التجارة العالمية لا تزال رهن التصلب في المواقف

 

 

يسعى اجتماع "اللحظة الأخيرة" لمنظمة التجارة العالمية في جنيف إلى اختتام جولة الدوحة لتحرير التجارة العالمية وتجاوز أزمة الدعم المقدم للمزارعين وفتح الأسواق أمام المنتجات الزراعية من البلدان النامية.

الاجتماع الذي يحضره أكثر من 60 وزيرا، تبدي فيه المجموعات المختلفة تصلبا في المواقف معولة على أن يكون التنازل من طرف الآخرين.

تعرف جنيف من يوم الخميس 29 يونيو وحتى يوم الأحد 2 يوليو 2006 مفاوضات مكثفة بين البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية ال 149، بعضها رسمي وبعضها غير رسمي في محاولة أخيرة لإنهاء جولة مفاوضات الدوحة لتحرير التجارة العالمية التي شرع فيها في العام 2001 والتي كان من المفروض ان تنتهي في نهاية العام 2004.

وإذا ما تم تمديد موعد إنهاء هذه الجولة التي عقدت عليها آمال كبرى لتحرير التجارة العالمية وإنصاف الدول النامية بمراعاة مصالحها في جولة أطلق عليها شعار جولة الدول النامية، فإن الفشل المتكرر للمفاوضات على المستوى الوزاري في كانكون ثم هونكونغ أدى الى التمديد المتكرر ليستقر حاليا في نهاية العام 2006.

ولهذا تعتبر الجولة الحالية من المفاوضات التي سيشرع فيها رسميا يوم الجمعة 30 يونيو، بحق وفي نظر الجميع محادثات الفرصة الأخيرة.

تصلب في المواقف

من التصريحات الأخيرة للمتحدثين بإسم المجموعات المختلفة في مفاوضات منظمة التجارة العالمية، وما أكثرها ما بين مجموعة 10 او مجموعة 20 او مجموعة 25 او حتى مجموعة 90 يبدوان كل مجموعة ما زالت متمسكة بمواقفها المعبر عنها قبل ستة أشهر أي في القمة الوزارية بهونغ كونغ.

فالولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر أكبر قوة تجارية في العالم، ترى أنها قدمت اقتراحا معقولا بتخفيض مستوى الدعم الذي تقدمه لمزارعيها. وترى أن على الإتحاد الأوروبي أن يقدم اقتراحا طموحا من نفس المستوى بتخفيض عدد العراقيل الموضوعة أمام استيراد بعض المنتجات الزراعية. كما تطالب واشنطن الدول النامية الصاعدة والمنضمة ضمن مجموعة الـ 20 بزعامة الهند والبرازيل بتقديم مزيد من التنازلات في تخفيض الرسوم المفروضة على استيراد المنتجات المصنعة.

أما الاتحاد الأوربي فعبر عن الرغبة في تقديم تنازل كبير ولكن فقط إذا ما قامت الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة ال 20 بخطوات إضافية في ميدان التنازلات متهما واشنطن بالمطالبة بالكثير وتقديم القليل. وقد وصفت المفوضة الأوربية المكلفة بالملف الزراعي في الاتحاد الأوربي ماريان فيشر بوول التنازلات الأمريكية في مجال الدعم للمزارعين بأنها "تجميلية لا غير، وليست كافية".

مجموعة ال 20 التي تظم كبريات الدول النامية الصاعدة ترغب في دفع الإتحاد الأوربي الى تقديم تخفيضات ملموسة في الرسوم المفروضة على المنتجات الزراعية ودفع الولايات المتحدة الى تخفيض ملموس في حجم الدعم الذي تقدمه لمزارعيها. أما فيما يتعلق بما هي مطالبة به أي تخفيض نسبة الرسوم المفروضة على استيراد المنتجات المصنعة فترغب في مقاومة ذلك قدر المستطاع.

مجموعة ال 10 التي تضم الدول الصناعية المستوردة للمنتجات الزراعية (ومن ضمنها سويسرا واليابان وكوريا الجنوبية وإسرائيل) ترى انها هي التي ستدفع الثمن بشكل او بآخر ولذلك ترغب في مراعاة خصوصية قطاعها الزراعي الذي له دور اجتماعي اكثر منه اقتصادي.

تناقض بين الأوروبيين...

التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأوروبيون بشأن ملف التجارة صباح يوم الخميس 29 يونيو أظهرت بعض التناقضات في وقت يتسم بترقب كل طرف من سيقدم التنازلات الأولية.

فقد عبر المفاوض التجاري الأوروبي بيتر ماندلسن عن أن الاتحاد "ليس في خندق وأنه مستعد للتحرك إذا ما تقدم الآخرون بخطوات مماثلة". وأضاف السيد ماندلسن "إذا ما توفرت الشروط فإن الاتحاد الأوربي مستعد لتحسين العرض المقدم في ميدان فتح الأسواق بمحاولة الاقتراب مما تطالب به مجموعة ال 20" أي تخفيض نسبة الرسوم المفروضة بنسبة 54 %. وجدير بالذكر أن الاتحاد الأوربي عرض لحد الآن التخفيض بنسبة 46% بينما تطالب الولايات المتحدة بتخفيض بنسبة 60 %.

ولكن وزير الزراعة الفرنسي دومينيك بوسيرو رأى " أن على الاتحاد الأوربي ألا يحيد عن موقفه " في مفاوضات الملف الزراعي بمنظمة التجارة العالمية. مؤكدا " بأننا سوف لن نتحرك من موقفنا الحالي".

تشدد في موقف مجموعة ال 10

مجموعة الدول العشر المستوردة للمنتجات الزراعية والتي من بينها سويسرا واليابان - وفي تشدد لموقفها من الاقتراحات المعروضة - عبرت على لسان وزير الاقتصاد السويسري جوزيف دايس في ندوة صحفية عقدت ظهر الخميس في جنيف عن "رفض العرض الذي تقدم به المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي قبل يوم من ذلك بخصوص ملف الزراعة".

إذ اقترح السيد لامي ما سمي "برقم 20 السحري" والمتمثل في قبول نسبة التخفيضات المقترحة من قبل مجموعة ال20 والمتمثلة في تخفيض الرسوم المفروضة على استيراد المنتجات الزراعية بنسبة 54%. كما اقترح السيد باسكال لامي 20 مليار دولار كسقف اعلى للدعم السنوي الذي على واشنطن أن تقدمه لمزارعيها.

هذه المقترحات رفضتاه مجموعة العشرين معتبرة على لسان وزير الاقتصاد السويسري أن "عبارة 20 السحرية ليست سحرية بالنسبة للجميع". وأضاف السيد دايس بأنه " لا يمكن قبول اقتراح مجموعة العشرين كقاعدة للتفاوض".

وردا على سؤال حول ما الذي تغير منذ فشل المؤتمر الوزاري في هونغ كونغ قبل ستة أشهر، اكتفى الوزير السويسري بالإجابة " بأن مطالبنا اليوم مدونة في وثيقة تشكل قاعدة تفاوض".

ومن المنتظر أن تشهد جنيف وضواحيها خلال عطلة نهاية الأسبوع مشاورات مكثفة بين مختلف المجموعات على أن تظهر نتائجها في وقت متأخر من يوم الأحد أو بعد تمديد محتمل للإجتماع إلى يوم الاثنين القادم.

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.

المصدر: swissinfo-3-7-2006