"أنابيب النفط"... أداة جديدة لتعزيز النفوذ الروسي في أوروبا
أندرو ئي كرامر
وقعت كل من روسيا وبلغاريا واليونان اتفاقاً يوم الخميس الماضي يقضي بمد خط أنابيب لنقل النفط عبر مضيف البوسفور التركي الضاج بالحركة والمزدحم بالنقل البحري. هذا المشروع سيوفر لأوروبا المزيد من الإمدادات النفطية، لكنه سيمكن روسيا من لعب دور أكثر نفوذاً بتحكمها في جزء مهم من البنية التحتية للطاقة في القارة الأوروبية. ويتوقع الخبراء أن يمر أنبوب نقل النفط الذي يمتد على طول 175 ميلاً من "بروجاس" في بلغاريا على مياه البحر الأسود وصولاً إلى أكسندر وبوليس في اليونان بالقرب من البحر الأبيض المتوسط. والهدف من مد هذا الخط هو تمكين الناقلات الروسية من التزود بالنفط من روسيا ثم شحنه مجدداً في بلغاريا المطلة على البحر الأسود بدلاً من نقله عبر المضيق المائي الضيق الذي يفصل البلدين. ومن بلغاريا سيتم نقل النفط مباشرة إلى اليونان، ومن ثم إلى الأسواق العالمية عبر البحر الأبيض المتوسط. وسيسمح خط الأنابيب الجديد للشركات بنقل كميات أكبر من النفط من روسيا ومنطقة بحر قزوين مروراً بالبحر الأسود ثم إلى الأسواق الدولية. وتبقى المشكلة التي تواجه الخط الجديد هي مدى قدرة المضيق على تحمل الحركة الكثيفة للناقلات العملاقة في البحر الأسود وضمان سلامتها. وفي هذا الصدد يقول "كيلف كوبشان"، وهو محلل في مجال الطاقة ومدير مجموعة "يوراجيا": "إن الإبحار عبر البحر الأسود يشبه السير داخل البيوت، إنك تستطيع فعلاً أن ترى ما يجري داخل المنازل". ويضيف الخبير أن المشكلة القائمة هي "ضيق المضيق، فضلاً عن الرياح العاصفة التي تهب عليه". لذا تضطر ناقلات النفط خلال الجو العاصف إلى الانتظار لفترات طويلة قبل أن يسمح لها خفر السواحل الأتراك بالمرور عبر مضيق البوسفور للوصول إلى وجهتها، باعتباره إحدى النقاط العالمية المهمة التي تمر منها إمدادات الطاقة العالمية. لكنه يبقى أقل من مضيق هرمز في الخليج العربي الذي يعد شرياناً أساسياً بالنسبة للسعودية وإيران والعراق لنقل النفط إلى الأسواق العالمية. وقد سبق أن طُرح العديد من المشاريع المتعلقة بمد أنابيب نقل النفط عبر البوسفور، لاسيما في السنوات الأخير حيث ارتفع إنتاج منطقة بحر قزوين من النفط. وينطبق هذا الأمر أيضاً على أنبوب نقل النفط الحالي الذي يصل بين بلغاريا واليونان، إذ يرجع تاريخ اقتراحه إلى بداية التسعينيات. ويؤكد الخبراء أنه باستكمال مشروع الخط الجديد الذي تقدر تكلفته بحوالى 1.3 مليار دولار، فإنه سينافس خط الأنابيب "باكو- جيهان" الذي تدعمه أميركا ويسعى إلى تجنب الأراضي الروسية. وحسب الاتفاق الموقع بين الأطراف المعنية يوم الخميس الماضي ستحصل ثلاث شركات نفط روسية على حصة 51% من خط الأنابيب، بينما ستتقاسم بلغاريا واليونان الباقي. وقد أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل التوقيع على الاتفاقية يوم الخميس الماضي في أثينا بالاتفاق، معتبراً أنه يساهم في زيادة الصادرات الروسية من النفط، كما يوفر كميات أكبر من إمدادات الطاقة في الأسواق العالمية. وقال "بوتين" في تصريح له نقله التلفزيون الروسي: "إن إنجاز هذا المشروع يوفر الاستقرار ليس فقط في منطقة البلقان، بل في العالم كله. إنه يمنح فرصة جديدة لتوسيع إمدادات النفط لتشمل جميع الأسواق العالمية". وأكد الرئيس بوتين أيضاً أن خط الأنابيب الجديد يتوقع أن ينقل ما يناهز 600 ألف برميل نفط يومياً ويرتبط مباشرة مع مشاريع إنتاجية في روسيا لن يضيق على خطوط إمدادات أخرى، بل سيتكامل معها لتوفير ما تحتاجه السوق العالمية من طاقة. ويعد أنبوب النفط الحالي، حسب الخبراء، متوسط الحجم بالمعايير العالمية، حيث تصل سعة أنبوب "ترانس آلاسكا" على سبيل المثال إلى مليوني برميل في اليوم، على رغم أنه لا ينقل في الواقع سوى نصف تلك الكمية. ومع ذلك تبرز إلى السطح لعبة معقدة تقوم على أساس مواقع أنابيب النفط والتلاعب بها استراتيجياً، بحيث تسعى الولايات المتحدة وأوروبا إلى تشجيع تصدير النفط، لكنها تعمل في الوقت نفسه على إضعاف القبضة الروسية على طرق إيصال النفط، وهي المناورات التي دامت أكثر من عقد من الزمن وانتهت بوضع روسيا يديها على مجموعة من خطوط الأنابيب التي تنقل النفط إلى أوروبا. ففي الوقت الذي زادت فيه إمدادات الطاقة إلى أوروبا، أصبحت في الوقت نفسه أكثر ارتهاناً للإمدادات الروسية التي يشكل من ضمنها الغاز الروسي 40% من الواردات الأوروبية. *مراسل "نيويورك تايمز" في موسكو و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر لمذكور نصا و دون تعليق. المصدر: الإتحاد الإماراتية- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"-17-3-2007
|