مجلس الاتحاد والولادة المتعسرة

 

د. صلاح جبير البصيصي

 

 

بينت المادة (48) من الدستور العراقي لعام 2005 إن السلطة التشريعية الاتحادية تتكون من مجلس النواب ومجلس الاتحاد والقاعدة في الدول الاتحادية أن تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلسين أحدهما يمثل جميع سكان الدولة الاتحادية ويكون لكل إقليم عدد من المقاعد يتناسب مع عدد سكانه ويسمى بـ مجلس النواب، الجمعية الاتحادية، مجلس الشعب، أما المجلس الآخر فهو مجلس الولايات أو مجلس الشيوخ، مجلس الكانتونات ويتكون من عدد متساوي من المقاعد لكل إقليم أو ولاية وبغض النظر عن عدد السكان وإذا كان مجلس النواب العراقي قد تم تشكيله وأخذ يمارس أعماله التشريعية والرقابة فإن مجلس الاتحاد قد أرجئ العمل به حسب المادة (137) من الدستور إلى حين صدور قرار من مجلس النواب بأغلبية الثلثين من أعضائه بعد دورته الانتخابية الأولى وكانت المادة (65) من الدستور قد أشارت إلى إنه سوف يتم إنشاء مجلس تشريعي يدعى مجلس الاتحاد يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم وينظم تكوينه وشروط العضوية فيه واختصاصاته وكل ما تعلق به بقانون معين بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ويبدو إن المشرع الدستوري أراد بهذا النص جعل مجلس الاتحاد مساعد لمجلس النواب وتابعاً له بدلاً من أن يضعه في كفة واحدة معه باعتباره أحد فروع الجهاز التشريعي وبذلك تكون السلطة التشريعية خلال هذه الدورة الانتخابية بيد مجلس النواب فقط ودون مجلس الاتحاد الذي أرجئ العمل به كما بينا سلفاً ولقد استبشرنا خيراً بقيام لجنة مراجعة الدستور بإعادة النظر بالنصوص الخاصة بمجلس الاتحاد والتي تضمنت مقترحاتها ضرورة ولادة هذا المجلس بنصوص دستورية جديدة أسوة بمجلس النواب لا أن ينشأ بقانون يصدر من الأخير كما بينت ذلك نصوص الدستور الحالية ونرى في ذلك أمراً طبيعياً مادام هذا المجلس (الاتحاد) بشكل الذراع الثانية للسلطة التشريعية والمفروض أن تكون أداة خلقه نفس أداة خلق مجلس النواب.

ولقد بينت المقترحات الأخرى حول مجلس الاتحاد بأن يتم انتخابه بالاقتراع العام السري المباشر من قبل سكان المحافظة إضافةً إلى ضرورة تمثيل المكونات الأخرى في هذا المجلس وإن شروط الترشيح في هذا المجلس هي نفس شروط الترشيح في مجلس النواب وإن رفع السن في المرشح لهذا المجلس أي أربعين سنة كما إن الاتجاه السائد في المقترحات أن يكون لكل محافظة أربع مقاعد في المجلس عدا بغداد التي يكون لها ثمانية مقاعد باعتبارها عاصمة فضلاً عن عدد سكانها ويمكن القول أن اشتراط عمر المرشح بأن لا يقل عن أربعين عاماً فيه مبالغة كبيرة وإنه لا يدع مجالاً للقيادات الشبابية في أن تلعب دوراً مهماً في الحياة السياسية في العراق الجديد كما إن أعطاء العاصمة بغداد ثمانية مقاعد في حين تعطي المحافظات الأخرى أربع مقاعد فيه مخالفة لما هو متداول بأن يكون هناك عدد متساوي في هذا المجلس على نحو لا يجعل محافظة معينة تستأثر بأصوات أكثر من أصوات المحافظات الأخرى وسواء كانت تلك المحافظة عاصمة أو لا وهذا ما سار عليه كل من الدستور الأمريكي والدستور السويسري وإن كان الدستور الألماني قد سمح بأن يكون للولايات الكبيرة عدد أكبر من الأعضاء ولكن جعل لكل ولاية رغم ذلك صوت مماثل للولاية الأخرى مهما زاد عدد أعضائها ونرى ضرورة أن يكون المرشح في مجلس الاتحاد ممن يحملون شهادة جامعية على الأقل وذلك للدور الكبير الذي يلعبه هذا المجلس في مشاركة مجلس النواب في أغلب اختصاصاته ومما يتطلبه ذلك من وجود كفاءات علمية عالية المستوى. وإذا رجعنا إلى اختصاصات مجلس الاتحاد فنرى من أهمها اقتراح مشروعات القوانين ذات العلاقة بالأقاليم والمحافظات غير المنظمة بإقليم وتقديمها أي مجلس النواب كما ينظر في مشروعات القوانين ذات العلاقة بالأقاليم والمحافظات غير المنظمة بإقليم والمحالة إليه من مجلس النواب وله الاعتراض على أي مشروع بالأغلبية المطلقة لأعضائه وله رفض الاعتراضات والقوانين بأغلبية ثلثي أعضائه لتمرير ذلك المشروع الذي رفضه مجلس الاتحاد ويشارك هذا المجلس مجلس النواب في تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية ورئيس وأعضاء محكمة التمييز ومسؤولي الهيئات المستقلة مثل مفوضية حقوق الإنسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة والهيئة العامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية وأخيراً فإن هذا المجلس يراقب ويشرف على مجالس المحافظات ولكل ما تقدم يترتب على تشكل مجلس الاتحاد جملة من الفوائد منها:-

1. إن تشكيل مجلس الاتحاد يساعد في رفع مستوى كفاءة أداء المجلس النيابي خاصة في ظل انتخاب مجلس النواب على اعتبارات طائفية أو عشائرية حيث يعمل مجلس الاتحاد على سد النقص المهني المتوقع في مجلس النواب خاصة إذا تم اختيار أعضاء مجلس الاتحاد بناء على اعتبارات الكفاءة والخبرة.

2. يعمل مجلس الاتحاد بالتوازي مع مجلس النواب في سن وإقرار التشريعات والقوانين المهمة وبذلك يخلق نوع من المشاركة والمراقبة بين المجلسين بحيث لا ينفرد مجلس النواب بسلطة سن التشريعات مما قد يدفعه ذلك إلى التعصب في استخدام هذه السلطة.

3. يكون مجلس الاتحاد أكثر قرباً من مجالس المحافظات وبذلك يستطيع الوقوف على احتياجاتها ويعمل على تقويم أعمالها.

4. يمكن أن تعقد جلسات مشتركة بين مجلس الاتحاد وبناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس أحد المجلسين وذلك عند اتخاذ القرارات المصيرية التي تحكم البلد كما يمكن لمجلس الاتحاد في حالة الخلاف بين المحكمة ومجلس النواب أن يقوم باحتواء هذا الخلاف وإيجاد قوانين تقرب وجهات النظر تمهيداً لحل الخلاف قيل تفاقمه.

* مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

وكل ذلك حسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً ودون تعليق .

المصدر: fcdrs.com