دول الخليج والصين
د. شملان يوسف العيسى
زار الرئيس الصيني هو جيتاو، المملكة العربية السعودية لأول مرة في الأسبوع الماضي، رداً على الزيارة التي قام بها العاهل السعودي للصين في يناير من العام المجاري. وتأتي زيارة الرئيس الصيني كدليل على تنامي العلاقات بين دول المنطقة والدول الآسيوية شرقاً ومنها الصين، التي ستصبح من أكبر مستوردي النفط الخليجي. دول الخليج تتسابق اليوم لإنشاء شركات ومؤسسات وأسواق خاصة بالصين، وقد تم في العام الماضي إنشاء شركة كويتية- صينية عامة... وفي دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة تم افتتاح مجمع كبير يعرض إنتاج الشركات الصينية، وأصبح اليوم أكبر موزع لتلك المنتجات في المنطقة. التساؤل: لماذا ازداد الاهتمام بالصين مؤخراً رغم أن الصين تقيم علاقات دبلوماسية مع الكويت مثلاً منذ الستينيات؟ الأسباب المعلنة هي أن الصين ستكون من أكبر مستوردي نفط الخليج وأن التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري يرتفع ويتوسع سنوياً. لكن ما هي الأسباب غير المعلنة التي تجعل دول الخليج تزيد من اهتمامها بالصين؟ ما يعجب النخبة السياسية في الخليج هو أن الصين نادراً ما يتطرق قادتها للقضايا السياسية الحساسة في المنطقة، فهم مثلاً لا يثيرون قضايا الديمقراطية ولا الإصلاح الداخلي، ولا يتدخلون في قضايا الحريات وانتهاك حقوق الإنسان في منطقتنا. دول الخليج مرتاحة لأنها لا تعرف الكثير عن الصين أكثر من ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وازدياد الطلب على نفط الخليج، وقد عبر عن ذلك الأمير الوليد بن طلال بقوله: عندما يكون هناك بلد سكانه 1.3 مليار نسمة وينمو بمعدل 15 في المئة سنوياً ويستورد ملايين الأطنان من النفط، يتعين أن تكون المملكة العربية السعودية هناك. ومن الواضح أن السعودية تتوجه حيث تكون مصالحها والصين تتوجه حيث تكون مصالحها. من يحدد طبيعة علاقتنا الخليجية بالصين؟ هل هي مصالحنا الوطنية؟ إذا كانت الإجابة بنعم... إذن لماذا أهملنا الصين طوال الثلاثين سنة الماضية، لماذا كانت علاقتنا بها محدودة؟ توجد أكثر من إجابة، ففي السابق كانت الصين دولة شيوعية تحمل شعارات ثورية لم تجرؤ في البداية، أي دولة خليجية على إقامة علاقات معها سوى الكويت، وبعدها تبعتها دول الخليج بعد أن انفتحت الصين وتوثقت علاقة الولايات المتحدة بها. بمعنى آخر طبيعة العلاقة مع الصين تحددها طبيعة العلاقة بين واشنطن وبكين، فما دامت العلاقة بين البلدين جيدة، فإن ذلك سوف ينعكس على علاقة دول الخليج بالصين. دول الخليج لا تعرف الكثير عن الصين ما عدا تزايد حجم التجارة وازدياد الطلب الصيني على الطاقة النفطية. كم أكاديميا لدينا في الخليج متخصص في الشؤون الصينية؟ وكم طالبا خليجيا يدرس في الصين؟ وكم شخصا عربيا من الخليج يتكلم اللغة الصينية؟ على الطرف الآخر كم شخصا في الصين متخصصا في الشؤون الخليجية؟ لا نعرف، لكن يمكن القول إن المتخصصين في الشأن الخليجي في الصين قليلون ولعلهم بعض الأكاديميين وبعض التجار والعاملين في الأجهزة الحكومية، وهؤلاء نادراً ما يفصحون عن وجهة نظر مخالفة لوجهة النظر الحكومية الرسمية. ما هي المشاكل التي ستواجه دول الخليج العربية في علاقتها مع بكين؟ نتصور بأن المعضلة الرئيسية تتعلق برؤية واشنطن للصين كمنافس استراتيجي محتمل على النفوذ في المنطقة؟ ما هو موقف دول الخليج من الصراع المحتمل بين واشنطن وبكين حول الملف النووي الإيراني مثلاً؟ هل ستقف دول الخليج مع واشنطن أم مع بكين؟ قادة دول الخليج لم يوضحوا وجهة نظرهم حول الموضوع، لكن رجل الأعمال السعودي عمر باحليوة الأمين العام للجنة الدولية للتجارة في غرفة التجارة السعودية، أكد بأن "مكاسب الصين ليست بالضرورة خسائر لأميركا، فالصين لا يمكن أن توفر الضمانات الأمنية التي تمتلكها الولايات المتحدة لمعظم دول الخليج، وفي ضوء ذلك فإن فكرة أن السعودية يمكن أن تتحول بالكامل إلى الصين يمكن النظر إليها باعتبارها نوعاً من الأساليب السياسية". وأضاف قائلاً: "نحن في زواج كاثوليكي مع أميركا. والطلاق لا يمكن التفكير فيه، لكننا مسلمون أيضاً ويمكن أن تكون لدينا أكثر من زوجة". ما نحتاج إليه في الخليج اليوم حوار مكثف حول علاقتنا بالدول العملاقة الجديدة في آسيا، خصوصاً الصين والهند. وكل ذلك بحسب راي د. شملان يوسف العيسى في المصدر المذكور . المصدر : الاتحاد الاماراتيه – 30-4-2006
|