دروس في كسب الفلوس
خالد القشطيني
في هذه الأيام التي فقدنا فيها الأمل في تحقيق أي هدف مثالي، سواء الوحدة العربية أو المجتمع الاشتراكي أو العدالة أو العقلانية أو المساواة، أو أي شيء مما حلمنا به، أصبحنا لا نفكر بشيء غير كسب الفلوس ونيل المناصب. العراق الآن خير مثال على ما أقول، نجد الناس هناك يخطفون الأبرياء ويقتلون من أجل الدولار، بل وأكثر من ذلك يتظاهرون بالدين ويتعصبون للطائفة طمعاً في منصب. أما وقد وصلنا هذه الحالة، فمن واجبي أن أغني القرّاء ببعض النصائح والتجارب في هذا الخصوص. أول ما ينبغي التحلي به هو الثقة بالنفس، ولدينا موعظة هنا من الثري الأميركي كارنيكي، تحدر هذا من أسرة فقيرة ولم يستطع إكمال دراسته فراح يبحث عن عمل. الوظيفة الوحيدة التي سمع عنها شاغرة في إبّان الأزمة الاقتصادية، كانت لفرّاش في شركة، تقدم لها، فدعوه للمقابلة. وعندما وصل وجد صفاً طويلاً من طالبي نفس الوظيفة، أخذ مكانه في نهاية الصف ثم أخرج ورقة كتب عليها بضع كلمات ووضعها أمام المسؤول عن المقابلة وعاد إلى مكانه. نظر المسؤول في الورقة ثم نادى: «مَن هو كارنيكي؟»، أجابه الصبي «أنا»، فقال له: «تعال هنا، الوظيفة لك». صُعق الحاضرون، تبين في ما بعد أن الكلمات التي كتبها على الورقة كانت رجاء لا تعط الوظيفة لأحد حتى تراني!. أعطوه الوظيفة وتقدم في العمل من فرّاش إلى مدير إلى مليونير، لكنه لم يفعل ما نفعل ويحتكر ملايينه لنفسه وشهواته، بل أنفقها على الخير والثقافة وكان منها بناء القاعة الموسيقية الشهيرة «كارنيكي هول» في نيويورك. سألوه فيما بعد عن سر نجاحه العجيب فروى حكاية تلك القصاصة كمؤشر على الثقة بالنفس وأثرها على النجاح. حدث مثل ذلك لمليونير آخر انضم لجموع العاطلين وراء وظيفة شاغرة، ذهب للمقابلة بسيارة تاكسي وطلب من السائق أن ينتظر، ذهب مباشرة إلى المدير المسؤول وبادره قائلا: آسف!، لم تكن معي أجرة التاكسي، رجاء تتكرم تأمر المحاسب يدفع الأجرة عني ويخصمها من أول راتب! أيمكن لأحد أن ينازع هذا الشاب في الثقة بالنفس؟ قيل الكثير عن المليونير الشهير روكفلر، وكيف جمع ثروته. سألوه يوماً إذا خسر كل ثروته ولم يبق بيده غير ألف دولار، فماذا سيعمل؟، قال: أفتح عملاً بمائة دولار، وأنفق التسعمائة دولار الباقية في الدعاية له! لكن الحرص طبعاً عنصر آخر للنجاح، وقد اشتهر به روكفلر، لاحظ عامل المصعد أنه يعطيه دولاراً واحداً كبقشيش في حين أن ابنه يعطيه خمسة دولارات بقشيشاً له، فسأله عن ذلك، فأجابه قائلا: طبيعي، فابني ابن روكفلر وتتوقع منه أن يعطيك خمسة دولارات بقشيش، لكن أنا ابن مَن لأعطيك مثل ذلك؟! وكل ذلك بحسب رأي خالد القشطيني في المصدر المذكور. المصدر: الشرق الأوسط اللندنية- 2-3-2006
|