وزير النفط العراقي: القانون العراقي للنفط والغاز لا يمنح الأميركيين امتيازات

 

 

 

يؤكد أن بلاده ستعاني أزمة مشتقات

وإن اتهامات السرقة تعود الى الوزارات السابقة

ولا خلافات مع الأكراد على العائدات

أكد وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني ان قانون النفط والغاز الذي وضعته الحكومة العراقية واحالته الى مجلس النواب لإقراره «لا يمنح الولايات المتحدة اي امتيازات أو مكاسب» وقال إن القانون يعزز الوحدة الوطنية في البلاد ولا يعد مدخلاً لتقسيمها، لافتاً الى ان مضمون القانون يعتمد توزيع الموارد النفطية على كل مكونات الشعب العراقي من دون استثناء.

وأشار الى أن 80 في المئة من الاحتياط العراقي المكتشف مخصص للشركة الوطنية العراقية وهذا يبطل الادعاء أن القانون سيمهد للشركات الأجنبية الاستحواذ على نفط العراق، ولفت الى ان محدودية في القطاع النفطي العراقي ليست في قدرة العراق على الانتاج وإنما في عدم القدرة على تصدير الكمية المنتجة كلها بسبب تعطل خط النقل عبر تركيا.

ونفى الشهرستاني وجود اي تداخل سياسي او حزبي في القرار النفطي كما نفى وجود خلافات كبيرة مع حكومة اقليم كردستان حول القانون، وأشار الى أن تهماً في خصوص تبدد بلايين الدولارات من تصدير النفط العراقي ربما تعود الى عهود سبقت توليه المسؤولية وقال إن أزمة المشتقات النفطية في العراق ستستمر لأعوام مقبلة بسبب النقص في مخصصات استيرادها.

وهذا نص الحوار:

اتهم قانون النفط والغاز من قبل اطراف سياسية بانه مدخل لتقسيم العراق, ماذا تقول؟

- إنه افتراء كبير على القانون الذي يحمل الكثير من الايجابيات واهمها انه يعزز الوحدة الوطنية، فالقانون يركز على ان النفط والغاز ملك لكل أطياف الشعب ومكوناته كما ينص على ذلك الدستور وعليه فإن الايرادات المتأتية من بيع النفط والغاز المستخرج من اي مكان من البلاد تودع في حساب اتحادي في البنك المركزي تحت سيطرة واشراف الحكومة الاتحادية وتوزع من خلال الموازنة السنوية التي يقرها مجلس النواب. ولذلك فالطريقة التي وضعت بها مسودة القانون للايرادات النفطية تعزز الوحدة الوطنية.

هل تعتقد ان نص القانون يشكل تكريساً لعقود الشراكة مع شركات أجنبية لتصبح المستفيدة الوحيدة من النفط العراقي؟

- لا يوجد ذكر لعقود الشراكة في الانتاج وهذا الأمر ترك للمجلس الاتحادي للنفط والغاز وهو اعلى سلطة في البلاد برئاسة رئيس الوزراء وعضوية وزارات النفط والمال والتخطيط ومحافظ البنك المركزي وممثلين عن كل محافظة منتجه لأكثر من 100 الف برميل يومياً وهؤلاء هم الذين يقررون المصلحة العليا للبلاد.

نحتاج الى نوع معين من العقود ونحن بصدد دراستها واتخاذ ما يلزم لتنفيذها وفي القانون صنفت الحقول العراقية المكتشفة الى ثلاثة ملاحق الأول يشمل كل الحقول العملاقة وهو لشركة النفط الوطنية العراقية. والثاني يشمل الحقول المكتشفة وغير المنتجة في الوقت الحاضر لكن يمكن تطويرها أيضاً وخصص لشركة النفط العراقية. والثالث يتعلق بالحقول المكتشفة والبعيدة من مرحلة الإنتاج وغير المنتجة حالياً وتكون خاضعة للتنافس وهذا يعني ان 80 في المئة من الاحتياط العراقي المكتشف مخصص للشركة الوطنية العراقية وهذا يبطل الادعاء القائل إن القانون سيمهد للشركات الأجنبية الاستحواذ على نفط العراق.

الكثير من تلك الادعاءات له دوافعه السياسية وغير المهنية، فالنسبة الأكبر مخصصة لشركة النفط الوطنية العراقية وما نسبته 17 في المئة مفتوحه للتنافس وتستطيع شركة النفط الوطنية ان تقدم عروضها وقد تفوز بتلك النسبة أيضاً.

هناك من يرى أن ضغوطاً أميركية مورست على الحكومة العراقية لإقرار قانون النفط والغاز؟

- لو كان الأمر كذلك لأشار القانون الى إعطاء الأفضلية للشركات الأميركية في الاستثمار، فالقانون من اشد القوانين النفطية صرامة بما فيها القانون الليبي والقوانين العربية الأخرى، فالعراق لا يتفاوض بموجب هذا القانون مع اي شركة لذاتها كي يعطي أفضلية لشركة من دون أخرى وانما يعمل من خلال منافسة مفتوحة، وأي شركة تمنح العراق مردوداً أعلى هي التي ستفوز وذلك ما تطلبه المصلحة الوطنية وإذا كانت الشركات الاميركية مستعدة لأن تعطي العراق أعلى مردود وتقبل اقل نسبة من الأرباح فليكن لها ذلك.

أين تكمن خلافات وزارة النفط العراقية مع إقليم كردستان حول الاستثمار وتوزيع العوائد النفطية؟

- القانون تمت مناقشته منذ حزيران (يونيو) عام 2006 وتم التوصل الى اتفاق على المسودة التي طرحت بعد نقاشات معقدة، ولا يوجد خلاف مع حكومة اقليم كردستان، لكن هناك قوانين مترابطة مع هذا القانون منها قانون شركة النفط الوطنية التي حُلّت من جانب المسؤولين عن الوزارة قبل ان اتولى مهماتها وهو يستلزم إعادة الحياة لشركه النفط الوطنية وتفعيلها وتمكينها من ادارة كل الحقول العراقية الكبيرة.

أما ما يتعلق بقانون الموارد المالية فهناك مسودة عرضت على لجنة الطاقة وأقرت مبدئياً لكن الاكراد لديهم بعض الملاحظات على مسودة القانون ليس في شأن إيداع الإيرادات في صندوق واحد وتوزيعها على جميع المناطق بحسب عدد سكانها، على الآلية المتبعة وهي أن تأتي الأموال الى البنك المركزي وتودع في حساب الدولة الاتحادية والصرف يكون من خلال وزارة المال وهي الجهة التي تتولى اطلاق الصرف قانوناً الامر الذي يرفضه الاكراد الذين يرغبون بآلية تلقائية في إطلاق الصرف من دون تدخل وزارة المال.

هل تؤيد وزارة النفط الأكراد في ذلك؟

- نحن حاولنا تبديد مخاوف حكومة إقليم كردستان وبقيه المحافظات من خلال تشكيل هيئة جديدة تشرف على هذه العملية وتضم ممثلين عن كل محافظات العراق على اعتبار ان هناك حصصاً لكل محافظة ووزارة وسيكون عمل تلك الهيئة رقابياً يُلزم وزارة المال بإطلاق التخصيصات المقررة في الموازنة المركزية.

ما هي طبيعة ومهمات شركة النفط الوطنية التي أعيد تأسيسها أخيراً واعترض عليها الجانب الكردي؟

- الأكراد لم يعترضوا على إعادة تشكيل شركة النفط الوطنية ولكن كان لهم رأي لم تبلغ به لجنة الطاقة في شكل رسمي وهم يرون ان النسبة المخصصة لتلك الشركة من حقول النفط كبيرة.

قلتم إنكم لن تسمحوا بالاستثمار خارج نطاق وزارة النفط هل يعني انكم كوزارة ستتحدون التوازنات السياسية التي يستخدمها الأكراد لتحقيق مطالبهم خصوصاً ان هنالك عقوداً أُبرمت أخيراً بهذا الشأن؟

- نعتقد ان القطاع النفطي يجب ان يدار بمهنية ووطنية لا علاقة لها بالتمثيل السياسي وبالمكونات الاجتماعية للشعب العراقي ويمكن لأي عراقي من اي خلفية مذهبية او دينية او قومية ويتحلى بالكفاءة والخبرة والنزاهة ان يُكلَّف بهذه المهمة والمسودة الأساسية التي قدمت كانت مبنية على هذا الأساس.

وبسبب الظرف السياسي المعقد في البلاد وتخوّف بعض المكونات من أنها لا تتمثل كما يجب في مراكز القرار ارتؤي إضافة هذه الفقرة للمسودة وجاءت بناء على تنازلات متبادلة من كل الأطراف وإذا كان النواب في البرلمان يعتقدون بأن لا ضرورة لهذا النص فنحن مع هذا التوجه، ولكن إذا كانت بعض المكونات التي لا تمثل الأكثرية في البلاد ترغب بأن يكون لها صوت مسموع ومشاركة فعلية في القرارات الاقتصادية يستجاب لطلبها وهذا ليس بطلب وزارة النفط ولا الائتلاف العراقي الموحد.

هل يمكننا الحصول على صورة عامة لطبيعة الإنتاج النفطي الحالي في العراق واسباب تراجع الانتاج والى اين تطمحون بالوصول بالانتاج خلال العام الحالي؟

- إمكانات العراق الحالية تتراوح بين 2,8 و 2,9 مليون برميل يومياً وفي الإمكان رفعها وكما هو مخطط الى ثلاثه ملايين برميل يومياً، لكن طاقتنا التكريرية الآن تغطي حوالى نصف مليون برميل وهناك جهود تبذل لإضافة وحدات إضافية لتحسين أداء المصافي العراقية وجعل طاقتها 700 الى 750 الف برميل في اليوم لسد الطلب المتزايد على المشتقات النفطية داخل البلاد، والمتبقي يجب تصديره عبر منفذين رئيسيين هما ميناء البصرة النفطي والطاقة التصميمية لهذا المنفذ 1,6 مليون برميل يومياً وحالياً نحن نصدر منه بكامل سعته التصديرية.

أما المنفذ الآخر فهو من خلال أنبوب يمر عبر الأراضي التركية الى ميناء جيهان وهذا الأنبوب يصدر اكثر من 500 ألف برميل في اليوم إلا انه يتعرض وباستمرار للهجمات الإرهابية وعمليات التخريب وتعمل كوادر الوزارة في شكل يومي على إصلاح الأضرار التي تلحق بالأنبوب جراء تلك العمليات وعليه فأ ن التصدير عبر هذا الأنبوب متوقف حالياً والانتاج الحالي يصل الى مليونين ومئتي ألف برميل وهو مجمل طاقتنا الإنتاجية فضلاً عن كميات أخرى تعطى لمحطات توليد الكهرباء، فالمحدودية ليست في قدرة العراق على الإنتاج وإنما في عدم قدرتنا على تصدير الكمية المنتجة بسبب تعرض الأنبوب الشمالي لهجمات متكررة.

تتداخل قضية كركوك المعلقة سياسياً مع إمكانات المدينة النفطية الهائلة كيف تسيرون العمل هناك وسط هذا التجاذب؟

- حقل كركوك من الحقول العملاقة المنتجة وهو من ضمن الحقول المخصصة لشركه النفط الوطنية والكل متفق بمن فيهم الأكراد على ضرورة بقاء هذه الحقول تحت تصرف شركة النفط الوطنية والتي تمثل كل مكونات الشعب العراقي بما فيها الحقول غير المنتجة.

ما هو تعليقكم على التقارير الاميركية التي تحدثت عن ضياع بلايين الدولارات خلال مراحل إنتاج وتصدير النفط خلال الأعوام الأربعة الماضية؟

- الحقيقة ان المقالة التي نشرت في صحيفة «نيويورك تايمز» تحدثت عن وجود فارق يتراوح بين 100 و300 ألف برميل يومياً بين ما هو منتج وما هو مصدر خلال الفترة الماضية إلا ان المراقبين للموقف يؤكدون أن هذه الفجوة تقلصت في شكل كبير بعد تسلمي مسؤولية الوزارة، والرقم الذي يتحدثون عنه هو عن قراءات ماضية واعتقد ان التهمة موجهة لمن سبقني بتولي مهمات الوزاره.

ولكن وان صحت تلك الاتهامات فإن تهريب 100 ألف برميل يحتاج الى ميناء للتصدير غير خاضع لسيطرة الحكومة العراقية وإذا كان هنالك ميناء غير خاضع لسيطرة الدولة فاين هو؟

أما كان الأجدر بمروجي تلك الاقاويل نشر صور عن ذلك الميناء، اما إذا لم يهرب عن طريق الميناء حتماً فإن الأمر يحتاج الى آلاف الناقلات لتهريب النفط فكيف يمكن لتلك الناقلات التحرك دونما رادع او رقيب؟

الاتهام عموماً ينقصه الكثير من الدقة لان مثل تلك الكميات المهربة والتي أشار إليها التقرير تحتاج الى تواطؤ دولي وميناء وحالياً فان النفط العراقي يصدر من ميناء البصرة النفطي الى شركات نفطية عالمية كبرى تمتلك مصافي لتكرير النفط العراقي حصراً ولا تتعامل بالتهريب وتلك الشركات لديها عدادات لقراءة حمولة الباخرة أو الناقلة ولا ننسى ان وزارة النفط نصبت عدادات حديثة لقياس الكميات المصدرة وبإشراف شركه عالمية معروفة ولم يحدث ان اختلفت القراءات بين العدادات العراقية والعدادات الأخرى لتلك الشركات.

هل تعانون من التداخل السياسي والحزبي في القرار النفطي؟

- كوزارة بالطبع لا, لان تلك الجهات تعرف جيداً ان ليس لها تأثير في قرار وزير النفط عموماً ولهذا لا تمارس مثل تلك الضغوط حيث لا تتم الاستجابة لأي ضغط وأنا لا أتعرض لأي ضغوط من قبل أي جهة سياسية او حزبية وان كان هناك ضغط فأنا أول من سيشهّر به، ولكن يحدث ذلك في بعض المحافظات من خلال محاولات البعض للتأثير على منتسبي المؤسسات النفطية للحصول على بعض الامتيازات والمكاسب. وأوعزت الوزارة لموظفيها في عموم البلاد التعامل ضمن حدود القانون وعدم تجاوزه تحت أي ضغط من قبل جماعات مسلحة أو ميليشيا أو جهة سياسية أو حزبية أو من قبل بعض العشائر.

نستمع أخيراً الى من يروج عبر وسائل إعلام عن منحكم كوبونات تصدير لعناصر حزبية متنفذة منها عمّار الحكيم مثلاً ؟

- انه ادعاء باطل تماماً وليس هناك في سجلات وزارة النفط بعد سقوط النظام السابق أي كوبونات لأي جهة كانت. والآن النفط العراقي يعلن عنه في السوق الدولية ويباع لشركات كبرى بحسب معادلات سعرية لا يتحكم بها البائع والمشتري، ومعدل سعر النفط العراقي يحدد بسعر نفط نشرة «بلاتس» لمنطقة الخليج وتودع الأموال في حساب «dfi» «الصندوق العراقي للتنمية» في الخارج ولا توجد أي آلية أخرى للبيع ولا يوجد طرف آخر يحق له البيع أو ان يتعاقد على النفط العراقي خارج الأطر الرسمية المعتمدة.

لديكم مشاريع لبناء مصافي نفط انتقدت من قبل خبراء لكونها تشيد في كربلاء والنجف وهي مدن بعيدة من مراكز آبار النفط؟

- المصافي دائماً تبنى قرب منافذ التوزيع وليس قرب الحقول وأكبر مصافي العالم تشيد قرب موانئ التصدير أو قرب التجمعات السكانية للتوزيع الداخلي كما هي الحال بالنسبة الى مصفى الدورة الذي شيد قرب اكبر تجمع سكاني في العراق وعليه فالمصافي ستشيد في كربلاء والنجف على اعتبار انها تكتظ بالسكان.

كيف تقوّمون تجربة وزارتكم في توفير الوقود (الكاز والبنزين) في السوق وسط أزمة لم تحل على رغم وعودكم المتكررة؟

- نعم هناك نقص حاد في المشتقات النفطية في البلاد، وأسباب ذلك عدة، من بينها زيادة دخول السيارات التي بلغ عددها أكثر من مليون سيارة، الى جانب استخدام المولدات المنزلية فضلاً عن المولدات الكبيرة المنتشرة في الأزقة والأحياء، إضافة الى تقادم مصافي انتاج النفط ما ينعكس سلباً على الانتاج الذي لا يلبي الطلب المتزايد، وعليه يجب ان يُغطى النقص الحاصل في الاستيراد.

وكانت حكومة الدكتور اياد علاوي تستورد ما قيمته 4.5 بليون دولار لسد النقص الحاصل في الوقود. أما حكومة ابراهيم الجعفري فقد كانت تستورد ما قيمته 2.5 بليون دولار وقوداً. ولا تمتلك وزارة النفط الحالية مثل تلك المخصصات لسد النقص وكل ما هو متوافر في موازنة الوزارة لعام 2007 هو 300 مليون دولار لاستيراد النفط حصراً لفصل الشتاء، ولا توجد مخصصات للبنزين والكاز، وعليه وقعنا عقوداً جديدة لتطوير المصافي القديمة وبناء أخرى جديدة لتحسين الانتاج وذلك يتطلب وقتاً يتراوح بين 4 و5 سنوات وهذا يعني ان البلاد ستعاني من أزمات في السنين المقبلة.

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر: الحياة اللندنية-26-5-2007