مستقبل المنطقة بين دولار ضعيف ودولار قوي

(1- 3)

 

سلطان مهنا المهنا

 

 

تأتي أهمية القمة الثالثة لـ "أوبك" القادمة في الرياض 17 إلى 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007, بجانب أنها تعقد في أكبر دولة مصدرة للنفط وصاحبة أكبر احتياطي نفطي, إلا أنها (منظومة دول الأوبك) يواجهها العديد من التحديات سواء بالنسبة للانخفاض المتواصل لقيمة الدولار أمام العملات الأجنبية الأخرى أو التشكيك المستمر في قدرة "أوبك", خاصة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الإيفاء بمتطلبات المستهلكين المتوقعة مستقبلا, إضافة إلى الارتفاع المتزايد لأسعار النفط في الوقت الحالي, التي يعتقد شكري غنيم وزير النفط الليبي أنها الطريق الوحيد لتعويض ضعف قيمة الدولار أمام العملات الأخرى, وبشكل خاص اليورو الذي يستحوذ على نسبة تصل إلى نحو 40 في المائة من إجمالي قيمة الصادرات إلى دول المنطقة (السعودية، الكويت, قطر, الإمارات، البحرين، وعمان).

العالم في الوقت الحالي يشهد منعطفا مهما وتاريخيا للدولار كعملة استمرت على مدى 60 عاما مسيطرة بشكل رئيس على التعاملات المالية حول العالم، وعنصرا مرتبطا بالاقتصاد العالمي والتبادل التجاري منذ التوقيع على اتفاقية بريتون وود في نيوهامشير في الولايات المتحدة عام 1944, التي يقال إنها قامت لمنع تكرار ما حدث عام 1930, عندما شككت هيئات الرقابة على الصرف الأجنبي من نظام المدفوعات الدولي, وهي تنص (اتفاقية بريتون وود) على تثبيت سعر صرف الذهب على 35 دولارا للأونصة, بعد تزايد المطالبة باستبدال الدولار بالذهب تم تخفيض قيمة الدولار بموجب اتفاقية أخرى عرفت باسم "اتفاقية سميثونيان" Smithsonian Agreement وهي تنص على تخفيض قيمة الدولار للأونصة من الذهب إلى 38 دولارا بعد أن كان 35 دولارا ولكن الانخفاض استمر بشكل سريع جدا, إلى أن ألغى الرئيس نيكسون ارتباط الذهب بالدولار نهائيا في 15 آب (أغسطس) 1971 وتوقفت الولايات المتحدة عن استبدال الذهب بالدولار لتصل قيمة الأونصة الواحدة من الذهب إلى 70 دولارا عام 1972.

في الثمانينيات الميلادية قامت الولايات المتحدة عن طريق اتفاقية أخرى سميت بلازا أكورد PLAZA ACCORD نسبة إلى الفندق الذي تمت فيه الاتفاقية في نيويورك في 22 أيلول (سبتمبر) 1985, إلى تخفيض قيمة الدولار أمام الين الياباني والمارك الألماني لتقليص ميزان التبادل التجاري في محاولة لزيادة حجم الصادرات الأمريكية خاصة لسوق السيارات اليابانية ولمساعدة الاقتصاد الأمريكي على العودة بعد الركود الذي أصابه في بداية الثمانينيات الميلادية, وهي (اتفاقية بلازا) بين خمس دول هي: فرنسا، ألمانيا، اليابان، بريطانيا والولايات المتحدة (إضافة إلى دول أخرى), وتنص آلية التنفيذ للاتفاقية على تخفيض قيمة الدولار أمام الين الياباني والمارك الألماني عن طريق التدخل في سوق العملة بضخ عشرة مليارات دولار من قبل البنوك المركزية للدول المشاركة في الاتفاقية, وأدى هذا التدخل المقصود إلى انخفاض قيمة الدولار أمام الين إلى نحو 51 في المائة. بعد مرور سنتين على التوقيع فشلت اتفاقية بلازا في تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها لأسباب متعددة منها عدم منافسة السلع الأمريكية السلع اليابانية, إضافة إلى وجود قوانين أمام السلع المستوردة للسوق اليابانية, بعد أن استمر انخفاض الدولار أمام الين إلى مستويات عالية دعت الإدارة الأمريكية دول فرنسا، ألمانيا، اليابان، وكندا, إضافة إلى الولايات المتحدة في 22 شباط (فبراير) 1987 إلى مؤتمر في باريس عرف باسم اتفاقية لوفر LOUVER ACCORD هدف الاتفاقية (لوفر) تثبيت سعر صرف العملات في الأسواق العالمية وإيقاف الانخفاض المتواصل لسعر الدولار بسبب اتفاقية بلازا أكورد, أدت اتفاقية لوفر إلى تحسن قيمة الدولار وارتفاعها مرة أخرى أمام العملات الأخرى.

لذا نرى أن الدولار كعملة منذ منتصف الأربعينيات الميلادية حتى منتصف الثمانينيات الميلادية مرورا باتفاقية ربط تعاملات النفط مقابل الدولار التي صيغت في بداية السبعينيات الميلادية بعد انهيار "بريتون وود" وتوقف الولايات المتحدة عن صرف الذهب مقابل الدولار, وهو يعمل من خلال اتفاقيات لرفع, تخفيض، أو تثبيت سعره وعدم خضوعه لمجريات السوق كما كان يطالب به العديد من الاقتصاديين الأمريكيين أمثال بول أونيل وزير الخزانة السابق ورئيس البنك المركزي السابق آلن جرينسبان اللذين يريان ويكرران دوما أن قيمة الدولار يجب أن تترك بحرية حسب مجريات السوق وعدم الإصرار على سياسة الدولار القوى, الذي تدعمه الإدارة الأمريكية, الدولار القوي خيار الإدارة الأمريكية لأسباب متعددة أهمها ما جاء في تصريح وزير الخزانة جان سنو في اجتماع مجموعة السبع (G7) في فرنسا في منتصف تموز (يوليو) عام 2003 "الثقة في عملتنا (الدولار) هي القوة التي يحتاج إليها الآخرون (بالنسبة للدولار) الثقة التي تحدث عنها الوزير سنو تعني الاعتماد على دول أجنبية مثل اليابان والصين على الاستمرار في شراء سندات أمريكية. لذلك الإدارة الأمريكية تراهن في السابق على سمعة الدولار أكثر من أدائه أمام العملات الأجنبية الأخرى في محاولة للاحتفاظ, إضافة إلى جذب مستثمرين لأسواق الأسهم, العملة والسندات الأمريكية. لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية انصاعت أخيرا لنصائح بول أونيل وجرينسبان بأن قيمة الدولار يجب أن تترك حسب مجريات السوق وعدم التدخل لدعم سياسة الدولار القوي, خاصة من بداية شباط (فبراير) عام 2002 عندما كان سعر صرف اليورو أقل من دولار واحد عند 87, (أدنى سعر صرف للدولار مقابل اليورو كانت في 26 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2000م عند مستوى 8225 سنتا لليورو الواحد) إلى أن وصل سعر الصرف إلى أعلى مستوى عند 1.40 دولار لليورو الواحد في الأسبوع الثالث من أيلول (سبتمبر) 2007 بعد اجتماع بنك الاحتياط الأمريكي ( 18 سبتمبر 2007) وتخفيض سعر الفائدة 50, نقطة والإدارة الأمريكية تدعم بشكل غير معلن سياسة الدولار الضعيف.

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر: aleqt