منْ يُديرُ المديرَ ؟ 

( 2 )

 

المهندس فؤاد الصادق

 

عرفت في المقال السابق المراد بالمدير في السؤال اعلاه وتطرقت الى بعض الجوانب المرتبطة بالإجابة على هذا السؤال وأرجوا من القاريء العزيز ان يراجع ذلك لمتابعة البحث في هذا الموضوع المحوري المصيري الغائب اوالمغيب اوالمهمش غالباً في كتب الإدارة .

كما قلت لكل مديرٍ رئيس ( او مدير أعلى منه رتبة ) يديره ، فمنْ يُديرُ الرئيس ؟

للرئيس في المؤسسة اوالشركة أهمية كبيرة في التأثيرعلى أداء المدير ونجاحه كما للمديراوالمدراء ايضاً أهمية كبيرة في التأثيرعلى أداء الرئيس ونجاحه لكن ومع الأسف تأثير المدير اوالمدراء ( في الإدارة العليا ) على أداء الرئيس ونجاحه او فشله بعيد غالباً عن دائرة الإنتباه اوالإمتثال فحتى القلة التي تعي ذلك لا تقوم بما يجب أن تقوم به في هذا الصدد وخير دليل على كل ذلك شحة المصادر والبحوث التي تتناول او حتى تشير الى طرق تعامل المدير او المدراء الأدنى رتبة مع المدير الأعلى او الرئيس . هذا في الوقت الذي تزدحم كتب الإدارة بكليات وجزئيات و قواعد طرق التعامل مع المرؤوسين . حين ننظر الى الواقع الإداري المعاش نلمس ان نسبة قليلة من المدراء في الإدارة العليا يدركون مدى أهمية التعامل مع الرئيس ، وقلة قليلة جداً من اولئك الذين يعرفون ذلك يمارسون دوراً في هذا الإتجاه ، وكأن الرئيس ليس بحاجة الى منْ يسنده ويديره ، فلا مبالغة إذا قلنا ان الوظيفة اوالمسؤولية الأخيرة محذوفة في التوصيف الوظيفي من قائمة وظائف المدراء التنفيذيين وكبارالمدراء تجاه الرئيس وعليه فالخطوة الاولى الضرورية تتمثل بوعي أهمية ودورهذه المسؤولية ونشر ذلك الوعي و ممارسة الوظائف والمسؤوليات التي تترتب على ذلك الوعي بدلا من الشكوى والتشكي الشائع وبمرارة من الرئيس لأن الإدارة في كل مؤسسة اوشركة ذات إتجاهين والمسؤولية مشتركة لا تنحصر في الرئيس وحده ، و هنا تبرز الحاجة الى فن التعامل مع الرئيس ذلك التعامل الذي يصفه بعض الخبراء الإداريين بانه بسيط الى حد ما بل هو أبسط بقليل من التعامل مع المرؤوسين وعلى الرغم من ذلك فقليل من المدراء المذكورين يهتمون بذلك ويزاولونه في ميدان العمل، ولمزاولة ذلك بكفاءة ولإتقان كيفية التعامل مع الرئيس يتقدمُ پیتر ف . دراكر * بمجموعة من التوصيات نوردها بتصرف مع شرح وتبسيط وتعليقات وروايات :

- يجب أن يدرك الذين يزاولون ذلك أن من واجب المرؤوس ايضاً ومن مصلحته الخاصة كذلك ان يعمل كلّ ما في إمكانه لجعل الرئيس فعالاً و منجزاً وناجحاً علما ان نجاح الرئيس يتوقف على أمور منها ممارسة إدارته بالتجول والتنقل هنا وهناك بمعنى أن يحرص المدير اوالمدراء ولا سيما المدراء في الرتبة الاولى بعد الرئيس كي لا يحصر الرئيس نفسه داخل الهيئة الخاصة المقربة التي يعمل فيها ومع الأسف بعض المدراء المذكورين يعمل وتماما عكس هذا الإتجاه بل ويضغط ويطالب بذلك السلوك المدمر للرئيس والمؤسسة والمرؤوسين وهذا بحث مستقل اخر ، المهم أول خطوة هو أن تزور الرئيس – و لو مرة واحدة في العام وتسأله :

ماذا أفعل أنا وماذا يفعل الأخرون الذي يعملون معي لمساعدتك انت في أداء عملك وإنجازرسالتك ؟

ماذا نقوم به ويؤدي الى عرقلتك أنت ويجعل العمل بالنسبة لك اكثر صعوبة ؟

ياترى :

كم مرة فعلت ذلك ؟

ولمـاذا فعلت ذلك ؟

وماهو التقييم ؟

نعم التعريف الصحيح للمدير يبدو واضحاً للكثيرين لكن مع ذلك نادراً ما يوضع موضع التنفيذ العملي فبعض المدراء التنفيذيين الأكفاء يعرفون المدير على نحو خاطيء وكأنه شخص مسئول عن عمل مرؤوسيه ، وهو تعريف يعود الى خمسين عاماً مضت فيميلون إلى ألا يدركوا أنهم مسئولون ايضا عن أداء الرئيس وكفاءته ، ولكن التعريف الصائب للرئيس – كما نعرفه لمدة أربعين عاماً على الأقل ( بحسب نص المؤلف ) هو ذلك الشخص المسئول عن أداء كل الأفراد الذين يعتمد أداء الرئيس عليهم .

وأول شخص يعتمد عليه اداء المديرهو الرئيس ومن ثم يكون الرئيس هو أول شخص يتحمل المدير مسئولية أدائه . ولكن طرح السؤال المتقدم  :

(( ماذا أفعل لمساعدتك أو ماذا يعوقك من أعمالي ؟ ))

هو افضل طريقة لطرح الموضوع دون لف اودوران يمكنك ان تكشف عما يكون الرئيس في حاجة إليه وعما يعرقل طريقة و...الخ .

- ومما يرتبط بذلك ارتباطاً مباشراً حاجة المدراء اوالمدير في الادارة العليا الى إدراك حقيقة مفادها :

أن رئيسك إنسان وفرد ، ولا يوجد إلا نادرا شخصان يعملان اويسلكان نفس السلوك اويكون أداؤهما بالطريقة نفسها ، لكل رئيس خصوصياته التي يتميز بها وشخصية الخاصة به ووجهات نظره المحبذة او غيرالمحبذة لنا وتوجهاته المستوعبة اوغير المستوعبة من قبلنا ، فالرئيس يحتاج وكأي إنسان اخر الى إثبات ذاته والى ما يحقق للمؤسسة ورسالتها وله ايضا بنسبة اوبأخرى الأمان العام الشامل .

فليس متاحاً لك كمرؤوس إحداث إنقلاب جذري كامل في الرئيس الذي أصبح رئيساً للمؤسسة بعد عقود من التجارب والظروف والتحليلات والتصورات التي تختلف مع تجاربك وظروفك وتحليلاتك وتصوراتك أنت ، البعض يفكر بشكل يوحي بانه يطمح في إعادة تثقيف رئيسه لجعله متواكبا مع ما كل ما يتصوره صائبا ويعتقد به مما تنادي به مدارس إدارة الأعمال وما ورد في الكتب الخاصة بالإدارة و ... الخ !

نعم النصح من الأمانة وهومطلوب وكذلك المشاركة في القرار والنقد والتطوير والتغيير، ولابد من أليات راسخة قائمة على المأسسة لممارسة كل ذلك ، لكن مع ذلك يجب أن تتذكر كمرؤوس ومهما كان موقعك الإداري رفيعا وقريبا من الرئيس بأنه :

هناك هامش لتغيير الرئيس والتأثير فيه وذلك الهامش قد يختلف سعة وضيقا من مؤسسة الى اخرى لكن المتاح يبقى في الهامش غالبا ، ومن المفروض التفكير والتدقيق مليا في ذلك قبل إختيار المؤسسة التي تعمل فيها .

يجب ان نكون واقعيين في طموحاتنا في هذا الإتجاه وغيره ، كي نبتعد عن الجهل فالرغبة في المستحيل جهل ، كما في المنقول عن الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) :

(( رغبتك في المستحيل جهل  )) ( 1 )  

وعنه ايضا :

(( ... وإن الخير كله فيمن عرف قدره  ، وكفى بالمرء جهلا ان لا يعرف قدره )) ( 2 )   

(( المدارة أجمل الخلال )) ( 3 )  

والتعامل مع الرئيس في المؤسسة اوالشركة إنما يتطلب تفكيراً من خلال أسئلة كهذه :

هل يرغب ذلك الفرد الذي هو رئيسي فى أن أزوره مرة كل شهر ؟

ولكن ليس اكثرمن هذا ، وأن انفق ثلاثين دقيقة أعرض فيها الأداء والخطط والمشاكل التي تعترض إدارتي في القسم الذي اديره ؟

اوهل يرغب هذا الشخص في أن أزوره في كل مرة عندما يكون هناك ما أرفعه إليه او يكون هناك ما أناقشه فيه أو أبحثه معه ، اوفي كل مرة يوجد فيها أصغر قدرمن التغييروفي كل مرة تتخذ فيها إجراء ؟

هل يرغب هذا الإنسان في أن أرسل له المواد في صورة تقرير مكتوب في ملف لطيف الشكل وبه فواصل وجدول بالمحتويات ؟

أوهل يرغب في عرض الموضوع عرضاً شفوياً ؟

و بمعنى اخر:

هل هذا الشخص قارئاً أومستمعاً ؟

اوهل يحتاج هذا الرئيس ( كما يطلب معظم التنفيذيين الماليين ) ثلاثين صفحة من الأرقام تتضمن كل ما يحقق له الاطمئنان الشامل ؟

وهل يجب أن تكون في هيئة جداول أو رسومات بيانية ؟

هل يحتاج هذا الفرد إلى أن تكون لديه المعلومات عندما يدلف الى مكتبه في الصباح أم يريد ( كما يرغب في ذلك عدد كبير من العاملين ) أن تعرض عليه اخر النهار ؟

و إذا كان هناك خلاف بين مجموعة الادارة :

فما هي الطريقة التي يرغب الرئيس في تناوله لذلك الخلاف بين مجموعة الادارة ؟

هل يريد منا إزالة الخلاف ثم إبلاغه باتفاقنا ( كما كان يفعل كل من الرئيس أيزنهاور وريغان ) ؟

ام يريدنا إبلاغه بخلافاتنا في تفصيل تام مع مستندات كاملة ( كما كان يفعل الجنرال جورج مارشال والجنرال ماك أرثر ) ؟

- ما هي الأمورالتي يتقنها الرئيس ؟

ما هي مواطن قوته ؟

وماهي أوجه قصورة ومواطن ضعفه ( المجالات التي تحتاج من المرؤوسين أن يدعموا المدير ويساندونه ويكملونه فيها ) ؟

إن مهمة الرئيس أن يجعل مواطن القوة لدى مدراءه ومرؤوسيه ذات فعالية وظهور و نمو ومواطن ضعفهم في معرض الإصلاح و الخمول المتواصل) و هذا القول ينطبق تماماً على رئيس المدير بقدر ما ينطبق على مرؤوسي المدير، فلو أن الرئيس مثلا يجيد تدعيم الجودة وينسجم كثيرا مع الجهود والخطط المبذولة لدعم الكيف لكنه لا يجيد او لا يهتم كما يجب بالكم والذي يعتبرهاما الى جانب الجودة كما هو معروف للجميع ... وهنا يبرز دور مرؤوسي المدير الأعلى لسد الفراغ على اساس الإقناع والإحترام والثقة والتعاون والتكاملية بمعنى أن يكمل الواحد الأخر ايا كانت المستويات الإدارية فالكمال نسبي كما عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام ) :

(( اذا كانت محاسن الرجل اكثر من مساويه فذلك الكامل ( التّكامل ) واذا كان متساوي المحاسن والمساوئ فذلك المتماسك وان زادت مساويه على محاسنه فذلك الهالك )) (4)        

لك حق المشاركة في القرار لكن تذكر ان القرار الاخير في كل مؤسسة لرئيسها ومرجعها الاداري الاعلى الاخير .

كما عنه ( عليه السلام ) ايضا :

(( الشِّـركة في المُـلك تٌـؤَدِّي الى الإضطراب ، الشِّـركة في الرَّ أي تٌـؤَدِّي الى الصواب )) (5)

احيانا الرئيس يجيد التسويق والدعاية المرتبطة بالتسويق ولكنه لا يستريح الى الارقام والتحاليل المالية ، فإن معاملة الرئيس إنما تعني الوصول به الى قرار التسويق على أن يتم إعداد التحليل المالي سلفاً وفي عمق وصبر وهدوء .

ان التعامل مع الرئيس يعني فوق كل اعتبار خلق علاقة تقوم على الثقة الأمر الذي يتطلب التيقن من جانب الرئيس أن المدير المرؤوس سوف يؤدي دوراً في مجال مواطن قوة الرئيس ويقوم بحمايته من أوجه قصوره ومواطن ضعفه ، الأهم في الأمر إيصال النفع وسد الثغرة وأداء دور التكاملية :

قال الإمام جعفرالصادق (عليه السلام ) في قوله تعالى :

(( وجعلني مباركا أينما كنت ))

أي نَـفّاعا (6).

انها التكاملية من جانب والترابط والتشابك المعقد في الحقوق والواجبات المتنوعة المتداخلة بين هذه الاطراف .

قال الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) :

(( ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافأ في وجوهها ، ويوجب بعضها بعضا ، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض )) (7)

وقال ( عليه السلام ) ايضا :

(( بالعدل تتضاعف البركات )) (5)

 (( الحازم من دارى زمانه )) (9)

فلا بد من مدارة الناس ومدارة المرحلة  أيضا .

هل يجب إحاطة الرئيس علماً بكل الأمور؟

نعم ولكن ...

قال الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) :

(( لا تَـخُـنْ منْ ائتمنك وإنْ خانك ، ولا تُـذعْ سِرَّه وإنْ اذاع سرّك )) (10)

الأمانة تضمن التقدم الشامل ومنه الاقتصادي ومنه الغنى للمؤسسة والفرد :

قال الرسول الأكرم ( صلى الله عليه واله  )  :

 (( الأمانة تجلب الغناء والخيانة تجلب الفقر )) (11)

القول الفصل في ذلك :

تأكدْ من أن الرئيس يدرك ما يمكن أن يتوقع منك ، ما هي الغايات والاهداف التي تتركز فيها نشاطاتك ونشاطات منْ يعملون معك ، وما هي أولوياتك ، و ما لا يقل عن ذلك أهمية ما ليس منها وليس من الضروري دائماً الحصول على موافقة الرئيس وفي بعض الاحيان ليس هذا أمراً مرغوباً فيه . لكن الرئيس يجب أن يدرك ما الذي يشغلك ويجب أن يعرف ماذا يتوقعه أو لا يتوقعه ،والرؤساء فوق كل ذلك مسؤلون أمام رؤسائهم عن أداء مرؤوسيهم فيجب أن يكونوا قادرين على القول : (( إنني أعرف ما يحاول أن يفعله زيد أوبكر أن يفعله )) .

و ما لم يكونوا قادرين على هذا فلن يكون بمقدورهم تفويض أعمالهم إلى مرؤوسيهم المديرين .

وهناك محظوران بحسب تعـبير الكاتب :

1- لا تعّرض الرئيس للمباغـتات فعمل المرؤوس هو حماية الرئيس منها – حتى السار منها – و إذا كان المرء معرضاً لمفاجأة ما في منظمتة المسئول عنها فإن في ذلك مهانة له ربما ، و يحتاج الرؤساء المختلفون لتحذيرات متفاوتة للغاية للمفاجئات المحتملة ولا يحتاج البعض – كما كان الرئيس أيزنهاور – لأكثر من مجرد تحذير من أن الأمور تتغير على نحو مختلف غير أن بعض الرؤساء  - كالرئيس كينيدي – في حاجة الى تقرير كامل مفصل للغاية ، حتى و لو كانت هناك فرصة بسيطة لمفاجأة ما غير أن  جميع الرؤساء في حاجة للحماية ضد المفاجأت و إلا سوف لا يثقون في مرؤوس – مع الإستناد الى سبب جيد .

2- لا تبخس الرئيس قدره أبداً ، قد يبدو لك او تتصور بأن الرئيس لا يتمتع بالحكمة اوالإنصاف ولا تخاطر في المبالغة بقدر الرئيس فيحس بتملقك له و إنتهازيتك اوضعف تصورك وتحليك حين تبخس قدره و لكن أكثر الأمور أهمية ليس ما تأتيه أو لا تأتيه بل تتقبل أن معاملة الرئيس هي مسؤولية المدير المرؤوس ومفتاح فاعلية الرئيس ، وقد يكون ذلك أهم عنصر في ذلك.

هذا وفي الأحاديث والروايات الشريفة عن الرسول الأكرم والأئمة الطاهرين ( عليهم الصلاة والسلام ) نصوص كثيرة ترسم معالم فن التعامل مع الرئيس مباشرة اوبصورة غير مباشرة وفيما يرتبط تحديدا بموضوع البحث او بما اوسع منه وكل ذلك بحاجة الى تقصي شامل وتصنيف لبلورة وصياغة الرؤية الضرورية الشاملة في هذا الموضوع وغيره ، ومنها على سبيل المثال :

قال الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) :

(( أضرُّ الأشياء عليك أن تُعلِمَ رئيسَك أنَّك أعرف بالرياسة منه.)) (12)

وعلى صعيد اخر ولكن ليس ببعيد عن موضوع بحثنا وفيما يرتبط بالحكم والحاكم والسلطة يقول ( عليه السلام ) :

(( اصبرْ على سلطانك في حاجاتك، فلست أكبر شغله،ولا بكَ قِوامُ أمره.)) (13)

(( إذا قعدت عند سلطان فليكن بينك وبينه مقعدُ رجل، فلعلَّه أن يأتيه مَن هو آثرُ عنده منك، فيُريدَ أن تتنحَّى عن مجلسك، فيكون ذلك نقصاً عليك وشيناً. )) (14)

بل ولم تترك الأحاديث والروايات الشريفة حتى توجيه المرؤوس الذي يخدم الرئيس فعنه عليه السلام كذلك :

(( إذا خدمتَ رئيساً فلا تلبَس مثلَ ثوبه، ولا تركب مثلَ مركوبه،ولا تستخدم كخدمه، فعساك تسلم منه. (...و) إذا زادك الملك تأنيساً، فزِدهُ إجلالاً )) . (15)

ملاحظات ذات علاقة بالموضوع :

1- لاشك ان علاقات الصداقة في أماكن العمل هامة لأن العمل مع الأصدقاء يبني روح الفريق ويزيل العراقيل التي قد تحد من التواصل، كما تقول الدكتورة روزالين غليكمان أخصائية تدريب موظفي الشركات ومؤلفة كتاب "التفكير الأمثل" Optimal Thinking.

وفيما يرتبط بمصادقة رئيسك في العمل فيقول البعض بأن الصداقة مع موظفين أعلى درجة كثيرا ما تؤدي إلى المحاباة ( او تصورذلك من قبل الزملاء ) حيث يكلّف الرئيس شخصا ما بمشروع معيّن بدلا من تكليف زميل آخر، أو حيث تتم ترقية موظف على حساب الآخرين.

تقول مارجوري برودي: "سينظر إليك الآخرون باعتبارك شخصا يتملق رئيسه وسيساورهم الشك في أنك تحظى بمعاملة خاصة ما قد يتسبب في انهيار علاقات الصداقة بينك وبين زملائك".

وللحفاظ على علاقات عمل صحية، فإن مصادقة الزملاء في نفس المستوى الوظيفي قد تكون الخطوة الأكثر أمانا وسهولة. فالعلاقات القائمة على المساواة تحول دون ظهور مشكلات المحاباة وتقلّل من احتمال الخلافات بين الزملاء.

ومع ذلك، فقد يكون من الممكن إقامة علاقة صداقة مع رئيسك في العمل والمحافظة عليها. لكن هذا "يتطلب الكثير من النقاش والتخلي عن الأنا المفرطة ذلك أن الغيرة ليست مواتية البتة للإنتاجية"، كما ترى برودي.

وكما هي الحال مع أية علاقة صداقة في مقرّ العمل، كما ترى غرينستيد، ينبغي لك أن تحتفظ بهامش للخصوصية إذ إن العلاقات الوثيقة تجعل من الصعوبة بمكان تقبل النقد من الآخرين وتقديم الانتقادات إليهم (16).

2- يتصور البعض من المدراء ان أداءه و تقدمه يتوقف على علاقته برئيسه و رضى رئيسه عنه فيتواصل بكفاءة وبإستمرار مع رئيسه مهملا  الإهتمام والتواصل مع الفعال مع زملاءه او نظراءه من جهة ومع مرؤوسيه من جهة اخرى ناسيا او متناسيا أن تقدمه وتقدم المؤسسة وتحقيق أهدافها ورسالتها يعتمد على مرؤوسيه ومدى ثقتهم به وارتياحهم منه وهكذا الأمر بالنسبة للزملاء مع ما بين المجالين من إختلافات .

إذن يجب أن نجيد فن ومهارة إدارة الرئيس من جهة والزملاء من جهة ثانية والمرؤوسين من جهة ثالثة .

الرئيس هو ذلك الشخص المسئول عن أداء كل الأفراد الذين يعتمد أداء الرئيس عليهم .

أداء زميلك يعتمد على أداءك وأداءك يعتمد على أداء زميلك وأداء الرئيس يعتمد على أداء كل الأفراد في المؤسسة .

أداء مرؤوسيك يعتمد على أداءك وأداءك يعتمد على أداء مرؤوسيك وأداء الرئيس يعتمد على أداء كل الأفراد في المؤسسة .

فالمسؤلية مشتركة والعلاقة تكاملية وكل واحد منا جزء من التقدم او التراجع او النجاح او المشكلة اوالحل ّ وكما قال الرسول الأكرم ( صلى الله عليه واله ) :

(( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ))

............................................................

المصادر:

* كتاب الإدارة للمستقبل - ( القسم الثالث – الجزء (22 ) – ص : 257-250 )

( 1 ) : غرر الحكم 5384

( 2 ) :  الارشاد – المفيد –ج -1 – ص 231

( 3 )  :عيون 47

(4) : غررالحكم - 4175

(5) : غرر الحكم 1941- 1942

(6) : الكافي – ج-2-165-11

(7) : شرح نهج – ابن ابي الحديد – 11- ص-91   (8) : غررالحكم : 4211

(9) :

(10) : بحارالأنوار – ج 77 -208-1

(11) : نهج البلاغة -

(12) : نهج البلاغة -

(13) : نهج البلاغة -

(14) : نهج البلاغة -  

(15) : نهج البلاغة -   

(16) : علاقات الصداقة في أماكن العمل - ميريديث ستانتون في : http://www.himag.com

 

عناوين ذات علاقة :


منْ يديرُ المديرَ ؟(1)