التي تعقدها حول هذا الموضوع، وحثّ المنظمات والهيئات الدولية الأخرى المعنية بهذا العمل، على التعاون مع الإيسيسكو في هذا المجال الحيوي، لترسيخ ثقافة الحوار الحضاري الهادف إلى إنقاذ الإنسانية مما يتهدّدها من المخاطر الناتجة عن الدفع بالحضارات والثقافات نحو الصراع بدلاً عن الحوار. وفي ختام هذا الإعلان يشيد المشاركون بمبادرة الجمهورية العربية السورية إلى احتضان هذه الندوة واستضافتها، ويعتبرون انعقادها في هذا البلد ذي التاريخ الحضاري العريق، الذي يساهم اليوم بقيادة الرئيس بشار الأسد في الجهود الدولية لتحقيق السلام العادل والتعايش السلمي بين شعوب العالم ، عاملا مؤثرا في إرساء قواعد الحوار بين الحضارات وتحقيق الأهداف النبيلة التي يسعى إليها المخلصون والمنصفون من مثقفي العالم وأحراره . ويتوجهون بخالص شكرهم وتقديرهم إلى الجمهورية العربية السورية رئيساً وحكومةً وشعباً على ما لقوه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وعلى الجهود المخلصة التي بذلتها وزارة التربية واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لتنظيم أعمال الندوة والوصول بها إلى النتائج المرجوة. www.isesco.org.ma
|