صندوق النقد: تبدل القوة الشرائية للدول يعيد ترتيب مساهماتها في النمو العالمي

 

 

 

أجرى صندوق النقد الدولي تعديلات جوهرية على تقريره الرئيس «آفاق الاقتصاد العالمي»، أظهرت أن الدول المصدرة للنفط قدمت أكبر مساهمة في النمو الحقيقي الذي حققه الاقتصاد العالمي عام 2007 بعد الصين، متفوقة على الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. واتضح كذلك أن حصة مجموعة الدول العربية من الناتج العالمي تضعها في مرتبة تلي الولايات المتحدة والصين واليابان وتوازي مرتبة ألمانيا والهند، لكنها تتقدم على دول صناعية كبرى مثل فرنسا وإيطاليا وكندا إضافة إلى إسبانيا ولا مفر للدول العربية من مقارنة محرجة تذكرها بحقيقة ان ناتجها المحلي لا يعادل ناتج جارتها الأوروبية إسبانيا. لكن صندوق النقد يعترف بأن هذه المقارنة تقدر حجم الناتج المحلي لبلد ما بتحويل عملته إلى الدولار وفق قيمتها في أسواق الصرف متجاهلة قوتها الشرائية، وهي بالتالي لا تعطي صورة حقيقية عن حجم النشاط الاقتصادي للبلدان، لا سيما الدول النامية حيث أسعار السلع والخدمات أقل مما هي عليه في الدول الصناعية، ويرى أن إزالة الغبن يتطلب اعتماد آليات بديلة مثل أسعار صرف معادل القوة الشرائية وارتكزت التعديلات التي أجراها صندوق النقد على لائحة جديدة من أسعار صرف القوة الشرائية أصدرها «برنامج المقارنات الدولي» التابع للأمم المتحدة بالتنسيق مع البنك الدولي أواخر الشهر الماضي. ولاحظ أن هذه اللائحة التي استغرق إعدادها خمس سنوات (بين عامي 2003 و2007) تعتبر الجهد الدولي الأكثر شمولية ودقة لتقدير أسعار صرف القوة الشرائية، إذ استندت نتائجه إلى مسوح إقليمية لأسعار أكثر من ألف وحدة من السلع والخدمات وتميز بمشاركة الصين والهند للمرة الأولى منذ العام 1985 ويقوم مبدأ (أو نظرية)، معادل القوة الشرائية على إجراء مسح إحصائي لأسعار السلع والخدمات الأكثر تمثيلاً لحال السوق، من أجرة الحلاقة إلى كلفة أكبر المشاريع الاقتصادية تعقيداً، في البلدان المشاركة في البرنامج الدولي ثم تحديد المبلغ المطلوب لشراء محفظة من السلع والخدمات المماثلة في بلدان مختلفة بالعملات المحلية وعملة تأشيرية، هي غالباً الدولار. ويتمثل الهدف النهائي باستخلاص أسعار صرف بديلة لاستخدامها في تقدير القيمة الحقيقية للنشاط الاقتصادي (الناتج المحلي).

وأوضح صندوق النقد الذي يعتمد أسعار الصرف البديلة رسمياً لتقدير الحجم الحقيقي لاقتصادات دوله الأعضاء أن اللائحة الجديدة، التي تُحدث معطيات لائحة سابقة صدرت عام 1993، خفضت أسعار صرف القوة الشرائية لعدد من الاقتصادات الصاعدة ورفعتها بالنسبة إلى اخرى منها الدول المصدرة للنفط. وأشار إلى ان المحصلة استوجبت إجراء تعديلات على معدل نمو الاقتصاد العالمي وحصص البلدان من الناتج العالمي ورفعت تعديلات صندوق النقد مساهمة الدول المصدرة للنفط في النمو العالمي المحقق عام 2007 إلى 13 في المئة مقارنة بتسعة في المئة في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لتشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وبقيت مساهمتا الولايات المتحدة ومنطقة اليورو من دون تغيير يذكر وبحدود 9 و 8 في المئة على التوالي بينما انخفضت مساهمتا الصين والهند بحدة، من 36 إلى 26.6 في المئة في حال الصين ومن 13 إلى 9 في المئة بالنسبة إلى الهند وباستخدام أسعار أسواق الصرف لقياس معدل نمو الناتج المحلي لاقتصادات العالم، تختلف الصورة بعض الشيء. ففي حين تحتفظ الدول المصدرة للنفط بمساهمتها في النمو العالمي المحقق في 2007 من دون تغيير (13 في المئة)، تنخفض مساهمة الصين إلى نحو 20 في المئة بينما تتضاعف مساهمة منطقة اليورو إلى 16 في المئة وترتفع مساهمة الولايات المتحدة إلى 14 في المئة.

الصين والهند

وحملت تعديلات صندوق النقد مفاجأة قاسية أخرى لكل من الصين والهند، فخفضت حصة الأولى من الناتج العالمي بحسب أسعار صرف القوة الشرائية وبالتالي ثقلها الاقتصادي الحقيقي عام 2007، من 15.8 في المئة إلى 10.9 في المئة، وقلصت حصة الثانية من 6.4 إلى 4.6 في المئة، بينما رفعت حصة الولايات المتحدة من 19.3 إلى 21.4 في المئة. لكن الصين احتفظت بلقب ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة وأهم قاطرة للنمو العالمي وضمنت مجموعة الدول العربية لنفسها مساهمة قوية في النمو العالمي من واقع ان مبيعاتها النفطية تشكل نحو 45 في المئة من صادرات النفط العالمية، إلا ان اللائحة الجديدة لبرنامج المقارنات الدولي خلصت إلى ان انخفاض أسعار السلع والخدمات في أسواقها مقارنة بالأسواق العالمية، رفع حصتها من الناتج العالمي المقوم بأسعار صرف القوة الشرائية عام 2005 إلى 2.110 تريليون دولار، أي أكثر من ضعفي قيمة ناتجها المحلي المقوم بأسعار أسواق الصرف وكنسبة مئوية، بلغت حصة الدول العربية من الناتج العالمي 3.8 في المئة ما منحها مرتبة تلي الولايات المتحدة والصين واليابان وتوازي ألمانيا والهند، لكنها تتقدم على دول صناعية كبرى مثل فرنسا وإيطاليا وكندا إضافة إلى إسبانيا التي بلغت حصتها 2.15 في المئة وتتناسب أسعار صرف القوة الشرائية طرداً مع مستويات أسعار السلع والخدمات، فكلما انخفضت الثانية ارتفعت الأولى. وعلى سبيل المثال قدرت اللائحة الجديدة سعر صرف القوة الشرائية للعملة المحلية في سورية، التي تنفرد بواحد من ادنى مستويات أسعار السلع والخدمات في الدول العربية، بنحو 19.7 ليرة سورية لكل دولار. وترتب على استخدام أسعار الصرف البديلة هذه ارتفاع قيمة الناتج المحلي السوري إلى 75 بليون دولار من 28 بليوناً بحسب أسعار أسواق الصرف وكشفت اللائحة تباينات حادة في مستويات أسعار السلع والخدمات وكذلك الفجوات بين أسعار أسواق الصرف وأسعار صرف القوة الشرائية في الدول العربية، فهي الأعلى في دول مجلس التعاون الخليجي وتحديداً قطر (75 في المئة) والكويت (73 في المئة) والسعودية (64 في المئة) والبحرين (66 في المئة) وعمان (60 في المئة) على التوالي ومن ثم لبنان (56 في المئة) والأردن (54 في المئة) والأدنى في مصر (28 في المئة) واليمن (36 في المئة) وسورية (38 في المئة).

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:daralhayat-11-1-2008