إستراتيجية دفاعية أمريكية جديدة للسنوات الأربع القادمة
تقدم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) خلال أيام، وتحديدا يوم 6 فبراير الجاري إلى الكونغرس خطتها أو استراتيجيتها الدفاعية للسنوات الأربع المقبلة. وهذا التقرير أو التقييم المسمى ب Quadrennial Defense Review في صدوره الجديد ـ وكما جاء في تقارير صحفية نقلا عمن أطلعوا علي مضمونه أو أجزاء منه يتناول أهم التحديات التي تواجهها العسكرية الأمريكية خاصة إنها مستمرة ومصممة علي الاستمرار في خوض حربها ضد الإرهاب، كما أن احتلالها للعراق وتواجد قواتها هناك يتطلبان- بلا شك- إعادة نظر في حجم القوات ومدى انتشارها وأيضا نوعية العتاد المتوافر لديها. متطلبات مختلفة لمواجهة تهديدات جديدة يبدو أن البنتاغون يريد من خلال هذه الخطة أن يزيد من عدد قوات العمليات الخاصة وأن يقوم بتصنيع عدد أكبر من الطائرات القاذفة وأن يقوي علاقاته مع الحلفاء ومع باقي أجهزة الحكومة الأمريكية من أجل القضاء علي شبكات الإرهاب في العالم وحماية البلاد منها. وهذه الخطط المقترحة جزء من تعديلات وتغييرات يتم تبنيها من قبل البنتاغون وتعكس طبيعة العدو المستهدف في الوقت الراهن وأيضا في الوقت القادم. فالهدف تحول من السعي لهزيمة قوات أجنبية إلى محاربة الإرهابيين وقوات أخرى غير نظامية وغير تقليدية في مواجهة يصفها مخططو الدفاع بأنها "حرب طويلة الأمد". وحسب ما نشر نقلا عن أشخاص أطلعوا علي مسودة التقرير فأن البنتاغون يتطلع إلى: . زيادة عدد أفراد قوات العمليات الخاصة بنسبة 15 %. وأن أصحاب "البيريهات الخضراء" منهم التابعين للجيش الأمريكي سيزداد عددهم بنسبة 33 %. . سيضاف 3,500 فردا لوحدة العمليات الخاصة بالحروب السيكولوجية. ومن جهة أخرى ستقوم مشاة البحرية (المارينز) بتكوين وحدة من 2,600 فردا تكون مهمتها تدريب أفراد من القوات الأجنبية والقيام بمهام سرية. . نصيب البحرية الأمريكية من هذه الاستراتيجية الجديدة هو زيادة عدد أفراد SEAL(القوات التي تستخدم البحر والجو والبر Sea, Air and Land في مهامها العسكرية) وأيضا إيجاد قوات تستخدم مراكب صغيرة لمراقبة الأنهار. . أما أهم ما يخص القوات الجوية فهو خلق وحدة من طائرات Drone بدون طيار(تضم نحو 16 طائرة) ليتم استخدامها من جانب قيادة العمليات الخاصة. والاتجاه لاستخدام تلك الطائرات ملح بصورة أساسية في الاستراتيجية الأمريكية من أجل تفادي الخسائر البشرية وأيضا استخدام هذه الوسيلة- عن بعد- في مطاردة واستهداف الإرهابيين. وتحتاج قيادة الأركان المشتركة المتوسطة CENTCOM والتي تتخذ من مدينة تامبا - بولاية فلوريدا مقرا رئيسيا لها، ومقر إقليمي في دولة قطر ويتبعها نحو 52 ألفا من الأفراد في كافة فروع القوات العسكرية الأمريكية. وكان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفلد قد كلف هذه القيادة في عام 2002 بالمهمة الرئيسية في مطاردة و اصطياد الإرهابيين. كما أن الخطة المطروحة للسنوات المقبلة تطالب بزيادة عدد السفن الحربية المتواجدة في مياه المحيط الهادي، وتشير إلى إبحار 6 من 12 حاملة طائرات تابعة للبحرية الأمريكية بالإضافة إلى 60 % من غواصاتها في مياه المحيط الهادي، وذلك "من أجل التواجد والمواجهة والردع". وعلي الرغم من أن التقرير لا يذكر اسم أية دولة إلا أن هذا الحشد العسكري البحري يهدف إلى مواجهة الخطر المتنامي لكل من الصين والهند وردع الأخطار المحتملة من جانب كوريا الشمالية. وتكشف المسودة أيضا عن خطة القوات الجوية الأمريكية لإنتاج قاذفات مقاتلة تستطيع الطيران لمسافات طويلة مع حلول عام 2018 وأن تكون نحو 35 % من عدد القاذفات التابعة للقوات الجوية بدون طيار. التقرير الأخير في عهد بوش وهذا التقرير الذي يتم إعداده كل أربع سنوات هو الثاني في عهد إدارة الرئيس بوش، الأول تم إصداره في عام 2002 إلا أنه بشكل كبير كان مبنيا علي عمليات تحليل وتقييم تمت قبل هجمات 11 سبتمبر2001. والتقرير الجديد يتضمن للمرة الأولى ما يمكن تسميته بدروس حربي أفغانستان والعراق. وتقوم وزارة الدفاع بإعداد هذا التقرير بناء على طلب من الكونغرس يتعلق بتحديد وتقييم الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، وتقديم قراءة لها كل أربع سنوات. ويتبين من خلال هذا التقرير قائمة الأولويات في الأسلحة والأفراد وتسمية التحديات والمخاطر في المستقبل القريب. وأشار دونالد رامسفلد وزير الدفاع إلى أن البنتاغون قامت بالفعل في الفترة الماضية بزيادة تمويل العمليات الاستخبارية ووبرامج تعلم اللغات الأجنبية وتوسيع دور قوات المهام والعمليات الخاصة، وإدخال دراسة الحروب غير العادية في برامج التدريب وأن البنتاغون- وحسب مقتضيات المخاطر المستجدة وغير المعتادة- قامت بإجراء تلك التعديلات على مدى السنوات الأربعة الماضية. وذكر رامسفيلد أن تقرير 2006 يجب النظر إليه باعتباره الخطوة التالية في قائمة طويلة من تغييرات كبرى الكثير منها قد تم انجازها في السنوات الخمسة الماضية وهناك العديد منها في طور الانجاز والتحقيق. وهذه الاستراتيجية في تصورها للمستقبل تطالب بإيجاد فرقة عسكرية خاصة تكون مهمتها الرئيسية والأساسية منع وصول أسلحة الدمار الشامل للإرهابيين والجماعات الإرهابية. علي أن تقوم هذه الفرقة الخاصة بتوظيف أفراد عمليات خاصة وعملاء استخبارات من أجل منع دول مثل كوريا الشمالية وإيران من إمداد أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية لجماعات إرهابية. تركيز على أسلحة الدمار الشامل كما أن التقرير المرتقب يتضمن جزءا خاصا بأسلحة الدمار الشامل وكيف أن القوات العسكرية الأمريكية ستتمكن في المستقبل أو ستكون لها أدوات وأساليب للتدخل ولإبطال مفعول أسلحة الدمار الشامل قبل أن يستعملها الإرهابيون. وحسب ما جاء في التقرير فإن جنرالا سيكون له الدور القيادي في مواجهة ومكافحة مخاطر تلك الأسلحة وسيكون مقره القيادي في مدينة أوماها بولاية نبراسكا. وإضافة لوحدة أسلحة الدمار الشامل، فإن التقرير يطالب بزيادة عدد أفراد قوات العمليات الخاصة بنسبة 15 % وإيجاد قيادة للعمليات الخاصة التابعة لمشاة البحرية وتكوين مجموعة طائرات بدون طيار وزيادة عدد أفراد وعتاد فرق الكوماندوز التابعة للبحرية وزيادة نسبة الأفراد المشاركين فيما يسمى بالعمليات السيكولوجية التابعة للجيش ب 33 %. أما فيما يدخل في إطار الأمن الداخلي فان التقرير يطالب بصرف 1.5 مليار دولار علي مدي السنوات الخمس القادمة من أجل إيجاد الوسائل المضادة للمواد البيولوجية المصنعة والمستحدثة لاستخدامها كأسلحة دمار شامل. وحسبما يرى الخبراء فإن هذه الزيادة في عدد أفراد القوات الخاصة هي الأولي منذ حرب فيتنام. ويشمل التقرير أيضا جزءا حول ما يسميه ب "دول توجد علي تقاطع طرق استراتيجية " يحلل فيه الأخطار التي تمثلها كل من الصين وروسيا. ميزانية الدفاع ... ونصيب من الكعكة الكبيرة من جهة أخري من المنتظر أن يقدم الرئيس بوش للكونغرس خلال أيام الميزانية المقترحة للدفاع للسنة المالية 2007. وإدارة بوش تطلب نحو 442 مليارا من الدولارات للإنفاق العسكري، بالإضافة إلى 350 مليارا من أجل تمويل العمليات العسكرية القائمة في كل من أفغانستان والعراق. وذكر منذ أيام أن الرئيس بوش يقترح من خلال الميزانية المطروحة للدفاع خفض حجم قوات الاحتياط في الجيش الأمريكي (من 205 ألفا إلى 188 ألفا) وقطع نحو 4 مليارا من الدولارات المخصصة لبرامج تصنيع الطائرات المقاتلة. وكما جرت العادة فان أعضاء الكونغرس وخلال عملية مناقشة ومساءلة بنود هذه الميزانية ينتهزون هذه الفرصة الذهبية لإضافة مخصصات مالية للميزانية المقترحة الهدف منها- في المقام الأول - هو أخذ نصيب من الكعكة المطروحة لصالح دوائرهم الانتخابية كهدية امتنان أو رشوة انتخابية لمن أعطوا أو قد يعطوا أصواتهم. وهذه الإضافات - كما أوضحت دراسة أجرتها أخيرا جماعة معنية بالدفاع عن حقوق دافعي الضرائب- وصلت قيمتها المالية إلى 11.1 مليار دولار في ميزانية العام المالي 2006. وبلغ عدد إضافات أعضاء الكونغرس 2,966 إضافة. وحسب ما قاله كيث أشداون نائب رئيس هذه المجموعة غير الحكومية في واشنطن فإن رقم الإضافات قد زاد ب 300 عن الإستراتيجية السابقة في عام 2002، إلا أن مردودها المالي قد انخفض مليارا من الدولارات عما كانت في ميزانية عام 2005. عندما كانت قيمة هذه الإضافات المالية تقدر ب 12.2 مليار دولار. و كل ذلك بحسب المصدر المذكور. المصدر: نشرة واشنطن-4-2-2006
|