كلمة ونصف : مَـدَافـِع الخطيب...أينْ خطابنا الصدمي ؟
المهندس فـؤاد الصادق
عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام
:
( أمحضْ أخاك النصيحة )
النصيحة خلاف الغش , والمحض صريح النصح وخالصه والصريح
ضد الكناية ، وهو خلاف التعريض ، وفلان صرَّحَ بما في نفسه أي أظهره
أما الخطاب الصدمي الغائب الذي يعتبر مصداقاً فاعلاً من مصاديق المحض
في النصيحة فالمراد منه هو :
الخطاب الوِّدي البسيط الذي يفهمه العام والخاص والذي
يصدم المـُخـَاطبَ بصورة مفاجئة بإستخدام تقنية الصدمة والإثارة
والذهول عبر وضع الحقائق اوالنتائج القاسية المؤلمة لسلوك سلبي معين
أمام المـُخـَاطبَ بصراحة ولباقة ورفق ولين ومداراة وحكمة وإحترام
ورعاية لحقوق المـُخـَاطبَ وتركيزعلى الفعل لا الفاعل , وبعيداً عن
التعنيف والإزدراء والإستفزاز والتجريح والتعيير والعدوانية
والتشاؤومية والفضاضة والمداهنة والمصانعة والنفاق والمجاملة الزائدة
والتخدير والكذب والصورالوردية وأنصاف الحقائق والتعبئة والتحريض
ونظرية المؤامرة والإسقاط والتبرير, وذلك لإثارة وخطف إنتباه
المـُخـَاطبَ وإيجاد حالة من التأهب والانتظار والإندفاع بواسطة خلق
خوف عميق لدى المـُخـَاطبَ من موقف أووضع أو فكر أوسلوك سلبي معين بهدف
خلق حوافز قوية لرفض ذلك الوضع أوالفكر أوالسلوك فالتحفيز على تحمل
المسؤولية فالإنطلاق نحو التصحيح أوالتطويرأوالتغيير, وهو الحفز على
التغيير بالصدمة ( من باب الترهيب ) والتي تحمل معها البديل بجواذبه (
من باب الترغيب ) إضافة إلى طريق زراعة البديل كي لا تقود الصدمة إلى
الرعب فالعجز والإعتزال واليأس والإحباط لأن الصدمة ليست هدفاً بل
وسيلة مشروعة لإختراق وعي المـُخـَاطبَ وإستنهاض الهمم وشحذ العزائم لا
تدميرها وتطويعها فعن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليهما
السلام :
( منْ لم يعرف مضرة الشر لم يقدر على الإمتناع عنه )
( منْ خافَ العقابَ إنصرفَ عن السيئات )
( مادحُ الرجل ِبما ليس فيه مستهزئ به )
( عجبت لمنْ يُقال : إن فيه الشر الذي يعلم أنه فيه كيف
يسخط ! عجبت لمنْ يُوصف بالخير الذي يعلم أنه ليس فيه كيف يرضى ! )
تدني مستوى الطموحات ، الرضى بالواقع القائم ، العقبات
التي تعترض التصحيح ، المشكلات التي تعيق التطوير ، ومقاومة التغيير
الطبيعية والمرضية و.... هذه الأعراض تملي الحاجة الجادة الملحة الى
الخطاب الصدمي والكتاب الصدمي والأدب الصدمي والحوار الصدمي والقرار
الصدمي والفيلم الصدمي والتربية بالصدمة والإدارة بالصدمة.
وإذا اريد للخطاب الصدمي أن يفعل فعلته لابد من أن يلعب
الخطيب دور المخرج عند تدوين خطابه لإخراج الخطاب كدراما ذات حبكة
محكمة غير تقليدية مليئة بالمفاجآت والمحاكاة ولاتغفل الرومنسية
والخيال وإلى جانب الأعداد والأرقام والإحصاءات والمقارنات ، ولا بد أن
يكون عنوان الخطاب صدمياً ومن نوع الأسئلة المفتوحة التي لا تبوح
بالجواب إلا في الدقائق الأخيرة للخطاب .
|